يقول العرب: “كل طعام لا حلواء فيه، فهو خداج”، أي ناقص غير تام. وكانت الحلويات يُختَم بها الطعام كما نفعل نحن الآن، ومن كلام ابن القاسم “العوائد أحمد من البدايات، والفوائد في النتائج لا في المقدمات، كما ختم الطعام بالحلواء، ونسخ الظلام بالضياء، وبعث محمد خاتم الأنبياء”.
وتمتلئ كتب الأدب العربي بذكر الحلويات التي يتناولها الصائمون في شهر رمضان، وتبريراتها عندهم، ومنها قول أحدهم: “الحلواء كلها، حقُّها أن تؤكل بعد الطعام، لأن للمعدة ثوراناً عقب الامتلاء، فإذا صادفت الحلاوة سكنت”، ويضيف: “إن في المعدة زاوية لا تسدها إلا الحلاوة على أصله، والآكل –إذا اشتهى الحلاوة- ثم فقدها وجد حواسه ناقصة”.
ومن الحلويات التي يفضلها الصائمون والمذكورة في بطون كتب التراث العربي “التمر مع الزبد” وخاصةً عند أهل البداوة، والخبيصة أو الخبيص وهي عجينة السمن مع التمر، ويقول الزمخشري عنها: “الخبيصة خاتمة الخبز، وأكلها يزيد في الدماغ”.
وأيضاً هناك “اللوزينج” وهو شبيه القطايف وكان يُسمّى “قاضي قضاة الحلاوات” وأجمل ما قيل فيه قول ابن الرومي:
لا يُخطئني منه لوزينج.. إذا بدا أعجب أو أعجبا
مستكثفُ الحشو ولكنه.. أرقُّ جلداً من نسيم الصبا
من كل بيضاء يود الفتى.. أن يجعل الكفَّ لها مركبا
الكنافة والقطايف
وتأتي الكنافة على رأس قائمة الحلويات الرمضانية، وتكون المنافسة بينها وبين القطايف شديدة جداً، فهاتين الأكلتين أصبحتا تراثاً ذا جذر ممدود في تاريخ مجتمعاتنا العربية منذ قديم الزمن، خاصةً أنه من المعتقدات الموروثة أن للحلوى أثراً محموداً في رد قوة الصائم إليه.
وقد بلغت شهرة الكنافة والقطايف أن جلال الدين السيوطي كتب فيهما كتاباً جمع فيه كل ما قيل عنهما أسماه “منهل اللطائف في الكنافة والقطائف”.
القطايف
وتروي لنا صفحات الأدب شهادة لهذا التراث لا تخلو من الفكاهة، فأبو الحسين الجزار، أحد الشعراء الصعاليك بالعصر المملوكي، قدم تجربة مختلفة كشاعر اشتهر بحبه للكنافة وألّف لها العديد من النصوص داعياً لها بالمطر والسقيا، مقلداً في ذلك الشعراء الجاهليين الذين ارتبطت حياتهم بالصحراء وكانوا يدعون لمن يحبون بالسقيا، يقول أبو الحسين:
سقى الله أكتاف الكنافة بالقطر.. وجاد عليها سكراً دائم الدرِّ
وتباً لأوقات المخلل إنها.. تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وكما تغنى قيس بليلى، وعنترة بعبلة، فإن أبو الحسين تغنى بمحبوبته الكنافة، متخيلاً إياها في أحد نصوصه أنها تتهمه بالخيانة مع ضرتها “القطائف”، يقول أبو الحسين:
ومالي أرى وجه الكنافة مغضباً.. ولولا رضاها لم أرد رمضانها
ترى اتهمتني بالقطائف فاغتدت.. تصد اعتقاداً أن قلبي خانها
وقد قاطعتني ما سمعت كلامها.. لأن لساني لم يخاطب لسانها
من جهته يقول شهاب الدين الهائم:
إليك اشتياقي يا كنافة زائدٌ.. ومالي غناءٌ عنك كلا ولا صبرُ
فلا زلتِ أكلي كل يومٍ وليلةٍ.. ولا زال منهلاً بجرعائك القطرُ
وتمتلئ كتب الأدب العربي بذكر الحلويات التي يتناولها الصائمون في شهر رمضان، وتبريراتها عندهم، ومنها قول أحدهم: “الحلواء كلها، حقُّها أن تؤكل بعد الطعام، لأن للمعدة ثوراناً عقب الامتلاء، فإذا صادفت الحلاوة سكنت”، ويضيف: “إن في المعدة زاوية لا تسدها إلا الحلاوة على أصله، والآكل –إذا اشتهى الحلاوة- ثم فقدها وجد حواسه ناقصة”.
ومن الحلويات التي يفضلها الصائمون والمذكورة في بطون كتب التراث العربي “التمر مع الزبد” وخاصةً عند أهل البداوة، والخبيصة أو الخبيص وهي عجينة السمن مع التمر، ويقول الزمخشري عنها: “الخبيصة خاتمة الخبز، وأكلها يزيد في الدماغ”.
وأيضاً هناك “اللوزينج” وهو شبيه القطايف وكان يُسمّى “قاضي قضاة الحلاوات” وأجمل ما قيل فيه قول ابن الرومي:
لا يُخطئني منه لوزينج.. إذا بدا أعجب أو أعجبا
مستكثفُ الحشو ولكنه.. أرقُّ جلداً من نسيم الصبا
من كل بيضاء يود الفتى.. أن يجعل الكفَّ لها مركبا
الكنافة والقطايف
وتأتي الكنافة على رأس قائمة الحلويات الرمضانية، وتكون المنافسة بينها وبين القطايف شديدة جداً، فهاتين الأكلتين أصبحتا تراثاً ذا جذر ممدود في تاريخ مجتمعاتنا العربية منذ قديم الزمن، خاصةً أنه من المعتقدات الموروثة أن للحلوى أثراً محموداً في رد قوة الصائم إليه.
وقد بلغت شهرة الكنافة والقطايف أن جلال الدين السيوطي كتب فيهما كتاباً جمع فيه كل ما قيل عنهما أسماه “منهل اللطائف في الكنافة والقطائف”.
القطايف
وتروي لنا صفحات الأدب شهادة لهذا التراث لا تخلو من الفكاهة، فأبو الحسين الجزار، أحد الشعراء الصعاليك بالعصر المملوكي، قدم تجربة مختلفة كشاعر اشتهر بحبه للكنافة وألّف لها العديد من النصوص داعياً لها بالمطر والسقيا، مقلداً في ذلك الشعراء الجاهليين الذين ارتبطت حياتهم بالصحراء وكانوا يدعون لمن يحبون بالسقيا، يقول أبو الحسين:
سقى الله أكتاف الكنافة بالقطر.. وجاد عليها سكراً دائم الدرِّ
وتباً لأوقات المخلل إنها.. تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وكما تغنى قيس بليلى، وعنترة بعبلة، فإن أبو الحسين تغنى بمحبوبته الكنافة، متخيلاً إياها في أحد نصوصه أنها تتهمه بالخيانة مع ضرتها “القطائف”، يقول أبو الحسين:
ومالي أرى وجه الكنافة مغضباً.. ولولا رضاها لم أرد رمضانها
ترى اتهمتني بالقطائف فاغتدت.. تصد اعتقاداً أن قلبي خانها
وقد قاطعتني ما سمعت كلامها.. لأن لساني لم يخاطب لسانها
من جهته يقول شهاب الدين الهائم:
إليك اشتياقي يا كنافة زائدٌ.. ومالي غناءٌ عنك كلا ولا صبرُ
فلا زلتِ أكلي كل يومٍ وليلةٍ.. ولا زال منهلاً بجرعائك القطرُ