لقد واتاه الحظ، ومشى إليه السعد، وحفلت حيلته الجديدة بما تحفل به حياة رجل عظيم!. لم يعد الشيخ (ياقوت) رجلاً عادياً في القرية، بل أضحى رجلاً مرموقاً. فأنت ترى الجلوس في آخر الطريق ينهضون على أقدامهم عندما يبدو في أوله في جبة من الجوخ. وقفطان من السكروتة، وعمامة متقنة يبدو شاشها دائماً ناصعاً مزهراً. وبين أنامله مسبحة من الكهرمان متألقة الحبات، وشفتاه لا تفتران عن تسبيح الخلاق القدير فتنيران وجهاً جميلاً مشرباً بالحمرة.
وإن منظرته لتحفل بالأضياف في الشتاء وتذكو في موقدها جمرات الأثل ويشرق من سقفها على الجالسين نور جميل يرسله مصباح في (فانوس) من الزجاج الملون. وفيها يشيع صوته الحلو الحنون يردد آي القرآن أو فقرات الحديث، وأصوات الأضياف ترتفع بتلك الجملة الأبدية: صدق الله العظيم. . . ﷺ!
فأذا ما حل الصيف أنتقل المجلس إلى (المصطبة) المستندة إلى واجهة الدار حيث يحلو السمر تحت ضوء القمر، وحيث جرت العادة أن تعقد حفلات الذكر والختان، وحيث كان أصحاب الربابة والمزمار. ومنشدو أبي زيد، والقصاصون يجلسون فيطربون حلقة المستمعين من شيب وشبان، وسيدات جالسات، خلف الأبواب ووراء النوافذ.
لم تكن للشيخ ياقوت هذه المكانة في أول الأمر. كان في المبدأ مأذوناً للقرية. فاذا ما كان يوم الجمعة واجتمع الناس في المسجد وعظهم بلسان فصيح وكلمات زاجرات، وأراهم الطريق إلى الجنة ورغبهم فيها، والطريق إلى النار وحذرهم منها. . . فإذا ما انتهت الصلاة تقدم إليه الجمع يستفتيه في أمور الدين والدنيا ويستلهمه النصح والإرشاد.
ولقد أهم الشيخ ياقوت ضيق رزقه وقلة ما تجديه عليه وظيفته فتفتق ذهنه عن فكرة صائبة. وسرعان ما ظهر في القرية دكان مزين الجدران ترتفع فوق بابه لوحة كتب عليها (راجي عفو المنان، الشيخ ياقوت عثمان)!. .
ونفقت تجارته، واقبل الناس عليه. فهم يجدون عنده ما لا يجدون في حانوت القرية الآخر، وسرعان ما أخذ الناس يتحدثون عن جودة بضائعه وطرافتها. ويطرون ما عنده من تمباك ودخان. وسور مكتوبة، وأوراد، وتعاويذ تخاط في الاحجبة فتقي الناس شر العين وكيد الحسود!. . ولم ينس الشيخ أن يستحضر ألوانا مختلفة من المسهلات، والرشام فلم يعد يتكبد الممعود أو موجوع الرأس أو الأمعاء عناء الذهاب إلى المدينة لالتماس هذه الأشياء.
كان صاحب الحانوت الآخر مستبداً بأهل القرية لا يؤجل لهم ثمن ما يشترون على رداءة بضائعه وشحه، فلم يقو على منافسة الشيخ ياقوت فأدركه الإفلاس. والحق أن الشيخ كان دمث الأخلاق من أرباب السياسة والكياسة. وكان يسخو في البيع ويمهل في الدفع، وهو فضلا عن ذلك من حفظة القرآن فالشراء منه بركة، والتمسح به وهو من أصحاب المراكز فيه نفع لا مضرة. وهو يعطي المشتري المواظب من حين إلى حين شيئا من بخور السيدة الذي أحضره من القاهرة.
وعند الدكان مقعدان طويلان تجدهما أبدا مشغولين بالجلوس من المشترين الذين يرغبون البقاء لاستماع الشيخ وهو يقرأ الجريدة ويقص عليهم الأخبار وما يحدث في بلاد الكفار.
وقد كان اليهودي ينزل القرية بين الحين والحين يحمل بضائعه على كتفه ويصيح (شيت يا بنات. مناديل. روايح. حراير أمشاط. مرايات يا بنات. . .). لكن هذا الصوت قد اختفى ونفض اليهودي حذاءه من تراب القرية، فقد كرههم الشيخ ياقوت في معاملته، واستحضر لزوجته تلك البضائع. فكانت تبيعها في المنزل بالسعر المعتدل المقسط، وانتشر خبرها في القرية فأصابت من الرزق أكثر مما يصيب الشيخ من حانوته، واخذ الشيخ يكثر من تسبيح الله وترديد اسمه والثناء عليه، وابتدأت الحمرة تنتشر في وجهه. .
ومضى الحول فاذا به يخرج على الناس بمشروع جديد، فقد كبر عليه أن تظل القرية بلا كتاب، فشمر عن ساعد الجد، واشترى الخشب وكان في صباه نجارا فلم يلبث أن سواه مقاعد يجلس عليها صبية (الكتاب) الذي افتتحه.
وكان (الكتاب) بجوار الدكان في الطابق الأول من الدار فأخذ يوزع نشاطه بين العملين ويراوح بينهما في المجهود. وكانت بضائع الحانوت تنفق سريعا، فان أولاد النجوع المجاورة صاروا يعودون في المساء بعد الدرس بما يحتاج إليهم ذويهم من بضائع الشيخ. فاذا ما كان الصباح وابتدأ الدرس وأخذت عصا الشيخ ترقص في يده ذهبوا إلى الدكان يحاولون الإكثار من ابتياع الحلوى وما اليها ابتغاء مرضاته حتى تقصر عنهم عصاه.
وأثمرت جهود الشيخ الجديدة فصارت القرية تفاخر بعدد من الصبية حفظوا القرآن. وذاعت شهرة الكتاب فوفد إليه أبناء الكفور القريبة يتتلمذون على الشيخ ومضت الأيام فاذا بكتاب الشيخ ياقوت من كتاتيب الإعانة التي تتقاضى تسعة جنيهات في السنة!. .
فتح الله عليه أبواب الرزق فصار يتاجر، ويغامر، ويكسب، ويستأجر الأرض ويزرعها. وجعل يتغنى صباح مساء (وأما بنعمة ربك فحدث) غير أن هماً دفينا كان يقلق الشيخ ويقض مضجعه، فقد مضت خمس سنوات وزوجه لم تعقب له ولدا غير (حسان). وهو رجل يطمع في كثرة النسل ويريد أن يرى أنجاله يرتعون في هذا الرزق الواسع والخير العميم.
أما أن يمني بقلة الذرية فقد كان شيئا ثقيلا على نفسه. كان الناس يتهامسون رثاء له وإشفاقا. والأعداء يشمتون ويودون لو يخطف الموت حسانا فلا يبقى للرجل من زينة الحياة غير المال، والمال بلا بنين كالشجر بلا ثمر.
كلما مر بالشيخ ياقوت هذا الخاطر ارتاع وابتأس. وماذا يدعو إلى الارتياع أكثر من شماتة الأعداء نار الحساد التي لا تجد لها وقودا غير كارثة تلم به وبلاء يقع فيه!. .
كان يفكر أن يتزوج بأخرى، لكنه كان رجلا شهما، تأبى رجولته أن يتزوج على أم حسان، فيؤلم نفسها، ويجزي إخلاصها وصبرها شر الجزاء. كان يحبها حبا خالصا، ويجد فيها الزوجة الصالحة المطواع، والمرأة الجميلة الصبوحة.
كانت أم السعد تشعر بهذا الخطر الذي يهددها وبأيدي السوء التي تدأب على إفساد حياتها الزوجية ووضع النار في بيت هنائها، فكانت تصبر على وشايات أم الشيخ وأخواته اللواتي امتلكتهن رغبة محرقة في أن يتزوج الشيخ من بنت العمدة، فقد وصل رجلهم إلى الدرجة التي تؤهله إلى نيل هذا الشرف. . .
كانت أم السعد تداريهن، وتصبر على ما يصيبها منهن طمعا في أن تظل وحدها حليلة زوجها. أما هن فقد غلون في اضطهادها والإساءة اليها بعد أن عرفن موطن الضعف فيها، ووقفن على تلك الغيرة المستترة خلف قلبها. وأضحت لهن أمَة ضارعة ذليلة تفزع إذ يلوح لها شبح (الضرة) وتضع إصبعيها في أذنيها حين تسمع كلمة الطلاق، فقد كانت تعرف إنها سائرة إلى أحد الطريقين.
صارت تنذر النذور وتستصرخ الأولياء، وتهب إلى قبور الصالحين تستمد منها البركة. يأتي عليها الليل وينام القوم فتصعد إلى السطح وتكشف رأسها وتسخر كل قوى روحها في التوسل إلى الله أن يرزقها ولداً آخر. وقد تسترسل في بكائها وهي تتذكر آلام النهار والتعيير، والكيد، فلا تمسح دمعها حتى تظهر نجمة الصبح فتعود لتنام عند قدمي زوجها.
فإذا كان شهر رمضان صامته من غير سحور وبذلت الإحسان من غير حساب.
وبلغ حسان العاشرة من عمره والأم لم تظفر بالأمنية. . . ونفد صبر الزوج فخطب ابنة العمدة لنفسه.
وابتدأ البيت يمتلأ بالضوضاء ويستعد لاستقبال الأفراح والليالي الملاح. فكانت أم السعد تنسل إلى غرفتها كما ينسل إلى وكره حيوان مضطهد مجروح. . . كانت تعيش من فكرها في مأتم، وكلما اقترب يوم العرس انقطع بين يديها خيط من خيوط الهناء، حتى صارت تفتقد مسرات حياتها فلا تجد بين يديها إلا خرقة مهلهلة.
وماذا بقي لها بعد أن صارت المرأة المنبوذة؟! كيف تطيق أن ترى المرأة التي تتوج بدلها بعد أن كان التاج لها، تتخطر مزهوة مختالة يزري جمالها الفتي الجديد بجمالها الذي فقد الجدة والفتنة!. .
لقد شادت هي كل شيء وتعبت في كل شيء، فاذا بامرأة غريبة تتسلم البضاعة وتأمر وتنهي! ليتها لم تفعل شيئا. ليتها لم تدبر ولم تقتصد! كانت تشقى في حاضرها لتسعد بمستقبلها فاذا بالمستقبل يضيع وبالأمل يتحطم!. .
وحسان العزيز! إن أمره ليدمي فؤادها. لقد اشترى له أبوه أثوابا جديدة بمناسبة قدوم العروس، وأمرها أن تخيطها له! إن ثياب الحداد أولى به فقد دالت دولته. ولن يدلل فيما بعد! سيصبح ابن المرأة القديمة. . . . وسيتحول قلب أبيه عنه إلى أولئك الأطفال الصغار الذين طال إليهم اشتياقه. كيف تستطيع احتمال هذا؟ إنها لترسل بصرها في المستقبل فترى ابنة العمدة جالسة في رحبة الدار تخرج ثديها فخورة مباهية لترضع طفلها. كأنها تتعمد إغاضتها والحط من شأنها! وستنكس هي بصرها خجلا وسيندي جبينها خزيا! إن ثديها العاطل المحروم ليحن للإرضاع! بل انه ليهتز شوقا إلى طفل. وهي تخرجه في وحدتها وتتأمله بحسرة حرّى وعين أسيفة. وتعصره لعله يبض له بقطرة تكون نذيرا بالحمل!. . فلا تظفر بغير الخيبة، ولا يلوح على وجهها غير ظل ابتسامة كسيرة مهزومة. . .
مضى شهر على الزواج الجديد. . . وكانت أم السعد قد سئلت أن تخلي غرفتها للعروس، ووعدها زوجها أن يرد الغرفة اليها بعد أيام، لكنه حنث في وعده، وتركها تقيم مع أوعية اللبن والجبن في هذه الغرفة القائمة فوق السطح. . . وهي الآن جالسة تخطط في التراب وتحدق فيما تخط بعين ذاهلة. وقد مسح الحزن عن وجهها ضياءه وإشراقه. ولم يبق من محياها الجميل غير معارف امرأة محطمة، ناقمة، متجددة السخط والغضب.
وكيف لا يتجدد سخطها وغضبها!. . ها هي ضوضاء الدار تصعد إلى أذنيها فتنبئها أن القوم لاهون بينا هي وحدها تتعذب. والدخان يرتفع من أسفل فيضايقها ويؤذي رئتيها ويحمل إلى خاطرها صورة (الوليمة)، ووجه زوجها وهو يضحك في وجه العروس ويداعبها.
وإذا هي تعض أناملها، حانت منها التفاته فرأت أثواب حسان البيضاء التي غسلتها في الصباح تخفق تحت أشعة الشمس، فقامت اليها متثاقلة وجمعتها. وأخذت تخيط ما بها من ثقوب وفتوق.
وظلت تنتظر عودته من الكتاب لكنه لم يعد. ثم عضها الجوع فقامت إلى الطعام لكنها لم تصب منه غير قليل ثم عافته.
وصعد اليها حسان وفي حجره ألوان من الحلوى، وحدثها انه تناول الطعام مع العروس. . . وثارت نفس الأم، فلطمته ودفعته بعيدا، فتبعثرت حلواه وطفق يبكي. لكن حنانها عاودها فذهبت اليه، ومسحت دمعه وأجلسته في حجرها، وسألته ان يسمعها ما حفظ في يومه. فأنشأ الصبي يرتل، وأسارير الأم تنبسط كأن شعاعا من العزاء يتسلل إلى قلبها، ويبدد شيئا من ظلمته الحالكة.
وأخذه النوم فألقى رأسه الصغير إلى كتفها، وغلبها الحنان فتناولت كفه وأدنتها من شفتيها. لكنها عافت اليد الصغيرة عندما رأت عليها لون (الحناء) الذي أباحت جدة الصبي لنفسها أن تخضب به يدي حفيدها. فجفل صدرها بالغيظ، وملأ الحقد قلبها وملأ الدمع عينيها. . .
وتبكي الأم بحرقة. ويستيقظ الصبي مرتاعا، ويملأ الدمع عينيه البريئتين وهو يسأل أمه أن تكف، فتحاول لكن أساها يغلبها، فتعتذر إليه بأن هناك ناراً تسري في احشائها، وتعتلج في صدرها. وتحدثه وهي تحدق في وجهه بجزع وقد وقفت على شفتيها ابتسامة مشلولة: إنها لن تعيش طويلا. لأن تلك النار لم تبق شيئاً. .
من هذا اليوم سقطت أم حسان مريضة وتضافرت عليها أوجاع الجسد والروح. فأخذت تتقهقر من ميدان الحياة على عجل.
أما الشيخ ياقوت فيأبى أن يدعو الطبيب ويزعم انه خبير بدهاء النساء، ويتهم زوجته بأنها تتمارض، ويهددها بأن عصاه كفيلة بمداواة الغيرة التي تأكل قلبها، وينذرها بأنه لن يسمح لها أن تجعل بيته جحيما، وان كلمة (الطلاق) مختبئة خلف شفتيه يلفظها إن سولت لها نفسها الأمارة بالسوء إعادة هذه اللعبة المفضوحة للتنصل من الخدمة!. .
وتنسحق روح أم حسان تحت عبء هذه الكلمات كما تنسحق قطعة الفخار تحت ضربات المطرقة. وكأنها تؤثر ألا تضايق قرينها فتغادر الحياة بعد أيام قلائل!. .
كانت هناك نفس واحدة حزينة لفراقها هي نفس حسان، لكن حزنه إنجاب سريعاً كغمام الربيع. . .
لم يطل عهد حسان بالحلوى والتدليل، وتقدمت به الأيام فإذا به يلطم ويزجر! وتنكر له الجميع. وقوي إحساسه باليتم. واكتأبت روحه الظمأى للحنان فذبل كما يذبل لحظ النرجس من كثرة العطش. وفقد النصير. ولم يعد يملك إلا أن يطوف بمقبرة القرية يرمق منزل أمه فيها ويود لو تناديه اليها ليقيم معها.
أما الشيخ ياقوت فقد اطمأن إلى الثروة التي اجتمعت له فأغلق الدكان وأهمل الكتاب، وركن إلى حياة مترفة، لاهية، موزعة بين أحضان الزوجة ودوار العمدة. . .
ومضت الأعوام والزوجة لا تنجب ولداً ولا بنتاً، وثروة الشيخ تتبدد في الإنفاق على القابلات، والزلفى إلى أصحاب الكرامات. وكبر على ابنة العمدة أن تبقى عاقرا، وشعرت أن (أم السعد) وهي في القبر قد غلبتها وهي في الحياة. وخالت أن روح المرأة الشامتة تطوف بها، وتسخر منها!. .
وذهبت تنشد غاية تفني فيها غيظها فلم تجد أمامها غير حسان، فأنشأت تضطهده وتسخره، وتنكل به.
ويستنصر حسان الأب فيخذله أبوه، وينصر المرأة الجميلة، وتضيق الدنيا في عيني الفتى ويطلب النجاة لنفسه فيهجر القرية.
وتمضي الأعوام ولكن الابن المفقود لا يعود. . . وتستيقظ روح الشيخ ياقوت فلا يجد بين يديه أطفالا يمرحون ويصخبون، ويبلغ به الأسى فيوشك أن ينادي (حسانا) ليعينه على الحياة لكن الكلمة تختنق فوق شفتيه. . .
وضاعت الثروة كما ضاع الشباب وأضحى رجلا مقلا، فلم تعد هناك حلقات ذكر ولا حفلات سمر، وإنما كانت أجنحة الخيبة ترفرف صامتة حول البيت.
فقد الرجل مركزه، فلم يعد الوجه محمرا، ولا الشاش مزهرا، ولا الجبة زاهية. . . ولم يعد الناس يقفون عندما يبدو في أول الطريق، بل صاروا يغمغمون بما يشبه التهكم: (مسكين. سي الشيخ)!. .
وكان هذا ينال من نفس الشيخ، ويدمي فؤاده، فلا يكاد يقطع الطريق حتى يتهالك على عتبة الدار.
ويطول به الجلوس وهو يتذكر الماضي ويخطط في التراب ويرسل بصره نحو (مقبرة القرية). . .

يوسف جوهر



===============


1.jpg



يوسف جوهر
ولد يوسف جوهر في مدينة قوص، محافظة قنا، في الثاني عشر من ديسمبر سنة 1912، تخرج في ك
لية الحقوق سنة 1935، وعمل لسنوات في مجال المحاماة، شارك في كتابة السيناريو والحوار لعشرات الأفلام المصرية، من أبرزها: (الروح والجسد، سماعة التليفون، مصطفى كامل، دايما معاك، الرجل الثاني). بالإضافة لعمله السينمائي، كتب يوسف جوهر العديد من المجموعات القصصية والروايات، لكن اهتمامه الأكبر انصب على الإبداع الروائي والقصصي من ناحية وكتابة السيناريو والحوار السينمائي من ناحية أخرى.
أهم أعماله الروائية والقصصية
من الأعمال الروائية والقصصية ليوسف جوهر (الحياة قصص، وسميرة هانم، دموع في عيون ضاحكة، أمهات لم يلدن أبدًا، ابتسامات حية رقطاء، نار ورماد، رسائل غرامية، جراح عميقة، أمهات في المنفى، الناس الأكابر، الصعود إلى قمة التل، عودة القاتلة، قليل من العقل .. قليل من الجنون، دوامات في نهر الحب).
نشر يوسف جوهر قصصه ومقالاته في كبريات الصحف والمجلات المصرية، منذ منتصف الثلاثينيات، وكان له مقال أسبوعي شهير في جريدة الأهرام، ومع أهمية وغزارة إنتاجه الأدبي والصحفي، فإن الإنجاز الأكبر له كان في الساحة السينمائية، فبين عامي 1942 و1995، كتب السيناريو والحوار لسبعين فيلمًا، البداية مع المتهمة سنة 1942، وآخر أفلامه الرجل الثالث سنة 1995، وبينهما مجموعة كبيرة من الأفلام المهمة في تاريخ السينما المصرية، من أبرزها الأرض الطيبة سنة 1954، فتى أحلامي سنة 1957، الرجل الثاني ودعاء الكروان سنة 1959، الرباط المقدس سنة 1960، الأيدي الناعمة سنة 1963، أمهات في المنفى سنة 1981، البيه البواب سنة 1987.
في العام 1942 حصل يوسف جوهر على جائزة مجمع فؤاد الأول للغة العربية، كما نال جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1984، وشارك في تأسيس معهد السينما ووضع لائحة اتحاد الكتاب.
كوكتيل من المواهب في فن الكتابة
يوسف جوهر روائي متميز.. وصحفي وكاتب سينمائي. وهو أحد رواد السيناريو الذين يتصدر اسم يوسف جوهر قائمة الذين أبدعوه. يوسف جوهر روائي وكاتب قصة قصيرة منذ ثلاثينيات القرن الماضي. كما كانت له علاقة بالرواية منذ قدم أولي رواياته جراح عميقة عام 1942 التي فازت بجائزة مجمع فؤاد الأول للغة العربية تحت عنوان عودة القافلة عام 1942، وتم تحويلها إلي فيلم سينمائي بعد ذلك، وهذه الرواية رغم أنها أول أعماله فإنها تتميز بشاعرية الصياغة، وانها امتداد لأسلوب رواية زينب لرائد الرواية محمد حسين هيكل، كما تتسم بقوة الخيال مع مزيج من الواقعية وسرعة البديهة في التعليق علي الأحداث والإبحار في شخصياتها وصفاتها، ثم قدم عدة روايات منها: أمهات في المنفي عام 1977 حول الانفتاح وانعدام القيم، ثم رواية دوامات في نهر الحب، ورواية الصعود إلي قمة التل، ورواية الناس الأكابر. وشخلول وشركاه.
سمات أعماله
أعمال الكاتب الكبير تتميز باللغة العربية الفصحي السهلة الخالية من التعقيدات والإغراب، كما أنه يميل في حواره إلى العامية تقرباً إلى الصدق، كما تتميز أعماله بالسخرية ذات المذاق الخاص والتي تحرك المشاعر والأحاسيس.
بداياته مع السينما
يقول الأديب الراحل يوسف جوهر إن البداية كانت من خلال لقاء له بالمنتجة آسيا التي أعجبت بما يكتب في آخر ساعة آنذاك، فطلبت منه كتابة حوار لفيلم مأخوذ عن قصة أجنبية هي صورة مدام إكس
وبالفعل قام بعمل الحوار للفيلم.
إغواء السينما له
لفتت قصصه انتباه المشتغلين بالسينما، ووجد نفسه محاصراً بين الاشتغال بالمحاماة والتفرغ للسينما والكتابة، فاختار الكتابة وتحمس للكتابة للسينما من منطلق أنها الكتاب المفتوح لمن لا يقرأ ولا يكتب، وعمل على إيجاد صلة بين الأدب والسينما، فكتب سيناريوهات لأشهر قصص توفيق الحكيم وطه حسين وغيرهما من الكتاب، في وقت كانت الموضة فيه هي السطو على الأفلام الأجنبية. وقد أغوت السينما يوسف جوهر بأضوائها وبريقها كما يقول د. ثروت فتحي في حوار له مع الأديب يوسف جوهر، وانقاد لها مسحوراً وغرق في بحار غرامها، وقدم خلال 58 عاماً ما يزيد على مائتي سيناريو للسينما، و500 قصة قصيرة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى