سلسلة "كلمني عنه" الجزء الثالث - الحلقة 3 مع الكاتب إلياس الخطابي... حوار: ميمون حِرش

حوار: ميمون حِرش

إلياس الخطابي كاتب مغربي شاب، عاشق للسرد، و قارئ نَهم، حرفه لافت، وما يطرحه من أفكار عبر تدويناته، يؤكد بأنه جُبل على حب تقنية السرد والحكي، يطرح ما يكتب بلغة مشوبة بمشاكسة مُحببة، بها يُقرب القراءَ من عالمه الذي يشغله، مرات كثيرة حين أقرأ له ، أبتسم مُسجلا الملاحظة التالية: " هذا الولد "عفريت" كيف انتبه لهذا الأمر ! ".
أحزر له مستقبلا نضِراً في الكتابة، وفي القصة خاصة ، هذا ما أتوقعه لهذا الشاب الطموح، في الكتابة.
أحب ما يكتب، أقراُ له، وأبتسم، بل وأستمتع بقصصه.

أحاوره، في سلسلة " كلمني عنه" في الجزء الثالث منها عبر أسئلة طريفة.
تعالوا نكتشف هذا الشاب العاشق للسرد من خلال أجوبة تلقائية، لكن رائعة.

1- موقف طريف حدث لك في الأسرة، أو المدرسة، أو الحياة بشكل عام..

حينما قرأت الأسئلة التي طرحت بشكل غير مباشر، تفاعلت معها بشكل غريب وحفزتني لأشارك ثم لأكتب أيضاً؛لأنها أسئلة غير مباشرة، بالإضافة إلى ذلك تجعلك تعود لما مضى، ثم تتأمل ما تفعله بشكل عفوي، ولا تهتم به سوى قليلا .
في البداية فكرتُ في الأشياء الطريفة التي حدثت لي في الحياة، طرائفي كثيرة، لكن ذهني لم يوجهني لطرفة واحدة. بل ظلت طرائف معلقة على السطح، رغم ذلك يمكن أن أبوح هنا في هذه المشاركة أن الحدث الطريف الذي لا أستطيع نسيانه هو حينما كنت أطلب من الوالدة أن تزوجني بامرأة ثلاثينية من القرية وأنا في سن لا يتجاوز الحادية عشر بعد. لا أدري ماذا كان يجذبني إليها وأنا حَدَث. ربما حنانها، أو شيء آخر. لكن ما أدريه هو أن جميع أناس القرية يعرفون قصتي مع هذه المرأة. إذ كل مرة ألتقي شخصاً بعد غياب طويل يقول لي ضاحكا: "في صغرك كنت تعشق فلانة بنت فلان ".

2- طقس الكتابة لديك، كيف تلبي نداءها.

أما فيما يخص الكتابة، في الغالب أكتب بدون طقوس، أو للدقة، طقوسي كثيرة، لذلك أظن أني أكتب بدونها، لكن الشيء الذي أُقره هو أني أكتب بنوع من الفوضوية. أكتب في أمكنة مختلفة. وكذلك الزمان. أكتب في الصباح والمساء والنهار.. وبدون الموسيقى لا يمكن أن أكتب كلمة واحدة، خاصة الموسيقى الصامتة، والأغاني القديمة. ثم إنّ الشيء الذي أركز عليه هو الاحتفاظ على نواة الكتابة في الذهن. أبني ما أريد كتابته، ثم أترك الأفكار تختمر على مهل حتى تكتمل، وحينما تصبح جاهزة، وأشعر أن النص آن أنْ يولد ، أكتبه على الورق ..نادراً ما أواجه الورقة البيضاء بدون تخطيط يمُر من الذهن أولاً.

3 - ورطة نُسجت لك أو وقعتَ فيها صدفة ... كيف تخلصتَ منها.

لي تجاربُ كثيرة جعلتني أشعر بحرج كبير، وتمنيت حينها لو كنت ساحراً لأشقَّ الأرض شقاً حتى أتوارى. أكبر حدث أحرجني هو حينما نشرت من نصوصي الأولى ( مع القراءة والكتابة) قصيدة "لا شيء يعجبني" للشاعر محمود درويش على صفحتي بالفيسبوك، دون ذكراسم صاحبها ( حينها كنتُ في سن الخامسة عشرة من عمري). قرأها صديق أكبر مني، أكبر مني حتى في الثقافة، ويعرف درويش، وأدباء آخرين. قال لي:"لقد نشرت قصيدة شعرية ..هل هي لك؟"،أجبته :نعم .
بعد ذلك، أتاني بديوان درويش وأطلعني على صفحة فيها القصيدة المعنية، قال لي ضاحكاً: "لماذا تكذب ؟!"

4 - أجمل أو أغرب، أو أسوأ تعليق عن "إبداعك"، سمعته من أحدٍ وجهاً لوجه، أو قرأته مكتوباً.

لم تكن هناك تشجيعات، حول نصوصي الأولى ، كل الآراء حول ما أكتب كانت آراء سيئة جداً. لكن لا يمكن أن أنسى تعليقا من شخص لا أعرفه، وهو يعرفني وكان يقرأ ما أنشره على صفحتي في الفيسبوك. كتب لي تعليقا على قصة نشرت لي في إحدى المجلات الإلكترونية قائلا:
"أنت لا تكتب.. أنت تخرأ، وتتطفل على الكتابة. الذي يكتب هو مجنون..وأنت من أولائك المجانين "
هذا التعليق حيرني ، ثم جعلني أسأل وبإلحاح: "هل حقا كل من يمارس الكتابة مجنون ؟"

5 - أمر تكشفه، لأول مرة، وتميط اللثام عنه لمحبيك..

يحزنني كون الأسئلة ليست كثيرة. وأنا الآن أواجه السؤال الأصعب وهو الأخير. ماذا أخفي وماذا أظهر! ربما أنا كائن واقعي وصريح ثم جريء أيضاً. لا أكبت بداخلي أي شيء، ولا أضمره. لقد كنت أفعل ذلك ومرضت. لذلك تعلمت من الكتابة أن أكون ثرثاراَ وأبوح بكل الأسرار، بما يهم، وما لا يهم. لكن رغم ذلك كوني قبلت المشاركة فعلي أن أقول شيئا ما في هذا الصدد.. في الغالب يتصورني الكثير أستاذاً، أو طالباً باحثاً في الماستر، أو الجامعة. لكنني لست كذلك. لقد أوضحت الأمر مرات كثيرة للأقرباء. لكن لا بأس أن أكرره من جديد. وهو أني ما أزال تلميذاً في السنة الأخيرة في السلك الثانوي. ليس بسبب الرسوب، أو الطرد، وإنما هي ظروف كثيرة جعلتني أغادر الدراسة لأربع سنوات ثم بعد ذلك عدت وقبلت التحدي. لم أعد برغبتي فحسب، وإنما كلمات قليلة من الوالدة غيرت كل شيء، وهي:
"عليك أن تعود لدراستك ، وإن احتجتَ لمصاريف ، لأجل ذلك، سأبيع ذهبي البسيط الذي قدمه لي والدك مهراً لزواجنا... الدراسة ستجعلك تعيش كريماً، تذكرْ هذا "
كنت على وشك أن أتوقف. لكن حينما تذكرت كلمة "محبيك". تذكرت القراء، والذين يشاركونني شغف الكتابة وغوايتها. الذين يقرأون لي باستمرار يشجعونني على النشر الورقي. نشرت قليلا في الجرائد والمجلات. لكن ذلك في نظرهم غير كاف. لذلك دوماً يعاتبونني ويقولون لي:
"نحن نقدمك للآخرين بأنك كاتب، لكن حينما نُسأل عن مؤلفاتك نعدم الجواب. الكاتب كي يعترف به الجميع عليه أن ينشر على الأقل كتاباً ورقياً."
الآن يمكن أن أبوح للمحبين أنني أشتغل على مجموعة قصصية بعنوان "الضياع في الحياة". طباعتها ورقياً سيطول قليلا بسبب تعقيدات متعددة، بالإضافة إلى ذلك أنا لا أحب التنقيح وأكرهه. لا سيما جمع النصوص، ونقلها من الورق إلى الحاسوب. لكن بسبب تشجيعات المحبين ومنهم القاص المبدع ميمون حرش، وآخرون.. أحاول أن أكون جديا وأن أعمل بنصائح الذين سبقوني للكتابة والنشر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى