الحسين الهواري - اللحم المحمر مع قطع البطاطس المقلية في الزيت... جدلية تاريخ الفريت وهل كان اختراعه في المغرب؟

دراسة تاريخية: منطقيا تحديد المغرب كمكان ولادة البطاطس المقلية وليس فرنسا و بلجيكا حسب مصادر تاريخية للأسير مويط Mouette المزداد سنة 1651 صاحب كتاب رحلة الأسير مويط والدبلوماسي الانجليزي واندوس windus الذي عاش في المغرب سنة 1720 وألف كتابه( إقامة في مكناس عند إمبراطور فاس )
A Journey to Mequinez, the Residence of the Present Emperor of Fez and Morocco,


وكلاهما عاشا في المغرب القرنين 17و 18م.
بعيدا عن الحرب الدائرة بين فرنسا و بلجيكا حول أولوية الحق في امتلاك حقوق الملكية في اختراع طبق البطاطس المقلية pommes de terre frites و الذي تسعى منه كل منهما بالدفع بحجج وأدلة في صراع مهووس مذهل تدخل فيه باحثون و فقهاء التاريخ وعلم الاجتماع والصحفيين وجمهور من هب ودب لإثبات حقيقة امتلاكهما لهذا الطعام . ما يهمنا من ذلك هو أن وثيقة نشرت في مقالة لها صلة بمضمون هذا الطعام و أنه كان موجودا في المغرب قديما وتحديدا في القرن السابع عشر الميلادي وحسب الباحث محمد البويري صاحب الدراسة الذي كتب بحثا عن الأطعمة في المغرب قديما وجاءت هذه الجملة عرضا في مقالته ( اللحم المحمر مع قطع البطاطس المقلية في الزيت ) ولم ينتبه لها كاتب المقالة بل حتى لم يجزم أي المصدرين اعتمد عليهما في بحثه فقد أورد إسمين أشار إليهما في بحثه وكيلهما عاشا في نفس الزمن في المغرب بين القرن 17و 18 م احدهما الأسير مويط و الثاني الدبلوماسي الانجليزي واندوس وكيلهما ألفا كتبا وكتبا مقالات وتدوينات عن المغرب وطرق عيش المغاربة ونمط حياتهم اليومية و مطبخهم و الأدوات المنزلية وكل شيء يتعلق بالمعتقدات الشعبية والعادات والتقاليد في تلك الحقبة التاريخية وقد قرأت بعض كتاباتهم دون أن اتوفق في الحصول على المصدر والبيانات التي اعتمدها الباحث لا سيما أن الكاتبين كتبا بلغة قديمة لم تعد متداولة وأحدهما ( الانجليزي) طبعا كتب باللغة الانجليزية السائدة في ذلك العصر أما الفرنسي فقد توفقت في الحصول على النسخة الأصلية كاملة من رحلته المغربية بالاضافة إلى ترجمات عدة باللغة العربية لكتابه حاولت التوفيق بينها وبين نصه الأصلي لاخلص في النهاية إلى أمر مدهش عن الطبخ المغربي قديما وهو ما ساتناوله في حلقات قادمة . ما يهمنا من ذلك هو أن الباحث يذكر أنه اعتمد عليهما كمراجع ومصادر في بحثه وهذا ما سنحقق فيه مستقبلا. فإذا كانت مصادره موثوقة وصحيحة فإن تاريخ البطاطس المقلية مصدرها كان المغرب وليس فرنسا أو بلجيكا لعدة أسباب فلو اعتمدنا المنطق التاريخي و الجغرافي كذلك لوصلنا إلى هذه الحقيقة . تاريخيا لم تعرف أوروبا استهلاك البطاطس عموما إلا في القرن التاسع عشر وكانت محرمة و ممنوع استهلاكها من البشر وكان مقتصرا تناولها على الحيوانات الأليفة و علف للبهائم في الاسطبل من بقر وخنازير لتسمينها كعلف للماشية وهناك كثير من الخرافات و الأساطير التي شاعت عنها في أوروبا قديما دفعت الناس إلى الخوف منها ونجد أن العالم النباتي و الباحث الكبير في القرن 19 بارمونتي Parmentier الذي كان أول من أنشأ عشيشة و مشتل serre لدراسة هذه النبتة المستوردة من العالم الجديد بعد اكتشاف أمريكا من طرف كريستوفر كولومبوس وحث بارمونتي مواطنيه المنزعجين الخائفين من هذه الدرنيات tubercule العجيبة بتناول هذا النبات الجديد بل إن هناك رسوم كاريكاتورية شاعت في ذلك الوقت ترسم تحول الناس إلى خنازير و حيوانات بعد أكلهم البطاطس ولم يحصل نجاحها إلا بعد حصول مجاعات في أوروبا حيث اضطر الناس تحت قوة الجوع و الأوبئة والأمراض التي انتشرت جراء المجاعات المتتالية من تناول و أكل البطاطس مرغمين بعد سلقها في الماء فقط لسد رمق الجوع والاستمرار في الحياة مكرهين على أكلها كما حصل في مجاعات أيرلندا و إنجلترا مما اكسبها بعض الثقة لدى الجياع والحقيقة أنها انقدت الكثير من الأرواح كما هو الحال في مجاعة بلجيكا مما حدا بذلك العالم الكبير بارمونتي الى تطوير أنواع مختلفة منها في مشاتله الخاصة لتطويرها ومراقبة نموها ودقق بالتفصيل الممل في زراعتها وكتب مقالات وأبحاث عنها ( لقد اعترف له بمجهوداته بتسمية أرفع أنواع البطاطس باسمه ) . على كل حال من الناحية التاريخية أصبحنا نعرف أن الأوروبيين كان لديهم رهاب وانزعاج من هذه الخضار الجديدة القادمة من القارة الجديدة الأمريكية ولم يستانسوها إلا مرغمين تحت ضائقة الجوع القاهر وأغلب الوصفات التي كانت متداولة حتى القرن 19 المذكورة في كتب التاريخ عند هؤلاء القدماء كانت تعتمد فقط على السلق الذي كان الطريقة الوحيدة المتداولة في كل أوروبا و الجزر البريطانية . فكيف نصدق ما جاء في المراجع الفرنسية و البلجيكية وحتى اليوم في ويكيبيديا حول تاريخ هذه الوجبة. ولو دققنا في الجغرافيا فإن المساحة بين المغرب والقارة الأمريكية هي أقرب منها إلى أوروبا . وأفريقيا عموما مقابلة لأمريكا يفصلهما فقط المحيط الأطلسي و لو عرفنا أن البحارة الإسبان و البرتغاليين الذين اكتشفوا أمريكا اللاتينية انطلقوا من سواحل افريقيا سواء من الشواطئ المغربية و قد كانت زمنها تحت الاستعمار الإسباني و البرتغالي بعد نهاية معركة وادي المخازن المجيدة والمعروفة بمعركة الملوك الثلاثة والتي دارت بين السعديين بقيادة المنصور الذهبي واخوه السلطان الذي قتل في ساحة المعركة بعد مقتل ملك البرتغال وإسبانيا ( على كل حال فقد تكالبت الجيوش الغازية على شواطئ المغرب من البرتغال واسبانيا والعثمانين في شرق المغرب وهذا يطول ذكره وهو مدون في كتب التاريخ . ويذهب كثير من الباحثين أن ربان وبحارة السفن الإسبانية و البرتغالية التي اكتشفت أمريكا كانت مكونة من الموريسكيين الأندلسيين و المغاربة وأغلبهم كانوا من الصيادين والقراصنة والفلاحين الفقراء وخليط من العاطلين المحتاجين فيما يشبه المرتزقة لكن القراصنة شكلوا العمود الفقري لهؤلاء المهاجرين باختلاف اجناسهم مغامرين مغاربة و أفارقة وايطاليين و أتراك ...والذين كانوا يشكلون شبه جنود نظاميين في المياه المتوسطية و المحيط الأطلسي المغربية ( كانت القرصنة في القرون الوسطى تتم بواسطة الدول و يصنف القراصنة جنود نظاميين كما هو الحال في الحرب الانجليزية الفرنسية التي انهزم فيها نابليون بونابرت المعروفة بحرب البوران وقد اعتمد الإسبان و البرتغاليين والعثمانين/ قراقوش طويلا على القراصنة في حروبهم ) وقد اعتمد الإسبان و البرتغاليين بعد رحلة إكتشاف أمريكا على رعايا مستعمراتهم من مغاربة و أفارقة للتجديف في السفن و القوارب الشراعية( قبل اختراع السفن البخارية الحديثة ) كما اعتمدوا عليهم في نهب ثروات وممتلكات شعوب أمريكا الأوائل من المايا و الازتك و باقي الحضارات الأمريكية القديمة التي لم تكن تعرف إستعمال البارود والنار الفارسية وهي قوة المستعمرين المتطورة من مدافع وبنادق أخضعت تلك الشعوب المستضعفة ولنا درس في ما فعله القائد الإسباني الملقب رأس البقرة Cabessa de Vaca من تنكيل وقتل وإبادة جماعية لتلك الشعوب دون رحمة و سرقة ثرواتها من مناجم الذهب والمعادن و الثروات المعدنية والزراعية و الحيوانية على أشكالها وإذا كان الأفارقة المستعمرون لا حول ولا قوة لهم فقد استعملوا رقيقا وعبيدا فاقدي الحرية لنهب ثروات وممتلكات شعوب أمريكا كما نهبت ثرواتهم فعلى الأقل كانوا أول من لامس تلك المواد الغذائية الجديدة المزروعة في امريكا من بطاطس وطماطم وفلفل وتبغ و فواكه استوائية وربما قام المستعمرون من تجريب هذه الموارد الجديدة الغريبة على هؤلاء السكان المستضعفين في مستعمراتهم في إفريقيا و المغرب بفعل انخراط كثير من المغاربة في الحملات و الرحلات فقد لامسوا عن قرب تلك المواد ونقلوها عن قصد أو دون قصد إلى مواطنهم واستزرعوها .
في المدن الساحلية المحتلة( فقد احتل البرتغاليون أول ما أسسوا دولتهم البرتغال - وقد كانت قبل ذلك تابعة للتاج الاسباني - احتلوا مدن الشمال المغربي سبتة و طنجة وأطلقوا سفنهم الشراعية على طول شواطئ المغرب عصر الحكام الوطاسيين الضعفاء الذي عرف المغرب عصرهم انهيارا كبيرا وسقوطا مدويا ومجاعات وحروب حتى سقوط السواحل الوسطى والجنوبية تحت الاحتلال وتمزيق وتفريق المدن الساحلية بين المستعمرين آنفا وموكادور و آسفي واكادير و موانئ مدن الصحراء المغربية حتى الداخلة و بوجادور ( فيلا سيسنوريس ) بل امتد سير طريق الاستعمار الجديد ليشمل بلدان أخرى في طريقه حتى ما بعد نهر السنغال حيت بدأ التزود بالعبيد والرقيق المغلوب على أمره من سكان إفريقيا و المستعمرات التي ستنشط إبتداء من هذا الوقت لتمتد لاحقا بعد اكتشاف البرتغالي ماجلان لرأس الرجاء الصالح cap d'espérance و الرأس الأخضر ( كابو فيردي ) حيث سينتشر الاستعمار الإسباني و البرتغالي وبعده الهولندي و البريطاني والفرنسي إلى أبعد الحدود في آسيا والهند ، لكن احتفاظ البرتغال والإسبان بالمستعمرات الساحلية الإفريقية ومركزها الكاب وجزز السنغال حيث مناجم الذهب والعبيد الذي مثل اليد العاملة الرخيصة المجانية في نهب ثروات سكان أمريكا ومعروفة تلك الموارد و المواد الهائلة التي جلبت من العالم الجديد ومنها البطاطس بطبيعة الحال و التي لم تكن معروفة في أوروبا قديما بأي حال ولم تتوفر لهم معرفة بزرعها و استهلاكها كما أسلفت إلا بعد نهاية القرن الثامن عشر ثم هناك أمر مهم و هو أن البرتغاليين و الإسبان جعلوا من موانئ المغرب وإفريقيا مخازن سلعهم ومواردهم فلم يصدروها مباشرة إلى أوروبا بل إنهم كانوا يخزنوها في مستعمراتهم الإفريقية بل لجؤوا إلى تجريب استزراع تلك المواد في الأراضي الشاسعة التي استعمروها لقلة الأراضي المملوكة لهم في أوروبا ولانتاج قدر كبير من المزروعات والسلع قصد المتاجرة والثراء، وعليه فإن سكان ضفة المحيط الأطلسي كانوا السباقين في الاحتكاك المباشر مع شعوب أمريكا الأوائل من المايا و الازتك وعنهم أخذوا تقنيات إستعمال واستهلاك وزراعة تلك المواد وهي كثيرة قبل ان تعبر إلى أوروبا في الضفة الأخرى من المتوسط ومنها إلى المشرق و العالم القديم بمعنى أن المهاجرين المغاربة و الأفارقة الذين هاجروا ضمن البحارة في السفن البرتغالية و الإسبانية هم الذين أدخلوا تقنيات زراعة البطاطس وغيرهما من الخضار والفواكه الإستوائية و معها تقنيات أخرى لتفعيل واستهلاك تلك الموارد قبل انتقالها بعد زمن إلى أوروبا فلقد قام الغزاة بعد أن هلكوا السكان الأصليين في المغرب و إفريقيا من امتلاك الأراضي الصالحة وتحويلها إلى ضياع خاصة و زراعتها بالموارد الحديثة وخلق أسواق عالمية لتصديرها وإن كان معروفا اليوم أن أكثر الزراعات التي اتجه لها هؤلاء هي زراعة قصب السكر والقطن و الذرة و الزراعات الصناعية لاستخراج الزيوت وهذا لا يعني أبدا أنهم اهملوا زراعة النباتات الأخرى التي جلبو بدورها و استجلبو شتلاتها . وعليه فإنه تحت ضغط الوقائع و المنطق السليم فإن هذه الوجبة وغيرها من الأكلات التي تعتمد المواد الإستوائية الأمريكية منطقيا عرفها سكان إفريقيا المتواجدون على سواحل المحيط الأطلسي قبل ان تتجاوزهم إلى حوض البحر الأبيض المتوسط ... يتبع بقلم الهواري الحسين Hossin Houari
* أقتبس جزء من تعليق أحد الأصدقاء حول منشوري
جزء من تعليق صديق على منشوري يوضح أن أحد مرافقي المستكشفين الإسبان و البرتغاليين اشتهر هناك بتطبيبه وعلاج السكان الأصليين واسمه مصطفى الازموري و يلقبونه استيبانكو الازموري وعلى الأرجح هو من منطقة ازمور إقليم الجديدة
شكرا للصديق الكريم:
( هداك لي مشا معا المستكشفين للعالم الجديد او الالدورادو وبدا كايداوي الهنود الحمر مغربي مصطفى الازموري اواستيبانكو الازموري )
ومقتطف من تعليق الصديق يونس غنيمي مشكورا
استيفان الازموري شخصية معروفة في الولايات المتحدة الأمريكية و هي جزء من تاريخ جنوب شرق الو_م_أ وخصوصا تكساس.
وحتى في الروايات الشفهية الشعبية لاتزال تذكره

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى