الحسين الهواري - من الترياق الخمسيني إلى راس الحانوت

بداية تشكيل خلطة سحرية في عصر المرابطين عند ابن زهر طبيب خلفاء المرابطين والموحدين في كتاب التيسير . خاصية مغربية متفردة لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر . طلب يعقوب المنصور أعظم ملوك الموحدين من طبيبه عبد الملك بن زهر تاليف كتاب "الترياق الخمسيني"
وعائلة بنو زهر معروفة بصناعة وإتقان الترياق فقد صنع جدهم الترياق السبعيني و حسب إبن أبي أصيبعة في موسوعته عيون الأنباء فإن عبد الملك أبو مروان بن زهر هو من حوله من الترياق السبعيني إلى الترياق الخمسيني وقد يكون ذلك بأمر من الخليفة الموحدي لان ابن زهر الف كتابه لأبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي و كتاب "الترياق الخمسيني" لابن زهر سيكون بداية لكتاب التيسير في المداواة والتدبير ، ومن العلوم أن عمل "الترياق" كان الخليفة لا يعهد به إلا لأكبر الأطباء مقاما واجدرهم ثقة وأكثرهم كفاءة، وأمتنهم دينا، وهي صفات متوافرة كلها في هذا الطبيب الأديب اللبيب ابن زهر .
و تظهر لنا في هذه الخلطات الكثيرة والعجيبة المستخدمة في الترياق السبعيني و الخمسيني و في كتاب التيسير وكتاب الأغذية وكتاب الزينة ما لا يترك مجالا للشك في تركيب خليط راس الحانوت . تتركب خلطة راس الحانوت ( او المساخن كما يحلو للبعض تسميتها ) من كثير من الأعشاب الطبية و الصيدلانية و التوابل و البهارات و الافاوية قد تكون في أقصاها سبعين نوعا أو خمسين نوعا وهناك خليط من سبعة وعشرين عشبة و ادناها من سبعة مكونات .
كتاب التيسير الجامع في المداواة والتدبير لأبي مروان بن زهر . وعائلة بنو زهر عاشوا في المغرب عصر المرابطين والموحدين وكان جدهم ابن زهر طبيب الخليفة المرابطي في مراكش لكن أشهرهم هو أبو مروان بن زهر ويعتبر كتابه التيسير الجامع في المداواة والتدبير والذي كتبه للخليفة الموحدي إلى جانب كتابه الأغذية و الذي بدوره كتبه بطلب من أمير موحدي قبل ذلك، ثم كتاب الزينة الذي أصبح من أشهر مؤلفاته. إن كثير من الباحثين يصنفون مؤلفاته الطبية و الصيدلانية و الغذائية بأنها تضاهي مؤلفات باقي كبار العلماء في الأندلس وفي المشرق العربي مثل إبن سينا صاحب القانون و الرازي صاحب المنصوري و غيرهم من الأطباء حسب تصنيف ابن أبي أصيبعة في موسوعته عيون الأنباء في طبقات الأطباء حيث يخصص فصلا كاملا عن عائلة ابن زهر الشريفة وخاصة عن أبو مروان بن زهر . ونحن نتصفخ هذا المؤلف الضخم الذي حاول صاحبه الإلمام بالمهارات الطبية و الصيدلانية و المداوات بالأعشاب . وخليط التوابل و البهارات و الافاوية، فمن المعروف في كثير من بلدان العالم وكل بلد له تخليطة و توليفة وإن كان الناس لا يعرفون إلا بعضها مثل خليط الكاري الهندي مثلا فلكل خلطة طعم مختلف فحتى الكاري الهندي تختلف تخليطاته من منطقة إلى أخرى وان كان أفضلها Garam masala وهناك من يفضل curry madras . انما تتبيلة راس الحانوت ولدت في المغرب.
عبد الملك ابن زهر
(464-557هـ) 1072م 1162م يكنى أبو مروان طبيب نطاسي معروف في الأندلس، ولَـقب "ابن زهر" هو كنيةُ أسرةٍ من علماء المسلمين نشأت في بداية القرن العاشر إلى أوائل القرن الثالث عشر الميلادي. وأشهرهم هو الطبيب "عبد الملك بن زهر"، ويسمى عادة "أبو مروانوي" وقد عُـرف عند الأوربيين باسم Avenzoar. وهو ينحدر من عائلة عريقة في الطب ، فقد كان والده العلاء طبيباً ماهراً في التشخيص والعلاج، وكان جده طبيباً أيضاً.
ولد عبد الملك لأسرة عريقة في العلم اشتغل أبناؤها بالطب والفقه.
بعد أن درس عبد الملك الأدب والفقه والعلوم تعلم الطب على والده أبي العلا "ولم يَكْفِ عبد الملك ما انتهى إليه من معرفة علمية بالطب عن طريق والده، و فاق جميع الأطباء في صناعة الطب.
أدرك ابن زهر دولة المرابطين في المغرب ، فقد لحق بخدمتهم مع والده "أبي العلاء" في آخر دولتهم. اشتغل عبد الملك أول الأمر مع أمراء دولة المرابطين وأصابه من أميرها علي بن يوسف بن تاشفين ما أصاب والده من قبله من محنة، فسجن نحواً من عشر سنوات في مراكش وهي الفترة المعروفة بنكبة بني زهر ، لكن وبعد زوال الدولة المرابطية وقيام دولة الموحدين فخدم ابن زهر أمراء "بني عبد المؤمن". فاشتغل طبيباً ووزيراً مع عبد المؤمن نفسه ( أحد مؤسسي دولة الموحدين إلى جانب المهدي بن تومرت وآخرين ) فشمله برعايته، مما مكنه من تأليف أفضل كتبه. تولى الوزارة وهو أستاذ الفيلسوف ابن رشد وعلماء كبار آخرين وهكذا كان ابن زهر وأبوه "أبو العلاء" في خدمة المرابطين والموحدين سلاطين وأمراء ، حتى مات أبوه "أبو العلاء" وبقي عبد الملك في خدمة عبد المؤمن ثم خدم ابنه أبو يعقوب يوسف من بعده، ثم بعده يعقوب المنصور أعظم ملوك الموحدين الملقب . ثم خدم ابنه السلطان الناصر وفي أول دولته، توفي ابن عبد الملك (أبو بكر بن زهر) الذي ألف "الترياق الخمسيني" للمنصور أبو يوسف يعقوب....

يتبع بقلم الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى