1- الاعتقال
الاشجار الخضراء في الشارع كفت عن الغناء لحظة تحلق عدد من رجال الشرطة المتجهمي الوجوه حول رجل يمشي على الرصيف سيفا هرما، رمحا متعبا، آن له أن يخلد الى الراحة بعد انتصاره في آلاف المعارك، وابتدره واحد منهم قائلا له بلهجة فظة: »أعطنا هويتك«.
فتقبل الرجل لهجة الشرطي باستنكار، وأوشك أن يستسلم لحنق عارم، لكنه اكتفى بالابتسام باستعلاء ومد يده الى جيبه، وأخرج هويته، وقدمها للشرطي الذي ألقى عليها نظرة سريعة ثم قال متسائلا: »أنت اذن طارق بن زياد؟«.
فأجاب الرجل باعتزاز: »نعم أنا طارق بن زياد«.
عندئذ قال الشرطي ساخراً: »هلا تفضلت بمرافقتنا؟«
»- الى أين؟«.
»- الى المخفر«.
»- المخفر؟ ولماذا؟«.
»- مطلوب للتحقيق«.
»- أنا؟ أنا طارق بن زياد؟!«.
» - لا يهمنا من تكون. أنت الآن شخص تقضي الاوامر باعتقالك حياً أو ميتاً«.
فقطب طارق بن زياد جبينه بينما كان الدم المتدفق في شرايينه رعداً شرساً، غير انه لم يكد يهم باستئناف سيره حتى طوقه رجال الشرطة وأمسكوا به، فحاول الافلات من أيديهم، فبادروا يضربونه بقسوة وتشف حتى أرغموه على الكف عن المقاومة، وتهاوى أرضا يغمره الخجل والدم.
2- الاستجواب
في اليوم الاول خلق الجوع
في اليوم الثاني خلقت الموسيقى
في اليوم الثالث خلقت الكتب والقطط
في اليوم الرابع خلقت السجائر
في اليوم الخامس خلقت المقاهي
في اليوم السادس خلق الغضب
في اليوم السابع خلقت العصافير وأعشاشها المخبأة في الاشجار
وفي اليوم الثامن خلق المحققون، فانحدروا تواً الى المدن، وبرفقتهم رجال الشرطة والسجون والقيود الحديدية.
»طارق بن زياد.. أنت متهم بتبديد أموال الدولة«.
»- مخطئون. أنا لم أبدد أية أموال«.
»ألست أنت الذي أحرق السفن؟«.
»- حرق السفن كان لابد منه لكسب النصر«.
»لا نريد سماع أعذار. أجب عن سؤالنا فقط هل أحرقت السفن أم لم تحرقها؟«
»- أنا أحرقت السفن..«.
»وأحرقتها دونما اذن؟! لماذا لا تجيب؟ هل حصلت على اذن من رؤسائك بحرق السفن؟«.
»- اذن؟! الحرب تختلف عن الكلام في المقاهي والشوارع«.
وتأمل طارق بن زياد بعينين مفعمتين بالازدراء والنقمة وجوه المحققين المحيطين به، ثم سألهم: بهدوء: »أين كنتم وقت الحرب؟«.
»كنا نؤدي واجبنا«.
»نحن أيضا حملنا السلاح«
فصاح طارق بن زياد بصوت نزق: »حملتم السلاح وجلستم وراء المكاتب تحتسون الشاي والقهوة وتتحدثون عن الوطن والنساء«.
فضحك المحققون ثم تعالت أصواتهم جوفاء صارمة باردة:
»أنت خائن«.
»حرق السفن كان ضربة لقوة الوطن«.
»من الذي استفاد من حرق السفن؟ لا أحد سوى العدو«.
»تكلم. السكوت لن ينفعك«.
»لدينا الوثائق التي تثبت خيانتك وتعاونك مع العدو«.
»الشعب يعرف كيف يعاقب الخونة«.
وهجم البحر والأعداء، وامتزجا بصرخة رجل:
»البحر وراءكم والعدو أمامكم«.
فصاح طارق بن زياد بصوت متهدج: »ولكني أنا الذي هزم الأعداء«.
فقيل له ان ما يقوله لا علاقة له بالتهمة الموجهة اليه.
3- مشروع خطبة
... ومن أجل ان يظل الوطن حراً وسعيداً، عشتم أيها المواطنون الشرفاء مئات السنين بلا خبز، عشتم بلا حرية، عشتم بلا كرامة، نسيتم الابتسامة، كرهتم الورد والقمر وأغاني الحب، فحمى الله اليوم وطننا الغالي من أخطار الخونة المتآمرين مع العدو.
4- الاعدام
هربت النجوم، فهاهم قد أتوا، وفتحوا باب الزنزانة ودلفوا الى داخلها جراداً جائعاً، ولم يدهشوا عندما ألفوا طارق بن زياد جثة هامدة، انما سارعوا ينقلونه الى ساحة المدينة، وهناك تلوا الحكم باعدامه شنقاً، ثم سألوه عن رغباته الاخيرة، فلم يفه بكلمة، فاعتبروا صمته دليلا على عدم وجود ما يرغب فيه. وبعدئذ تدلى مشنوقاً.
5- من مواطن مثالي
الى السيد مدير الشرطة:
خضوعا لأوامركم، أرجو السماح لي أن أموت.
