الهواري الحسين - أين اختفى الكسكاس العملاق... التموين والمطاعم المتنقلة في المغرب . طعام العمالقة

في كتاب الرحالة مارمول عن عجائب ما رأى في رحلته الأفريقية يذكر أنه رأى في منطقة حوض درعة كساكيس كبيرة بعضها لا يمكن حمله إلا من طرف عدة أشخاص وبعض الكساكيس مدفونة في المواقد الحجرية المبلطة عليها بالحجارة والتي أثارت استغرابه وتعجبه من حيث مقاساتها وفخامتها التي لا توجد في أي مكان آخر زاره... وأعتبرها من رموز وعظمة للمغرب .
وقد زرت تلك المنطقة وكان أملي ان أرى تلك العجائب التي وصفها الرحالة في كتابه وصف إفريقيا. تلك الكساكيس العملاقة أثارت شغفي وأخذني الحنين لاكتشفها، لكني لم اعثر لها على اثر ورجحت أن التاريخ الذي زار فيه مارمول كاربخال حوض درعة وسجلماسة ومناطق أخرى من الصحراء هو العصر السعدي، وبدراستي لنصوص أخرى مقارنة في العصر المرابطي والموحدي والمريني وخاصة السعدي ولا سيما في حقبة الخليفة المنصور الذهبي وقائده جودر باشا في حملته المشهورة في أقصى الصحراء ومالي ومملكة السونغاي واودغست على حوض نهر النيجر و حوض نهر السنغال.. اني اتاسف لضياع هذا الدليل المهم و الإرث الإنساني الحضاري الذي يثبت على الأقل على قدم طعام الكسكس في المغرب، هل اختفت الكساكيس مع نهاية دولة الأشراف السعديين في المغرب. لقد تم اختراع وصفة متميزة لتمويل الحملات العسكرية وإطعام القوافل التجارية المتنقلة في الصحراء طولا و عرضا عبر مركز سجلماسة للتحكم في طرق التجارة وكان السلطان المريني أبو عنان صاحب الأمجاد قد كلف مسؤولين كبار و شخصيات رفيعة بمهمة الدفاع عن القوافل التجارية المتنقلة في الصحراء المغربية منذ القديم و أوكل إلى وزارة التموين في شخص العلاف الكبير الذي يشرف على التمويل العسكري والمدني كذلك تنظيم مهام توفير العيش والطعام والخدمات للجيش والتجار والعابرين والمقيمين في الصحراء والبراري البعيدة وهي إستراتيجية تأمين المؤن والمياه وضروريات الحياة في الصحراء وحماية القوافل. لقد وصلت عبقرية اولئك القادة من المرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين إلى ابتكار أنظمة و برامج لتحسين ظروف الحياة لسكان الصحراء ومرتديها على طول الإمبراطورية المغربية وكان المسؤولين عن التموين قد نجحوا في مهمتهم باختراع تلك الأدوات العملاقة من طناجير وكساكيس وأدوات عملاقة للمشاركة في إختراق الفيافي وإيصال المؤن إلى كل الجهات في الإمبراطورية المغربية المترامية الأطراف. إن تموين الجيوش والقوافل المتنقلة في «حركات» البلاد كان يحددها السلطان ووزراؤه ومستشاريه لنجاح تلك الحملات بل يحدد أشكال الأطعمة وأنواع المواد الغذائية وتجهيزات المطاعم النقالة الجيدة وموعدها والمكلفين بها في شخص (العلاف الكبير) بدرجة وزير أو مستوى عالي في البلاط لتناط به هذه المهمة و هو شخصية تنطبق على القائد جودر باشا الذي عرفنا سيرته و قد وجد آخرون غيره مثل بنو جامع و بنو ميمون في عصر الموحدين و بنو غانية في عصر المرابطين . ولتنفيذ قرارات السلطان كان يقوم بتعيين المحتسبين و الكتاب و القضاة المرافقين لهذه المهمة و تعيين رؤساء الفرق وتوزيعهم على المناطق وكذلك تدوين الاحداث في سجل يومي يقدم إلى السلطان للتأشير عليه وإمضاء الصدر الأعظم كان ضروريا كما يقوم بالتأشير على كل كشوف المصاريف التي يقدمها شهريا للمسؤولين. وقد ذكر المؤرخ عبدالرحمن بن زيدان في «العز والصولة»، بعض من تولى هذه المهمة في عصره كالحاج عبد الله بن أحمد أخ الحاجب موسى بن أحمد، ثم تولاها في العهد الحسني الأول خاله محمد الكبير بن العربي الجامعي، ثم أخوه محمد الصغير الجامعي، ثم سعيد بن موسى، ثم المهدي المنبهي، ثم محمد الكباص ثم المدني الكلاوي في العصور الحديثة..

مقالتي عن المطاعم المتنقلة وتموين الجيوش و القوافل عن العلاف الكبير . سانشرها لاحقا ..

يتبع بقلم الهواري الحسين

تعتبر معركة تونبيدي سنة 1591 المواجهة الحاسمة بين الإمبراطورية المغربية تحت حكم الأشراف السعديين و إمبراطورية السونغاي في القرن السادس عشر ( المعروفة بالحرب المغربية السونغية). ورغم الفرق العددي الكبير لصالح جيش السونغاي،و كانت القوات المغربية تحت قيادة جودر باشا واستطاعت هزم حاكم إمبراطورية سونغاي أسكيا إسحاق الثاني، مما أدى إلى انهيار الإمبراطورية.
باشوية تمبكتو الواقعة في غرب أفريقيا هو اسم لإحدى ولايات الدولة المغربية خلال فترة حكم السعديين ومن بعدهم العلويين، وعاصمة إدارتها هي تمبكتو. بحلول منتصف القرن الثامن عشر، أصبحت باشوية تمبكتو في حالة ضعف كامل. في حوالي عام 1770، استولى الطوارق على غاو، وفي عام 1787 دخلوا تمبكتو وجعلوا الباشوية تابعة لهم .

الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى