أقاموا المأدبة ولم يجدوا تعريفا دقيقا للحبّ ، فعجبا لمن صاروا يقيمون الولائم باسم الحبّ ، و يقدّمون العقائق ويقولون ان ذلك ثمرة الحبّ ، و يجتمعون في الحفلات والأعراس ويروّجون لحب جمع اثنين في الحلال . وراج أن صار للحب يوم يحتفى به ، فهل الحب هو ما زعموا ؟ أم أنّه بريء من مزاعمهم حتى تثبت إدانته ؟
لم يقدّم الفلاسفة تعريفا دقيقا للحب ، لكنّهم راوغونا كعادتهم فقالوا عنه : هو شيء لا يدركه عقل ، ولا يفسّره منطق ، فكثيرا ما يتحدث النّاس عن الحب من أول نظرة، إلا أنه نادر ما يتساءل أحد: هل هو حقا حبّ أم مجرد إعجاب ؟ هل هو حبّ أم هو رغبة عابرة ؟ هل هو حبّ أم هو شهوة جامحة ؟ هل هو حبّ أم هو مصلحة جامعة ؟ هل هو حبّ أم هو نزوة سائحة ؟ هل هو حبّ أم هو فرصة سانحة ؟
و نحن نناقش موضوع الحب تتضارب الآراء و تختلف الوجهات ، ما يجعل الخلط بين شعور الحبّ و غيره من مشاعر الرغبة و الإعجاب و الاستحسان و الشهوة و المصلحة والاستقرار ... يخلق الكثير من المشكلات في العلاقات العاطفية و الزوجية ، و بين فلسفة الحب وصوفية النظرة في طلب ذلك الحب ، ومنطق الفلسفة الذي يرى أن ذروة المنطقية في الحب كامنة في عقليته ، تستمرّ جدلية الحب و تمثّلاته.
يتهمّ كثر من المعتقدين الحب بالشهوانية بهتانا وهو بريء ، ولم تثبت إدانته بعد ، فالحب الصحيح أشبه بقوّة سماوية تعمل عملها لتبدع من حقائق الكون خيالات أجمل من صورها ، ليغدو كالطبقة بين الإنسانية والإلهية ، الحب بريء وليس له فوق ، ولا يشبه إلاّ الإرادة الصحيحة التي ليس لها خلف و لا يمين ولا شمال بل شعارها دوما إلى الأمام . فكيف يتهم الحب بالشهوة وقد تسعّر حب العاشقين بلظى هوى من عشقوا دون أن يلمسوهم أو حتى يروهم ، ولنا في حب المتصوفين دليلا ، وحب الأعفّاء مضربا ، وماذا نحن قائلين في رسائل حب قوي بين جبران ومي زيادة طيلة سنوات لم يرها فيها ولم تره .و ليس الحي منقطعا من الوجود بل هو منه لانه فيه ، هي قرابة النفس المسماة بالصداقة ، و قرابة القلب المسماة بالحب و غرابة ما ينسب إليه من شهوة . و كان الحب معنى كبر في السن و ارتقى في العقل والحكمة عن ذلك المعنى الطفولي المرتبط بالأمومة ، الحبّ وحده هو من يلد الحياة بمجازاتها وخيالاتها الجميلة .و مادة الروح المنسكبة في روح المحبين .
ليس الحب شهوة وإلا سمينا شهوة الحيوانات حبا ، بل الشهوة انجذاب النوع للنوع ، علاقة بين ذكورة و أنوثة غايتها إشباع رغبة جامحة ، سرعان ما يزول جموح تلك الرغبة بزوال دوافعها الفزيولوجية لكن الحب انجذاب شخص لشخص دون مقابل ولا مبرّر حتى إذا كلّل بالشهوة كانت نتيجة لا علّة . فنخلص للقول بأن كل حب تحذوه شهوة وليست كل رغبة وشهوة هي حب .
الحب ليس تملّكا أو تحكما أو استعبادا ،بل هو رجاء أن يصل الحبيب إلى أفضل ما يتمنّى ، ويتطور بقدر ما يمكن ، حتى و إن باعد ذلك بين الأحبّة ، ولو حدث العكس كان رغبة في التملّك ، إنّ حبل الحبّ ممدود و حبل الجسد قصير مشدود إلى حيث الرغبة ، فمتى ما انطفأت خمد معها ذلك الحبّ المزعوم . الحب مطية للطموح ، يقود إلى أهداف أسمى فينا. وليس سقوطا في هاوية الإنغماس في ملذات يضيع فيها معنى قدسية الحب ومعانيه النبيلة . الحبّ يجعلنا نندفع إلى ما وراء الحياة إلى روحانية ترجع بنا إلى ما وراء أنفسنا ، لتضيف بعض المجهول إلى وجودنا ، وتزيد لنا نعيم الدنيا و آلامها ما لا يزيد شيء آخر غير الحب ، ليثبت للبشرية أنّه معنى اللانهاية ، هو ناموس لم يخلق إلاّ لتدرك البشرية فكرة مالا ينتهي ....نعم الحب يحتاج أن نحتويه ضمن فلسفة خاصة بنا....تقول : نشتاق إلى الحبيب ولا نلقاه ، نتوق إليه و ننتظره ولا نفقد الامل في لقياه ...ومتى ما اشتدّ بنا الوجيب ابتكرناه .
ليلى تبّاني من الجزائر .
لم يقدّم الفلاسفة تعريفا دقيقا للحب ، لكنّهم راوغونا كعادتهم فقالوا عنه : هو شيء لا يدركه عقل ، ولا يفسّره منطق ، فكثيرا ما يتحدث النّاس عن الحب من أول نظرة، إلا أنه نادر ما يتساءل أحد: هل هو حقا حبّ أم مجرد إعجاب ؟ هل هو حبّ أم هو رغبة عابرة ؟ هل هو حبّ أم هو شهوة جامحة ؟ هل هو حبّ أم هو مصلحة جامعة ؟ هل هو حبّ أم هو نزوة سائحة ؟ هل هو حبّ أم هو فرصة سانحة ؟
و نحن نناقش موضوع الحب تتضارب الآراء و تختلف الوجهات ، ما يجعل الخلط بين شعور الحبّ و غيره من مشاعر الرغبة و الإعجاب و الاستحسان و الشهوة و المصلحة والاستقرار ... يخلق الكثير من المشكلات في العلاقات العاطفية و الزوجية ، و بين فلسفة الحب وصوفية النظرة في طلب ذلك الحب ، ومنطق الفلسفة الذي يرى أن ذروة المنطقية في الحب كامنة في عقليته ، تستمرّ جدلية الحب و تمثّلاته.
يتهمّ كثر من المعتقدين الحب بالشهوانية بهتانا وهو بريء ، ولم تثبت إدانته بعد ، فالحب الصحيح أشبه بقوّة سماوية تعمل عملها لتبدع من حقائق الكون خيالات أجمل من صورها ، ليغدو كالطبقة بين الإنسانية والإلهية ، الحب بريء وليس له فوق ، ولا يشبه إلاّ الإرادة الصحيحة التي ليس لها خلف و لا يمين ولا شمال بل شعارها دوما إلى الأمام . فكيف يتهم الحب بالشهوة وقد تسعّر حب العاشقين بلظى هوى من عشقوا دون أن يلمسوهم أو حتى يروهم ، ولنا في حب المتصوفين دليلا ، وحب الأعفّاء مضربا ، وماذا نحن قائلين في رسائل حب قوي بين جبران ومي زيادة طيلة سنوات لم يرها فيها ولم تره .و ليس الحي منقطعا من الوجود بل هو منه لانه فيه ، هي قرابة النفس المسماة بالصداقة ، و قرابة القلب المسماة بالحب و غرابة ما ينسب إليه من شهوة . و كان الحب معنى كبر في السن و ارتقى في العقل والحكمة عن ذلك المعنى الطفولي المرتبط بالأمومة ، الحبّ وحده هو من يلد الحياة بمجازاتها وخيالاتها الجميلة .و مادة الروح المنسكبة في روح المحبين .
ليس الحب شهوة وإلا سمينا شهوة الحيوانات حبا ، بل الشهوة انجذاب النوع للنوع ، علاقة بين ذكورة و أنوثة غايتها إشباع رغبة جامحة ، سرعان ما يزول جموح تلك الرغبة بزوال دوافعها الفزيولوجية لكن الحب انجذاب شخص لشخص دون مقابل ولا مبرّر حتى إذا كلّل بالشهوة كانت نتيجة لا علّة . فنخلص للقول بأن كل حب تحذوه شهوة وليست كل رغبة وشهوة هي حب .
الحب ليس تملّكا أو تحكما أو استعبادا ،بل هو رجاء أن يصل الحبيب إلى أفضل ما يتمنّى ، ويتطور بقدر ما يمكن ، حتى و إن باعد ذلك بين الأحبّة ، ولو حدث العكس كان رغبة في التملّك ، إنّ حبل الحبّ ممدود و حبل الجسد قصير مشدود إلى حيث الرغبة ، فمتى ما انطفأت خمد معها ذلك الحبّ المزعوم . الحب مطية للطموح ، يقود إلى أهداف أسمى فينا. وليس سقوطا في هاوية الإنغماس في ملذات يضيع فيها معنى قدسية الحب ومعانيه النبيلة . الحبّ يجعلنا نندفع إلى ما وراء الحياة إلى روحانية ترجع بنا إلى ما وراء أنفسنا ، لتضيف بعض المجهول إلى وجودنا ، وتزيد لنا نعيم الدنيا و آلامها ما لا يزيد شيء آخر غير الحب ، ليثبت للبشرية أنّه معنى اللانهاية ، هو ناموس لم يخلق إلاّ لتدرك البشرية فكرة مالا ينتهي ....نعم الحب يحتاج أن نحتويه ضمن فلسفة خاصة بنا....تقول : نشتاق إلى الحبيب ولا نلقاه ، نتوق إليه و ننتظره ولا نفقد الامل في لقياه ...ومتى ما اشتدّ بنا الوجيب ابتكرناه .
ليلى تبّاني من الجزائر .