بعد ايام على لقاء باريس التفاوضي التمهيدي في بداية شباط الماضي بين رئيس شعبة المخابرات الامريكية (CIA ومدير المخابرات المصرية ووزير الخارجية القطرية ورئيسي الموساد والشابك في دولة الاحتلال،التقى وفد حركة حماس بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في بيروت حيث دار النقاش حول موضوع التفاوض الغير مباشر بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية بوساطة قطرية مصرية لإيقاف الحرب وإجراء التبادل،عندها نصح الامين العام لحزب الله قيادة المقاومة الفلسطينية بالتمسك بالأسرى الاسرائيليين،وعدم التفريط بهم إلا بعد تحقيق كل المطالب،لأنهم الورقة الوحيدة الضاغطة والضامنة بيدهم،وان لا يركنوا كثيرا للضمانات مهما كانت ومن أيٍّ كانت،وان يقدموا كل الطلبات ويحصلوا على موافقة عليها قبل التفريط بهذه الورقة،وفعلا وخلال جولات التفاوض السبعة التي تلت لقاء باريس او ما يسمى بإطار باريس التفاوضي،حرصت المقاومة الفلسطينية على تقديم كل مطالبها الضرورية قبل التبادل او قبل الافراج عن أي اسير اسرائيلي مدنيا كان او عسكريا،وهذه المطالب الخمسة هي :- وقف اطلاق النار وقفا تاما،والانسحاب الكامل من قطاع غزة لحدود قبل السابع من اكتوبر وإعادة النازحين لبيوتهم عودة كاملة وبدون أي شروط أو معوقات،واطلاق عملية اعمار قطاع غزة وادخال المساعدات كبيرة وعاجلة،وتنفيذ عملية تبادل أسرى جدية.
هذه المطالب الخمسة او الاربعة بالتحديد،تتقدم على المطلب الاخير لعدة أسباب:-
• اولا :- يشكل ملف الاسرى الاسرائيليين الصداع المتواصل والمتعاظم للشارع الاسرائيلي،و حكومة الحرب وعلى رأسها نتنياهو،وحتى داخل مجلسه الحربي(غانتس وايزنكوت) بالإضافة للأجهزة الامنية والعسكرية وحتى وزير حربه غالانت يضاف اليهم المعارضة وذوي الاسرى والمحتجزين والجمهور المتعاطف معهم،بالمقابل هذا الهدف هو الثاني في قائمة اهداف الحرب التي رفعها نتنياهو وحكومته وهو استعادة الاسرى والمحتجزين التي لم تحقق لغاية الان بعد سبعة اشهر من القتال والتوغل والبحث لم ينجح في العثور على أقل من 1% منهم بحملاته العسكرية،بل ذهب به الامر لقتل العشرات منهم نظرا لقصفه الوحشي والعشوائي واستخدامه للنار الهوجاء في حرب الابادة التي ينفذها بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة،وعلى امتداد اكثر من 210 ايام متواصلة دون نتيجة.
• ثانيا :- وحشية حكومة الحرب الاسرائيلية وتماديها الغير مسبوق في تحدى النظم والمبادئ والأعراف الدولية في تجاهل وسائل الصراع ومحرمات الحروب بنتيجة ما جرى ويجري في القطاع،جعل من شبح الغدر المعتاد وعلى مر تاريخ الصراع حاضرا بقوة في ذهن المفاوض الفلسطيني،وأن الثقة بوعوده وحتى ضمانات الوسطاء له نوع من الخيال،لذلك المقاومة التي تطلب بوضوح تحقيق الاهداف الخمسة المذكورة لا تكتفي بوجود ضمان او ضامنين،بل تريد ان تضاف تركيا للضامنين لأي اتفاق الى جانب قطر ومصر والولايات المتحدة،كما انها طالبت كثيرا لتكون روسيا كقطب عالمي دولي صاعد ايضا ضمن قائمة الضامنين.
• ثالثا:- تدرك المقاومة أن مطالبها يجب ان تنجز معا وفي سلة مترابطة ومتداخلة ومتشابكة كرزمة واحدة،ولا يجب أن تتجزأ،وهنا تكون اقرب لإظهار الانتصار في هذه المعركة،ولو رضيت تحت الضغط بالتجزأة لما حصلت على ما تريد ولن تحصل،بل سيكون مؤشر الهزيمة اقرب لها من مؤشر النصر،وستتيح التجزأة وجود مفاصل تمارس اسرائيل من خلالها الغدر والتراجع والتنكر.
• رابعا :- الثبات الواضح على المطالب،وعدم التنازل عن شيء منها الا فيما خلى اعداد الاسرى،موقف لم يتزحزح منذ بداية التفاوض حتى نهاية الجولات السبعة،حتى ان الجانب الاسرائيلي هو من اجبر على تلين مواقفه في كلِّ البنود المطروحة،ففي الاسرى طالب ان يكون معدل التبادل بينه وبين المقاومة في البداية 3 اسرى لكل محتجز او اسير اسرائيلي مدني اقتداء فيما جرى من تبادل تشرين الثاني الفائت،ثم رفع السقف لخمسة،الان وصل الى 20 في حال كان المفرج عنهم مدنيون،وأربعون مقابل كل مجندة سيفرج عنها،منهم عدد من اسرى المؤبدات والاحكام العالية،ويمكن القول ان اسرائيل لم تعد تعارض الافراج عن اسرى من النوع الثقيل،لكنها الان انحسر اعتراضها في مكان الافراج عن بعضهم،الامر الذي تصر عليه المقاومة التي لينت موقفها في هذا الجانب،فطلبت بداية نزع حرية الف وخمسماية اسير مقابل اربعين اسير ومحتجز اسرائيلي،الان التفاوض على نحو تسعماية او الف مقابل ثلاثة وثلاثين اسير اسرائيلي،تمهيدا لتغيير هذه المعادلة في الاسرى الضباط والجنود في المرحلة الثانية والثالثة من فترة الهدنة المتوقعة،اما في جانب الانسحاب فلم يعد الامر مرفوضا اسرائيليا،لكن الخلاف الان على عمق الانسحاب بين الشريط الجديد على اطراف القطاع او خارج حدود القطاع،وحول عودة النازحين كسرت اللاءات الاسرائيلية،بقي الامر حول وقف اطلاق النار،وان لم يأتي في المرحلة الاولى من الهدنة،يجب ان يكون في المرحلة الثانية ويثبت نهائيا في المرحلة الثالثة مع الانتهاء من عملية التبادل،لكن نتنياهو الذي يقاوم حجم الضغوط الداخلية الهائلة عليه،لا زال يناور في مسالة انهاء الحرب،وهي تقترب منه ومن مستقبله وتضعه اما امرين لا ثالث لهما اما ان يوافق ويخسر حلفاءه من الثنائي سموترش وابن غفير (اثني عشر مقعدا في الكنيست )،ويحصل على شبكة أمان مؤقتة من رئيس المعارضة يائير لابيد (سبعة عشر عضو كنيست)،وأما ان يرفض ويتوجه لمغامرة رفح التي ستطل به لجرف الهاوية دون تحقيق اهدافه الثلاث التي لازال يرفعها وهي القضاء على المقاومة واستعادة الاسرى والمحتجزين والثالثه اليوم التالي بعد وقف الحرب،الذي تفيد كل التنبؤات في اسرائيل وخارجها أنها ستكون في المحكمة التي سيمثل امامها نتنياهو في القدس وتل ابيت وليس الانتصار "المطلق" الذي يدعيه في غزة او رفـــح.
الخلاصة أن المقاومة الفلسطينية فهمت الادارك الحقيقي لقيمة الاسرى الاسرائيليين او المحتجزين بيدها،والتي اكد لهم السيد حسن نصرالله قيمتهم في معادلة الحرب والتفاوض،وبصبرهم وصمودهم ومقاومتهم الى جانب شعبهم في القطاع يضاف الى ما برز على الساحة الدولية من تضامن واسع وسخط عظيم على ما تقوم به اسرائيل،كلُّ ذلك وظف بذكاء وحنكة في عملية التفاوض ليؤتي ثماره التي وضعت في طنجرة التفاوض والتي طال وقت النار الساخنة من تحتها،و اقتربت حسب ما يتسرب من انباء من النضوج وقطف الثمار.
هذه المطالب الخمسة او الاربعة بالتحديد،تتقدم على المطلب الاخير لعدة أسباب:-
• اولا :- يشكل ملف الاسرى الاسرائيليين الصداع المتواصل والمتعاظم للشارع الاسرائيلي،و حكومة الحرب وعلى رأسها نتنياهو،وحتى داخل مجلسه الحربي(غانتس وايزنكوت) بالإضافة للأجهزة الامنية والعسكرية وحتى وزير حربه غالانت يضاف اليهم المعارضة وذوي الاسرى والمحتجزين والجمهور المتعاطف معهم،بالمقابل هذا الهدف هو الثاني في قائمة اهداف الحرب التي رفعها نتنياهو وحكومته وهو استعادة الاسرى والمحتجزين التي لم تحقق لغاية الان بعد سبعة اشهر من القتال والتوغل والبحث لم ينجح في العثور على أقل من 1% منهم بحملاته العسكرية،بل ذهب به الامر لقتل العشرات منهم نظرا لقصفه الوحشي والعشوائي واستخدامه للنار الهوجاء في حرب الابادة التي ينفذها بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة،وعلى امتداد اكثر من 210 ايام متواصلة دون نتيجة.
• ثانيا :- وحشية حكومة الحرب الاسرائيلية وتماديها الغير مسبوق في تحدى النظم والمبادئ والأعراف الدولية في تجاهل وسائل الصراع ومحرمات الحروب بنتيجة ما جرى ويجري في القطاع،جعل من شبح الغدر المعتاد وعلى مر تاريخ الصراع حاضرا بقوة في ذهن المفاوض الفلسطيني،وأن الثقة بوعوده وحتى ضمانات الوسطاء له نوع من الخيال،لذلك المقاومة التي تطلب بوضوح تحقيق الاهداف الخمسة المذكورة لا تكتفي بوجود ضمان او ضامنين،بل تريد ان تضاف تركيا للضامنين لأي اتفاق الى جانب قطر ومصر والولايات المتحدة،كما انها طالبت كثيرا لتكون روسيا كقطب عالمي دولي صاعد ايضا ضمن قائمة الضامنين.
• ثالثا:- تدرك المقاومة أن مطالبها يجب ان تنجز معا وفي سلة مترابطة ومتداخلة ومتشابكة كرزمة واحدة،ولا يجب أن تتجزأ،وهنا تكون اقرب لإظهار الانتصار في هذه المعركة،ولو رضيت تحت الضغط بالتجزأة لما حصلت على ما تريد ولن تحصل،بل سيكون مؤشر الهزيمة اقرب لها من مؤشر النصر،وستتيح التجزأة وجود مفاصل تمارس اسرائيل من خلالها الغدر والتراجع والتنكر.
• رابعا :- الثبات الواضح على المطالب،وعدم التنازل عن شيء منها الا فيما خلى اعداد الاسرى،موقف لم يتزحزح منذ بداية التفاوض حتى نهاية الجولات السبعة،حتى ان الجانب الاسرائيلي هو من اجبر على تلين مواقفه في كلِّ البنود المطروحة،ففي الاسرى طالب ان يكون معدل التبادل بينه وبين المقاومة في البداية 3 اسرى لكل محتجز او اسير اسرائيلي مدني اقتداء فيما جرى من تبادل تشرين الثاني الفائت،ثم رفع السقف لخمسة،الان وصل الى 20 في حال كان المفرج عنهم مدنيون،وأربعون مقابل كل مجندة سيفرج عنها،منهم عدد من اسرى المؤبدات والاحكام العالية،ويمكن القول ان اسرائيل لم تعد تعارض الافراج عن اسرى من النوع الثقيل،لكنها الان انحسر اعتراضها في مكان الافراج عن بعضهم،الامر الذي تصر عليه المقاومة التي لينت موقفها في هذا الجانب،فطلبت بداية نزع حرية الف وخمسماية اسير مقابل اربعين اسير ومحتجز اسرائيلي،الان التفاوض على نحو تسعماية او الف مقابل ثلاثة وثلاثين اسير اسرائيلي،تمهيدا لتغيير هذه المعادلة في الاسرى الضباط والجنود في المرحلة الثانية والثالثة من فترة الهدنة المتوقعة،اما في جانب الانسحاب فلم يعد الامر مرفوضا اسرائيليا،لكن الخلاف الان على عمق الانسحاب بين الشريط الجديد على اطراف القطاع او خارج حدود القطاع،وحول عودة النازحين كسرت اللاءات الاسرائيلية،بقي الامر حول وقف اطلاق النار،وان لم يأتي في المرحلة الاولى من الهدنة،يجب ان يكون في المرحلة الثانية ويثبت نهائيا في المرحلة الثالثة مع الانتهاء من عملية التبادل،لكن نتنياهو الذي يقاوم حجم الضغوط الداخلية الهائلة عليه،لا زال يناور في مسالة انهاء الحرب،وهي تقترب منه ومن مستقبله وتضعه اما امرين لا ثالث لهما اما ان يوافق ويخسر حلفاءه من الثنائي سموترش وابن غفير (اثني عشر مقعدا في الكنيست )،ويحصل على شبكة أمان مؤقتة من رئيس المعارضة يائير لابيد (سبعة عشر عضو كنيست)،وأما ان يرفض ويتوجه لمغامرة رفح التي ستطل به لجرف الهاوية دون تحقيق اهدافه الثلاث التي لازال يرفعها وهي القضاء على المقاومة واستعادة الاسرى والمحتجزين والثالثه اليوم التالي بعد وقف الحرب،الذي تفيد كل التنبؤات في اسرائيل وخارجها أنها ستكون في المحكمة التي سيمثل امامها نتنياهو في القدس وتل ابيت وليس الانتصار "المطلق" الذي يدعيه في غزة او رفـــح.
الخلاصة أن المقاومة الفلسطينية فهمت الادارك الحقيقي لقيمة الاسرى الاسرائيليين او المحتجزين بيدها،والتي اكد لهم السيد حسن نصرالله قيمتهم في معادلة الحرب والتفاوض،وبصبرهم وصمودهم ومقاومتهم الى جانب شعبهم في القطاع يضاف الى ما برز على الساحة الدولية من تضامن واسع وسخط عظيم على ما تقوم به اسرائيل،كلُّ ذلك وظف بذكاء وحنكة في عملية التفاوض ليؤتي ثماره التي وضعت في طنجرة التفاوض والتي طال وقت النار الساخنة من تحتها،و اقتربت حسب ما يتسرب من انباء من النضوج وقطف الثمار.