الاشجار الخضراء في الشارع كفت عن الغناء لحظة تحلق عدد من رجال الشرطة المتجهمي الوجوه حول رجل يمشي على الرصيف سيفا هرما، رمحا متعبا، آن له أن يخلد الى الراحة بعد انتصاره في آلاف المعارك، وابتدره واحد منهم قائلا له بلهجة فظة: »أعطنا هويتك«.
فتقبل الرجل لهجة الشرطي باستنكار، وأوشك أن يستسلم لحنق عارم، لكنه اكتفى بالابتسام باستعلاء ومد يده الى جيبه، وأخرج هويته، وقدمها للشرطي الذي ألقى عليها نظرة سريعة ثم قال متسائلا: »أنت اذن طارق بن زياد؟«.
فأجاب الرجل باعتزاز: »نعم أنا طارق بن زياد«.
عندئذ قال الشرطي ساخراً: »هلا تفضلت بمرافقتنا؟«
»- الى أين؟«.
»- الى المخفر«.
»- المخفر؟ ولماذا؟«.
»- مطلوب للتحقيق«.
»- أنا؟ أنا طارق بن زياد؟!«.
» - لا يهمنا من تكون. أنت الآن شخص تقضي الاوامر باعتقالك حياً أو ميتاً«.
فقطب طارق بن زياد جبينه بينما كان الدم المتدفق في شرايينه رعداً شرساً، غير انه لم يكد يهم باستئناف سيره حتى طوقه رجال الشرطة وأمسكوا به، فحاول الافلات من أيديهم، فبادروا يضربونه بقسوة وتشف حتى أرغموه على الكف عن المقاومة، وتهاوى أرضا يغمره الخجل والدم.
2- الاستجواب
في اليوم الاول خلق الجوع
في اليوم الثاني خلقت الموسيقى
في اليوم الثالث خلقت الكتب والقطط
في اليوم الرابع خلقت السجائر
في اليوم الخامس خلقت المقاهي
في اليوم السادس خلق الغضب
في اليوم السابع خلقت العصافير وأعشاشها المخبأة في الاشجار
وفي اليوم الثامن خلق المحققون، فانحدروا تواً الى المدن، وبرفقتهم رجال الشرطة والسجون والقيود الحديدية.
»طارق بن زياد.. أنت متهم بتبديد أموال الدولة«.
»- مخطئون. أنا لم أبدد أية أموال«.
»ألست أنت الذي أحرق السفن؟«.
»- حرق السفن كان لابد منه لكسب النصر«.
»لا نريد سماع أعذار. أجب عن سؤالنا فقط هل أحرقت السفن أم لم تحرقها؟«
»- أنا أحرقت السفن..«.
»وأحرقتها دونما اذن؟! لماذا لا تجيب؟ هل حصلت على اذن من رؤسائك بحرق السفن؟«.
»- اذن؟! الحرب تختلف عن الكلام في المقاهي والشوارع«.
وتأمل طارق بن زياد بعينين مفعمتين بالازدراء والنقمة وجوه المحققين المحيطين به، ثم سألهم: بهدوء: »أين كنتم وقت الحرب؟«.
»كنا نؤدي واجبنا«.
»نحن أيضا حملنا السلاح«
فصاح طارق بن زياد بصوت نزق: »حملتم السلاح وجلستم وراء المكاتب تحتسون الشاي والقهوة وتتحدثون عن الوطن والنساء«.
فضحك المحققون ثم تعالت أصواتهم جوفاء صارمة باردة:
»أنت خائن«.
»حرق السفن كان ضربة لقوة الوطن«.
»من الذي استفاد من حرق السفن؟ لا أحد سوى العدو«.
»تكلم. السكوت لن ينفعك«.
»لدينا الوثائق التي تثبت خيانتك وتعاونك مع العدو«.
»الشعب يعرف كيف يعاقب الخونة«.
وهجم البحر والأعداء، وامتزجا بصرخة رجل:
»البحر وراءكم والعدو أمامكم«.
فصاح طارق بن زياد بصوت متهدج: »ولكني أنا الذي هزم الأعداء«.
فقيل له ان ما يقوله لا علاقة له بالتهمة الموجهة اليه.
3- مشروع خطبة
... ومن أجل ان يظل الوطن حراً وسعيداً، عشتم أيها المواطنون الشرفاء مئات السنين بلا خبز، عشتم بلا حرية، عشتم بلا كرامة، نسيتم الابتسامة، كرهتم الورد والقمر وأغاني الحب، فحمى الله اليوم وطننا الغالي من أخطار الخونة المتآمرين مع العدو.
4- الاعدام
هربت النجوم، فهاهم قد أتوا، وفتحوا باب الزنزانة ودلفوا الى داخلها جراداً جائعاً، ولم يدهشوا عندما ألفوا طارق بن زياد جثة هامدة، انما سارعوا ينقلونه الى ساحة المدينة، وهناك تلوا الحكم باعدامه شنقاً، ثم سألوه عن رغباته الاخيرة، فلم يفه بكلمة، فاعتبروا صمته دليلا على عدم وجود ما يرغب فيه. وبعدئذ تدلى مشنوقاً.
5- من مواطن مثالي
الى السيد مدير الشرطة:
خضوعا لأوامركم، أرجو السماح لي أن أموت.