كاظم حسن سعيد - نظرة للامام... مذكرات ج21 ذاكرة المشنقة

مذكرات ج21
ذاكرة المشنقة

لم يكن الموت يقلقني يوما.. هذا لا يعني انني لم اتحاشاه لكنه لم يشكل قلقا فكريا وروحيا لي. وسبب اهتمامي بالمشنقة يعود لتنبئي باني ساموت شنقا.
كانت اول رؤيتي للمشنقة سنة 1974 حين كنت ازور مع صديقنا الذي قضى غرقا الشاعر حيدر الكعبي في سجن البصرة..هناك رأيت غرفة الاعدام كانت جوا مغبرا كئيبا منصة خشبية وحبل يتدلى فانقبضت روحي فكتبت
( الفتى اذ رأى
من الثقب مشنقة وغبار
قال ليست سوى لحظة. .
وامسك بالبندقية).
بعدها بسنتين قرأت عن دستوفسكي الذي حكم عليه بالاعدام 1849 وهو يصف لحظات الاعدام بروايته ( الابله).
( يا الهي ما اشد رغبتي بالحياة.. تذكرت الماضي الذي هدرته واسات استخدامه فرغبت في الحياة من جديد لتحقيق الكثير مما كنت انوي تحقيقه لاعيش عمرا طويلا.).
وكان قد نظم وقته تنظيما دقيقا ساعة اعدامه فكان اخر عمل هو ان ينظر بعيون المنفذ.
قصيدة البريكان (الرقم 96) ليست وصفا لمحكوم بالاعدام بل مفخرة في الشعر العربي.. (الرجل السادس والتسعون.. لا اسم لي.. الآن اناالسادس والتسعون...).
اول مشنوقين شاهدتهم في مراهقتي سنة 1969 حين علقت جثث متهمين بالتجسس جلهم من اليهود في ساحة ام البروم وقد علق لوح على بدلة كل منهم تشير للمهنة واسمه وديانته في تجمع جماهيري صاخب.
ثم اغلقت الكنيست حتى الان في البصرة.. نمر عليا ولا نجرؤ للاقتراب منها.
في لقاء متلفز بث من قريب تحدث حسين من مصر الملقب بالعشماوي عن تفاصيل تنفيذ الاعدام وهو رجل نفذ 1070 عملية شنق.
يقول نضع على الحبل مادة زلقة في الجزء الذي يدخل الرقبة.. وان الموت شنقا هو اسرع موت اطلاقا.. لكن المشكلة ان المحكوم لو علم فقد يدمر نفسه او يقتل الحراس لذا تتم عملية الاعدام فجر ا فالمحكوم لا ينام ليلا وغالبا في السابعة صبحا يتسلل اليه حراس ويباغتونه فينامون عليه ويضعون يديه بالاغلال عندها.. خلاص.. لهذا ماتت امراة قبل التنفيذ وشل البعض وظهر كثيرون كمن يحلمون.
ما حدث في العراق يختلف فيذكر الكاتب احسان السامرائي انه نام ليلة اعدامه في معبد البهائيين خلافا لتصريح عشماوي الذي ذكر ان المحكوم لا ينام ليلا..
وفي غرف الاعدام التي دخلتها كانوا غروبا يقتربون من قضبان الباب رافعين رؤوسهم للسماء وهم يدعون الله ان ينقذقهم بدعاء ساخن.
وحين يستدعونهم ينقادون بكل بساطة.
وكنا نرى في الرضوانية عمليات اعدام وهمية للترهيب. فيعلق المتهم على شجرة ويشهر مسدس بوجهه.
يقول عشماوي ( رجل في الثمانين طلب ماء لا يحتاجه ليؤجل الموت دقيقة...واخر يطلب يصلي).
ورغم معارضتي للرجل اعترف بان صدام حسين وهو يتقدم لحبل المشنقة سجل اعلى درجات الجرأة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى