منذ أكثر من عام وذات صباحٍ غائم.. لمحت من النافذة بينما كنت أنتظر الشروق بفارغ الصبر لأنتهي من عملي وأعود إلى منزلي بعضاً من الأطفال في طريقهم إلى مدرستهم.. تأملتهم.. حيث لم أرى للسعادة أو الفرح أثراً على وجوههم بالرغم من عمرهم الصغير وثيابهم الجميلة وهيئتهم التي توحي بانتمائهم إلى طبقةٍ ميسورة.. عدت بذاكرتي سنواتٍ عديدة إلى الوراء ووجدت في مقارنةٍ بسيطة وسريعة مع الحاضر أن المشهد رغم كونه عصرياً جداً إلا أنه يخلو من أي نبض.. من أي حس.. من أي شعور.. مشهد رمادي محايد بلا طعم أو بهجة، وتسائلت ماهو المعنى أو الإرث الحقيقي والإنساني الذي نتركه للأجيال القادمة، ما دفعني حينها للتعبير عن هذه الفكرة بكتابة سلسلة مقالات (متوقفة حالياً) اسميتها حينها (القبح والجمال)..
حاولت فيها أن أتحدث عن تشابك الخيوط في أدق تفاصيل حياة البشر اليومية (دون إطالة أو استعراض) والدخول إلى المناطق التي يعتقدون أنها تطورت بشكلٍ (طبيعي) على مر الزمان بينما هي ليست كذلك بكل تأكيد، حيث يرتبط كل ما نعيشه ارتباطاً وثيقاً ببعضه البعض عبر شبكة من الحسابات الدقيقة والمعقدة التي تتداخل فيها أبسط احتياجات الناس مع كبرى الكيانات الإقتصادية المرتبطة بالإعلام على تطور مراحله، واستطاعت عبر عقود طويلة من خلاله توجيه العقول وتغيير الذوق العام وفرض عادات واتجاهات فكرية وثقافية مختلفة تداخل ودخل فيها الإعلان على الإعلام وحوله إلى أداة في يده في مختلف بلدان العالم، لكن كان من الصعب على الكثيرين أن يقتنع بمثل هذه الآراء أو الأفكار حتى جاء العدوان على قطاع غزة المنكوب ليثبت ذلك من خلال تضافر وانحياز الغرب بمؤسساته المتعددة والمتنوعة إلى (مصالحه)، بشكلٍ متطرف لا مكان فيه للأخلاقيات وإن كان ذلك على حساب الصورة التي صدرها إلى الشعوب، ونراها اليوم في أدق سلوكياتنا حتى وإن لم يؤمن بذلك الجميع..
فقد يكون من المقبول أن يتسائل البعض قبل ثلاثين عاماً على سبيل المثال عن تأثير كل ذلك على مشاعرنا وسلوكياتنا واختياراتنا وردات فعلنا وتعاطينا مع الآخرين في شؤوننا الخاصة والعامة، إلا أننا وبعد عقود من تداخل الإعلام والإعلان في مختلف نواحي معيشتنا حتى من خلال ما يبدو للوهلة الأولى أنه ترويج لسلعةٍ ما كزيت للطهي أو مشروب غازي أو مسحوق غسيل أو سائل لتنظيف الصحون، واستخدامها في تحديد مقاييس كالجمال والأناقة والثقة بالنفس وصولاً إلى صور تجسد التحضر والتمدن والتفوق وشكل الحياة العصرية بتنا نستوعب أن عقل الإنسان وقيمه ودخله هم هدفه لخلق عقول مسطحة عاجزة عن الإبتكار والتفكير.. بعيدة عن الثقافة والرقي (الحقيقيين)، وغير قادرة على التمييز بين الطبيعي والصناعي، تستمد قيمتها مما تملكه كماً وليس كيفاً، متمركزة حول ذاتها ولا تملك الأدوات التي تمكنها من تذوق الجمال..
الجمال الذي يتعدى بمعناه الواسع مجرد شكلٍ خارجي ويمتد ليشمل ويشكل منظومة فكرية وثقافية وأخلاقية تشكل عصب الحياة اليومية للإنسان والمجتمعات، ونراه غائباً رغم كل التطور من حولنا وتجعله كما نرى اليوم أكثر أنانية وسلبية ولا مبالاة بما يحدث من حوله سواءاً كان ذلك على صعيد شخصي أو عام، وجاءت غزة لتختصره لنا من جديد وبأسلوبٍ عملي يشبه إيقاع اليوم، ويؤكد على أن الأنا هي الهدف الأول والأخير حتى لو كان ذلك تحت مسميات إنسانية، فقد جنح الكثيرون بعد بداية العدوان الأخير إلى (استباحة) صور ومشاهد من غزة ونشرها لكن مع (تعديلات رخيصة) لا علم للضحايا بها، حيث يضيف البعض عبارات في غير مكانها أو يصبغ بعض المواقف بصبغة لا علاقة لها بها أو يغطي الصوت الأصلي ليستبدله بمقطع موسيقي حزين أو نشيد ديني بغية زيادة (التفاعل) على حساب من لا يملكون من أمرهم شيئاً وليسوا في وضع طبيعي يجعلهم في وعي تام للطريقة التي يتم بها تصويرهم وتعديل آلامهم لتكون أكثر جاذبية (للبعض)، لذا عندما نتحدث عن حالة السوء التي أصابت الإنسان عموماً وأصابته بخلل فعلي يمنعه من تمييز الصواب والخطأ أو تمييز الجميل من القبيح في مختلف سلوكياته، فنحن نتحدث هنا عن حالة أصابت نسبة هائلة من البشر على اختلافاتهم حتى في ما نعتبره من البديهيات والمبادئ الإنسانية لأن (الأنا) باتت المسيطرة في أغلب المجالات، وبات أي عمل نقدمه في الحياة مقروناً بقدرته على (تسويق) الأشخاص أو (أعمالهم) لا أفكارهم أو المعاني التي يحملونها في وجدانهم، وهو ما ينبغي أن يجعلنا في هذه المرحلة الهامة نفكر من جديد في أصول الأشياء لا نتائجها..وما ينبغي أن تكون عليه بغض النظر عن ما يحدث على أرض الواقع لأن الأحداث متغيرة فيما الثبات للمبادئ..
حاولت فيها أن أتحدث عن تشابك الخيوط في أدق تفاصيل حياة البشر اليومية (دون إطالة أو استعراض) والدخول إلى المناطق التي يعتقدون أنها تطورت بشكلٍ (طبيعي) على مر الزمان بينما هي ليست كذلك بكل تأكيد، حيث يرتبط كل ما نعيشه ارتباطاً وثيقاً ببعضه البعض عبر شبكة من الحسابات الدقيقة والمعقدة التي تتداخل فيها أبسط احتياجات الناس مع كبرى الكيانات الإقتصادية المرتبطة بالإعلام على تطور مراحله، واستطاعت عبر عقود طويلة من خلاله توجيه العقول وتغيير الذوق العام وفرض عادات واتجاهات فكرية وثقافية مختلفة تداخل ودخل فيها الإعلان على الإعلام وحوله إلى أداة في يده في مختلف بلدان العالم، لكن كان من الصعب على الكثيرين أن يقتنع بمثل هذه الآراء أو الأفكار حتى جاء العدوان على قطاع غزة المنكوب ليثبت ذلك من خلال تضافر وانحياز الغرب بمؤسساته المتعددة والمتنوعة إلى (مصالحه)، بشكلٍ متطرف لا مكان فيه للأخلاقيات وإن كان ذلك على حساب الصورة التي صدرها إلى الشعوب، ونراها اليوم في أدق سلوكياتنا حتى وإن لم يؤمن بذلك الجميع..
فقد يكون من المقبول أن يتسائل البعض قبل ثلاثين عاماً على سبيل المثال عن تأثير كل ذلك على مشاعرنا وسلوكياتنا واختياراتنا وردات فعلنا وتعاطينا مع الآخرين في شؤوننا الخاصة والعامة، إلا أننا وبعد عقود من تداخل الإعلام والإعلان في مختلف نواحي معيشتنا حتى من خلال ما يبدو للوهلة الأولى أنه ترويج لسلعةٍ ما كزيت للطهي أو مشروب غازي أو مسحوق غسيل أو سائل لتنظيف الصحون، واستخدامها في تحديد مقاييس كالجمال والأناقة والثقة بالنفس وصولاً إلى صور تجسد التحضر والتمدن والتفوق وشكل الحياة العصرية بتنا نستوعب أن عقل الإنسان وقيمه ودخله هم هدفه لخلق عقول مسطحة عاجزة عن الإبتكار والتفكير.. بعيدة عن الثقافة والرقي (الحقيقيين)، وغير قادرة على التمييز بين الطبيعي والصناعي، تستمد قيمتها مما تملكه كماً وليس كيفاً، متمركزة حول ذاتها ولا تملك الأدوات التي تمكنها من تذوق الجمال..
الجمال الذي يتعدى بمعناه الواسع مجرد شكلٍ خارجي ويمتد ليشمل ويشكل منظومة فكرية وثقافية وأخلاقية تشكل عصب الحياة اليومية للإنسان والمجتمعات، ونراه غائباً رغم كل التطور من حولنا وتجعله كما نرى اليوم أكثر أنانية وسلبية ولا مبالاة بما يحدث من حوله سواءاً كان ذلك على صعيد شخصي أو عام، وجاءت غزة لتختصره لنا من جديد وبأسلوبٍ عملي يشبه إيقاع اليوم، ويؤكد على أن الأنا هي الهدف الأول والأخير حتى لو كان ذلك تحت مسميات إنسانية، فقد جنح الكثيرون بعد بداية العدوان الأخير إلى (استباحة) صور ومشاهد من غزة ونشرها لكن مع (تعديلات رخيصة) لا علم للضحايا بها، حيث يضيف البعض عبارات في غير مكانها أو يصبغ بعض المواقف بصبغة لا علاقة لها بها أو يغطي الصوت الأصلي ليستبدله بمقطع موسيقي حزين أو نشيد ديني بغية زيادة (التفاعل) على حساب من لا يملكون من أمرهم شيئاً وليسوا في وضع طبيعي يجعلهم في وعي تام للطريقة التي يتم بها تصويرهم وتعديل آلامهم لتكون أكثر جاذبية (للبعض)، لذا عندما نتحدث عن حالة السوء التي أصابت الإنسان عموماً وأصابته بخلل فعلي يمنعه من تمييز الصواب والخطأ أو تمييز الجميل من القبيح في مختلف سلوكياته، فنحن نتحدث هنا عن حالة أصابت نسبة هائلة من البشر على اختلافاتهم حتى في ما نعتبره من البديهيات والمبادئ الإنسانية لأن (الأنا) باتت المسيطرة في أغلب المجالات، وبات أي عمل نقدمه في الحياة مقروناً بقدرته على (تسويق) الأشخاص أو (أعمالهم) لا أفكارهم أو المعاني التي يحملونها في وجدانهم، وهو ما ينبغي أن يجعلنا في هذه المرحلة الهامة نفكر من جديد في أصول الأشياء لا نتائجها..وما ينبغي أن تكون عليه بغض النظر عن ما يحدث على أرض الواقع لأن الأحداث متغيرة فيما الثبات للمبادئ..