د. نورالدين السد - منجزات العقل وعلاقتها بالوعي واللاوعي

سألني زميل في مسألة منجزات العقل وعلاقتها بالوعي واللاوعي،؟ أجبته في الخاص بما تيسر..
وأوجز إجابتي عن سؤاله في هذا المنشور، لعل يكون في ما أوجزناه هنا بعض الفائدة.
قلت له، وقولي مستأنس فيه ببعض آراء رواد علوم اللغة، وعلوم النفس، وآراء الفكرين...
استأنست بقول كارل ماركس: «الإنسان يفكر عاملا، ويعمل مفكرا» وبقوله المعروف أيضا :«كل منجز إنساني هو نتاج ممارسة اجتماعية» دون إغفال الدور الوظيفي للعقل في كل منجز إنساني عند كارل ماركس وسواه من المفكرين، بينما سيغموند فرويد يرى:«أن أي منجز إنساني هو نتاج العقل؛ ولكن للعقل روابط مع الوعي واللاوعي، وهذه الروابط تتجلى في الثالوث الذي يشكل الشخصية وهو: "الأنا" و"الأنا الأعلى" و"الهو"»، وعليه فإن كل منجز إنساني مصدره الرغبة أو الرهبة؛ وكل منجز هو بشكل من الأشكال استجابة للمثير والظروف المحيطة، وهنا لابد من الإشارة إلى الذات في علاقتها الجدلية مع الموضوع، إذا اعتبرنا تجاوزا أن الذات هي الفرد، والموضوع هو المجتمع، فالذات في علاقة تجاذب وتنافر مع سرديات المجتمع وتشريعاته ومعتقداته، ومباحاته وممنوعاته ، ومحللاته ومحرماته، وإيجابياته وسلبياته، وفي هذه العلاقة البندولية يكون دور العقل بنيويا ووظيفيا، فهو القائم بالإنجاز المحسوس أو المجرد، وأما الأساليب التي يتم بها إنجاز الأفعال والأقوال فهي صادرة عن تدبير العقل..
فالعقل هو القوة المنتجة للقول أو الفعل الواعي وغير الواعي، وإذا كان ذلك كذلك فإن منجزات العقل تعد بالضرورة نتاج الوعي الذي يبقى في إرتباط دائم باللاوعي الحاضن لكل الرغبات المحضورة والمباحة...
ومهما حاول العقل التفلت يظل مشدودا إلى سلطة ثاوية في النفس؛ هي اللاشعور أو اللاوعي، وهو الحاضن لكل الرغبات المكبوتة إلى أن تتجسد وتنجز في شكل من الأشكال المجردة أو المحسوسة، قولا أو عملا..
ومن هنا يمكن القول ب: أن منجزات العقل أقوالا وأفعالا مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوعي واللاوعي، وهي نتاج تراكم وتفاعل بين الماضي الذي يمثل الذاكرة بكل مخزونها، والحاضر بكل تجلياته.. ومن هنا يمكن القول بأن علاقة العقل بالوعي واللاوعي علاقة بنيوية ، وهي علاقة جدلية وظيفية...
وقد ضربت لصاحبي أمثلة دللت فيها وذللت ويسرت تقريبا للفهم، لا أجد ضرورة لذكرها في هذا المنشورة...

د/ نورالدين السد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى