أعتمدت في قراءاتي على الإستعارة من مكتبة البلدية ومكتبات قصور الثقافة، كنت أذهب مع صديق لي إلى مكتبة البلدية – في الإجازة الصيفية – كل يوم تقريبا، نقرأ في القاعة الداخلية ونأخذ في آخر اليوم كتابين لقراءتهما في البيت. كنت أرتاح للقراءة في مكتبة البلدية عن مكتبات قصور الثقافة، فالجلسة في مكتبة البلدية أكثر خشونة وتساعد على التنبه والإستيقاظ، كما أنهم أكثر شدة، فلا تجد ما يصرفك عن الكتاب الذي تقرأه.
قرأت في مكتبة البلدية كتب جبران خليل جبران ودواوين إيليا أبو ماضي، والروايات العالمية والعربية .
إستعرت الكتب من على كامل - المثقف وعاشق الموسيقي الذي لحن لمغنيين من الإسكندرية - كانت مكتبته في شارع إيزيس، وكان يجيد كتابة النوتة الموسيقية، وعندما حكيت لإبنته – منذ سنوات قليلة – عن أفضاله علينا،قالت: لدينا نوت موسيقية، تشتريها؟
فلم أرد عليها وسرت غاضبا، فكل ما يهمها الإستفادة المادية .
وكنت كلما حصلت على مال؛ أشتري به كتبا ومجلات. كنت أشتري مجلتين صباح الخير يوميا من بائع كتب قديمة في محطة مصر بقرش صاغ، المجلة بخمسة مليمات، وكان هذا القرش هو مصروفي اليومي؛ لكنني لم أحتفظ بكل ما إشتريته من كتب ومجلات، فلم أخصص مكانا أضع فيه كتبي، وضاعت الكتب؛ خاصة بعد أن تهدم بيتنا وأنتقلنا مؤقتا إلى بيت عمي؛ إلى أن يكتمل بناء بيتنا.
كانت كتبي تتداخل مع الكتب الدراسية، وأضعها فوق المائدة التي أستذكر عليها، وظللت هكذا، أحلم بأن أقيم مكتبة فوق جدران الشقة – كما أري في الأفلام، أو لدى بعض الأصدقاء الذين أزورهم في بيوتهم، وزوجتي تعارض هذا، وتلح في المعارضة، إلى أن أرسل لي الفنان محمود ياسين ريجيسير أسمه حميدو السينمائي، يعمل مع السينمائيين عندما يصوروا أفلامهم في الإسكندرية –؛ طالبا شراء روايتي الجهينى، فأحست زوجتي بأن العملية جد، وأن هذه الكتب قد تأتي بعائد؛ خاصة إنني إشتريت ثلاجة بمكافأة نادي القصة عندما فازت روايتي" الجهيني " في المسابقة بالجائزة الأولى.
وفوجئت بشقيق زوجتي – وهو إبن عمي في نفس الوقت- يشرف على إقامة المكتبة فوق جدران حجرتي لأول مرة في حياتي.
.....
كنا نذهب أنا وصديقي محمد عبد الله عيسى إلى فرع هيئة الكتاب بالإسكندرية، نشتري عددا كبيرا من الكتب، لدرجة أن مديرها في ذلك الوقت – كان يحرر لنا فاتورة بالخصم بإسم مكتبة الفجر بالقباري. ولا نستطيع أن نتحرك بالكتب، فنبحث عن تاكسي لكي يوصلنا للبيت.
وكان ذلك المدير يحتفظ في بيته بكميات هائلة من الكتب، من إصدار هيئة الكتاب ومن إصدار ناشرين آخرين، فنذهب إلى بيته في العصافرة ونشتري منه.
وقد كنت أنا وشوقي بدر يوسف نقضي ثلاثة أيام كاملة عند إفتتاح معرض الكتاب في القاهرة، فلا نفعل شيئا فيها إلا شراء الكتب، كنا نقيم في شقة قريبة جدا من المعرض. فنذهب في الصباح، نشتري الكتب، خاصة كتب البلاد العربية، ونقضى أكثر وقتنا لدى باعة الكتب القديمة ( سور الأزبكية) ونعود محملين، فنتناول غداءنا ونرتاح قليلا ونعود إلى المعرض، ونستأنف الرحلة. كانت مشكلتنا كيف نصل بهذه الكتب الكثيرة جدا إلى الإسكندرية.
.....
إنني اشتري الكتب من شارع النبي دانيال – حيث باعة الكتب القدمية – عادة، مع صديقي شوقي بدر يوسف. وأصبح باعة الكتب أصدقاء لنا، نحييهم كلما سرنا في هذا الشارع،ويلجأون إلينا،طالبين منا أن ندافع عنهم في الجرائد والمجلات عندما تطاردهم " شرطة الإزالة "، وتصادر كتبهم. وإذا وجدوا كتبا من كتبي، ينادون علي ّ وأنا سائر ممسكين بالكتب.
أنا وشوقي ومحمد عبد الله عيسى – من بين كتاب القصة في الإسكندرية – الذين نعتمد أكثر على شراء الكتب القديمة. لكن عبد الله هاشم والمرحوم سعيد بكر يعتمدان على شراء الكتب الجديدة، ولم أرهما يوما يشتريان كتبا قديمة.فيهمهما أكثر شكل المكتبة، المكتبة عند عبد الله هاشم بالذات غاية وليست وسيلة. فهويحرص على شراء كل الكتب الأدبية، ويعني بالتقييم المالي لكتبه أولا بأول.وحدثني زميل لي في العمل، بأنه لا يستطيع قراءة كتاب قديم؛ لابد أن يكون الكتاب جديدا.
وشراء الكتب القديمة يفاجئنا بأشياء لا تخطر على البال. كنا نجد في هذه الكتب رسائل أرسلتها فتاة معذبة إلى حبيبها الذي لا يسأل عنها. أو رسالة من زوجة إلى زوجها تذكره بما قدمته إليه طوال حياتها وأنها لا تستحق منه هذا الهجران. ومن الرسائل التي لا أستطيع أن أنساها رسالة كتبتها فتاة يوم 30 /7/ 1975إسمها إبتسام.في ظهر صورة من كتاب محاكمات الثورة الجزء الثاني. تلميذة في مدرسة قاسم أمين الإعدادية بنات وأمها أبلة وداد – سكرتيرة المدرسة إلى والدها المسجون في سجن الحضرة. البنت نجحت ورايحة سنة ثانية.
والدها مسجون منذ أربعة أشهر وباقي من مدة سجنه ثلاث سنوات وثمانية أشهر – طبقا لحساب الفتاة –
تدعو الله أن يعطيها هي وأمها وأخوتها العمر ويعطيها قوة الإحتمال لتصبر على بعد أبيها. وأبوها يطلع بالسلامة ويرجع زي زمان ويقعد معانا.
لم توضح الفتاة عن سبب سجن والدها. واضح انه رجل يهتم بالثقافة،وخاصة المرتبطة بالسياسة .
ونجد لدي باعة الكتب القديمة ؛ كتبا عليها إهداء لشخصيات معروفة. وقد حكى لي صديقي " فلان الفلان " بائع الكتب القديمة في القاهرة: إنه حصل على كتب لنا سبق أن أهديناها إلى صحفيين معروفين ليكتبوا عنها، وأحيانا يجد داخل الكتاب الرسالة التي أرفقناها بالكتاب، وصور شخصية لنا. وقد كان سكرتير الأديب الكبير ورئيس القسم الأدبي في جريدة معروفة، يجمع الكتب التي يهديها الأدباء إلى رئيسه، ويرسل إلى بائع الكتب القديمة لشرائها.
قرأت في مكتبة البلدية كتب جبران خليل جبران ودواوين إيليا أبو ماضي، والروايات العالمية والعربية .
إستعرت الكتب من على كامل - المثقف وعاشق الموسيقي الذي لحن لمغنيين من الإسكندرية - كانت مكتبته في شارع إيزيس، وكان يجيد كتابة النوتة الموسيقية، وعندما حكيت لإبنته – منذ سنوات قليلة – عن أفضاله علينا،قالت: لدينا نوت موسيقية، تشتريها؟
فلم أرد عليها وسرت غاضبا، فكل ما يهمها الإستفادة المادية .
وكنت كلما حصلت على مال؛ أشتري به كتبا ومجلات. كنت أشتري مجلتين صباح الخير يوميا من بائع كتب قديمة في محطة مصر بقرش صاغ، المجلة بخمسة مليمات، وكان هذا القرش هو مصروفي اليومي؛ لكنني لم أحتفظ بكل ما إشتريته من كتب ومجلات، فلم أخصص مكانا أضع فيه كتبي، وضاعت الكتب؛ خاصة بعد أن تهدم بيتنا وأنتقلنا مؤقتا إلى بيت عمي؛ إلى أن يكتمل بناء بيتنا.
كانت كتبي تتداخل مع الكتب الدراسية، وأضعها فوق المائدة التي أستذكر عليها، وظللت هكذا، أحلم بأن أقيم مكتبة فوق جدران الشقة – كما أري في الأفلام، أو لدى بعض الأصدقاء الذين أزورهم في بيوتهم، وزوجتي تعارض هذا، وتلح في المعارضة، إلى أن أرسل لي الفنان محمود ياسين ريجيسير أسمه حميدو السينمائي، يعمل مع السينمائيين عندما يصوروا أفلامهم في الإسكندرية –؛ طالبا شراء روايتي الجهينى، فأحست زوجتي بأن العملية جد، وأن هذه الكتب قد تأتي بعائد؛ خاصة إنني إشتريت ثلاجة بمكافأة نادي القصة عندما فازت روايتي" الجهيني " في المسابقة بالجائزة الأولى.
وفوجئت بشقيق زوجتي – وهو إبن عمي في نفس الوقت- يشرف على إقامة المكتبة فوق جدران حجرتي لأول مرة في حياتي.
.....
كنا نذهب أنا وصديقي محمد عبد الله عيسى إلى فرع هيئة الكتاب بالإسكندرية، نشتري عددا كبيرا من الكتب، لدرجة أن مديرها في ذلك الوقت – كان يحرر لنا فاتورة بالخصم بإسم مكتبة الفجر بالقباري. ولا نستطيع أن نتحرك بالكتب، فنبحث عن تاكسي لكي يوصلنا للبيت.
وكان ذلك المدير يحتفظ في بيته بكميات هائلة من الكتب، من إصدار هيئة الكتاب ومن إصدار ناشرين آخرين، فنذهب إلى بيته في العصافرة ونشتري منه.
وقد كنت أنا وشوقي بدر يوسف نقضي ثلاثة أيام كاملة عند إفتتاح معرض الكتاب في القاهرة، فلا نفعل شيئا فيها إلا شراء الكتب، كنا نقيم في شقة قريبة جدا من المعرض. فنذهب في الصباح، نشتري الكتب، خاصة كتب البلاد العربية، ونقضى أكثر وقتنا لدى باعة الكتب القديمة ( سور الأزبكية) ونعود محملين، فنتناول غداءنا ونرتاح قليلا ونعود إلى المعرض، ونستأنف الرحلة. كانت مشكلتنا كيف نصل بهذه الكتب الكثيرة جدا إلى الإسكندرية.
.....
إنني اشتري الكتب من شارع النبي دانيال – حيث باعة الكتب القدمية – عادة، مع صديقي شوقي بدر يوسف. وأصبح باعة الكتب أصدقاء لنا، نحييهم كلما سرنا في هذا الشارع،ويلجأون إلينا،طالبين منا أن ندافع عنهم في الجرائد والمجلات عندما تطاردهم " شرطة الإزالة "، وتصادر كتبهم. وإذا وجدوا كتبا من كتبي، ينادون علي ّ وأنا سائر ممسكين بالكتب.
أنا وشوقي ومحمد عبد الله عيسى – من بين كتاب القصة في الإسكندرية – الذين نعتمد أكثر على شراء الكتب القديمة. لكن عبد الله هاشم والمرحوم سعيد بكر يعتمدان على شراء الكتب الجديدة، ولم أرهما يوما يشتريان كتبا قديمة.فيهمهما أكثر شكل المكتبة، المكتبة عند عبد الله هاشم بالذات غاية وليست وسيلة. فهويحرص على شراء كل الكتب الأدبية، ويعني بالتقييم المالي لكتبه أولا بأول.وحدثني زميل لي في العمل، بأنه لا يستطيع قراءة كتاب قديم؛ لابد أن يكون الكتاب جديدا.
وشراء الكتب القديمة يفاجئنا بأشياء لا تخطر على البال. كنا نجد في هذه الكتب رسائل أرسلتها فتاة معذبة إلى حبيبها الذي لا يسأل عنها. أو رسالة من زوجة إلى زوجها تذكره بما قدمته إليه طوال حياتها وأنها لا تستحق منه هذا الهجران. ومن الرسائل التي لا أستطيع أن أنساها رسالة كتبتها فتاة يوم 30 /7/ 1975إسمها إبتسام.في ظهر صورة من كتاب محاكمات الثورة الجزء الثاني. تلميذة في مدرسة قاسم أمين الإعدادية بنات وأمها أبلة وداد – سكرتيرة المدرسة إلى والدها المسجون في سجن الحضرة. البنت نجحت ورايحة سنة ثانية.
والدها مسجون منذ أربعة أشهر وباقي من مدة سجنه ثلاث سنوات وثمانية أشهر – طبقا لحساب الفتاة –
تدعو الله أن يعطيها هي وأمها وأخوتها العمر ويعطيها قوة الإحتمال لتصبر على بعد أبيها. وأبوها يطلع بالسلامة ويرجع زي زمان ويقعد معانا.
لم توضح الفتاة عن سبب سجن والدها. واضح انه رجل يهتم بالثقافة،وخاصة المرتبطة بالسياسة .
ونجد لدي باعة الكتب القديمة ؛ كتبا عليها إهداء لشخصيات معروفة. وقد حكى لي صديقي " فلان الفلان " بائع الكتب القديمة في القاهرة: إنه حصل على كتب لنا سبق أن أهديناها إلى صحفيين معروفين ليكتبوا عنها، وأحيانا يجد داخل الكتاب الرسالة التي أرفقناها بالكتاب، وصور شخصية لنا. وقد كان سكرتير الأديب الكبير ورئيس القسم الأدبي في جريدة معروفة، يجمع الكتب التي يهديها الأدباء إلى رئيسه، ويرسل إلى بائع الكتب القديمة لشرائها.