ساهمت مواقع التواصل الإجتماعي بشكل رئيسي في إيصال حقيقة ما يجري في قطاع غزة المنكوب إلى مختلف بلدان العالم وسط تعتيم إعلامي ومنع لدخول الصحفيين إلى هناك، كما قامت مئات الآلاف من المقاطع المصورة بتقديم الحرب من مختلف الجهات..
ولكن ذلك لا يعني أن هذه المقاطع كانت إيجابية بمجملها أو كانت بلا أخطاء، ولا يعني أيضاً أنه بإمكان أيٍ منا التنظير على من يعيشون الوضع الكارثي والمأساة الإنسانية بكل أبعادها في غزة التي تعيش ظروفاً استثنائية وغير مسبوقة..
لذا يتوجب علينا الإشارة بعد مرور ما يزيد على ١٤٠ يوم إلى وجود حالة من الفوضى حيث أصبح العديد ممن يمتلكون هاتفاً ذكياً مزوداً بكاميرا يقدم نفسه كمراسل أو صحفي ويقوم بالتصوير بشكل عشوائي وغير احترافي (ولكلٍ غايته) دون أن ينتبه إلى تجاوزه في حق من يقوم بتصويرهم، فليس من حق أحد أن يصور شخصاً دون رغبته أو دون علمه أو دون وعيه بمعنى (المادة) التي سيكون جزءًا منها وليس من حق أحد استغلال الأطفال لإعداد مقاطع أو تقارير يعرضها على صفحته.. فالأطفال خط أحمر.. والكرامة الإنسانية خط أحمر ولا يجوز تحت أي ظرف أو أي مسمى انتهاكها بذريعة إيصال الصورة للعالم.. فالعالم يرى ويسمع ويتجاهل.. وما كان يمكن أن يمر في الفترة الأولى من الحرب لم يعد مقبولاً الآن تحت أي ظرف..
وما دفعني لكتابة هذا المقال هو تراكم التجاوزات التي لاحظتها ولاحظها الكثيرون في الكثير من الصور والفيديوهات والتي كانت ولا زالت محل نقاش في هدفها ومضمونها، حيث تخطى العديد منها الغرض الرئيسي منها وهو نقل الحقيقة وتحول إلى إساءة إلى أهل غزة، فليس من الشهامة أو المروءة أو الخلق أو الفروسية في التعامل مع شخص منكوب يعاني الأمرين أن يتم تجريده من كرامته وصورته كإنسان وتصويره وهو في أقصى درجات ضعفه وألمه وعجزه وجعلها مادة للتداول يضع عليها اسمه وكأنها علامة تجارية، فقد رأيت البارحة مقطعاً لطفل يبحث بين بقايا حبات برتقال ملقاة على الأرض وبدأ يأكل منها من شدة جوعه لكنه ألقاها مجدداً عندما لاحظ وجود من يصوره.. ألم يشعر هذا الشخص بالعار ووخز الضمير وهو يضيف إلى جوع هذا الطفل شعوراً بالحزن على ما آل إليه حاله.. فكثير من هؤلاء الأطفال كان يذهب إلى مدرسته مع أصدقائه الذين افترق عنهم وكان يرتدي ثياباً جميلة حتى وإن لم تكن باهظة الثمن وكان لديه ألعابه البسيطة وأحلامه اللا محدودة ووصل به الأمر إلى الأكل من فضلات الغير وطعام الحيوانات وصناديق القمامة..
ومن هنا تأتي مسؤوليتنا في غربلة ما يصل إلينا ونشاركه على صفحاتنا من حيث اختيار ما نعرضه لدعم أهلنا وأشقائنا في غزة وإيصال معاناتهم بما لا يضرهم ولا يمس من كرامتهم وانسانيتهم ولا يمتهن طفولة أبنائهم الذين نعتبرهم كأبنائنا.. وعلى الجميع التفرقة بين الوضع الإنساني في غزة وبين قبول أو مشاركة جميع ما يصل من هناك لأن التقنية موجودة في زمننا الحالي بين يدي الجميع واعياً كان أم جاهلاً وكل ما نتمناه هو رفض وعدم تداول ما يأتي عن طريق البعض من اللا مسؤولين لأن جوهر الصحافة يكمن في أن تكون ذات رسالة وأمانة وخلق وضمير وليست متروكة لكل مدعي وعابر سبيل.. وأعتذر اليوم بدوري عن بعض المقاطع التي نشرتها وكان ينبغي أن أكون أكثر حرصاً في انتقائها.. وكلنا أمل بأن تنتهي هذه المأساة في أسرع وقت ممكن..
خالد جهاد
ولكن ذلك لا يعني أن هذه المقاطع كانت إيجابية بمجملها أو كانت بلا أخطاء، ولا يعني أيضاً أنه بإمكان أيٍ منا التنظير على من يعيشون الوضع الكارثي والمأساة الإنسانية بكل أبعادها في غزة التي تعيش ظروفاً استثنائية وغير مسبوقة..
لذا يتوجب علينا الإشارة بعد مرور ما يزيد على ١٤٠ يوم إلى وجود حالة من الفوضى حيث أصبح العديد ممن يمتلكون هاتفاً ذكياً مزوداً بكاميرا يقدم نفسه كمراسل أو صحفي ويقوم بالتصوير بشكل عشوائي وغير احترافي (ولكلٍ غايته) دون أن ينتبه إلى تجاوزه في حق من يقوم بتصويرهم، فليس من حق أحد أن يصور شخصاً دون رغبته أو دون علمه أو دون وعيه بمعنى (المادة) التي سيكون جزءًا منها وليس من حق أحد استغلال الأطفال لإعداد مقاطع أو تقارير يعرضها على صفحته.. فالأطفال خط أحمر.. والكرامة الإنسانية خط أحمر ولا يجوز تحت أي ظرف أو أي مسمى انتهاكها بذريعة إيصال الصورة للعالم.. فالعالم يرى ويسمع ويتجاهل.. وما كان يمكن أن يمر في الفترة الأولى من الحرب لم يعد مقبولاً الآن تحت أي ظرف..
وما دفعني لكتابة هذا المقال هو تراكم التجاوزات التي لاحظتها ولاحظها الكثيرون في الكثير من الصور والفيديوهات والتي كانت ولا زالت محل نقاش في هدفها ومضمونها، حيث تخطى العديد منها الغرض الرئيسي منها وهو نقل الحقيقة وتحول إلى إساءة إلى أهل غزة، فليس من الشهامة أو المروءة أو الخلق أو الفروسية في التعامل مع شخص منكوب يعاني الأمرين أن يتم تجريده من كرامته وصورته كإنسان وتصويره وهو في أقصى درجات ضعفه وألمه وعجزه وجعلها مادة للتداول يضع عليها اسمه وكأنها علامة تجارية، فقد رأيت البارحة مقطعاً لطفل يبحث بين بقايا حبات برتقال ملقاة على الأرض وبدأ يأكل منها من شدة جوعه لكنه ألقاها مجدداً عندما لاحظ وجود من يصوره.. ألم يشعر هذا الشخص بالعار ووخز الضمير وهو يضيف إلى جوع هذا الطفل شعوراً بالحزن على ما آل إليه حاله.. فكثير من هؤلاء الأطفال كان يذهب إلى مدرسته مع أصدقائه الذين افترق عنهم وكان يرتدي ثياباً جميلة حتى وإن لم تكن باهظة الثمن وكان لديه ألعابه البسيطة وأحلامه اللا محدودة ووصل به الأمر إلى الأكل من فضلات الغير وطعام الحيوانات وصناديق القمامة..
ومن هنا تأتي مسؤوليتنا في غربلة ما يصل إلينا ونشاركه على صفحاتنا من حيث اختيار ما نعرضه لدعم أهلنا وأشقائنا في غزة وإيصال معاناتهم بما لا يضرهم ولا يمس من كرامتهم وانسانيتهم ولا يمتهن طفولة أبنائهم الذين نعتبرهم كأبنائنا.. وعلى الجميع التفرقة بين الوضع الإنساني في غزة وبين قبول أو مشاركة جميع ما يصل من هناك لأن التقنية موجودة في زمننا الحالي بين يدي الجميع واعياً كان أم جاهلاً وكل ما نتمناه هو رفض وعدم تداول ما يأتي عن طريق البعض من اللا مسؤولين لأن جوهر الصحافة يكمن في أن تكون ذات رسالة وأمانة وخلق وضمير وليست متروكة لكل مدعي وعابر سبيل.. وأعتذر اليوم بدوري عن بعض المقاطع التي نشرتها وكان ينبغي أن أكون أكثر حرصاً في انتقائها.. وكلنا أمل بأن تنتهي هذه المأساة في أسرع وقت ممكن..
خالد جهاد