د. أحمد الحطاب - القرآن الكريم يحتاج إلى العقول النيٍّرة والمستنيرة

"العقول النيِّرة" تعني العقول النافذة والثاقبة. وهذا النوع من العقول لا تُمطره السماء. إنها عقولٌ تطلَّب بناءُها جهداً دؤوبا واحتكاكٌا قريبا من الواقع بجميع تجلِّياتِه واكتساب تجارب من الحياة والتَّوفُّر على رصيد معرفي واسع. إضافةً إلى أن "العقول النيِّرة" لا تقبل أي شيءٍ إلا بعد تمريرِه من مصفاة النقد، أي مصفاة المنطق.

أما العقول المستنيرة، فهي العقول التي تستفيد من ما راكمه العقل النَّير من تجارب ومعارف وما مارسه من نقد وأخذٍ وردٍّ، الكل يكون منطلقا للتفكير والتصرف.

واجتماع "العقل النيِّر" و"العقل المستنير" عند الشخص الواحد، هو الذي يمكِّن هذا الشخصَ، ليس فقط من تدبُّر آيات القرآن الكريم، بل من تدبُّر أمور الحياة بجميع أبعادها.

بعد هذا التَّوضيح، أريد أنْ أقولَ إن كل آيات القرآن الكريم، وعددُها 6236 آية بدون البسملات، ما عدا بسملة سورة الفاتحة التي هي الآية رقم 1، تتطلَّب استعمالَ العقل لتَدبُّرها والوصول إلى ما أراد ويريد الله، سبحانه وتعالى، تبلِيغَه لنا من خلالها. إلا أن بعضَ الآيات تستوجب منا الوقوفَ عندها لإدراك ما يختبئ وراءها من معاني وغايات وإشارات. من بين هذه الآيات التي تستوجب منا الوقوفَ عندها، اخترتُ الآيةَ التالية :

"أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً…" (لقمان، 20).

لماذا اخترتُ هذه الآية؟ أخترتُها لأنه، بإمكان المتدبِّرِ أن يُقاربَها من وِجهتي نظرٍ مختلفتين : وِجهةُ نظرٍ دينية محضة و وِجهةُ نظرٍ تنطلق من ما توصَّل إليه العلمُ الحديث من إنجازات.

تدبُّر هذه الآية من القرآن الكريم، يحتِّم على المتدبِّر، من ذوي العقول النَّيِّرة والمستنيرة، أن يطرحَ على نفسِه عدَّة أسئلة ثم اللجوء إلى استعمال العقل لإدراك ما أراد ويريد اللهُ، سبحانه وتعالى، تبلِيغَه لنا.

بالنسبة لهذه الآية، من بين الأسئلة التي تفرض نفسَها علي كمتدبٍِر لآيات القرآن الكريم، الأسئلة الثلاثة التالية :

1."ما المقصود من سَخَّرَ لَكُم؟"
2.و"ماذا سَخَّرَ لَكُم؟"
3.وما المقصود ب"وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً…؟

فإذا قاربنا هذه الآية من وِجهة نظر دينية محضة، فإن التَّسخيرَ هو فضلٌ من الله لعباده الذين أمرهم، سبحانه وتعالى، أن يُعمِّروا الأرضَ طبقا لما أوجده من سُننٍ ونواميس يدبِّر بها الأرضَ بما فيها وما عليها، ماديا ومعنويا. والدليل على ذلك أنه، عزَّ وجلَّ، لا يحب المسرفين والمفسدين الذين لا يحترمون، من خلال تصرُّفاتهم، هذه السُّنن وهذه النواميس، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى: "...وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف، 31)، أو مصداقا لقوله، جلَّ جلالُه : "...وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (الأعرلف، 85).

أما إذا قاربنا هذه الآية، انطلاقا من ما توصَّل إليه العلمُ الحديث من إنجازات، ف"سخَّر" تعني أن اللهَ وضع رهن إشارة البشر أو جعل مكوِّنات السموات والأرض في خدمة البشر. و"لَكُم" تعني هنا جميع الناس. والجواب على سؤال "ماذا سَخَّرَ لَكُم؟"، مُتضمَّنٌ في الآية نفسِها. يقول سبحانه وتعالى، دون الدخول في التَّفاصيل، "مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ"، أي جميع ما خلقه الله أو أوجده الله، سبحانه وتعالى، سواءً في الأرض أو في السموات.

