الحسين الهواري - صلح الماء... تقديس الماء في المغرب

الصلح عبر الشرب من قدح واحد عهد الموحدين قصة الملكين المتحاربين وصلحهما (..فكان ذلك أغرب الأشياء أن ملكين شربا من ذلك الإناء ومن ذلك الماء )
كما رواها ابن عذارى في تاريخه البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب .
كتبت الكثير من الأبحاث والدراسات حول الماء في المغرب قديما وحديثا كما ذكر الباحثون تفاصيل عن تقديس الماء في المغرب و مدلولاته و رموزه وطقوس اجتماعية مختلفة حول استعماله واستخدامه منذ العصور القديمة حتى بداية عصرنا و ما دفعني للبحث في هذا الشأن هو الأسئلة المتكررة التي يطرحها الباحثون حول تعلق المغاربة بهذه المادة ورموزها والمعتقدات السائدة حول الماء و اعتباره مقدسا من المقدسات ، و لماذا يشربون فقط الماء في المغرب ولا يستغني ولا يختلف الأغنياء والفقراء حول هذا المشروب الطبيعي كما هو الحال عليه في دول وبلدان أخرى من العالم التي تعتمد على أنواع مختلفة من مشروبات المائدة وتعج مواءدهها بألوان المشروبات . وهذا جزء من تلك الدراسة حول قدسية الماء إلى جانب أشياء أخرى مقدسة كالملح و الحليب و الدم و الخبز والقمح... الخ. وهي متلازمة الماء و الحياة ، الماء أمان وكلمة ( أمان )كما هو معروف هو الماء في اللغة الأمازيغية والماء رمز السلم و الحياة و لقد انذثرت هذه المعايير اليوم التي كانت سائدة في المغرب قديما في وكانت من الأعراف والتقاليد المعتقدات في المجتمع.
كان الصراع السياسي والعسكري بين أمراء الموحدين و ملوكهم في آخر دولتهم قد أخذ منحى ابتعد عن السلم وتفرق بينهم المغرب وكثر الشقاق بل تطور الصراع إلى حروب طاحنة أدت إلى سقوط دولة الموحدين بعد ذلك و بروز دولة المرينيين، وقد كان الصراع العسكري بين العدوين اللذودين من بيت الموحدين وهم أقرباء الأمير المرتضى أبو حفص وبين الأمير أبو العلا إدريس الملقب بأبي دبوس في مراكش ما يهمنا من ذلك هو أن هذين الأميرين المتحاربين الفريقين بعد نزوعما إلى السلم و الصلح بعد تدخل الفقهاء والمصلحين بينهما ( شرب الأميرين الماء من قدح واحد )
قال المؤلف ابن عذارى في البيان المغرب : فركب - المرتضى- جواده إلى باب الطبول وعاين ذلك بالتحقيق ... وهو راكب على جواده فقام اللهب في فؤاده ، فطلب الماء ليشرب منه فاتي باناء فشرب منه وشرب أبو دبوس باقيه ، فكان ذلك أغرب الأشياء أن ملكين شربا من ذلك الإناء ومن ذلك الماء فلما عاين ذلك المرتضى سلم الأمر القضا .. ) كتب بورخيس الارجنتيني روايته الشهيرة تقسيم المياه والتي اهلته للترشح لجائزة نوبل للآداب ورأيت عبر أحداثها أن مشكل الماء والحياة متلازمين في كل العالم..يتبع بقلم الهواري الحسين #houari_hossin
*أبو حفص المرتضى عمر بن أبي إبراهيم إسحاق بن يوسف بن عبد المؤمن هو خليفة الموحدين بين عامي 646 هـ (1248 م) و665 هـ (1266 م)وهو خليفة في سلسلة خلفاء الموحدين
*أبو العلا الواثق بالله إدريس المعروف بأبي دبوس خليفة موحدي حكم من سنة 1266 م إلى مقتله سنة 1269 م)، هو آخر خلفاء دولة الموحدين قبل انهيارها وقيام دولة بتي مرين على أنقاضها.
*ابن عذاري المراكشي هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عذاري. هو مؤرخ من أهل مراكش عاش في عصر الموحدين لا يعرف تاريخ مولده كما اختُلِف في اسمه وتاريخ وفاته وأحياناً في نسبته اشتهر بكتاب البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب هو من أفضل المصادر وأوثقها في موضوعه. واهتم ابن عذاري المراكشي في هذا الكتاب بأخبار الأندلس والمغرب منذ الفتح العربي الإسلامي حتى سنة 478هـ فيما يتعلق بأخبار الأندلس، وفيما يتعلق بأخبار المغرب حتى سنة 667هـ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى