"وما أخرجتنا رغبة عن بلادنا // ولكنه ما قدّر الله كائن" .
إنّ الأقدار الجميلة تسوقنا إلى حيث نُريد أن تكون نهاية مشوار حافل بعناء خطواتنا ، أين كنّا نتعثر ونستقيم ، نحلم ونستفيق ، نطمح ونستكين ، حتى نقتنع في النهاية أن الرضا بما قسم الله وكتب ، سيجعلنا نعيش في شفاعة ممتدّة الآجال .
برج الظّهر أو برج الطّهر كما ينطقها أهل المنطقة في جيجل بلهجتهم ، وبذكاء وحنكة من الروائية حوّرت الكلمة في صالح غايتها من كتابة سرديتها ، فتحوّل كل تهم الفجور الملفّق لبطلتها شهرزاد إلى صفات ملائكية تجعل الأقدار تشيّد لها برجا للطّهر و العفّة ، إنه برج شهرزاد الموعود .
هكذا تطلّ علينا الروائية زكية علاّل من شرفات الكتابة يرافقها يقين النّجاة من خوض المغامرة ، وفي كلماتها لوم يؤنّب من يشرف على إحقاق الحقّ و استتباب العدل ، وعتاب وحسرات تتأوّه بها أحداث الرواية ، رواية فيها من الأمل ما يزيّن غموض المستقبل و يحتضن أفق المكان ، و من النور ما يلتهم ظلام الماضي . ﺗﻌﻮد ﻟﺘﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ أﺣﺪاث اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺣﻜﺎﻳﺔ ، وعلى صفحاتها تستحضر أثر ثقافات وحضارات وعادات وقصص حب واحتيال . لقد كانت الأمكنة الشاهد الكبير حول ما وقع ، لتأتي الرواية كعنصر مؤثر فتعيد القارئ إلى وحشية العشرية السوداء ، و تقترب من بعض معالم القضية مكانيا و تكشف عن جزء من جمالية المكان وسحره ورمزيته في العلاقة بموضوع برج شهرزاد الموعود هناك حيث يحلّ مكان برج الطّهر .....ميلة القديمة ــــ بعيدا عن أحداث الرواية و غاياتها التي تطرحها الكاتبة ـــ صرخة مدوّية كي تستعيد هذه الأمكنة موقعها الحقيقي بما تخفيه من أسرار بامتداداتها الثقافية و الحضارية. و تكون بذلك قد أبدعت في الكتابة عن ميلة القديمة بجعلها تاريخا عظيما يلتحف عباءة البلاغة والأسلوب المتفرّد لدي الروائية و جعله منجزا كبيرا تتقاطعه أمكنة و شواهد غاية في الجمال حيث تلتقى الأصالة و المعاصرة ، المدينة القديمة و المدينة الجديدة…البيوت البسيطة ...عين البلد ...مسجد سيدي غانم (أبو المهاجر دينار ، المتحف والآثار والسور البزنطي ....معالم شاهدة على التراث الأثري البديع بميلة .
رواية برج شهرزاد للروائية زكية علّال رائعة سردية تتداخل أوشاجها لتمتد إلى سابقاتها من السرديات وتكمّل الرسالة التي دسّتها في رواية " عائد إلى قبري " ....ألا تُرتق الجراح النازفة من فتق زمن المحنة في العشرية السوداء ؟ أم نظل نتجرع مرارة الماضي البعيد وربما القريب، كلّما اكتظّ فينا الموت وآلمنا ما خلّفه الظّلم و اليأس ، وزاحمتنا الذكريات ....؟
رواية صدرت عن دار خيال للنّشر والتوزيع و الترجمة برج بوعريريج ـ الجزائر ، في سبتمبر من السنة المنصرمة ألفين وثلاثة وعشرين و قد وردت في ثلاثمائة و أربعة و أربعين صفحة ، ضمن غلاف من الحجم المتوسّط ، يستجلي صورة مدينة ميلة القديمة ، و مقطع من الرواية في خلفية الغلاف . تقدّمها الكاتبة وفق سرد سلس يتربص بشخصيات من الواقع ليعيد انتاج هواجسها ببراعة من الساردة وتفرّد في نسج الحبكة تتمحور أحداث الرواية حول البطلة الأساسية شهرزاد الفتاة اليافعة التي جاءت إلى هاته الدنيا دون أن تعرف لها أهلا ولا خلانا ، كلّ ما تعرفه أنّها ترعرعت مذ أن كانت طفلة في بيت عربي من بيوت ميلة القديمة في كنف أمها "حورية" و "مختار" .أبوها الذي عرفته من خلال صورة في إطار وحكايا أمها عنه قبل وفاته ، و أن أصولهم من قرية بجيجل تعرف ببرج الطهر ، كبرت شهرزاد الفتاة ذات الجمال الفتّان ، وكبر معها حبّها لسعيد جارها وحبيبها ، كان طالبا يسبقها في كلية التاريخ متأثرا بشخصية عبد الحفيظ بوالصوف (السسي مبروك)، عاشت وعايشت معه كل اللحظات الجميلة حتى تخرجا ، كانت تعدّ اللحظات وهي تتحرق شوقا لذاك الغد المسروق و السعادة الموعودة حين تجمعها الأقدار مع حبيب حياتها ، فتجد نفسها وحيدة حيث تغادرها السعادة على عجلٍ ،و يقاطعها الموت متربعا على واقع حياة جديدة تجد فيها نفسها تصارع مرارة فقد الحبيب ، مات سعيد مغدورا بطعنة خائنة مجهول مصدرها ، تحزن عليه شهرزاد وتسود الأيام في وجهها ، فلا تجد بدّا سوى التردّد على ميلة القديمة حيث تربيا معا ، وترى ان ذاك المكان هو ذاتها ، والذي تحنّ فيه إلى من أحبهم القلب ، وتتطلع إلى رؤيَّة متعلّقاته من المناظر والمعالم المختزنة في الوجدان، إلى منازل الطفولة المسكونة بالفرح البريء ، تظلّ على تلك الحال إلى أن تتعرف على صديقة عبر حسابها الفيسبوكي " نوّارة الجيجلية " . وترى شهرزاد أن ظهور نوارة في هذا التوقيت بمثابة مسلك النجاة لها لإخراجها من طوفان الضياع ، خاصّة و أن نوارة من جيجل مسقط رأسها وموطن أهلها ، تتفاجأ شهرزاد أن نوارة الجيجلية ماهي إلا " صالح " باسم أحبه واختاره لحسابه الافتراضي ، صالح ابن الإرهابي الذي ساهم في اغتصاب نوارة المراهقة ابنة مختار وحورية ، ظلت لعنة نوارة تطارده ، حتى سمى ابنته عليها ، فتكتشف شهرزاد أن نوارة هي والدتها وانها ضحية اغتصاب من أمير الجماعة الإرهابية التي استولت على برج الطهر . هاهو القدر يبتسم لشهرزاد ويعوضها عن حيرة السنين وظلم الجائرين ، بأن وهب لها قلب صالح ، كي يحبّها ويعيدها إلى برج خرجت منه قطعة لحم نتنة كما شاء ظلم الجهلة ، وتعود إليه أميرة كما شاءت لها عدالة القدر ...إنّه برج الطّهر ...برج شهرزاد
بقلم : ليلى تبّاني من الجزائر .
برج شهرزاد" قصة حب من عمق التاريخ الجزائري | | صحيفة العرب
إنّ الأقدار الجميلة تسوقنا إلى حيث نُريد أن تكون نهاية مشوار حافل بعناء خطواتنا ، أين كنّا نتعثر ونستقيم ، نحلم ونستفيق ، نطمح ونستكين ، حتى نقتنع في النهاية أن الرضا بما قسم الله وكتب ، سيجعلنا نعيش في شفاعة ممتدّة الآجال .
برج الظّهر أو برج الطّهر كما ينطقها أهل المنطقة في جيجل بلهجتهم ، وبذكاء وحنكة من الروائية حوّرت الكلمة في صالح غايتها من كتابة سرديتها ، فتحوّل كل تهم الفجور الملفّق لبطلتها شهرزاد إلى صفات ملائكية تجعل الأقدار تشيّد لها برجا للطّهر و العفّة ، إنه برج شهرزاد الموعود .
هكذا تطلّ علينا الروائية زكية علاّل من شرفات الكتابة يرافقها يقين النّجاة من خوض المغامرة ، وفي كلماتها لوم يؤنّب من يشرف على إحقاق الحقّ و استتباب العدل ، وعتاب وحسرات تتأوّه بها أحداث الرواية ، رواية فيها من الأمل ما يزيّن غموض المستقبل و يحتضن أفق المكان ، و من النور ما يلتهم ظلام الماضي . ﺗﻌﻮد ﻟﺘﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ أﺣﺪاث اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺣﻜﺎﻳﺔ ، وعلى صفحاتها تستحضر أثر ثقافات وحضارات وعادات وقصص حب واحتيال . لقد كانت الأمكنة الشاهد الكبير حول ما وقع ، لتأتي الرواية كعنصر مؤثر فتعيد القارئ إلى وحشية العشرية السوداء ، و تقترب من بعض معالم القضية مكانيا و تكشف عن جزء من جمالية المكان وسحره ورمزيته في العلاقة بموضوع برج شهرزاد الموعود هناك حيث يحلّ مكان برج الطّهر .....ميلة القديمة ــــ بعيدا عن أحداث الرواية و غاياتها التي تطرحها الكاتبة ـــ صرخة مدوّية كي تستعيد هذه الأمكنة موقعها الحقيقي بما تخفيه من أسرار بامتداداتها الثقافية و الحضارية. و تكون بذلك قد أبدعت في الكتابة عن ميلة القديمة بجعلها تاريخا عظيما يلتحف عباءة البلاغة والأسلوب المتفرّد لدي الروائية و جعله منجزا كبيرا تتقاطعه أمكنة و شواهد غاية في الجمال حيث تلتقى الأصالة و المعاصرة ، المدينة القديمة و المدينة الجديدة…البيوت البسيطة ...عين البلد ...مسجد سيدي غانم (أبو المهاجر دينار ، المتحف والآثار والسور البزنطي ....معالم شاهدة على التراث الأثري البديع بميلة .
رواية برج شهرزاد للروائية زكية علّال رائعة سردية تتداخل أوشاجها لتمتد إلى سابقاتها من السرديات وتكمّل الرسالة التي دسّتها في رواية " عائد إلى قبري " ....ألا تُرتق الجراح النازفة من فتق زمن المحنة في العشرية السوداء ؟ أم نظل نتجرع مرارة الماضي البعيد وربما القريب، كلّما اكتظّ فينا الموت وآلمنا ما خلّفه الظّلم و اليأس ، وزاحمتنا الذكريات ....؟
رواية صدرت عن دار خيال للنّشر والتوزيع و الترجمة برج بوعريريج ـ الجزائر ، في سبتمبر من السنة المنصرمة ألفين وثلاثة وعشرين و قد وردت في ثلاثمائة و أربعة و أربعين صفحة ، ضمن غلاف من الحجم المتوسّط ، يستجلي صورة مدينة ميلة القديمة ، و مقطع من الرواية في خلفية الغلاف . تقدّمها الكاتبة وفق سرد سلس يتربص بشخصيات من الواقع ليعيد انتاج هواجسها ببراعة من الساردة وتفرّد في نسج الحبكة تتمحور أحداث الرواية حول البطلة الأساسية شهرزاد الفتاة اليافعة التي جاءت إلى هاته الدنيا دون أن تعرف لها أهلا ولا خلانا ، كلّ ما تعرفه أنّها ترعرعت مذ أن كانت طفلة في بيت عربي من بيوت ميلة القديمة في كنف أمها "حورية" و "مختار" .أبوها الذي عرفته من خلال صورة في إطار وحكايا أمها عنه قبل وفاته ، و أن أصولهم من قرية بجيجل تعرف ببرج الطهر ، كبرت شهرزاد الفتاة ذات الجمال الفتّان ، وكبر معها حبّها لسعيد جارها وحبيبها ، كان طالبا يسبقها في كلية التاريخ متأثرا بشخصية عبد الحفيظ بوالصوف (السسي مبروك)، عاشت وعايشت معه كل اللحظات الجميلة حتى تخرجا ، كانت تعدّ اللحظات وهي تتحرق شوقا لذاك الغد المسروق و السعادة الموعودة حين تجمعها الأقدار مع حبيب حياتها ، فتجد نفسها وحيدة حيث تغادرها السعادة على عجلٍ ،و يقاطعها الموت متربعا على واقع حياة جديدة تجد فيها نفسها تصارع مرارة فقد الحبيب ، مات سعيد مغدورا بطعنة خائنة مجهول مصدرها ، تحزن عليه شهرزاد وتسود الأيام في وجهها ، فلا تجد بدّا سوى التردّد على ميلة القديمة حيث تربيا معا ، وترى ان ذاك المكان هو ذاتها ، والذي تحنّ فيه إلى من أحبهم القلب ، وتتطلع إلى رؤيَّة متعلّقاته من المناظر والمعالم المختزنة في الوجدان، إلى منازل الطفولة المسكونة بالفرح البريء ، تظلّ على تلك الحال إلى أن تتعرف على صديقة عبر حسابها الفيسبوكي " نوّارة الجيجلية " . وترى شهرزاد أن ظهور نوارة في هذا التوقيت بمثابة مسلك النجاة لها لإخراجها من طوفان الضياع ، خاصّة و أن نوارة من جيجل مسقط رأسها وموطن أهلها ، تتفاجأ شهرزاد أن نوارة الجيجلية ماهي إلا " صالح " باسم أحبه واختاره لحسابه الافتراضي ، صالح ابن الإرهابي الذي ساهم في اغتصاب نوارة المراهقة ابنة مختار وحورية ، ظلت لعنة نوارة تطارده ، حتى سمى ابنته عليها ، فتكتشف شهرزاد أن نوارة هي والدتها وانها ضحية اغتصاب من أمير الجماعة الإرهابية التي استولت على برج الطهر . هاهو القدر يبتسم لشهرزاد ويعوضها عن حيرة السنين وظلم الجائرين ، بأن وهب لها قلب صالح ، كي يحبّها ويعيدها إلى برج خرجت منه قطعة لحم نتنة كما شاء ظلم الجهلة ، وتعود إليه أميرة كما شاءت لها عدالة القدر ...إنّه برج الطّهر ...برج شهرزاد
بقلم : ليلى تبّاني من الجزائر .
برج شهرزاد" قصة حب من عمق التاريخ الجزائري | | صحيفة العرب
