د. أحمد الحطاب - القرآن الكريم مليء بالكلمات الدالة على الخير، لكن أين هو الخير؟

يقول، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 19 من سورة الشورى : "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ،".
في هذه الآية، الله، سبحانه وتعالى، يخاطب جميعَ عباده مُخبِرا إياهم أنه لطيف بهم، أي أنه يشملهم برحمته ورأفته ويريد أن يعيشوا في يُسرٍ بعيدا عن كل ضيقٍ وإكراهٍ. والملاحظ، في هذه الآية، أن لطفَ الله يشمل جميع العباد، أي بغض النظر عن انتمائهم العقائدي. والدليل على لُطف الله بعباده هو أنه، سبحانه وتعالى، لم يعذب الأقوامَ الغابرة إلا بعد أن بعثَ لهم رُسُلاً يُنذِرونهم بما ينتظرهم من عقاب إن هم استمروا في جهلهم وظلمهم وطُغيانهم.

وخير مثال يمكن سياقُه، في هذا الصدد، هو مثال فرعون. ألم يبعث له اللهُ رسولين، موسى وأخاه هارون، وطلب منهما أن يعاملاه معاملةً طيبة مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (طه، 43 و 44).

أليس هذا لُطفٌ من الله وخَيرٌ منه؟ الله سبحانه وتعالى أراد بفرعون خيرا، لكن فرعون طغى وازداد طغيانه وجبروته، فكان مآلُه الغرق في البحر هو وجنوده.
وحتى آدم، عليه السلام، لما خالف أمرَ الله بأكله من الشجرة، نال لُطفَ الله بتوابه عليه مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "تَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة، 37).

وتأكيدا للُّطف الذي يُحيط به، سبحانه وتعالى، عبادَه، فإنه، عزَّ وجلَّ، خلق الإنسانَ وأراد أن يُسعدَه في الدنيا قبل الآخرة مصداقا لقوله، جل علاه : "...أولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (البقرة، 221).

والدعوة إلى الجنة موجَّهة للبشرية جمعاء لحثها على السير في طريق الخير الذي رسمه الله لعباده لينعموا بهذا الخير، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (آل عمران، 104).

والله، سبحانه وتعالى، حينما يحيط عبادَه بخيره وعطائه وكرمه ولُطفه ورأفته ورحمته، فلا ينتظر من هؤلاء العباد مقابلا كيفما كان لأنه، عزَّ وجلَّ، منزَّهٌ عن العالمين، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (العنكبوت، 6).

بعد هذه التوضيحات، فما هو الخير إذن؟

لقد قلتُ في مقالة سابقة إن الخيرَ هو كل ما من شأنه أن يُفرِح الناسَ ويُسعِدَهم وينفعهم في حياتهم العامة واليومية، أي كل ما يجعل هؤلاء الناس مرتاحين ومتفائلين نفسيا. وما هو متعارفٌ عليه لغويا، هو أن الخيرَ ضدُّ الشر.

ألم يقل، سبحانه وتعالى، في سورة يونس، الآية رقم 11 : "وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ"، أي لو استجاب اللهُ، سبحانه وتعالى، لدعاء الناس بالشر لهلك البشرُ. أليس هذا دليلٌ آخر على أن اللهَ لطيفٌ بعباده بتفضيله الخيرَ على الشرِ؟

غير أن الخيرَ لا يخص الأفراد فقط. بل إن اللهَ، سبحانه وتعالى، يريده كذلك للجماعات. في هذه الحالة، الخير هو كل ما ينفع البلادَ والعباد، أي كل ما يخدم الصالحَ العام. والأمور التي تُفرح الناسَ، أفرادا وجماعاتٍ، وتُسعدهم كثيرة، بل لا حصرَ لها.

يمكن أن تتجلَّى هذه الأمورُ في مجرد كلام يبعث الأملَ والطمأنينة في النفوس. كما يمكن أن تكونَ سلوكاً محبَّداً يرتاح له الناس. كما يمكن أن تكونَ عملاً فيه نفعٌ لمَن يقوم به وللآخرين.

مثلا، أن يسمعَ شخصٌ كلمةً طيبةً، فهذا خيرٌ. أن ينزلَ المطر من السماء، فهذا خيرٌ. أن يُشفى مريض من دائه، فهذا خيرٌ. أن يُحسِنَ ميسورٌ إلى فقير، فهذا خيرٌ. أن يتمَّ احترامُ قانون السير، فهذا خيرٌ. أن يُخلصَ كل عامل أو موظف في عملهما، فهذا خيرٌ. أن ينجحَ تلميذ في دراسته، فهذا خيرٌ. أن يتمكَّن كل شخص من كرامة العيش، فهذا خيرٌ. أن يتمسَّك كل شخص بقول الحق، فهذا خيرٌ. أن يتمتَّع كل شخص بحقوقه ويؤدي واجباتِه على أحسن ما يُرام، فهذا خيرٌ. أن تُمارسَ السياسةُ من أجل خدمة الصالح العام، فهذا خيرٌ. أن يكونَ الناسُ سواسيةً أمام القانون، فهذا خيرٌ. أن يتمَّ تطبيقُ مبدأ تكافؤ الفرص على أرض الواقع، فهدا خيرٌ. أن يعتنيَ شخصٌ بوالديه، فهذا خيرٌ…

هذه فقط بعض الأمثلة لكن الائحةَ طويلة، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: "أولَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" (المؤمنون، 61) أو مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَـٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ" (آل عمران، 114). في هاتين الآيتين، كلمة "خيرات" تعني كل الأعمال الصالحة والنافعة أو كل الأعمال التي يقوم بها أصحابُها طاعةً لله وامتثالا لأوامره.

لكن الخيرَ كل الخير هو ذلك الذي يريده اللهُ، سبحانه وتعالى لعباده أجمعين. ويكفي أن نُلقيَ نظرةً، فيها تدبُّرٌ وتمعنٌ وتبصُّر، على القرآن الكريم، لنلاحِظَ أن الآيات التي تحتوي على كلمات دالَّة على الخير كثيرة ونجدها في جميع سُوَر هذا القرآن.

ملاحظة : ما سيلي ليس تفسيراً للآيات القرآنية. ما يهمني في هذه الآيات، هو احتواءها على الكلمات الدالة على الخير. وهي التي سيتم تحليلُها. من هذه الآيات، أخصُّ بالذكر :

1."وَ الْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَأْكُلُونَ" (النحل، 5).

الخير في هذه الآية الكريمة هو المنفعة. والمنفعة هي كل ما يُفيد الناسَ في دُنياهم. الدفء منفعة، ركوب الأنعام منفعة وأكل لحومها منفعة، الاستفادة من جلودها أو من صوفها منفعة…

2."قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (المائدة، 76).

الخير في هذه الآية الكريمة هو عدم عبادة الأصنام، أو بعبارة أخرى، عبادة الله فيها كل الخير.

3."وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" (العنكبوت، 8).

الخير في هذه الآية يتجلَّى في البَرِّ بالوالدين. وهو ما عبَّر عنه سبحانه وتعالى ب"الحُسن"، أي أن يُحسنَ الإنسانُ لوالديه بالقول والعمل.

4."مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ" (النساء، 79).

الخير في هذه الآية يتجلَّى في إصابة الإنسان بالحسنة، أي بنِعمةٍ من نِعَم الله. الحسنة هي فضلٌ من الله. وفي هذه الآية، هي فضل الله على عباده. في هذه الآية، يقول سبحانه وتعالى "...وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ". لماذا؟

لأن اللهَ، جلَّ علاه، حبا الإنسان عقلا يفكِّر به ليميِّزَ بين الخير والشر وبين الطيب والخبيث وبين الحق والباطل وبين العمل الصالح والفساد والمعصية… فإقباله على الشر أو على الخبيث أو على الباطل أو على الفساد، اختيارٌ منه، وبالتالي، يتحمَّل مسئوليةَ ما فعل.

5."نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (يوسف، 56).

الخير في هذه الآية نلمسه من خلال نزول رحمة الله على مَن يشاء من عباده وكذلك من خلال عدم ضياع جزاء مَن يفعلون الخيرَ، أي المحسنون الذين يطيعون اللهَ ويعملون بأوامره ويجتنبون ما نهى عنه الله.

6."قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ" (المائدة، 100).

الخير في هذه الآية نجده في الميول إلى ما هو طيب، علما أن الطيبَ هو الجيد، الصالح، الحلال، النافع. والطيب، وفي هذه الآية، هو كل ما فيه خيرٌ للناس. والله سبحانه وتعالى يضع الطيبَ، أي كل ما له علاقة بالخير، في درجة أعلى من الخبيث. وهو ما عبَّر عنه، في هذه الآية ب"وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ".

7."وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ" (الأعراف، 85).

الخير في هذه الآية يظهر من خلال الإصلاح. والإصلاح هنا يمكن أن يكون اجتماعيا، أنسانيا، أخلاقيا، بيئيا… من خلال أعمال مبنية على الحق والعدل والاستقامة والعمل البنَّاء والمفيد.

8."مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" (النحل، 97).

الخير في هذه الآية يتجلَّى في العمل الصالح وفي الجزاء الذي يناله صاحبُ هذا العمل الصالح. والعمل الصالح هو العمل النابع من تقوى الله، أي من خشيته والامتثال لأوامره. والخير الآخر، في هذه الآية، هو المساواة بين الذكر والأنثى إذ يُجازي كلا منهما بحياة طيِّبة.

إن القرآنَ الكريمَ حافلٌ بالآيات التي تشير إلى الخير. والخير مُشارٌ إليه في هذه الآيات بكلمات اخترتُ من بينها الكلمات التالية: صالحات، بركة، فضل، يُسر، معروف…

1.صالحات : "فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" (الحج، 50).

الصالحات هي كل ما ينبع من الإيمان من قول وفعل وسلوك وعمل…

2.بركة : "لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" (الأعراف، 96).

