قبل سنوات، كان أحدهم يستشيرني حول موضوع بحث الماجستير الذي يرغب في تناوله بالدراسة. قال بأن المراجع ستكون قليلة. فأجبته بأنه بمجرد أن يبدأ رحلة البحث، سيرى المراجع في كل مكان. وبعد سنوات ذكرني -بجزل- بما قلته له، مؤكداً صحة ما أخبرته به قبل سنوات. وعلى هذا المنوال، فالأشياء تتساقط من حولنا لو ركزنا عليها. لقد لاحظت أن من يتم إدخالهم السجن بسبب عدم سدادهم للديون (رغم أن السجن بسبب الديون المدنية أصبح ضد التوجهات القانونية الدولية)، لاحظت أنهم يتمكنون منذ أول ساعات إدخالهم السجن من تسديد ديونهم، لأن عقل الإنسان يعمل في حالة الضغط بطاقة أعلى مما هو عليه عندما يكون في حالة اطمئنان. وهنا سيتمكن من رؤية الحلول كما لو كان مستبصراً. كذلك ما تهواه أنفسنا، فالشخص الذي يركز اهتمامه بشيء سيجده، سواء كان محل تركيزه المال أو النساء أو العلم أو غيره. ففي حقيقة الأمر كل الأشياء متوفرة بكثرة من حولنا ولكننا لا نركز عليها. هناك أشياء كثيرة تشتت انتباهنا، منها الطمع وقلة الصبر، فالطمع يجعلنا نفكر في الحصول على كل شيء كالحب والمال والوظيفة المرموقة والمتعة، وهذا مستحيل بدون تركيز على شيء واحد. أما قلة الصبر فتجعلنا نحاول الحصول على كل شيء بسرعة، بدون أن نركز على تجويد البدايات، تماماً كمن يحاول تعلم العزف على آلة موسيقية في يومين أو ثلاثة.
نحن نلاحظ أن الحيوانات ترتبط بالطبيعة، خلافاً للإنسان، قد تحيا صغار الحيوانات دون عناية من الكبار، أما طفل الإنسان فسيموت لا محالة بدون رعاية من الكبار. وهكذا خُلق الإنسان ليكتشف العالم، وليكتشف الأشياء من حوله، ليشعر بالدهشة الأولى من طول رقبة الزرافة، ومن قفزات القرد فوق الأشجار. ونظل هكذا حتى نكبر ونموت ونحن في حالة اكتشاف للعالم، إذاً فالأشياء موجودة مسبقاً وما علينا سوى اكتشافها، وأن نكتشفها يعني أن نركز تفكيرنا حول اكتشافها. لا بأس من تجاربنا الكشفية الفاشلة، لأن عدم الاكتشاف هو في حد ذاته تعيين لقدراتنا وحدودنا، قبل أن نجد ما يتوافق مع إمكانياتنا وقدراتنا. هناك أشياء لا يمكننا اكتشافها إن لم نمتلك الشغف الكافي بها. إذاً؛ فاكتشاف الأشياء التي تتساقط من حولنا منذ الطفولة، يعتمد على محددات مثل:
عدم الطمع
عدم التسرع
إرادة الاكتشاف
شغف الاكتشاف
الصدق مع النفس
ويحتاج عدم تشتيت الذهن منا ألا نهتم كثيراً بآراء الآخرين. لأن البشر في غالبيتهم يجعلون من انفسهم معياراً للصحة والخطأ، وللجمال والقبح. فيمكن أن تجد من يرى في الرسم والموسيقى أشياء تافهة، ومنهم من سيراها فناً راقياً، ومنهم من سيراها أسلوب حياة، ومنهم من سيعتبرها ضد الدين، ومنهم من سيعتبرها غير متعارضة مع الدين. وكذلك في الأشياء الأخرى. لذلك يجب ألا نشتت انتباهنا بآراء الآخرين، بل التركيز على الاكتشاف ولا شيء سوى ذلك.
إن الدنيا رائعة الجمال، لكننا لا ننهل من جمالها الكثير، نحن نحياها كذكريات شاحبة قديمة أو كحلم مشوش في نومة نهارية. وما هذا إلا لأننا نخضع خضوعاً شاملاً للمعايير المؤسسية منذ الطفولة، ويتم تخويفنا من مخالفة أوامر الأمهات والأباء (كمؤسسة مجتمعية قمعية)، ثم نتبع معايير المؤسسات التعليمية ثم مؤسسات الحكومة، ثم مؤسسات الوظيفة، ثم مؤسسات المجتمع..الخ. وهنا فإن هذه المؤسسات تقمع ذواتنا، وتكبح شغفنا باكتشاف الأشياء المتساقطة من حولنا. الزوجة والأولاد يعتبرون مسؤولية ترهق أعصابنا وتجعلنا نميل إلى البقاء في منطقة الأمان. وهكذا فأغلب البشر لا يميلون إلى المغامرة. والمغامرون يعتبرون مضادين للمجتمع بل وقد يعتبروا منحرفين. لذلك فالمؤسسات تعمي البصر عن جودة حياتنا الفردية. تحصرنا في ما هو مكتشف بالفعل، وتحجم من نطاق تمتعنا بالدنيا الرائعة.
نحن نلاحظ أن الحيوانات ترتبط بالطبيعة، خلافاً للإنسان، قد تحيا صغار الحيوانات دون عناية من الكبار، أما طفل الإنسان فسيموت لا محالة بدون رعاية من الكبار. وهكذا خُلق الإنسان ليكتشف العالم، وليكتشف الأشياء من حوله، ليشعر بالدهشة الأولى من طول رقبة الزرافة، ومن قفزات القرد فوق الأشجار. ونظل هكذا حتى نكبر ونموت ونحن في حالة اكتشاف للعالم، إذاً فالأشياء موجودة مسبقاً وما علينا سوى اكتشافها، وأن نكتشفها يعني أن نركز تفكيرنا حول اكتشافها. لا بأس من تجاربنا الكشفية الفاشلة، لأن عدم الاكتشاف هو في حد ذاته تعيين لقدراتنا وحدودنا، قبل أن نجد ما يتوافق مع إمكانياتنا وقدراتنا. هناك أشياء لا يمكننا اكتشافها إن لم نمتلك الشغف الكافي بها. إذاً؛ فاكتشاف الأشياء التي تتساقط من حولنا منذ الطفولة، يعتمد على محددات مثل:
عدم الطمع
عدم التسرع
إرادة الاكتشاف
شغف الاكتشاف
الصدق مع النفس
ويحتاج عدم تشتيت الذهن منا ألا نهتم كثيراً بآراء الآخرين. لأن البشر في غالبيتهم يجعلون من انفسهم معياراً للصحة والخطأ، وللجمال والقبح. فيمكن أن تجد من يرى في الرسم والموسيقى أشياء تافهة، ومنهم من سيراها فناً راقياً، ومنهم من سيراها أسلوب حياة، ومنهم من سيعتبرها ضد الدين، ومنهم من سيعتبرها غير متعارضة مع الدين. وكذلك في الأشياء الأخرى. لذلك يجب ألا نشتت انتباهنا بآراء الآخرين، بل التركيز على الاكتشاف ولا شيء سوى ذلك.
إن الدنيا رائعة الجمال، لكننا لا ننهل من جمالها الكثير، نحن نحياها كذكريات شاحبة قديمة أو كحلم مشوش في نومة نهارية. وما هذا إلا لأننا نخضع خضوعاً شاملاً للمعايير المؤسسية منذ الطفولة، ويتم تخويفنا من مخالفة أوامر الأمهات والأباء (كمؤسسة مجتمعية قمعية)، ثم نتبع معايير المؤسسات التعليمية ثم مؤسسات الحكومة، ثم مؤسسات الوظيفة، ثم مؤسسات المجتمع..الخ. وهنا فإن هذه المؤسسات تقمع ذواتنا، وتكبح شغفنا باكتشاف الأشياء المتساقطة من حولنا. الزوجة والأولاد يعتبرون مسؤولية ترهق أعصابنا وتجعلنا نميل إلى البقاء في منطقة الأمان. وهكذا فأغلب البشر لا يميلون إلى المغامرة. والمغامرون يعتبرون مضادين للمجتمع بل وقد يعتبروا منحرفين. لذلك فالمؤسسات تعمي البصر عن جودة حياتنا الفردية. تحصرنا في ما هو مكتشف بالفعل، وتحجم من نطاق تمتعنا بالدنيا الرائعة.