وليد كاف -- رؤية إنطباعية لنص أرصفةٌ مأجورةٌ لإيمان فجر السيد

أرصفةٌ مأجورةٌ

تعالَ نتبادلِ الأدوارَ
أنا أنامُ على الرصيف
وأنتَ تصبحُ رجفة الظلِّ
كلَّما قرَّر الغيم
أن يُبلِّلَ السماء
فأبكي
وأنت تدعو الله، فقط!

فتسألني:
وكيف هو الرصيف
بل كيف هو شكله؟!
- أحيانًا يأتي على هيئة
مقعدٍ وثيرٍ
في حافلةٍ فارهةٍ
سائقها نائمٌ!
يجيب الظلُّ
وقد يأتي على هيئة
حديقةٍ غنَّاء
حارسُها يسرق الورد
كلَّ صباحٍ
قبيل إشراقَة الشمس!
يتابع الرصيف....
أقصد ظلَّه!

أقول:
نعم وقد يكون
على هيئة
شاطئٍ غادرته
السُّفن
وأُحرِقَتْ
قبل أنْ يرميَ
قباطِنُتها أنفسَهم
في عُرض النار!
فيموت البحر
أقصد الظل
يووووه تبًا...
أقصد الرصيف!


**

1712147613333.png

الرؤية الأنطباعية بقلم أ. وليد كاف

الخلاص ليس متيسرًا...
والنجاة من الطوق المحكم ليست قريبةً
ترسم النثيرة المبدوءة بعنوان (أرصفةٌ مأجورةٌ) فضاء تميّزٍ وتفوُّقٍ

بدأ بدعوة تبادل الأدوار بين المتسلط والآخر الضعيف، فالمتسلط يظن أنه استمد قدرته من الأعالي، فهو يظن أنه
المتصل مع الله بالدعاء، وأنه شديد التمكِّن، قد استطاع قهر ذاك المنهك الذي نام على الرصيف ولأنه منهكٌ فهو يطلب الدعاء بانكسار المهزومين، هذا المنهك هو شعوبٌ باكملها، أضاعت طريق خلاصها، قد أقنعها أحد أن انتصارها بيد قاهرها ذاك المصعر خده ، الجاهل، الذي يجهل الواقع ، أو يتجاهله ، فيسال بمكرٍ شديدٍ :
"وكيف هو الرصيف"
ويتأكد مكرهًا اذا أعاد السؤال مضربًا عن الصيغة السابقة فيقول
"بل كيف هو شكله"
إرتباكٌ واضحٌ في صيغة السؤال تؤكد على الباطل الذي يخفيه صاحب السؤال:
لان (بل ) حرف إضرابٍ وعطفٍ يأتي به السائل هنا بغباءٍ، ليظهر نواياه، وذلك عندما جاء بالضمير ( هو) بعد الاستفهام بكيف فانكشف كذب السائل واتضحت نواياه

يتولَّى الظل الجواب؛ لأن صاحب الظل لايملك الجرأة الكافية؛ لأن يجيب فهو يخشى أمورًا كثيرةً أدناها شديدة مرارته...
الإجابات في كل مرة تعري الذي صار رجفة الظل فالظل جريءٌ شجاعٌ، يضع الأمور كل أمرٍ في نصابه يستخدم صورًا بيانيةً شديدة التألق، فالحافلة فارهة لكن وللحسرة سائقها نائمٌ والحديقة مكتظةٌ بالورود، وحارسها لسوء الحظ سارقها
والآن اذا اكتمل القهر في النفس وبلغ الانكسار منتهاه؛ سيجيب الذي على الرصيف دون سؤالٍ فيضيف قائلاً:
قد يكون الرصيف شاطئًا حزينًا سفنه التي غادرته، تضحي كل سفينة بقبطانها الذي آثر نهاية يعرفها غير عادلة فيهلك من خلفه يهلك البحر الواسع الجميل
يستدرك النائم على الرصيف فيقول:
يهلك الظل وليس البحر
تبًا أقصد الرصيف
هذا الاستدراك الذي انتهت به هذه النثيرة إشارةٌ شديدة الذكاء إلى خوف المحكوم من حكامه...

لن ينقضي إعجابك بهذا النص المتوازن في فكرته، الجزلة معانيه والتي تمَّ إيصالها إليك بالرمز تارةً وبالصور البيانيَّة تارةً أخرى، وهذان أمران واضحان جدًا، لا يحتاج كل منهما إلى شرحٍ، فقد أقامت الفاضلة الشاعرة أسوارًا من المشاعر والأحاسيس تحاول توضيح فكرتها، وقد نجحت بما تملك من موهبةٍ فذَّةٍ صاحبها خيال قوي ومشاعر صدقت.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى