الحسين الهواري - تشكل النمط الاحتفالي المغربي الحديث

مأدبة المنصور الذهبي أحد أعظم ملوك المغرب في قصر البديع قراءة في نزهة الحادي للصغير الافراني
(..والسلطان جالس في افخر ملابسه تعلوه الهيبة والوقار وترمقه الأعين والأبصار بالتعظيم والإكبار ويجلس من عادته الجلوس ويقف على رأس السلطان الوصفان والعلوج وعليهم الأقبية والمناطق المدورة المشدودة المذهبة و الحزم المذهبة مما يدهش الناظر وركزت أمامهم الشموع و اذن لعامة الناس فدخلوا من أصناف القبائل على اجناسها من الاجناد والطلبة وسكنت بعد حين الجلبة وأتي بأصناف الطعام في القصاع المالقية والبلنسية المذهبة وأتي بالطوس والاباريق وصب الماء على أيدي الناس ونصب مباخر العنبر والعود وابرزت صحائف الفضة والذهب واغصان الريحان الغض فرش بها من ماء الورد والزهر ...) نلاحظ أن بداية الطراز المغربي الجديد بدأ مع سلالة السعديين و خاصة السلطان المنصور الذهبي حسب مؤلفي ذلك العصر اليفراني والفشتالي ومؤلفون آخرون. تكونت ثروة السعديين من صناعة وإنتاج وتجارة السكر وتصدير هذه المادة إلى أوروبا وكذلك استغلال مناجم الذهب الأفريقية.و قد جاءت ثروة السعديين الفاحشة من تجارة السكر التي عرفت نموا كبيرا بالإضافة الى ذهب بلاد السودان ( افريقيا جنوب الصحراء ) التي كانت تابعة للدولة السعدية .ويعتبر السعديين هم أول من أسسوا مصانع السكر وصنعوه بطرق حديثة مختلفة عمن سبقهم وقاموا بتصديره بالرغم من أن إنتاج السكر كان موجودا قبلهم فقد بدأ إنتاجه قبل السعديين وعرف في عهد الموحدين والمرابطين غير أن "الإنتاج كان موجها للاستهلاك المحلي فقط". أما إرتفاع نسبة الإنتاج و التصدير فقد أصبحت مرتفعة في العصر السعدي لدرجة أن السكر كان يوزن بوزن الرخام( أحد مكونات قصر البديع ) فقد اهتم السلطان يعقوب المنصور بصناعة السكر وأنشئ لها مصانع ضخمة في كل من تيدسي وتارودانت وشيشاوة ونمت هذه الصناعة الضخمة في عهده فكانت تزود الأسواق الداخلية بما تحتاج إليه من السكر وأصبح يصدر الفائض إلى بلدان أخرى في أوروبا و المشرق وعرفت تجارة السكر نموا كبيرا كان من نتائجه ثراء فاحش وتطور عمراني وحضاري .
وتؤكد المراجع التاريخية المغربية لاسيما مؤلفات عبد العزيز الفشتالي صاحب مناهل الصفا و ابن القاضي المكناسي صاحب المنتقى المقصور و المقري صاحب نفح الطيب وهم معاصرو حقبة السعديين على الثروة الفاحشة و التطور الحضاري والعمراني وتطور فنون العيش و الطعام في عصر السعديين
*؛أحمد المنصور الذهبي سلطان الدولة السعدية من الأشراف السعديين
أبو العباس أحمد المنصور بالله بن محمد الشيخ المهدي (ميلاد: 956هـ/1549م فاس، وفاة: 1012هـ/ 1603م نواحي فاس) ، ''أمير المؤمنين'' و''خليفة المسلمين'' سابع سلاطين المغرب من الأشراف السعديين ووَاسِطَةُ عقدهم، وأحد سلاطين المغرب العظام، بويع في ساحة معركة وادي المخازن الظافرة يوم الاثنين متم جمادى الأولى سنة 986هـ/ 4 غشت 1578م بعد وفاة أخيه السلطان عبد الملك الأول، وتلقب بالمنصور بالله؛ تيمنًا بانتصار المسلمين فيها، ولُقِبَ بالذهبي (the Golden) لكثرة الذهب في عهده. تعرض المنصور في بداية توليته لمؤامرة كاد يفقد فيها سلطانه؛ دبرها العثمانيون باتفاق مع بعض كبار قادة الجيش المغربي من الأندلسيين بهدف تنحيته ، ولم ينجحوا في ذلك.

* محمد الصغير الإفراني وينطق أحيانا الوفراني أو اليفرني الملقب بالصَغير (مواليد حوالي 1080هـ- توفي حوالي 1156هـ ) هو مؤرخ و أديب وفقيه اختلف المؤرخون في ضبط نسبه فمنهم من يرجع نسبه إلى قبيلة بني يفرن الأمازيغية، في جنوبي المغرب الأقصى. بدأ دراسة العلوم بمسقط رأسه بمراكش على جماعة من الأعيان . ارتحل لطلب العلم بفاس في جامع القرويين حيث أخذ عن عدد من كبار العلماء، أنهى دراسته بفاس ، عاد إلى موطنه مراكش، و بدأ التدريس بها. من أشهر مؤلفاته
نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي
* قصر البديع هو قصر بُني في نهاية القرن السادس عشر، ويقع في مراكش بالمغرب. بناه السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي شهورا قليلة بعد تولّيه الحكم احتفالا بانتصاره على البرتغاليين في معركة وادي المخازن عام 1578. مع استمرار البناء والتزيين معظم فترة حكمه، تم تزيين القصر بمواد مستوردة من بلدان عديدة من إيطاليا إلى مالي، واختار أحمد المنصور الزاوية الشمالية-الشرقية لبناء هذا القصر الذي خُصِّصَ لإقامة الحفلات وتنظيم الاستقبالات الرسمية. كان القصر جزءًا من مجمع قصور السعديين الأكبر الذي يحتل منطقة القصبة في مراكش
ينتظم القصر حول ساحة مركزية كبرى تتوسطها بركة مائية كبيرة تتوفر على نافورة. وبجنباتها روضتان مغروستان بالأشجار والزهور وصهاريج مائية ذات حجم أصغر. وبوسط الضلعين الصغيرين للساحة يرتفع جناحان لم يتبق منهما إلا آثار واحد، وهما ذوا تصميم مربع وكانا مغطيين بقبة يحملهما 12 عمودا ضخما تذكرنا بتلك التي ترفع حاليا قبة القاعة الكبرى لقبور السعديين بمراكش. كانت أرضيتهما المغطاة بالزليج تتخللها برك مائية صغيرة تغذيها قواديس، مما كان يساهم في تلطيف الجو داخلهما.
وعلى الجنبات الطويلة للساحة تمتد عدة أجنحة مستطيلة تنفتح بواسطة أقواس لم يتبق منها إلا أطلالها. ومن بين أهمها تذكر المصادر قاعة الذهب، وقاعة البلور وقاعة الخيزران. أما القاعة الخمسينية التي كانت تستعمل كقاعة للاستقبالات فلا زالت قائمة بالجهة الشرقية بالقرب من المدخل الرئيسي للقصر.


يتبع بقلم الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى