الدستور هو أسمى قانون يُنظِّم شؤونَ حياةِ التاس في بلدٍ من البلدان، علما أن عذه الشؤون فيها العام والخاص.
الأحزاب السياسية، حسب ما ينص عليه الدستور والقانون، مؤسسات اجتماعية تسعى للوصول إلى السلطة وإلى ممارستها عن طريق الانتخابات ونيابةً عن الشعب. وهذه المؤسسات تُعدُّ جزء من المشهد السياسي والديمقراطي. بل هي التي تُحرِّك هذا المشهد عن طريق التَّمثيلية في البرلمان والحكومة، وكذلك، عن طريق نشر الوعي السياسي وحثِّ المواطنين على الانخراط في العمل السياسي. وهي كذلك عبارة عن مجموعة أشخاص يتقاسمون نفس الأفكار والمباديء والتَّوجُّهات والإيديولوجيات والأهداف…، أي ناس لهم نظرةٌ خاصة بهم حول ما يجب أن يكون عليه المجتمع سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. أي أشخاص يتقاسمون مشروع مجتمع projet de société يتماشى مع أفكارهم ومبادئهم وإيديولوجياتهم السياسية.
وهذه الأفكار والمباديء والإيديولوجيات… تختلف من مؤسسة حزبية إلى أخرى حيث أن كل مؤسسة لها نظرتُها الخاصة بها للممارسة السياسية اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. وهذه النظرة هي التي تقود وتوجِّه عملَ المؤسسات الحزبية حين وصولِها، عن طريق الانتخابات، إلى مواقع تدبير الشأن العام برلماناً وحكومةً.
هكذا وَجَبَ أن تكون الأحزاب السياسية من الناحية النَّظرية دستوريا وقانونيا. السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "هل أحزابنا السياسية التي يُناهز عددُها الأربعين، صورةٌ طِبقَ الأصل لما نظَّره المُشرِّع في الدستور والقانون؟ أو، بعبارة أخرى، "هل الأحزاب السياسية الموجودة على أرض الواقع (كنتُ سأقول النَّاشِطة على أرض الواقع) صورة طِبقَ الأصل لما أراده الدستورُ الذي أقرَّه الشعب المغربي بأغلبية ساحقة وكذلك طبقاً للقانون المصادق عليه من طرف البرلمان بغُرفتيه؟
لا حاجةَ لنا لمِنظارٍ أو لمِِجهرٍ للإجابة عن هذا السؤال. الأمورُ واضحةٌ وضوحَ الشمس ولا غُبارَ عليها. التَّنظير théorisation والواقع la réalité شيء آخر أو التَّنظير مِثالِيٌّ idéal والواقع مُخالفٌ له. الواقع يصرُخ ويقول :
1.الأحزاب السياسية ليست مؤسسات كما جاء في الدستور والقانون. إنها مجرَّد مجموعة أشخاص، كنتُ سأقول أشخاص مناضلين. لكن، سرعان ما أيقظني الواقعُ ونبَّهني بأن النضالَ مات مع موت رواد الأحزاب السياسية الأوائل، رحمهم الله جميعا. مجموعة أشخاص، إذا ناضلوا، يُناضلون من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية، من أجل البحث عن المناصب المذرَّة للدخل، ومن أجل احتلال كراسي السلطة، ومن أجل أن تُمطَرَ الأموالُ من جميع الجهات، ومن أجل الحصول على النفوذ، وعلى الجاه والريع وكل ما يجعل الجيوبَ تنتفخ بسُرعة فائقة…
2.الدافع الأساسي لوصول الأحزاب السياسية إلى السلطة ليس حتما خدمة الصالح العام، بل خدمة مصالح القيادات الحزبية. وهناك أمثلةٌ صارخة سجَّلها التَّأريخ السياسي وجعلها وسيجعلها وصمةَ عارٍ على أحزابٍ سياسية عُرِفت، في الماضي، بنضالها لنُصرة الحق والقانون.
3.الانتخابات بالنسبة للأحزاب السياسية ليست عامِلا من عوامل الانتقال الديمقراطي. بل مطِيَّةٌ تركبها هذه الأحزاب السياسية من أجل تحقيق مصالحها الضيقة، وبالأخص، من أجل احتلال كراسي السلطة. والدليل على ذلك، أن الأحزابَ السياسية وصلت إلى حدِّ التَّلاعب بالقاسم الانتخابي للوصول إلى احتلال هذه الكراسي.
4.هناك هُوةٌ كبيرة تفصل بين الأحزاب السياسية و الشعب رغم ادِّعائها أنها تمثِّله وتنوب عنه. في الحقيقة، لا تمثِّل إلا نفسَها.
5.الأحزاب السياسية، وجودُها في المشهد السياسي يساوي عدمَ وجودها فيه. في البرلمان، "كَتْفَرّق الْغَا" وفي الحكومة، بإستثناء بعض المرافق الوزارية، تنتظر الضوء الأخضر لتنفِّذَ ما يتمُّ إملاءُه عليها.
6.الأحزاب السياسية لا تقوم بدورها المتمثِّل في نشر الوعي السياسي وحثِّ المواطنين على المساهمة في العمل السياسي وفي تدبير الشأن العام و المحلي. ليس هناك ولو حزبٌ سياسي واحد يطبِّق على أرض الواقع ما ينُصُّ عليه الدستور وما تنصُّ عليه القوانين التَّنظامية للأحزاب السياسية.
7. الأحزاب السياسية تتشابه من حيث المباديء ولم تعُد تختلف إلا بالتَّسميات الفارغة من كل معنى. فهي قوقعات غامضة، قاسمُها المشترك هو الجري وراء كراسي السلطة. وكأن مشهدَنا السياسي أصبح مؤلَّفا من حزبٍ واحد. المبادئ والإيديولوجيات لا يُعمَلُ بها إلا في الحملات الانتخابية. والدليل على ذلك أن أي حزبٍ وصل إلى السلطة ينسى مبادئه وإيديولوجيتَه ولا يعود إليها إلا إذا سقط في الانتخابات الموالية. بل إنه ينسى هل هو يساري أو يميني أو وسطي أو ليبرالي أو اشتراكي أو له ميلٌ إلى الإسلام السياسي… ولهذا، فأحزاب الأغلبية البرلمانية والحكومية تنصهر في بوثقة واحدة لا تفُكُّ انسجامَها أو تُعزِّزَه إلا نتائج الانتخابات الموالية.
8.لا يوجد ولو حزبٌ واحدٌ يتوفَّر على مشروع مجتمع projet de société، أي على نظرةٍ مستقبليةٍ لمجتمعٍ ينعَم فيه أعضاءُه بالكرامة الإنسانية من خلال تنميةٍ بشريةٍ شاملة وتنميةٍ اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، علمية، تكنولوجية... يكون مِحورُها الأساسي هو العنصر البشري.
فرق شاسع بين مِثالِية idéalisme الأحزاب السياسية، المنصوص عليها قي الدستور وفي القانون و واقعها المبني على مشهدٍ سياسي فاسد يدور في حلقة مُفرَغة : الأحزاب السياسية تُفسِد المشهد السياسي والمشهد السياسي يزيد الأحزاب السياسية فساداً.
الأحزاب السياسية، حسب ما ينص عليه الدستور والقانون، مؤسسات اجتماعية تسعى للوصول إلى السلطة وإلى ممارستها عن طريق الانتخابات ونيابةً عن الشعب. وهذه المؤسسات تُعدُّ جزء من المشهد السياسي والديمقراطي. بل هي التي تُحرِّك هذا المشهد عن طريق التَّمثيلية في البرلمان والحكومة، وكذلك، عن طريق نشر الوعي السياسي وحثِّ المواطنين على الانخراط في العمل السياسي. وهي كذلك عبارة عن مجموعة أشخاص يتقاسمون نفس الأفكار والمباديء والتَّوجُّهات والإيديولوجيات والأهداف…، أي ناس لهم نظرةٌ خاصة بهم حول ما يجب أن يكون عليه المجتمع سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. أي أشخاص يتقاسمون مشروع مجتمع projet de société يتماشى مع أفكارهم ومبادئهم وإيديولوجياتهم السياسية.
وهذه الأفكار والمباديء والإيديولوجيات… تختلف من مؤسسة حزبية إلى أخرى حيث أن كل مؤسسة لها نظرتُها الخاصة بها للممارسة السياسية اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا. وهذه النظرة هي التي تقود وتوجِّه عملَ المؤسسات الحزبية حين وصولِها، عن طريق الانتخابات، إلى مواقع تدبير الشأن العام برلماناً وحكومةً.
هكذا وَجَبَ أن تكون الأحزاب السياسية من الناحية النَّظرية دستوريا وقانونيا. السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "هل أحزابنا السياسية التي يُناهز عددُها الأربعين، صورةٌ طِبقَ الأصل لما نظَّره المُشرِّع في الدستور والقانون؟ أو، بعبارة أخرى، "هل الأحزاب السياسية الموجودة على أرض الواقع (كنتُ سأقول النَّاشِطة على أرض الواقع) صورة طِبقَ الأصل لما أراده الدستورُ الذي أقرَّه الشعب المغربي بأغلبية ساحقة وكذلك طبقاً للقانون المصادق عليه من طرف البرلمان بغُرفتيه؟
لا حاجةَ لنا لمِنظارٍ أو لمِِجهرٍ للإجابة عن هذا السؤال. الأمورُ واضحةٌ وضوحَ الشمس ولا غُبارَ عليها. التَّنظير théorisation والواقع la réalité شيء آخر أو التَّنظير مِثالِيٌّ idéal والواقع مُخالفٌ له. الواقع يصرُخ ويقول :
1.الأحزاب السياسية ليست مؤسسات كما جاء في الدستور والقانون. إنها مجرَّد مجموعة أشخاص، كنتُ سأقول أشخاص مناضلين. لكن، سرعان ما أيقظني الواقعُ ونبَّهني بأن النضالَ مات مع موت رواد الأحزاب السياسية الأوائل، رحمهم الله جميعا. مجموعة أشخاص، إذا ناضلوا، يُناضلون من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية، من أجل البحث عن المناصب المذرَّة للدخل، ومن أجل احتلال كراسي السلطة، ومن أجل أن تُمطَرَ الأموالُ من جميع الجهات، ومن أجل الحصول على النفوذ، وعلى الجاه والريع وكل ما يجعل الجيوبَ تنتفخ بسُرعة فائقة…
2.الدافع الأساسي لوصول الأحزاب السياسية إلى السلطة ليس حتما خدمة الصالح العام، بل خدمة مصالح القيادات الحزبية. وهناك أمثلةٌ صارخة سجَّلها التَّأريخ السياسي وجعلها وسيجعلها وصمةَ عارٍ على أحزابٍ سياسية عُرِفت، في الماضي، بنضالها لنُصرة الحق والقانون.
3.الانتخابات بالنسبة للأحزاب السياسية ليست عامِلا من عوامل الانتقال الديمقراطي. بل مطِيَّةٌ تركبها هذه الأحزاب السياسية من أجل تحقيق مصالحها الضيقة، وبالأخص، من أجل احتلال كراسي السلطة. والدليل على ذلك، أن الأحزابَ السياسية وصلت إلى حدِّ التَّلاعب بالقاسم الانتخابي للوصول إلى احتلال هذه الكراسي.
4.هناك هُوةٌ كبيرة تفصل بين الأحزاب السياسية و الشعب رغم ادِّعائها أنها تمثِّله وتنوب عنه. في الحقيقة، لا تمثِّل إلا نفسَها.
5.الأحزاب السياسية، وجودُها في المشهد السياسي يساوي عدمَ وجودها فيه. في البرلمان، "كَتْفَرّق الْغَا" وفي الحكومة، بإستثناء بعض المرافق الوزارية، تنتظر الضوء الأخضر لتنفِّذَ ما يتمُّ إملاءُه عليها.
6.الأحزاب السياسية لا تقوم بدورها المتمثِّل في نشر الوعي السياسي وحثِّ المواطنين على المساهمة في العمل السياسي وفي تدبير الشأن العام و المحلي. ليس هناك ولو حزبٌ سياسي واحد يطبِّق على أرض الواقع ما ينُصُّ عليه الدستور وما تنصُّ عليه القوانين التَّنظامية للأحزاب السياسية.
7. الأحزاب السياسية تتشابه من حيث المباديء ولم تعُد تختلف إلا بالتَّسميات الفارغة من كل معنى. فهي قوقعات غامضة، قاسمُها المشترك هو الجري وراء كراسي السلطة. وكأن مشهدَنا السياسي أصبح مؤلَّفا من حزبٍ واحد. المبادئ والإيديولوجيات لا يُعمَلُ بها إلا في الحملات الانتخابية. والدليل على ذلك أن أي حزبٍ وصل إلى السلطة ينسى مبادئه وإيديولوجيتَه ولا يعود إليها إلا إذا سقط في الانتخابات الموالية. بل إنه ينسى هل هو يساري أو يميني أو وسطي أو ليبرالي أو اشتراكي أو له ميلٌ إلى الإسلام السياسي… ولهذا، فأحزاب الأغلبية البرلمانية والحكومية تنصهر في بوثقة واحدة لا تفُكُّ انسجامَها أو تُعزِّزَه إلا نتائج الانتخابات الموالية.
8.لا يوجد ولو حزبٌ واحدٌ يتوفَّر على مشروع مجتمع projet de société، أي على نظرةٍ مستقبليةٍ لمجتمعٍ ينعَم فيه أعضاءُه بالكرامة الإنسانية من خلال تنميةٍ بشريةٍ شاملة وتنميةٍ اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، علمية، تكنولوجية... يكون مِحورُها الأساسي هو العنصر البشري.
فرق شاسع بين مِثالِية idéalisme الأحزاب السياسية، المنصوص عليها قي الدستور وفي القانون و واقعها المبني على مشهدٍ سياسي فاسد يدور في حلقة مُفرَغة : الأحزاب السياسية تُفسِد المشهد السياسي والمشهد السياسي يزيد الأحزاب السياسية فساداً.