جنين مريمنا البتول مجموعة خواطر للكاتب الفلسطيني” عصري فياض “ صدرت عن دار الجنان للنشر والتوزيع في الأردن،تقع في 186 صفحة من القطع المتوسط، تصميم الغلاف : يحيى الشيخ إبراهيم، قدم لها الدكتور: شادي الغول، وكان الإهداء إلى روح الشهيد : زياد الزرعيني.
في البداية عنون الكاتب الخواطر “جنين مريمنا البتول” واصفا جنين بمريم البتول، جنين لم تسلم نفسها للغزاة على مر التاريخ، هي مريم بالإيمان والطهر، حملت أبناءها كما حملت البتول نبي الله عيسى، اصطفاها الله وأبناؤها لتحافظ على شرف الأمة وتحافظ على رسالة الأنبياء.
تتنوع القصص والخواطر ضمن هذا المعنى، اصطفى الله مريم وابنها وقدر لها الميلاد والحياة والارتقاء، واصطفى الله الشهداء فعند الحديث عنهم تتسامى الكلمات، وتتهيأ العبارات وتنتشي بدمائهم الزكية الطرقات، ولا يصطفي الله سوى الأنقياء الأتقياء وأصحاب الأخلاق، تميزهم نفحات روحية هي قدر الله فيهم ولأجلهم.
وصف الكاتب جنين قائلا “عجينتها لا تطوع بيد أي أحد كان، ودمها لا يحقن في شرايين أي إنسان”
هي جنين المتمردة الفخورة بأهلها الماضية بكبرياء، لا يحكمها متخاذل، أما دمها فتختار من شبابها لتهبه دمها وتحضنه في أحشائها.
أما المخيم فترابه داسه الشهداء، وفي بيوته أنجبتهم الحرائر، المخيم يحب أهله، ويملك إحساس مشحوذ بالتضحيات، وجذور أصحابه متشبهة ومتعانقة، يرتاح حين يتحلى أصحابه بالسماحة والتسامي على الجراح، له قلب وروح وإحساس.
بتلك الشفافية يتناول الكاتب خواطر وقصص المجموعة، بقلب يفيض محبة، روح تفيض وفاء، أسقط الكاتب انفعالاته وما تحمله شخصيته على نصوصه، واختزل بذلك المعاني الإنسانية والخلجات الروحية، خاطب الأحياء والأموات.
قدم الروح بجمالية خاصة “الأرواح المتألفة تعيش عشقا الهياً في ظل الرحمن قبل الميلاد”
الروح من تعهد الخالق بحفظ سرها، وتجلت قدرته في موعد بثها.
هناك حياة قبل الميلاد كالحياة بعد الموت، وكأن الميلاد تكريس لمهمة تنتهي وتبقى الأرواح أرواحا متعلقة بكنف الرحمن، هو حب إلهي وسمو روحي وجمال خاص.
غلب ذلك المفهوم على الحوار في الخواطر، فكان الحوار مناقشات فلسفية عن ماهية الحياة والموت وأصل الروح، وأنواع العشق التي تلازم الروح.
حواس الكاتب تتضافر لتتعدى البصر إلى البصيرة، تجعل الروح تنمو وتكبر بتواضع لأنها تدرك وظيفتها وهي (لحاق أهل النور أو أهل الله) ومقابل ذلك يكفر الكاتب بالمنافقين والكاذبين.
الحوار في الخواطر كان رمزياً ،غالبا لم يذكر أسماء يتركها بلا تحديد عامة شمولية، لتقع في نفس كل من عاشها ولمس معانيها.
يصف الكاتب الليل بموسم الارتقاء، ورغم عظمة الشهادة الخواطر تضع اليتم والفقر وأسبابه على المقصلة، بالنتيجة روح الفلسطيني المتعبة تستريح بالرحيل “الموت”
استراحت الروح تلك العبارة يستعير الكاتب معناها لتدل على نهاية الهموم وتطفئ لوعة الأشواق، وتجمع الروح بالأرواح، وفي خاطرة “رثاء سيدة المزار” معنى الشهادة شامل لكل فلسطيني كان نواة المخيم يرحل فيوازي مكانه الشهداء، ويجتمع معهم، يجمعهم العذاب.
هي خواطر تامة الأركان تمكن الكاتب من خلالها في طرح أفكاره بداية ونهاية فقد ختم الكاتب كل خاطرة من الخواطر بعبارة تختصر المعنى وتجعل القارئ يبحر في متنها من جديد.
تناولت الخواطر قصصا لبعض الشهداء سردت العبارات حياتهم القصيرة وخلدت بطولاتهم بأسلوب عاطفي غلبت عليه مشاعر الكاتب وانفعالاته الوجدانية ولغته المتمكنة مما منح تلك الخواطر القوة في الطرح، والجمال في السرد، أبطال تلك القصص أبطال الواقع الذي ما زلنا نلمسه، ابطال الشوارع والأزقة، تزفهم ملائكة السماء وتعلو أسماؤهم في عليين وعلى ألسنة الأوفياء، أقمار خالدين بموسم الارتقاء وجعل له ترانيم تشد الروح.
للأطفال الفقراء هالة مقدسة، وعلى المرء الخشوع أمامها، قساوة الحياة ترهق الطفولة البريئة، سبب ذلك الفقر المخيم واللجوء، فلو عادت الأزهار إلى بستانها لما شاهدنا هذه اللوحات من الحرمان، لكن العودة تحتاج لتضحيات جسام.
يوجه الكاتب رسالته للكتاب لتجنيد أقلامهم للقضية الفلسطينية حيث يقول “لهؤلاء تكتب السطور يا أهل القلم”
نعم واجبنا ككتاب وشعراء أن نوفي دينهم بمداد أقلامنا، لمن قدموا ارواحهم أقل واجب تجاههم وبيدنا القلم وأمامنا حكايتهم أن نكتب عنهم، نحتاج في هذا الوقت الذي تزور به الحقائق، وتروى بطرق مغايرة لمثل هذه الإصدارات وقد صدر سابقا للمؤلف مجوعتان قصصيتان، دخان البنفسج وجداريات في سماء المخيم، في هذا الإصدار “جنين مريمنا البتول” يجمع ما بين الخاطرة والقصة، فقط يا حبذا لو ذكر الكاتب أسماء الشهداء بشكل توثيقي لتكون مرجعا للمرحلة لا يمكن تزويرها.
أسماء الشهداء اللذين ذكرهم الكاتب:
حمد ابو جلدة،عبد الله الحصري، حمزة أبو الهيجا، داوود الزبيدي، محمود طوالبة، محمود أبو خليفة، عمر النايف زيد، عرفات البايض، أحمد السعدي ، رعد الخازم، نضال الخازم ،عبد الرحمن الخازم، أحمد خلوف، يوسف شريم، ومجد عرعراوي، ونافع السعدي، شادي نجم ،ومتين صبايا ،ومحمد أبو زينة، وكمال ابو وعر، وادهم جبارين ويزن جبارين، واياد الحردان، نور جرار، وزياد الزرعيني ، ونعيم الزبيدي، يوسف الحمدوني، متين ضبايا، محمد أبو زينة، فاروق سلامة، أمجد العزمي، رائد أبو سيف، صالح العمار، طارق ناطور.
2 فبراير , 2024
اسراء العبوشي /جنين
في البداية عنون الكاتب الخواطر “جنين مريمنا البتول” واصفا جنين بمريم البتول، جنين لم تسلم نفسها للغزاة على مر التاريخ، هي مريم بالإيمان والطهر، حملت أبناءها كما حملت البتول نبي الله عيسى، اصطفاها الله وأبناؤها لتحافظ على شرف الأمة وتحافظ على رسالة الأنبياء.
تتنوع القصص والخواطر ضمن هذا المعنى، اصطفى الله مريم وابنها وقدر لها الميلاد والحياة والارتقاء، واصطفى الله الشهداء فعند الحديث عنهم تتسامى الكلمات، وتتهيأ العبارات وتنتشي بدمائهم الزكية الطرقات، ولا يصطفي الله سوى الأنقياء الأتقياء وأصحاب الأخلاق، تميزهم نفحات روحية هي قدر الله فيهم ولأجلهم.
وصف الكاتب جنين قائلا “عجينتها لا تطوع بيد أي أحد كان، ودمها لا يحقن في شرايين أي إنسان”
هي جنين المتمردة الفخورة بأهلها الماضية بكبرياء، لا يحكمها متخاذل، أما دمها فتختار من شبابها لتهبه دمها وتحضنه في أحشائها.
أما المخيم فترابه داسه الشهداء، وفي بيوته أنجبتهم الحرائر، المخيم يحب أهله، ويملك إحساس مشحوذ بالتضحيات، وجذور أصحابه متشبهة ومتعانقة، يرتاح حين يتحلى أصحابه بالسماحة والتسامي على الجراح، له قلب وروح وإحساس.
بتلك الشفافية يتناول الكاتب خواطر وقصص المجموعة، بقلب يفيض محبة، روح تفيض وفاء، أسقط الكاتب انفعالاته وما تحمله شخصيته على نصوصه، واختزل بذلك المعاني الإنسانية والخلجات الروحية، خاطب الأحياء والأموات.
قدم الروح بجمالية خاصة “الأرواح المتألفة تعيش عشقا الهياً في ظل الرحمن قبل الميلاد”
الروح من تعهد الخالق بحفظ سرها، وتجلت قدرته في موعد بثها.
هناك حياة قبل الميلاد كالحياة بعد الموت، وكأن الميلاد تكريس لمهمة تنتهي وتبقى الأرواح أرواحا متعلقة بكنف الرحمن، هو حب إلهي وسمو روحي وجمال خاص.
غلب ذلك المفهوم على الحوار في الخواطر، فكان الحوار مناقشات فلسفية عن ماهية الحياة والموت وأصل الروح، وأنواع العشق التي تلازم الروح.
حواس الكاتب تتضافر لتتعدى البصر إلى البصيرة، تجعل الروح تنمو وتكبر بتواضع لأنها تدرك وظيفتها وهي (لحاق أهل النور أو أهل الله) ومقابل ذلك يكفر الكاتب بالمنافقين والكاذبين.
الحوار في الخواطر كان رمزياً ،غالبا لم يذكر أسماء يتركها بلا تحديد عامة شمولية، لتقع في نفس كل من عاشها ولمس معانيها.
يصف الكاتب الليل بموسم الارتقاء، ورغم عظمة الشهادة الخواطر تضع اليتم والفقر وأسبابه على المقصلة، بالنتيجة روح الفلسطيني المتعبة تستريح بالرحيل “الموت”
استراحت الروح تلك العبارة يستعير الكاتب معناها لتدل على نهاية الهموم وتطفئ لوعة الأشواق، وتجمع الروح بالأرواح، وفي خاطرة “رثاء سيدة المزار” معنى الشهادة شامل لكل فلسطيني كان نواة المخيم يرحل فيوازي مكانه الشهداء، ويجتمع معهم، يجمعهم العذاب.
هي خواطر تامة الأركان تمكن الكاتب من خلالها في طرح أفكاره بداية ونهاية فقد ختم الكاتب كل خاطرة من الخواطر بعبارة تختصر المعنى وتجعل القارئ يبحر في متنها من جديد.
تناولت الخواطر قصصا لبعض الشهداء سردت العبارات حياتهم القصيرة وخلدت بطولاتهم بأسلوب عاطفي غلبت عليه مشاعر الكاتب وانفعالاته الوجدانية ولغته المتمكنة مما منح تلك الخواطر القوة في الطرح، والجمال في السرد، أبطال تلك القصص أبطال الواقع الذي ما زلنا نلمسه، ابطال الشوارع والأزقة، تزفهم ملائكة السماء وتعلو أسماؤهم في عليين وعلى ألسنة الأوفياء، أقمار خالدين بموسم الارتقاء وجعل له ترانيم تشد الروح.
للأطفال الفقراء هالة مقدسة، وعلى المرء الخشوع أمامها، قساوة الحياة ترهق الطفولة البريئة، سبب ذلك الفقر المخيم واللجوء، فلو عادت الأزهار إلى بستانها لما شاهدنا هذه اللوحات من الحرمان، لكن العودة تحتاج لتضحيات جسام.
يوجه الكاتب رسالته للكتاب لتجنيد أقلامهم للقضية الفلسطينية حيث يقول “لهؤلاء تكتب السطور يا أهل القلم”
نعم واجبنا ككتاب وشعراء أن نوفي دينهم بمداد أقلامنا، لمن قدموا ارواحهم أقل واجب تجاههم وبيدنا القلم وأمامنا حكايتهم أن نكتب عنهم، نحتاج في هذا الوقت الذي تزور به الحقائق، وتروى بطرق مغايرة لمثل هذه الإصدارات وقد صدر سابقا للمؤلف مجوعتان قصصيتان، دخان البنفسج وجداريات في سماء المخيم، في هذا الإصدار “جنين مريمنا البتول” يجمع ما بين الخاطرة والقصة، فقط يا حبذا لو ذكر الكاتب أسماء الشهداء بشكل توثيقي لتكون مرجعا للمرحلة لا يمكن تزويرها.
أسماء الشهداء اللذين ذكرهم الكاتب:
حمد ابو جلدة،عبد الله الحصري، حمزة أبو الهيجا، داوود الزبيدي، محمود طوالبة، محمود أبو خليفة، عمر النايف زيد، عرفات البايض، أحمد السعدي ، رعد الخازم، نضال الخازم ،عبد الرحمن الخازم، أحمد خلوف، يوسف شريم، ومجد عرعراوي، ونافع السعدي، شادي نجم ،ومتين صبايا ،ومحمد أبو زينة، وكمال ابو وعر، وادهم جبارين ويزن جبارين، واياد الحردان، نور جرار، وزياد الزرعيني ، ونعيم الزبيدي، يوسف الحمدوني، متين ضبايا، محمد أبو زينة، فاروق سلامة، أمجد العزمي، رائد أبو سيف، صالح العمار، طارق ناطور.
2 فبراير , 2024
اسراء العبوشي /جنين