وهنا، يأتي دورُ العقل النيِّر والمستنير ليلاحظ أن الأشياءَ التي سخَّرها الله، سبحانه وتعالى، للبشر كثيرة ومتعددة شكلا وحجما مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (النحل، 18). فمنها ما هو حي ومنها ما هو غير حي، أي من فئة مكوِّنات الأرض والسموات الجامدة، أي لا حياةَ فيها composantes inanimées كالتربة والماء والهواء والصخر والرمل والمطر والسحاب والمعدن…

ويستمر العقل النيِّر والمستنير في التَّفكير والتَّحليل ليلاحظ أن المكوِّنات الحية، هي نفسها، متعدِّدة شكلا، حجما وألوانا، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (النور، 45) أو مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا… (البقرة، 29). وتعدُّدُ الخلق معبّرٌ عنه في الآية الأولى باختلاف طريقة المشي، وفي الآية الثانية، بجملة "خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا".

ويستمر العقل النيِّر والمستنير في التَّفكير والتَّحليل ليلاحظ أن المكوِّنات الحية، منها ما هو واضحٌ للعيان، أي ما تراه العين المجرَّدة أو يلمسه العقل من خلال الحواس، من نباتٍ وحيوانٍ كالزبتون والرمان والعنب والصنوبر والأزهار والأسد والفيل والماعز والبقر والغنم… وهذا هو الجواب على السؤال الثالث المشار إليه أعلاه : "وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً…"

ويستمرُّ العقل النير والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أنه، من بين المكوِّنات الحية، هناك ما لا تراه العين المجرَّدة، أي لا يدركه العقلُ إلا من خلال وسائط moyens اخترعها الإنسانُ للوصول إلى العالم المجهري monde microscopique كالبكتريات bactéries والفيروسات virus وأنواع كثيرة من الفطريات المجهرية champignons microscopiques وعَلَقُ البحر plancton… وهذا هو الجواب على السؤال الثالث المُشار إليه أعلاه : "وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ…وَبَاطِنَةً؟

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أنه، من بين مكوِّنات الأرض الجامدة، أي التي لا حياةَ فيها، هناك ما لا يُدرَك إلا من خلال الفكر كالفرح والحزن والمشاعر والأحاسيس والكذب والنفاق والإيمان والحق والسعادة والرحمة والعفو…

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أنه، من بين مكوِّنات الأرض والسموات، حيَّةً كانت أم غير حية، هناك مكوِّنات قابلة للاستعمال دون إدخال أي تغيير عليها، أي قابلة للاستعمال في وضعها الخام، كالكثير من النباتات والثمار والفواكه أو كالماء للشرب والسقي أو كالهواء لتنفُّس الكائنات الحية.

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أن العديدَ من مكونات الأرض والسموات، حيةً كانت أم غير حية، هي التي مكَّنت الإنسانَ من قطع أشواطٍ هائلةٍ في مختلف مجالات الحضارة والتنمية والتَّقدُّم والازدهار اجتماعيا، ثقافيا، اقتصاديا، تكنولوجياً، معرفيا، علميا، صناعيا، زراعيا…

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أن التَّسخيرَ الذي جاء به القرآن الكريم لا فائدةَ منه بدون عقل. وهنا، تكمن حكمة الله، سبحانه وتعالى، في تكريم الإنسان وتفضيله على كثير من المخلوقات بالعقل.