البركة هي التّفاؤل بالخير، وهي كذلك النماء والزيادة.

3.فضل : "إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ" (البقرة، 243).

الفضل هو ما يتم وَهبُه للناس بدون مقابل أو الهِبة أو النعمة.

4.يُسر : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (البقرة، 185).

اليُسر هو السهولة أو الرحمة أو اللطف أو الرأفة.

5.معروف : "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ" (آل عمران، 104).

المعروف هو الدعوة إلى الخير أو كل فعلٍ وراءه الخير أو كل فعلٍ محبوب لدى الناس… و اللائحة طويلة.

قد يتساءل القارئ عن السبب الذي دفعني إلى كتابة هذه المقالة و لماذا أعطيتُها عنوانَ : "القرآن الكريم مليء بالكلمات الدالة على الخير، لكن أين هو الخير؟".

قبل الإجابة عن هذا التَّساءل، أريد أن أشيرَ أنني قلتُ بأن الخيرَ هو كل ما يُفرِح الناسَ ويُسعدهم. فما هي الأشياء أو الأمور التي لا تُفرح الناسَ ولا تُسعدهم؟

ما لا يُفرح الناسَ و لا يُسعدهم هو كل ما يسير في الاتجاه المعاكس للخير. وما يسير في الاتجاه المعاكس للخير هو الشر. وأبشع مظاهر الشر في المجتمعات هو الفساد. والفساد يجد ضالَّتَه في المجتمعات حينما تتدهور أخلاقُها وتَضربُ عرضَ الحائط قِيمُها الإنسانية وتسوء معاملاتُها وتُصبح عملاتُها الصعبة هي النفاق والغِش والتَّحريف والتَّزوير والتَّدليس والتَّملُّق والإسراف… عُملات قد تصبح، أحيانا، هي الخيط الناظم للحياة اليومية.

فبماذا يمكن تفسيرُ عنوان هذه المقالة : "القرآن الكريم مليء بالكلمات الدالة على الخير، لكن أين هو الخير؟". هذا العنوان يُبيِّن أن هناك اتِّجاهين.

الاتجاه الأول نابع من القرآن الكريم ويُفيد بأن الله سبحانه وتعالى يريد الخيرَ لعباده. وهو الشيء الذي نلمسه عندما نقرأ جميع سُور هذا القرآن. وحتى عندما يُخطيء العبادُ، فإنه يقول، عزَّ وجلَّ، إني غفور رحيم ورحمان رحيم. ويقول كذلك إنه يريد لعباده اليُسرَ ويقول لهم إني لا أحب المفسدين ولا أحب المسرفين ولا أحب الظالمين. وهو مستعد أن يغفرَ لهم إن تابوا وعملوا الصالحات، إلا أن يُشرَكَ به. أهناك خيرٌ أكثر من هذا؟

الاتِّجاه الثاني وهو الذي له علاقة بسؤال : "لكن أين هو الخير؟". نعم، أين هو الخير الذي أراده الله لعباده؟ ما نلاحظه في الحياة اليومية، إلا مَن رحم ربي، سواءً عندنا أو عند غيرنا هو أن العالمَ فقد صوابَه وأصبح مبنيا حصريا على الماديات matérialisme التي، بدورها، لا تعترف إلا بسيادة المال financiarisation. وهذا يعني أن العالمَ لم يعد على طرف لسانه إلا لغةَ المال ضاربا عرضَ الحائط كل القيم الإنسانية التي لها علاقة وطيدة بالخير الذي أراده الله لعباده.

وحتى العلاقات بين الأشخاص والجماعات والبلدان أصبحت مبنيةً على مبدأ : "ماذا سأربح منك و ماذا ستربح مني". غابت الإنسانية وجفت منها المعاملات الحسنة. وأخطر ما في سيادة المال، هو أن البشرَ قد يصبحون ربوتات robots مبرمجة على ما ستُدرُّه عليهم المعاملات بين الناس من ربحٍ مادي يؤدي إلى تكديس الأموال. والربوتات لا إحساسَ لها ولا شعور. حينها، يصبح كل ما هو موجود على سطح الأرض مجرد سِلَعٍ تُباعُ وتُشتَرى، وليس نِعَماً أنعم بها الله على عباده. لا شيءَ يقوم به البشرُ لوجه الله!

وحينما يطغى ما هو مادي les matérialités على الروحانيات les spiritualités، فما يسعى إلى تحقيقه البشرُ هو إرضاء رغباته المادية. فلنقل، حينها، وداعا للمشاعر والأحاسيس والتضامن والتَّآزر والتَّعايش والتعاون والكرم… التي، هي أساسا، بعضٌ من مظاهر الخير الذي أراده الله لعباده.

وسيأتي وقتٌ يحتل فيه الذكاءُ الاصطناعي l'intelligence artificielle كلَّ مظاهر الحياة. حينها، ستُختَزَل القيمُ الإنسانيةُ في قيمةٍ واحدةٍ و وحيدةٍ، الماديات le matérialisme.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى