علجية عيش - قسّوم: العلامة البشير الإبراهيمي كان إسلاميُّ الروح يونانيُّ المنهج

(نقاش ساخن حول مفهوم "العصامية")


و البشير الإبراهيمي في نظر الدكتور عبد الرزاق قسوم شخصية منفردة و لا أحد يستطيع منافسته أو يقف أمامه ندا للند ، فلاهما ترأسا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في اوقات صعبة، و قد وصف قسّوم الإبراهيمي بأنّه إسلاميُّ الروح يونانيُّ المنهج ، وهو رجل عصاميٌّ ، له سرعة البديهة و الحفظ، كما أنه يتسم بالمنهج العقلي في تحليل القضايا و المشكلات، حيث جعل عقله مصفاةً لكل شيئ، و قال الدكتور عبد الرزاق قسوم في محاضرته التي شهدت حضورا قويا للإطارات الجامعية و الأسرة الثورية ، خبراء دوليون و رؤساء احزاب ، قال أن الأمة العربية و الإسلامية اليوم تعاني من أزمة الخطاب الإسلامي ، موضحا أن هذا الخطاب عبارة عن "عنعنة" لا أساس له و نقل لا سند له، أي أنه خطابُ يعتمد على التكرار و الإجترار، حيث ظل كما هو و لم يتغير بما يتماشى و العصر و التطور التكنولوجي، فالبشير الإبراهيمي له فكر سياسي متعمق و علم السياسة بمفهومها الملتزم، كما له منهج عقلي في الدين و التدين، و تحدث قسّوم عن مواقف الإبراهيمي في ما يخص المذاهب الدينية و كيف كان يتعامل معها خاصة بالنسبة للمذهب الإباضي و الشيعة و كان يحاورهم دون عقدة حتى مع آل سعود، و ذكر قسّوم مواقف البشير الإبراهيمي، و هو يتناول العديد من القضايا لاسيما قضية فلسطين، خاصة رفضه فكرة الإسلام الفرنسي France islamو هي في رأيه تركيب خاطئ، أراد للبعض أن يعطي صورة مشوهة عن الإسلام و مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الحميد ابن باديس الذي طان ضد الإندماج و كان دائما يردد الجزائر ليست فرنسية و لن تكون فرنسية.

حسب الدكتور أحمد ساري الذي نشط هذا اللقاء الفكري السياسي تحد عن مسيرة البشير الإبراهيمي و كيف تعرض للنفي بسبب مواقفه، و قال أنه من أكثر الكُتّاب الذين الجزائريين الذين تبنوا القضية الفلسطينية قبل ان ينتقل إلى المشرق للتعريف بالقضبة الجزائرية ، لقد بينت محاضرة الدكتور عبد الرزاق قسوم عبقرية الشيخ البشير الإبراهيمي حتى وصفوه بأنه مهندس لفظ و فيلسوف معنى، كانت هذه ميزات الشيخ البشير الإبراهيمي في نظر عبد الرزاق قسوم الذي ركز على أهم ميزة يتميز بها هذا الرجل وهي "العصامية" التي جعلته يتميز على الآخرين من العلماء ، حيث تجاوزت البعد المكاني و الإنساني لتجمع البعد الأممي الإسلامي و الإنساني، وقال عبد الرزاق قسوم أن "العصامية" أهم ميزة يتمتع بها الشيخ البشير الإبراهيمي، فلم يسبق له وأن دخل الثانوية و الجامعة، لكنه فاق بفكره وذكائه أساتذة الجامعات، وهي ميزة قلما توجد في العلماء، فضلا عن أنه يملك المؤهل النفسي و الأخلاقي كداعية و مصلح، وقد أثارت هذه العبارة ( العصامية) تحفظ الذين حضروا محاضرته من الباحثين و الأساتذة الجامعيين، و منهم الأستاذ عبد السلام يخلف و هو استاذ جامعي ، الذي طالب بضرورة إلغاء هذه المفهوم خاصة داخل الجامعة و وجوب مراجعته في المستقبل للمقارنة بين العصامية و الجامعة، و كان رد المحاضر ان العصامية هي عملية كسب العلم و المعارف و القافة خارج المنشآت الرسمية ، و بالتالي لا تعني انتقاص من الجامعة و لا تعني التخلي عنها، و لا يوجد تناقض بين العصامية و الجامعة.

فمفهوم العصامية يعني"اعتماد المرء على نفسه و يجتهد بإرادة و عزيمة قوية في التحصيل العلمي و المعرفي و هو الشخص الذي يعتمد على نفسه بنفسه و قد أطلق على هذه الفئة بـ: "العصامي" ، و بهذا فالعصامي هو كل من ينجح و يصل إلى مراتب عالية بجهده الفردي و لا يعتمد على غيره، ما يعاب على علماء الجزائر اليوم أنهم أهملوا "ملتقيات الفكر الإسلامي" التي كانت تعقد في الجزائر أيام الرئيس الراحل هواري بومدين و كان يحضرها كبار المفكرين الإسلاميين من بقاع العالم، و توقفت منذ الثمانينيات لظروف سياسية و أمنية و اسباب اخرى قيل عنها إيديولوجية خاصة بعد ظهور الحركات الإسلامية في الجزائر، في رده على سؤالنا تحدث الدكتور عبد الرزاق قسوم عن "ملتقى الشيخين"، هذا الملتقى الذي كان يعقد كل سنة هو ملتقى خاص بالشيخ محمد الغزالي، حتى هذا الأخير توقف، و كان المحاضر أن الوباء (كوفيد) الذي ظهر في 2019 وراء توقف هذه الملتقيات، و رغم زوال الوباء لم تكن هناك مبادرة لعودة ملتقيات الفكر الإسلامي و لو أنه لا يمكن المقارنة بين هذه الملتقيات و ملتقى الشيخين.

علجية عيش