الإسكندرية
الترام الأزرق الصاعد إلى محطة مصر ، يئن من حمله البشري . كل شيء فيه يشخشخ كأنه يستغيث ، وكانت الساعة تقترب من الثالثة عندما قفز إلى سلم الترام رجل ملتح ، وراح يحشر نفسه في استماتة وهو يصيح :
ـ هو الله..
وما أن أطلقها مدوية حتى سرت غمغمة خاشعة بين الركاب الواقفين حشرا في الممر بين المقاعد ، وفي المؤخرة وعلى مقربة.. نفخ شاب أسمر في ضيق ، وهو يروح على وجهه بجرناله في يده.. ثم قال زاهقا ، وقد سبل عينيه:
ـ مين يصدق أننا في شهر مايو !!
وفي الركن اهتزت امرأة ، وقال شخص سائح في عرقه:
ـ وما بالك بيوليو..
نزعت المرأة ملاءتها السوداء ، وعلقتها على كتفها ، قال الشاب الأسمر كأنه يزفر:
ـ كالعادة ..
استدارت المرأة لتواجه الشاب الواقف وراءها ، وهي تقيسه بعينيها الغارقتين في الكحل .. من شعره المدهون وحذائه اللامع .. وسحب الترام سحبة مفاجئة فتطوح كل الواقفين ، ودخل الشاب في المرأة ، كأنهما التحما .. وزعق الرجل الملتحي :
ـ جهنم وبئس المصير ..
انتفضت المرأة ، وتقلص وجه الشاب غيظا . التفت المرأة برأسها ومصمصت بشفتيها. عندها التفت الشاب ذي الشعر المدهون إلى الواقف وراءه في حدة :
ـ ما تحاسب يا بني آدم.. إنت أعمى ؟!
فقال الآخر في هدوء :
ـ الله يسامحك.
ـ الله ياخدك .. ثور صحيح..
رفع الآخر صندوق بضاعته من سجائر وحلويات وأمشاط .. بينما اهتزت عضلة وجهه الهضيم :
ـ أما أفندي ما يختشيش ..
ورفع يده ولكمه في صدره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت في جريدة "السفير " السكندرية ، 2 سبتمبر 1968.
==============
ـ على الأرجح ولد يوسف القط ببورسعيد .
ـ عمل بقنا ثم أتى دمياط ، واستقر بها حيث التحق بوظيفة في قلم الأرشيف بمديرية الصحة .
ـ نشر أعماله في عدة صحف ومجلات ، منها: جاليري 68، سنابل، العمال، المساء ، الرواد ، أخبار دمياط ، وغيرها.
ـ وقد مات أواخر ديسمبر 1985 . حيث أن حفل تأبينه في ذكرى الأربعين عقد بنادي الأدب بدمياط بقصر ثقافة دمياط ، مساء الخميس الموافق 23 يناير 1986. بحضور أدباء من خارج المحافظة : القاص أحمد حميدة من الإسكندرية، القاص إسماعيل بكر من بني سويف ، القاص فردوس ندا من الإسماعيلية ، مع جمال عطية .
ـ تضمن كتاب " القصة القصيرة في دمياط" قصتين له ، هما: قصة 1 ، قصة 2 ، إصدارات الرواد، العدد 25 ، يناير 1990.
ـ نشرت " أخبار الأدب " في محور : دمياط مدينة الفن والتجارة قصة" الألف والهمزة ، العدد 267، 23 أغسطس 1998.
ـ نشرت مجلة" رواد" قصة" الثعبان والصرصار" في عدد خاص بالقصة القصيرة ، ديسمبر 1983 .
ـ قدم له نادي المسرح عرضا دراميا بعنوان" إطار الليل" ، إعداد: سمير الفيل، إخراج: هاشم المياح، دراما تعبيرية: هشام عز الدين. في المنصورة، نوفمبر 1999. ونشر النص بمجلة " آفاق المسرح " ، العدد 15 ، مارس 2000.
ـ حصل العرض على المركز الأول على مستوى الإقليم الثقافي بحضور الناقد السينمائي علي أبوشادي ، رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها .
ـ أعدت دراسات حول يوسف القط ، قدمها كل من : د. مجدي توفيق ، أنيس البياع، مصطفى كامل سعد، سمير الفيل، محمد علوش ، محمد الزكي ، وآخرين.
ـ نشرت له مجموعة بعنوان " 9 قصص" ضمن سلسة " أقلام "، وأشرف على العدد: عاطف فتحي، محمد علوش ، محسن يونس. الكتاب بدون تاريخ إصدار ، ويرجح ان يكون تاريخ النشر سنة 1980.
* منقول عن
- صدى
الترام الأزرق الصاعد إلى محطة مصر ، يئن من حمله البشري . كل شيء فيه يشخشخ كأنه يستغيث ، وكانت الساعة تقترب من الثالثة عندما قفز إلى سلم الترام رجل ملتح ، وراح يحشر نفسه في استماتة وهو يصيح :
ـ هو الله..
وما أن أطلقها مدوية حتى سرت غمغمة خاشعة بين الركاب الواقفين حشرا في الممر بين المقاعد ، وفي المؤخرة وعلى مقربة.. نفخ شاب أسمر في ضيق ، وهو يروح على وجهه بجرناله في يده.. ثم قال زاهقا ، وقد سبل عينيه:
ـ مين يصدق أننا في شهر مايو !!
وفي الركن اهتزت امرأة ، وقال شخص سائح في عرقه:
ـ وما بالك بيوليو..
نزعت المرأة ملاءتها السوداء ، وعلقتها على كتفها ، قال الشاب الأسمر كأنه يزفر:
ـ كالعادة ..
استدارت المرأة لتواجه الشاب الواقف وراءها ، وهي تقيسه بعينيها الغارقتين في الكحل .. من شعره المدهون وحذائه اللامع .. وسحب الترام سحبة مفاجئة فتطوح كل الواقفين ، ودخل الشاب في المرأة ، كأنهما التحما .. وزعق الرجل الملتحي :
ـ جهنم وبئس المصير ..
انتفضت المرأة ، وتقلص وجه الشاب غيظا . التفت المرأة برأسها ومصمصت بشفتيها. عندها التفت الشاب ذي الشعر المدهون إلى الواقف وراءه في حدة :
ـ ما تحاسب يا بني آدم.. إنت أعمى ؟!
فقال الآخر في هدوء :
ـ الله يسامحك.
ـ الله ياخدك .. ثور صحيح..
رفع الآخر صندوق بضاعته من سجائر وحلويات وأمشاط .. بينما اهتزت عضلة وجهه الهضيم :
ـ أما أفندي ما يختشيش ..
ورفع يده ولكمه في صدره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت في جريدة "السفير " السكندرية ، 2 سبتمبر 1968.
==============
ـ على الأرجح ولد يوسف القط ببورسعيد .
ـ عمل بقنا ثم أتى دمياط ، واستقر بها حيث التحق بوظيفة في قلم الأرشيف بمديرية الصحة .
ـ نشر أعماله في عدة صحف ومجلات ، منها: جاليري 68، سنابل، العمال، المساء ، الرواد ، أخبار دمياط ، وغيرها.
ـ وقد مات أواخر ديسمبر 1985 . حيث أن حفل تأبينه في ذكرى الأربعين عقد بنادي الأدب بدمياط بقصر ثقافة دمياط ، مساء الخميس الموافق 23 يناير 1986. بحضور أدباء من خارج المحافظة : القاص أحمد حميدة من الإسكندرية، القاص إسماعيل بكر من بني سويف ، القاص فردوس ندا من الإسماعيلية ، مع جمال عطية .
ـ تضمن كتاب " القصة القصيرة في دمياط" قصتين له ، هما: قصة 1 ، قصة 2 ، إصدارات الرواد، العدد 25 ، يناير 1990.
ـ نشرت " أخبار الأدب " في محور : دمياط مدينة الفن والتجارة قصة" الألف والهمزة ، العدد 267، 23 أغسطس 1998.
ـ نشرت مجلة" رواد" قصة" الثعبان والصرصار" في عدد خاص بالقصة القصيرة ، ديسمبر 1983 .
ـ قدم له نادي المسرح عرضا دراميا بعنوان" إطار الليل" ، إعداد: سمير الفيل، إخراج: هاشم المياح، دراما تعبيرية: هشام عز الدين. في المنصورة، نوفمبر 1999. ونشر النص بمجلة " آفاق المسرح " ، العدد 15 ، مارس 2000.
ـ حصل العرض على المركز الأول على مستوى الإقليم الثقافي بحضور الناقد السينمائي علي أبوشادي ، رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها .
ـ أعدت دراسات حول يوسف القط ، قدمها كل من : د. مجدي توفيق ، أنيس البياع، مصطفى كامل سعد، سمير الفيل، محمد علوش ، محمد الزكي ، وآخرين.
ـ نشرت له مجموعة بعنوان " 9 قصص" ضمن سلسة " أقلام "، وأشرف على العدد: عاطف فتحي، محمد علوش ، محسن يونس. الكتاب بدون تاريخ إصدار ، ويرجح ان يكون تاريخ النشر سنة 1980.
* منقول عن
- صدى