قال الله تعالى في سورة البقرة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (البقرة \62)
وقال تعالى في سورة المائدة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (المائدة \69)
وقال في سورة الحج: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (الحج\17)
ومن الواضح ان معنى الايتين الاوليتين متقارب بل متطابق على وجه وهو يختلف عن معنى الاية الاخيرة. فهما يتحدثان عن الاجر والثواب بينما الاخيرة تتحدث عن الفصل لذلك كان شرط الايمان والعمل الصالح واجبا في الايتين الاوليتين والاجر، بينما هو ليس شرطا في الاخيرة والفصل.
اذن الايمان والعمل الصالح هو الشرط للاجر، لكن نلاحظ ان بين الايتين اختلافات:
الاول: تقديم النصارى على الصائبين في احدهما.
الثاني: رفع الصائين بالواو ونصبها بالياء في الاخرى.
الثالث: اضافة عبارة (فلهم اجرهم).
والاختلاف الثالث ليس مؤثرا لانه مشروح وانما هنا صرح به. وانما التأثير هو في التقديم والتأخير. فنلاحظ:
انه عندما اخرت كلمة الصابئين عن النصارى نصبت وعندما قدمت رفعت. ومن الواضح ان النصب هو الموافق للسياق النحوي، فعلم ان الرفع هو لغرض بين الاعتراض والتقديم ما حقه التاخير وارتباط الوصف التالي به.
ومعنى هذا الكلام ان عبارة (من آمن وعمل صالحا) هو شرح وقيد للصابئن فقط وليس لجميع العناوين، ففي الاتصال يتوافق نحو الصابئين مع السياق، لكن في التقديم يختلف اعرابها لبيان انها مقدمة وان الوصف مرتبط بها وجاء بيانا وتقييدا لها.
وهنا نقطتان:
الاولى: ماذا يعني ان (الايمان والعمل الصالح) قيد للصابئين وليس لغيرهم من المذكورين مع انه مطلوب من الجميع؟ ان هذا يعني ان الاصل في المذكورين (المؤمنين (اي بمحمد اي المسلمين) واليهود والنصارى) الاصل فيهم هو الايمان والعمل الصالح، بينما الصابئون لاجل الرأي والابتداع الذي وقع فيهم وعدم تمسكهم بكتاب واضح فان الاجر لمن آمن وعمل صالحا وهو ليس اصلا فيهم.
فالغرض هو خبر بمعنى الامر بان الكتابي (المسلم واليهودي والنصراني) الاصل فيه الايمان والعمل الصالح فيعامل به لم يظهر منه خلافه، اما الصابئ فليس هذا هو الاصل بل الاصل الجهالة فلا بد من العلم بانه ممن آمن وعمل صالحا. وهذا يشير الى اتباع العمل للعقيدة وان من سلمت عقيدته حسن الظن بعمله.
الثانية: ان تقديم الصابئين لحكمة ليس هناك قطع بها وظاهرها بيان ان القيد (الايمان والعمل الصالح) هو للصابئين من جهة عدم الاصل، وانه اصل في الكتابيين فلا حاجة لطلبه منهم. وقيل انها قدمت لاجل التقدم الزمني وهو ضعيف لان المؤمنون بمحمد صلى الله عليه واله قدموا على اليهود في الاية. كما ان هناك دعوة ان الصابئة اقدم من اليهود وهم اقدم من المسلمين (الذين امنوا) قطعا فكان اولى ان توضع في اول الآية. فهذا الوجه غير واضح، والظاهر الواضح انها قدمت في احدى الآيتين لكي يبين ان قيد (من امن وعمل صالحا) هو للصابئين خاصة.
وهذا لا يعني انهم فقط هم المأمورون بالايمان والعمل الصالح، بل يعني ان الاصل في الكتابيين الثلاثة هو الايمان والعمل الصالح، ولا ينفى عنهم الا بالعلم بخلافه. فالاصل في المسلم واليهودي والنصراني انه مؤمن صالح حتى يعلم الخلاف منه علما لا شك فيه.
فيكون المعنى:
قال الله تعالى في سورة البقرة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (البقرة \62)
والمعنى (("إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى، وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا (منهم اي الصابئين)، لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "))
وقال تعالى في سورة المائدة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (المائدة \69)
والمعنى (( "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى، لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالصَّابِئُونَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا (منهم اي الصابئين فهم كذلك) )).
والفاء في الموضعين هي للصابئين لانها شرط علمي فهي صاحبت القيد، بمعنى انه مطلوب ولا بد ان يحرز منهم بالعلم اذ لا اصل هنا، لكنها (اي الفاء) غلبت على الجميع (اي الثلاثة الباقين) في السياق لان الشرط مطلوب منهم لكنه محرز بالاصل. فالايمان والعمل الصالح مطلوب من الجميع الا انه محرز بالاصل في الثلاثة فيحكم به، وغير محرز بالاصل في الصابئين فلا بد من العلم به.
وثمرة هذا البيان امران: الاول بيان رحمة الله تعالى الواسعة ورأفته بعباده المؤمنين المتمسكين بكتبه اذ جعل الايمان والصلاح اصلا فيهم، والثاني هو خبر بمعنى الامر بالتعامل مع الكتابيين من مسلمين ويهود ونصارى بحسن الظن واصل الايمان والصلاح حتى يعلم الخلاف. كما ان هذا يصدق القول بان دين الصابئين تجميع من كتب وليس بكتاب واحد، كما انه يصدق ما بيناه في محله ان صاحب الكتاب يجوز له العمل بالكتب السماوية الاخرى عند عدم النص على المسألة في كتابه مع وجوب تقديم الكتاب الذي يعتمده.
وقال تعالى في سورة المائدة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (المائدة \69)
وقال في سورة الحج: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (الحج\17)
ومن الواضح ان معنى الايتين الاوليتين متقارب بل متطابق على وجه وهو يختلف عن معنى الاية الاخيرة. فهما يتحدثان عن الاجر والثواب بينما الاخيرة تتحدث عن الفصل لذلك كان شرط الايمان والعمل الصالح واجبا في الايتين الاوليتين والاجر، بينما هو ليس شرطا في الاخيرة والفصل.
اذن الايمان والعمل الصالح هو الشرط للاجر، لكن نلاحظ ان بين الايتين اختلافات:
الاول: تقديم النصارى على الصائبين في احدهما.
الثاني: رفع الصائين بالواو ونصبها بالياء في الاخرى.
الثالث: اضافة عبارة (فلهم اجرهم).
والاختلاف الثالث ليس مؤثرا لانه مشروح وانما هنا صرح به. وانما التأثير هو في التقديم والتأخير. فنلاحظ:
انه عندما اخرت كلمة الصابئين عن النصارى نصبت وعندما قدمت رفعت. ومن الواضح ان النصب هو الموافق للسياق النحوي، فعلم ان الرفع هو لغرض بين الاعتراض والتقديم ما حقه التاخير وارتباط الوصف التالي به.
ومعنى هذا الكلام ان عبارة (من آمن وعمل صالحا) هو شرح وقيد للصابئن فقط وليس لجميع العناوين، ففي الاتصال يتوافق نحو الصابئين مع السياق، لكن في التقديم يختلف اعرابها لبيان انها مقدمة وان الوصف مرتبط بها وجاء بيانا وتقييدا لها.
وهنا نقطتان:
الاولى: ماذا يعني ان (الايمان والعمل الصالح) قيد للصابئين وليس لغيرهم من المذكورين مع انه مطلوب من الجميع؟ ان هذا يعني ان الاصل في المذكورين (المؤمنين (اي بمحمد اي المسلمين) واليهود والنصارى) الاصل فيهم هو الايمان والعمل الصالح، بينما الصابئون لاجل الرأي والابتداع الذي وقع فيهم وعدم تمسكهم بكتاب واضح فان الاجر لمن آمن وعمل صالحا وهو ليس اصلا فيهم.
فالغرض هو خبر بمعنى الامر بان الكتابي (المسلم واليهودي والنصراني) الاصل فيه الايمان والعمل الصالح فيعامل به لم يظهر منه خلافه، اما الصابئ فليس هذا هو الاصل بل الاصل الجهالة فلا بد من العلم بانه ممن آمن وعمل صالحا. وهذا يشير الى اتباع العمل للعقيدة وان من سلمت عقيدته حسن الظن بعمله.
الثانية: ان تقديم الصابئين لحكمة ليس هناك قطع بها وظاهرها بيان ان القيد (الايمان والعمل الصالح) هو للصابئين من جهة عدم الاصل، وانه اصل في الكتابيين فلا حاجة لطلبه منهم. وقيل انها قدمت لاجل التقدم الزمني وهو ضعيف لان المؤمنون بمحمد صلى الله عليه واله قدموا على اليهود في الاية. كما ان هناك دعوة ان الصابئة اقدم من اليهود وهم اقدم من المسلمين (الذين امنوا) قطعا فكان اولى ان توضع في اول الآية. فهذا الوجه غير واضح، والظاهر الواضح انها قدمت في احدى الآيتين لكي يبين ان قيد (من امن وعمل صالحا) هو للصابئين خاصة.
وهذا لا يعني انهم فقط هم المأمورون بالايمان والعمل الصالح، بل يعني ان الاصل في الكتابيين الثلاثة هو الايمان والعمل الصالح، ولا ينفى عنهم الا بالعلم بخلافه. فالاصل في المسلم واليهودي والنصراني انه مؤمن صالح حتى يعلم الخلاف منه علما لا شك فيه.
فيكون المعنى:
قال الله تعالى في سورة البقرة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (البقرة \62)
والمعنى (("إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى، وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا (منهم اي الصابئين)، لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "))
وقال تعالى في سورة المائدة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (المائدة \69)
والمعنى (( "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى، لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالصَّابِئُونَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا (منهم اي الصابئين فهم كذلك) )).
والفاء في الموضعين هي للصابئين لانها شرط علمي فهي صاحبت القيد، بمعنى انه مطلوب ولا بد ان يحرز منهم بالعلم اذ لا اصل هنا، لكنها (اي الفاء) غلبت على الجميع (اي الثلاثة الباقين) في السياق لان الشرط مطلوب منهم لكنه محرز بالاصل. فالايمان والعمل الصالح مطلوب من الجميع الا انه محرز بالاصل في الثلاثة فيحكم به، وغير محرز بالاصل في الصابئين فلا بد من العلم به.
وثمرة هذا البيان امران: الاول بيان رحمة الله تعالى الواسعة ورأفته بعباده المؤمنين المتمسكين بكتبه اذ جعل الايمان والصلاح اصلا فيهم، والثاني هو خبر بمعنى الامر بالتعامل مع الكتابيين من مسلمين ويهود ونصارى بحسن الظن واصل الايمان والصلاح حتى يعلم الخلاف. كما ان هذا يصدق القول بان دين الصابئين تجميع من كتب وليس بكتاب واحد، كما انه يصدق ما بيناه في محله ان صاحب الكتاب يجوز له العمل بالكتب السماوية الاخرى عند عدم النص على المسألة في كتابه مع وجوب تقديم الكتاب الذي يعتمده.