والعقل هو الذي يفكِّر ويفهم ويبحث ويتأمَّل ويتدبَّر ويتحقَّق ويُدقِّق ويفحص ويفترض ويتيقَّن ويستقرئ ويقارن ويستنتج ويعرف ويميِّز ويُجرِّب ويقيس ويختبر ويستنبط ويتمعَّن ويتبصَّر ويستدِلُّ ويستوعب ويُبدع ويخترع ويكتشف ويصنع ويُنقِّب ويتقصى ويتحرَّى ويتذكَّر ويدرس ويصنِّف ويرتِّب ويقبل ويُعارض ويستجيب ويقتنع ويستسيغ ويستنير ويُنِير ويتعلَّم ويُعلِّم ويقتبس ويتبيَّن ويتعرَّف ويوضِّح ويُفسِّر ويشرح ويصف ويُعلِّل وينتبه ويفقه ويتفقَّه ويتخيَّل ويتمثَّل ويستقي ويتثقَّف…

أرأيتم هذا العددَ الهائل من العمليات الفكرية التي، باستطاعة العقل البشري، أن يقومَ بها؟ أليس العقلُ هو أحسن وأسمى وأرقى ما وهبَه اللهُ، سبحانه وتعالى، للبشر؟

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أنه، لولا هذا العقل، لَما استطاعت البشرية، منذ ظهورِها على وجه الأرض، أن تُحقِّقَ طفراتٍ هائلةً من الحضارة والتَّطوُّر والتَّقدُّم.

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أن مزيدا من التَّفكير والتَّمعُّن في الآية التي هي موضوع هذه المقالة، يُحتِّم علينا طرح أسئلة أخرى :

1.لماذا قال اللهُ، سبحانه وتعالى، "مَّا فِي السَّمَاوَاتِ" ولم يقل "ما في السماء"
2.ما المقصود من "سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ؟"
3.وما هي العبرة التي يمكن استخلاصُها من "وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً…؟

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُجيبَ عن السؤال الأول، فيقول : العلم الحديث قسَّم الغلاف الجوي أو السماء إلى سبع طبقات (أو سبع سموات) متفاوتة العلو انطلاقا من سطح الأرض. وأهم طبقة هي تلك التي تُحيط مباشرةً بالأرض وتحتوي على الهواء air الذي، بواسطته، تتنفَّس الكائنات الحية من نبات وحيوان. أما الطبقة الثانية، فإنها تلعب دورا حاسما في التَّصدي للأشعة الفوقبنفسجية rayons ultraviolets المُسَرطِنة cancérigènes. والعنصر الذي يتصدَّى لهذه الأشعة المسرطِنة هو غاز الأوزون ozone الذي هو عبارة عن جزيئة molécule مكوَّنة من ثلاثة ذرات atomes من الأوكسجين والذي رَمزُه كيميائيا son symbole chimique O3.

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُجيبَ عن السؤال الثاني ليقول : المقصود من "سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ؟" هو أن تُدركَ كلمة "السَّمَاوَاتِ" بمعناها الواسع أو بمعناها الكوني، أي السموات البعيدة من الأرض وليس فقط السموات السبع المحيطة بالكوكب الأرضي. وهنا، لا بدَّ من التذكير أن الإنسانَ استطاع أن يُفلتَ، بعلمه وتكنولوجياته، من فعلِ الجاذبية pesanteur ليصلَ إلى القمر lune والمريخ mars اللذان هما عنصران من النظام الشمسي système solaire. وربما قد يصل إلى كواكب planètes من نفس النظام.

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُجيبَ عن السؤال الثالث ليقول : العِبرة التي يمكن استخلاصُها من "وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً…؟ هي أن ما سخَّره اللهُ للبشر يمكن أن يكون ظاهرا كما يمكن أن يكون باطنا (خفيا أو غير معروف). وفي كلتي الحالتين، العقل هو الذي يُمكِّن البشرَ من الاستفادة من التَّسخير. وفي هذه الحالة، يمكن القول بأن اللهَ يُسخِّر والإنسان يفكِّر.

ومن أجل توضيح أشمل، سأستدل بمصادر الطاقة. فمنذ ظهور الأنسان على وجه الأرض، تطوَّرت مصادر الطاقة بشكل رهيب. في الماضي البعيد، كان الخشبُ هو المصدر الرئيسي للطاقة إلى أن تمكَّن الإنسان، بفضل عقله، إلى تنويع هذه المصادر، وبالأخص، حينما اكتشف الفحمَ ثم النفطَ والغازَ الطبيعي والكهرباء ثم الطاقات البديلة من طاقة شمسية وريحية و وصولا، حاليا، إلى الهيدروجين الأخضر hydrogène vert. وهذا دليلٌ واضحٌ على أن مصادرَ الطاقة تتغير بالموازاة مع تطوٌّر عقل الإنسان. وهذا، كذلك، دليل واضح على أن ما سخَّره اللهُ للإنسان، سواءً في الأرض أو في السموات، يحتاج إلى إعمال العقول النيرة والمستنيرة لينفعَ البلادَ والعبادَ.

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أن التسخيرَ صالحٌ لكل زمان ومكان، إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها. فما لم يصل إليه العقل البشري من الأشياء المسخَّرة، في الماضي أو الحاضر، سيصل إليها في المستقبل. لماذا؟ لأن اللهَ، سبحانه و تعالى، قال : "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا… (البقرة، 29). وحينما يقول، جل علاه، "خلق لكم"، فهذا هو التَّسخير.

ويستمر العقلُ النيِّر والمستنير في التفكير والتَّحليل ليُلاحظَ أن التَّسخيرَ، كما سبق الذكرُ، لا فائدةَ منه بدون عقلٍ بشري. ولهذا، فهما عنصران متلازمان، بمعنى أنه، كلما تطوَّرَ العقل البشري، بفضل ما وصل إليه من إنجازات علمية وتكنولوجية، كلما توسَّع مفهوم التَّسخير من خلال ظهور أشياء مسخَّرة جديدة.

وما جعلني أتحدَّث عن توسُّع مفهوم التَّسخير، هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، لم يذكر، في القرآن الكريم، إلا النَّزرَ القليل من الأشياء التي سخَّرها للإنسان. وهذه حكمةٌ من الله لخَّصتُها، كما سبق الذكرُ، في جملة "الله يُسخِّر والإنسان يفكِّر".

بينما الأشياء التي توصَّل إليها الإنسانُ، بفضل العقول النيرة والمستنيرة، كثيرة وقد يصعب إحصاءُها. فكل خطوةٍ يخطوها الإنسان في مختلف مجالات الحضارة والتنمية والتطور والتقدم، إلا و وراءها أشياءٌ تدخل في مجال التَّسخير. فالإنسان لا يستطيع ولن يستطيعَ أن يصنعَ أو يُنتِجَ أشياءَ من عدم أوحتى أن يفكِّرَ في أشياء من عدم. الله، سبحانه وتعالى، هو القادر على كل شيء. إنه هو الخالقُ والصانع والمسخِّر. فما على الإنسان إلا أن يستعملَ عقلَه استعمالا نيِّرا ومستنيرا ليصلَ إلى ما أراده ويريده الله لعباده. أقولها وأعيدها : "الله يُسخِّرُ والإنسانُ يُفكِّرُ".

وحتى الانتقال من عصرِ إلى آخر، يكون وراءَه ما استطاع العقل البشري من استفادةٍ من التَّسخير. فإن نحن اليوم نعيش في عصر الرقمنة numérisation وتكنولوجيا المعلومات informatique، فنحن مُقبلون على عصرٍ جديدٍ، أساسه الذكاء الاصطناعي intelligence artificielle. وسواءً تعلَّق الأمرُ بالرقمنة أو تكنولوجيا المعلومات أو بالذكاء الاصطناعي، فالمرور من عصر إلى عصرٍ قادم، غير ممكنٍ، على الإطلاق، لولا امتزاج العقل بالتَّسخير. فالرقمنة وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، إضافةً إلى العقل البشري، في حاجة ماسَّة لآليات. وهذه الآليات يدخل في صُنعها المعدن من نوع خاص والطاقة والبلاستيك من نوع خاص والأسلاك والزجاج… كل هذه الأشياء تُصنع من ما سخَّرَه اللهُ، سبحانه وتعالى، من كل شيء. أما مساهمة العقل البشري في تحقيق الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، فتأتي عن طريق ما توصَّلَ إليه العِلمُ من أنجازات في مجالات الفيزياء، وبالأخص، علمُ المواد science des matériaux والكيمياء والرياضيات…

وفي الختام، أقول : " الله يسخِّرُ والإنسان يفكٍّرُ".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى