الشمس كانت حارقة، الجو خانق، الأتوبيس مزدحم، وهي كانت واقفة تنز ماء من مسام جلدها، حين وفجأة وقف خلفها هو، حاله كان كحالها تماما، الماء ينز منه ويندفع.. رغم الزحام لم يحاول أن يلتصق بها رغم الشيطان الذى يوسوس له، ورغم انتظارها الذى كان يبدو واضحا من تأهبها لرد الصاع صاعين.. ربما تكون رائحة العرق هي ما منعه، وربما تكون “الخنقة” المحيطة بالجميع والتي لم يكن واحدا منهما في حاجة لزيادتها.. لكن هذا لم يمنعه أو يحرمه من أن يلاحظ قطرات العرق التي تندفع من فروة رأسها سالكة طريقا عبر عمودها الفقري تاركة بصماتها على بلوزتها الصفراء، حتى وصلت إلى بنطالها الأسود وهناك اختفت في الشقوق والأحافير، فتوقف ولم يترك لخياله مجالا لتتبع باقي الطريق، لكنه لاحظ أن ما يشبه سرسوبًا من المياه يندفع عبر عموده الفقري هو الآخر، وأنه وصل بسرعة إلى قدمه وغادرها إلى أرضية الأتوبيس.. فتنبأ بأن ماءها هو الآخر يتبع نفس المسار، وأنه الآن ربما يكون مفارقا لها، ملتصقا بأرض الأتوبيس، فانحنى برأسه سامحا لجسمه بخلق المسافة الكافية كي يرى أرضية الأتوبيس، فابتعدت –هي- بحركة مفاجئة بوسطها للخلف، خالقة دائرة من الفراغ تشبه بطن الحامل، عندها اندفع ماؤه مسرعا فى اتجاه مائها.