عصري فياض - عيني على اليمن...

نعم،خلقت وعشت وما زلت في فلسطين،لكن قلبي اليوم على اليمن،هذا اليوم الذي يخرج فيه الملايين من الجوعى
والمرضى والمحاصرين والفقراء بأقدام الحافية وملابسهم التقليدية،يرقصون السيوف،ويرفعون في عنان السماء الجباه والكفوف ليقولوا:- لا لحصار غزة،ولا لذبح وتجويع ابناءها...رجولتنا وإيماننا وعروبتنا لا تسمح بذلك.
نعم،اليوم يوم هذا الشعب الذي صُبت عليه جهنّم في التسع العدوانية صبا،وزلزلت الارض من تحته زلزالا شديدا،لكنه ابى ان يسقط،تماسك،وقاتل،وصبر،ثم انتصر،فجلس له الاعداء مجلس الركوع...شرب من طويل تلك السنين وأوجاعها قيم الشهامة،والنخوة والبطولة والتضحيات حتى كان رأس جبله كوادية،فسرت العزة والكبرياء في دماء شعبه حتى رجال النخبة والقيادة فيه...
يمنيٌ ابيٌ نحيف،في جيبة بضع تمرات وزجاحة ماء،يقاتل اياما واشهر وسنوات دون ان يكِّل او يَمل...لأنه يعرف أنه إذا رضخ،سَيُذل،وهذا ممنوع في شرع اليمنيين،فكيف اذا كانوا من اتباع آل محمــــــــــــــــــــــد ؟؟
عيني اليوم على اليمن ...لاني بحاجة أن أرثي واقعنا....سأنظر لامتداد البشر في ساحاته الواسعة...وهم يرددون:- ا"لله اكبر، الموت لامريكا، الموت لاسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام"
جباههم اعلى من رواسي المجد... حناجرهم اصلب من شفار اللغات...وإرادتهم تنحني لها الهامات...
عيني اليوم على اليمن....وعلى شعبه الابيّ العزيز....وهم يقفون احرارا على قلب رجل واحد...لا يخافون إسرائيل ولا امريكيا ولا بريطانيا...وعند مبادئهم تختفي المسافة بين لغة السياسة والمصالح،يدركون لون من حولهم،من هو صالح،ومن هو طالح،من هي الامم التي تتجمل بالانسانية والحق،ومن هي الامم والحكومات التي تمثل الشيطان وافعاله من خطايا وقبائح...
عيني اليوم على اليمن،حيث منهل الاباء،لعلَّ غيرهم من سلاطين الامة يحتذون بهم،أو تُحرِّك الغيرة اشياء ماتت في أجوافهم،فقد اصبحوا حجة على العرب والمسلمين،ومعيار حق لكل ذو لبٌ وصاحب يقين...
عيني على اليمن،هذا البلد الذي ما زال يعيش تحت وطأة المِحَن،فلم تغلبه الجراحات،ولا استكان للضربات،ولا برر لوجعه وإنبرى متفرجا،،بل إنفجرت في جوفه الهِّمة الابية القويّة،وصاح في الفيافي والبحار :- نحن من تلقى الايمان على يد عليّ...ويقتات اليوم على منهج نجله الحسينيّ... لذلك ماذا سنقول لرب العزة عندما يسألونا " ماذا فعلتم لغزة؟؟
ماذا سنقول للطفولة المذبوحة؟؟،والامهات المفجوعة؟؟،ماذا سنقول لرجفات طفل في عراء كانون؟؟،تحت مطر السماء جوعى لا يأكلون؟؟ عطشى ظمأى لا يشربون؟؟،مشردون؟؟ الموت أقرب لهم من حبل الوريد،والايام الثقال في حياتهم عمر مديد ؟؟ ماذا سنقول لله ؟؟ يا أهل الله...كيف تعبدون الله وتخشعون؟؟ كيف ترفعون أكفكم بالضارعة لله وتستغيثون ؟؟ هل سدت أمامكم الافق؟؟ أم تلاشت أمامكم الحيلة ؟؟ فجلستم كالنساء في خدور الخجل والضعف تتبرجون ؟؟
عاف اليمنيون ذلك،وعرفوا أن الله سيعذبهم إن هم صمتوا،يأبى الله لهم ذلك ورسوله والمؤمنون،فإنتفضوا،وما زالوا،لا يثنيهم عن قيامهم هذا وعد ولا وعيد،ولا هدير طيران،ولا ارتقاء الصناديد،لا نصيحة " الاصدقاء"،ولا تواطأ العبيد... فقد مضوا،ومازلوا،لا يهمم احدٌ،حتى يحققون النصرة لاخوتهم،أو يقاسموهم الدم والمحن والمصير...
هاهم أهل اليمن ... أهل الايمان والحكمة... طينة العرب الاولى... لا زالوا يغتسلون بدعاء محمد لأهل همذان... مباركون... قدوة لأمة ماتت فيها النخوة،امة شلت فيها الشهامة،ومسحت فيها الكرامة... أمة عليها أن تمم شطر اليمن لتعيد لنفسها الروح.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى