الحسين الهواري - الطعام في عصر السلطان الأكحل أبي الحسن المريني

أبي الحسن المريني عن معاصره ابن فضل الله العمري الدمشقي في كتاب مسالك الأبصار . يعد السلطان أبو الحسن بن عثمان المريني أعظم ملوك بني مرين بل واحد من أعظم ملوك المغرب حسب الناصري في الاستقصا . سمي عصره عصر الخيرات والبركات و الازدهار . لقب بالسلطان الاكحل.
يصف لنا المؤلف ابن فضل الله العمري في كتابه " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار " زيارته للمغرب و الفترة الزاهية لأبي الحسن المريني بكثير من الإعجاب و الفخر و الاعتزاز و الصدق و قد خصص فصلا طويلا للمغرب و لهذا السلطان العبقري و من كثرة الإطراء عليه و الوصف الجميل لكل مواطن الحياة في عصره مما لا تسعنا المساحة لذكره بالتفصيل و سنكتفي فقط بما جاء في كتابه عن الطعام و الطبخ وفنون العيش في عصر بني مرين و خاصة في عصر السلطان الاكحل حيث يشير( وهو شاهد عيان ) إلى الموائد السلطانية " .. عن مالكها و مآكلها و مطاعمها " " .. ثم يمد لهم سماط ثراءد في جفان ، وحولها طوافير وهي المخافي فيها أطعمة ملونة متنوعة ، ومعها الحلواء فيها ما هو بالسكر ومعضمها بالعسل ومنها النوعان موجودان إلا أن السكر قليل ، وجمهور ما يعمل من العسل من الحلواء بالزيت .." وقد أسهب في ذكر أنواع و أصناف المأكولات والمشروبات و انواع المزروعات و النباتات و الاشجار ، يقول المؤلف: " وعندهم الاترج والليمون والليم والنارنج والزنبوع وهو المسمى في مصر و الشام الكباد و البطيخ الأصفر أما الأخضر فيسمى عندهم الدلاع .... وبها الخيار و الغتاء و اللفت والجزر و اللوبياء والكرنب والشمار و الصعتر وسائر البقول ...."
و يذكر كمياتها و اثمانها و دقق في أصناف الفواكه والخضروات و الحبوب و القطاني و طرق الفلاحة و غير ذلك من المؤن و أنماط العيش و الموارد والمواد الإستهلاكية و سنعود الى ذكر تفاصيلها في حلقات قادمة .

* يعد السلطان أبو الحسن المريني الملقب بالمنصور بالله و بالسلطان الاكحل (731 - 749هـ = 1331م - 1348م) واحد من أعظم ملوك بني مرين، بل من أعظم ملوك المغرب على الجملة ، فقد عم صيته البسيط شرقا وغربا، ووصفه الناصري بقوله: "هذا السلطان هو أفخم ملوك بني مرين دولة، وأضخمهم ملكا، وأبعدهم صيتا، وأعظمهم أبهة، وأكثرهم آثارا بالمغربين والأندلس". و عرف عصره ازدهارا و تقدما و توسعا و عم السلم والأمن و الخير و الرفاه ساءر مناطق المملكة حتى إفريقيا و الصحراء حدود نهر السنغال و نهر النيجر .
نسبه وبيعته
هو السلطان أمير المسلمين المنصور بالله، أبو الحسن علي بن عثمان (الثاني) بن يعقوب (المنصور المريني) بن عبد الحق (الأول) بن محيو أبي خالد بن أبي بكر المريني، الزناتي، البربري أصلا، المغربي إقامة ووفاة. من كبار المرينيين ملوك المغرب، وبنو مرين فرع من قبيلة زناتة الأمازيغية (البربرية) الشهيرة، والتي ينتمي إليها عدد من القبائل التي لعبت أدوارًا مهمة في تاريخ المغرب العربي، مثل مغيلة ومديونة ومغراوة وعبد الواد وجراوة، وغيرهم.
ولد أبو الحسن المريني في سنة 697هـ / 1297م بتفرديون من بلاد المغرب، وكان أبوه أبو سعيد عثمان بن يعقوب المريني سلطان المغرب، ولقبه السعيد بفضل الله، وتولى السلطنة سنة 710هـ إثر وفاة أبي الربيع المريني وكانت أيامه أيام حروب وتوسع، ظفر في أغلبها.
أما أمُّ أبي الحسن المريني فكانت حبشية، وكان هو أسمر اللون فعُرِفَ عند العامة بـ "السلطان الأكحل". وبويع أبو الحسن المريني بفاس بعد وفاة أبيه في سنة 1331م بعهد منه، فهو عاشر ملوك الدولة المرينية بالمغرب الأقصى ومن أكابرهم وأعظمهم على الإطلاق.
كان أبو الحسن شغوفا بالجهاد منذ صغره، فلم يمض على ولايته غير عامين حتى سارع إلى انتزاع جبل طارق من أيدي الفرنجة. فقد كان باكورة أعمال أبي الحسن المريني استرجاعه جبل طارق من يد الإفرنج.
* المؤلف هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري . ولد ابن فضل الله في دمشق سنة 700هـ وتلقى بها تعليمه وبرع في الكتابة وفنونها والعلوم، في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون ذهب إلى القاهرة وتقلد رئاسة ديوان الإنشاء وكان له الفضل في الكثير من الدراسات.
و قد عني العمري بدراسة الجغرافية السياسية، ودرس تواريخ الأمم وعجائبها، ودرس الفلك، وتجول في البلاد من الشام إلى الحجاز والأناضول وغيرها من بلاد الأرض.
و قد تبوأ العمري منزلة عظيمة، ونال حظوة لدى الملكـ الناصر، حتى وافته المنية في دمشق سنة 749هـ دون أن يبلغ الخمسين.
من أشهر مؤلفاته " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار"
و فواضل السمر في فضائل آل عمر.
و يقظة الساهر.

... يتبع بقلم الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى