د. نور الدين السد - اللغة والتأويل

إذا كانت وظيفة اللغة؛ هي التعبير الرمزي عن الواقع، وهي وظيفة من بين وظائف أخرى، فإن التأويل باعتباره نشاطا فكريا له وظيفة البحث عما وراء التعبير الرمزي عن الواقع، وهي وظيفة من الوظائف بالنسبة للتأويل، وإذا كان ذلك كذلك، أفيكون التأويل بهذا المعنى هو البحث عن المقاصد أم إنتاج المعاني انطلاقا مما توحي به اللغة الرامزة، ويكون التأويل في هذا السياق إنتاج لغة من لغة، وإنشاء لغة على لغة، ويكون التأويل بهذا المعنى أيضاً تعبيرا رمزيا عن الواقع، لأن نتاجه لغة وليس شيئا آخر، فتتأكد بذلك المقولة التي أشرت إليها في ثمانينات القرن الماضي، والتي عبرت عنها ب"مفارقة الخطاب للمرجع"، ونشرت مقالا حولها في مجلة سيميائيات التي صدرت في جامعة عنابة، ونشرت دراسة أخرى بالعنوان نفسة في كتاب مشترك صدر عن جامعة فيلادلفيا المملكة الأردنية الهاشمية، وهذه القناعة لاتزال تترسخ كلما تدبرت شأن اللغة (دوال ومداليل ومراجع)، وكلما زاد الوعي باللغة باعتبارها وسيلة، وليست غاية في ذاتها؛ كلما كان هذا الإدراك كاشفا لحقائق تتجاوز محدوديته إلى مسائل وجودية كبرى من شأنها فتح أفق الفكر على أسئلة لا حد لها.

(من كتاب الأسلوبية التأويلية بتصرف)..



د/نورالدين السد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى