قالت السيّدة “ف. م.” .. من منطقة دكاكين حميد عندما وقفت بين يدي اللّـــه:
“مولاي, أنا ولدت رغم أنفي كعادة الأطفال.
وقطعت القابلة صرتي بأسنانها، ووضعتني في قدر من الماء الساخن، وتركتني أنضج مثل سلحفاة مسلوخة الجلد معلنة لأهل البيت أن نجاسة البنت لا يغسلها سوى ماء الدموع.
ثم بكت أمي طوال الليل لأنها أنجبت بنتاً، وزارها والدي في الصباح وركلها على بطنها وقال إنه يتمنى لو ماتت قبل أن تلد تلك الفضيحة، وعندما سرى النبأ بين جيراننا، وسمعت ما يقال في دكاكين حميد عن إنجاب البنات، بدأت أشعر بالعار من نفسي قبل أن تمضي ساعتان على ميلادي، وكانت دارنا متسخة مثل جحر خنفساء.
وكانت الأرض تطفح بالمياه وبقع الدم، وحبل النفاس يتأرجح في النافذة عبر العتمة ورائحة البخور والعجائز. ولقد خيل لي-فيما كانت القابلة تلفني في خرق القماط الخشنة- أنني هبطت من سمواتك العظيمة في طبق من المسامير.
وكبرت رغم أنفي كعادة الأطفال.
وكانت والدتي تعدني لأداء مهمتي في منطقة دكاكين حميد، وقد علمتني كيف أغسل الصحون بالعوين وأغسل جوارب إخوتي والحصران القديمة وأمسح البلاط والمرحاض يوم الجمعة وأوقد النار بعود ثقاب واحد….وعندما بلغت الثامنة من عمري عهدوا إلي بإعداد قهوة الصباح.
وبدأت أصحو قبل معظم الطيور.
وأوقد النار بعود ثقاب واحد، وأمسح البلاط ريثما يغلي ماء القهوة، وأغسل خرق الطفل الذي ولدوه بعدي، ثم أجر قدمي المتعبتين إلى المدرسة
وأبحث طوال الطريق عن عذر مناسب أقوله لمعلم الحساب.
وكان ذلك المعلم لا يكف عن تقريعي، وكانت والدتي تدق عنقي كلما وجدتني أكتب واجب الحساب “.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
” كبرت رغم أنفي كعادة الأطفال.
وغطوا وجهي بقطعة قماش زرقاء وأعلموني أن النساء في ليبيا يخبئن وجوههن بالقماش الأزرق اتقاء لنار الحب. وقد أفزعني أن اكتشفت في اليوم التالي إن العالم بأسره صار أزرق اللون. الشمس والشوارع ووجوه المارة والتراب وولد جارنا الذي كان ينتظرني كل يوم عند مدخل الزقاق.
صار حبيبي أزرق اللون.
وقد رأيته يبتسم من وراء قطعة القماش وسمعته يقول لي إنني أصبحت عروسة زرقاء، وحلمت به طوال الليل. وفي الصباح رأيته يمد لي رسالة صغيرة،وكنت أنوي أن أشتمه كما تقضي التقاليد عندما خرج والدي من البيت فجأة ورأى ولد جارنا عند مدخل الزقاق.
ومنعوني من الخروج.
ضربني والدي حتى دق ضلوعي، وبكت والدتي طوال الأسبوع، وقالت إحدى جاراتنا إنني بنت داعرة مثل بقية بنات المدرسة. ثم منعوني من الخروج.
وبقيت في البيت رغم أنفي كعادة النساء.
كنت أمسح البلاط وأغسل الخروق وفناجين القهوة والجوارب، ثم بدأت أعد وجبات الطعام، ولم يعد ثمة ما تستطيع والدتي أن تفعله في بيتنا سوى أن تذهب إلى مكة المكرمة.
وقد ذهبت إلى هناك وماتت في طريق العودة بضربة شمس. وكانت والدتي لم ترَ الشمس إلا في مكة المكرمة”.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
” مولاي أنا تزوجت رغم أنفي كعادة النساء.
جاء نجار من الزقاق وطلب يدي في المربوعة، وقد سمعته يتحدث ورأيته عبر ثقب الباب وكرهته كما يكره المرء قملة. وعندما نام بجانبي ليلة الجمعة وأحرق عيني برائحة قدميه بكيت من الغضب حتى طلع
الصباح.
ثم مسحت دموعي وطفقت أمسح البلاط وأغسل الخرق والجوارب, والحصران وأعد وجبات الطعام خمس مرات في اليوم. وكان النجار يغرقني بالحب ويتسلق صدري كل ليلة مثل قملة.
وكنت أعرف أن الحب في دكاكين حميد مثل غسيل الحصران مجرد واجب من واجبات الزوجية “.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
” وذات يوم يا مولاي فسد العجين في بيتنا واضطررت أن أطل برأسي عبر الباب لكي أبحث عن طفل يحمل خبزنا إلى الفرن، وقد رآني جارنا الخراز ووشى بي عند زوجي فدقّ ضلوعي بعصا المكنسة، ودعاني امرأة عاهرة وربطني بحبل البئر طوال النهار. وعندما ذهبت إلى بيت والدي أعادني إليه في المساء وقال لي إن عصا النجار من الجنة.
وعدت أمسح البلاط وأعد وجبات الأكل وأطارد الصراصير بفردة الحذاء وأغسل الخرق والصحون وأنجب الأطفال وأخيط الأزرار المفصومة وأترك النجار يعضني في عنقي عندما يعتريه الشبق خلال الليل”.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
“مولاي، أنا قضيت في دنياك خمسين عاماً من نسخة واحدة.
وعلت وجهي التجاعيد وانحنت ركبتاي في نهاية المطاف، وطفق شعري يتساقط من أثر الرطوبة. وذات يوم وجد زوجي شعرة في صحن العشاء، وضربني بحزامه الجلدي حتى أسال دمائي ثم ربطني في حبل البئر. وعندما ذهبت إلى الطبيب في الصباح ضمد جراحي ورثا لحالي وقال إنني مصابة بالروماتيزم والسل وقليل من السرطان.
ثم متّ رغم أنفي كعادة النساء.
واكترى زوجي فقياً قرأ عند رأسي (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ألف مرة مقابل عشرة
جنيهات ووضعوا جثتي في قدر من الماء الساخن”.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
“مولاي، أنا جئت إلى دكاكين حميد في قدر من الماء الساخن. وخرجت في القدر نفسه دون أن أحمل من دنياك سوى آثار الحزام الجلدي وعصا المكنسة.
مولاي، أنا لم أرَ من دنياك الزرقاء سوى البلاط وصراصير مرحاضنا وفردة الحذاء.
ولم أسمع شيئاً سوى شخير النجار ونهيق بغال العربات والإذاعة الليبية.
مولاي، أنا قضيت في دكاكين حميد خمسين عاماً من نسخة واحدة. ودفنوني بعد ذلك في المقبرة التي تقع على بعد مئة متر من بيتنا, فهل أرسلتني إلى الدنيا لكي أمشي فيها مائة متر داخل نعش؟
وضع الله يده على رأس السيدة [ ف. م ]
وأمطرت السماء بدموع امرأة.
___________________________________________
فـــرسان بــلا مـعركــة – 1 يونيو 1968
===================
ولد الصادق النيهوم في مدينة بنغازي عام 1937.
درس جميع مراحل التعليم بها إلى أن انتقل إلي الجامعة الليبية، وتحديدا بكلية الآداب والتربية - قسم اللغة العربية، وتخرج منها عام 1961 وكان ينشر المقالات في جريدة بنغازي بين عامي 1958-1959 ومن ثم عُين معيداً في كلية الآداب.
أعدَّ أطروحة الدكتوراه في «الأديان المقارنة» بإشراف الدكتورة بنت الشاطيء جامعة القاهرة، وانتقل بعدها إلى ألمانيا، وأتم أطروحته في جامعة ميونيخ بإشراف مجموعة من المستشرقين الألمان، ونال الدكتوراه بامتياز. تابع دراسته في جامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة عامين.
درَّس مادة الأديان المقارنة كأستاذ مساعد بقسم الدراسات الشرقية بجامعة هلنسكي بفنلندا من عام 1968 إلى 1972.
يجيد، إلى جانب اللغة العربية، الألمانية والفنلندية والإنجليزية والفرنسية والعبرية والآرامية المنقرضة
تزوج عام 1966 من زوجته الأولى الفنلندية ورُزق منها بولده كريم وابنته أمينة، وكان وقتها مستقراً في هلسنكي عاصمة فنلندا، انتقل إلى الإقامة في جنيف عام 1976 وتزوج للمرة الثانية من السيدة (أوديت حنا) الفلسطينية الأصل.
توفي في جنيف يوم 15 نوفمبر 1994 ودُفن بمسقط رأسه مدينة بنغازي يوم 20 نوفمبر 1994.
نشر سنة 1967 مجموعة دراسات منها (الذي يأتي والذي لا يأتي) و(الرمز في القرآن)، وأصبح في هذة الفترة يمثل ظاهرة أدبية غير مسبوقة، وأخذ يثير اهتمام القراء، وكانت أطروحاته وأفكاره تتضمن أسلوباً مميزاً يشهد له الجميع بالحيوية والانطلاق،
وفي عام 1969 كتب دراسة (العودة المحزنة للبحر)، ونشر عدد من قصص الأطفال، وأهداها إلي طفله كريم، ونشر عام 1970 رواية (من مكة إلي هنا)، وفي 1973 صدر له كتاب (فرسان بلا معركة) و(تحية طيبة وبعد)، وأقام من 1974 إلي 1975 في بيروت، وكتب أسبوعيا بمجلة الأسبوع العربي، وأشرف على إصدار موسوعة (عالمنا -صحراؤنا -أطفالنا - وطننا - عالمنا)، ومن ثم صدرت رواية (القرود).
انتقل إلي الإقامة في جنيف عام 1976 وأسس دار التراث، ثم دار المختار، وأصدر سلسلة من الموسوعات أهمها(موسوعة تاريخنا - موسوعة بهجة المعرفة)، وعمل بجامعة جينيف أستاذاً محاضراً في الأديان المقارن حتى وفاته.
عام 1986 صدرت له رواية (الحيوانات)، وفي 1987 صدر له كتاب (صوت الناس)، وعام 1988 بدأ الكتابة في مجلة الناقد منذ صدور الأعداد الأول منها في لندن. استمر بالكتابة بها إلي أن وافته المنية في عام 1994، صدر له كتاب (محنة ثقافة مزورة) عن دار نجيب الريس في لبنان عام 1991 ساهم في الكتابة في مجلة (لا) الليبية، كما صدر له كتاب (الإسلام في الأسر) عن دار نجيب الريس بلبنان، كذلك وفي نفس الدار صدر له كتاب (إسلام ضد الإسلام). وفي عام 2001 صدر عن دار تالة الليبية كتاب (طرق مغطاة بالثلج). توفي الصادق النيهوم بمدينة جينيف السويسرية عام 1994.
“مولاي, أنا ولدت رغم أنفي كعادة الأطفال.
وقطعت القابلة صرتي بأسنانها، ووضعتني في قدر من الماء الساخن، وتركتني أنضج مثل سلحفاة مسلوخة الجلد معلنة لأهل البيت أن نجاسة البنت لا يغسلها سوى ماء الدموع.
ثم بكت أمي طوال الليل لأنها أنجبت بنتاً، وزارها والدي في الصباح وركلها على بطنها وقال إنه يتمنى لو ماتت قبل أن تلد تلك الفضيحة، وعندما سرى النبأ بين جيراننا، وسمعت ما يقال في دكاكين حميد عن إنجاب البنات، بدأت أشعر بالعار من نفسي قبل أن تمضي ساعتان على ميلادي، وكانت دارنا متسخة مثل جحر خنفساء.
وكانت الأرض تطفح بالمياه وبقع الدم، وحبل النفاس يتأرجح في النافذة عبر العتمة ورائحة البخور والعجائز. ولقد خيل لي-فيما كانت القابلة تلفني في خرق القماط الخشنة- أنني هبطت من سمواتك العظيمة في طبق من المسامير.
وكبرت رغم أنفي كعادة الأطفال.
وكانت والدتي تعدني لأداء مهمتي في منطقة دكاكين حميد، وقد علمتني كيف أغسل الصحون بالعوين وأغسل جوارب إخوتي والحصران القديمة وأمسح البلاط والمرحاض يوم الجمعة وأوقد النار بعود ثقاب واحد….وعندما بلغت الثامنة من عمري عهدوا إلي بإعداد قهوة الصباح.
وبدأت أصحو قبل معظم الطيور.
وأوقد النار بعود ثقاب واحد، وأمسح البلاط ريثما يغلي ماء القهوة، وأغسل خرق الطفل الذي ولدوه بعدي، ثم أجر قدمي المتعبتين إلى المدرسة
وأبحث طوال الطريق عن عذر مناسب أقوله لمعلم الحساب.
وكان ذلك المعلم لا يكف عن تقريعي، وكانت والدتي تدق عنقي كلما وجدتني أكتب واجب الحساب “.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
” كبرت رغم أنفي كعادة الأطفال.
وغطوا وجهي بقطعة قماش زرقاء وأعلموني أن النساء في ليبيا يخبئن وجوههن بالقماش الأزرق اتقاء لنار الحب. وقد أفزعني أن اكتشفت في اليوم التالي إن العالم بأسره صار أزرق اللون. الشمس والشوارع ووجوه المارة والتراب وولد جارنا الذي كان ينتظرني كل يوم عند مدخل الزقاق.
صار حبيبي أزرق اللون.
وقد رأيته يبتسم من وراء قطعة القماش وسمعته يقول لي إنني أصبحت عروسة زرقاء، وحلمت به طوال الليل. وفي الصباح رأيته يمد لي رسالة صغيرة،وكنت أنوي أن أشتمه كما تقضي التقاليد عندما خرج والدي من البيت فجأة ورأى ولد جارنا عند مدخل الزقاق.
ومنعوني من الخروج.
ضربني والدي حتى دق ضلوعي، وبكت والدتي طوال الأسبوع، وقالت إحدى جاراتنا إنني بنت داعرة مثل بقية بنات المدرسة. ثم منعوني من الخروج.
وبقيت في البيت رغم أنفي كعادة النساء.
كنت أمسح البلاط وأغسل الخروق وفناجين القهوة والجوارب، ثم بدأت أعد وجبات الطعام، ولم يعد ثمة ما تستطيع والدتي أن تفعله في بيتنا سوى أن تذهب إلى مكة المكرمة.
وقد ذهبت إلى هناك وماتت في طريق العودة بضربة شمس. وكانت والدتي لم ترَ الشمس إلا في مكة المكرمة”.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
” مولاي أنا تزوجت رغم أنفي كعادة النساء.
جاء نجار من الزقاق وطلب يدي في المربوعة، وقد سمعته يتحدث ورأيته عبر ثقب الباب وكرهته كما يكره المرء قملة. وعندما نام بجانبي ليلة الجمعة وأحرق عيني برائحة قدميه بكيت من الغضب حتى طلع
الصباح.
ثم مسحت دموعي وطفقت أمسح البلاط وأغسل الخرق والجوارب, والحصران وأعد وجبات الطعام خمس مرات في اليوم. وكان النجار يغرقني بالحب ويتسلق صدري كل ليلة مثل قملة.
وكنت أعرف أن الحب في دكاكين حميد مثل غسيل الحصران مجرد واجب من واجبات الزوجية “.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
” وذات يوم يا مولاي فسد العجين في بيتنا واضطررت أن أطل برأسي عبر الباب لكي أبحث عن طفل يحمل خبزنا إلى الفرن، وقد رآني جارنا الخراز ووشى بي عند زوجي فدقّ ضلوعي بعصا المكنسة، ودعاني امرأة عاهرة وربطني بحبل البئر طوال النهار. وعندما ذهبت إلى بيت والدي أعادني إليه في المساء وقال لي إن عصا النجار من الجنة.
وعدت أمسح البلاط وأعد وجبات الأكل وأطارد الصراصير بفردة الحذاء وأغسل الخرق والصحون وأنجب الأطفال وأخيط الأزرار المفصومة وأترك النجار يعضني في عنقي عندما يعتريه الشبق خلال الليل”.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
“مولاي، أنا قضيت في دنياك خمسين عاماً من نسخة واحدة.
وعلت وجهي التجاعيد وانحنت ركبتاي في نهاية المطاف، وطفق شعري يتساقط من أثر الرطوبة. وذات يوم وجد زوجي شعرة في صحن العشاء، وضربني بحزامه الجلدي حتى أسال دمائي ثم ربطني في حبل البئر. وعندما ذهبت إلى الطبيب في الصباح ضمد جراحي ورثا لحالي وقال إنني مصابة بالروماتيزم والسل وقليل من السرطان.
ثم متّ رغم أنفي كعادة النساء.
واكترى زوجي فقياً قرأ عند رأسي (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ألف مرة مقابل عشرة
جنيهات ووضعوا جثتي في قدر من الماء الساخن”.
ثم قالت السيدة [ ف. م ] بين يدي الله:
“مولاي، أنا جئت إلى دكاكين حميد في قدر من الماء الساخن. وخرجت في القدر نفسه دون أن أحمل من دنياك سوى آثار الحزام الجلدي وعصا المكنسة.
مولاي، أنا لم أرَ من دنياك الزرقاء سوى البلاط وصراصير مرحاضنا وفردة الحذاء.
ولم أسمع شيئاً سوى شخير النجار ونهيق بغال العربات والإذاعة الليبية.
مولاي، أنا قضيت في دكاكين حميد خمسين عاماً من نسخة واحدة. ودفنوني بعد ذلك في المقبرة التي تقع على بعد مئة متر من بيتنا, فهل أرسلتني إلى الدنيا لكي أمشي فيها مائة متر داخل نعش؟
وضع الله يده على رأس السيدة [ ف. م ]
وأمطرت السماء بدموع امرأة.
___________________________________________
فـــرسان بــلا مـعركــة – 1 يونيو 1968
===================
ولد الصادق النيهوم في مدينة بنغازي عام 1937.
درس جميع مراحل التعليم بها إلى أن انتقل إلي الجامعة الليبية، وتحديدا بكلية الآداب والتربية - قسم اللغة العربية، وتخرج منها عام 1961 وكان ينشر المقالات في جريدة بنغازي بين عامي 1958-1959 ومن ثم عُين معيداً في كلية الآداب.
أعدَّ أطروحة الدكتوراه في «الأديان المقارنة» بإشراف الدكتورة بنت الشاطيء جامعة القاهرة، وانتقل بعدها إلى ألمانيا، وأتم أطروحته في جامعة ميونيخ بإشراف مجموعة من المستشرقين الألمان، ونال الدكتوراه بامتياز. تابع دراسته في جامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة عامين.
درَّس مادة الأديان المقارنة كأستاذ مساعد بقسم الدراسات الشرقية بجامعة هلنسكي بفنلندا من عام 1968 إلى 1972.
يجيد، إلى جانب اللغة العربية، الألمانية والفنلندية والإنجليزية والفرنسية والعبرية والآرامية المنقرضة
تزوج عام 1966 من زوجته الأولى الفنلندية ورُزق منها بولده كريم وابنته أمينة، وكان وقتها مستقراً في هلسنكي عاصمة فنلندا، انتقل إلى الإقامة في جنيف عام 1976 وتزوج للمرة الثانية من السيدة (أوديت حنا) الفلسطينية الأصل.
توفي في جنيف يوم 15 نوفمبر 1994 ودُفن بمسقط رأسه مدينة بنغازي يوم 20 نوفمبر 1994.
نشر سنة 1967 مجموعة دراسات منها (الذي يأتي والذي لا يأتي) و(الرمز في القرآن)، وأصبح في هذة الفترة يمثل ظاهرة أدبية غير مسبوقة، وأخذ يثير اهتمام القراء، وكانت أطروحاته وأفكاره تتضمن أسلوباً مميزاً يشهد له الجميع بالحيوية والانطلاق،
وفي عام 1969 كتب دراسة (العودة المحزنة للبحر)، ونشر عدد من قصص الأطفال، وأهداها إلي طفله كريم، ونشر عام 1970 رواية (من مكة إلي هنا)، وفي 1973 صدر له كتاب (فرسان بلا معركة) و(تحية طيبة وبعد)، وأقام من 1974 إلي 1975 في بيروت، وكتب أسبوعيا بمجلة الأسبوع العربي، وأشرف على إصدار موسوعة (عالمنا -صحراؤنا -أطفالنا - وطننا - عالمنا)، ومن ثم صدرت رواية (القرود).
انتقل إلي الإقامة في جنيف عام 1976 وأسس دار التراث، ثم دار المختار، وأصدر سلسلة من الموسوعات أهمها(موسوعة تاريخنا - موسوعة بهجة المعرفة)، وعمل بجامعة جينيف أستاذاً محاضراً في الأديان المقارن حتى وفاته.
عام 1986 صدرت له رواية (الحيوانات)، وفي 1987 صدر له كتاب (صوت الناس)، وعام 1988 بدأ الكتابة في مجلة الناقد منذ صدور الأعداد الأول منها في لندن. استمر بالكتابة بها إلي أن وافته المنية في عام 1994، صدر له كتاب (محنة ثقافة مزورة) عن دار نجيب الريس في لبنان عام 1991 ساهم في الكتابة في مجلة (لا) الليبية، كما صدر له كتاب (الإسلام في الأسر) عن دار نجيب الريس بلبنان، كذلك وفي نفس الدار صدر له كتاب (إسلام ضد الإسلام). وفي عام 2001 صدر عن دار تالة الليبية كتاب (طرق مغطاة بالثلج). توفي الصادق النيهوم بمدينة جينيف السويسرية عام 1994.