الشاف الحسين الهواري - وصفة "طعام الأعراس" ما اندثر من الطبخ المغربي القديم

واحد من سبعة أطعمة المناسبات والأعراس التي كانت سائدة في القرن 11م، المركاس المغربي المخلل، من كتاب الطبيخ في العدوتين المغرب والأندلس عصر الموحدين لمؤلف مجهول... وقد تعددت الأطباق المقامة في الأعراس و منها "المركاس المخلل"، الذي يحضر من (اللحم البقري السمين أو غنمي سمين) ومقطع قطعا صغيرة، ويجعل في قدر جديد بملح وفلفل وكزبرة يابسة وكمون وزعفران كثير وثوم مقشر مقطع ولوز مقشر مقسوم وزيت كثير، ويغمر بالخل الثقيف الخالص جدا، ولا سبيل لشيء من الماء، ويرفع على نار فحم معتدلة، ويحرك إذا غلى، فإذا نضج و انحل اللحم وقل حينئذ ينزل على الرضف، ويخمر ببيض كثير وقرفة وسنبل، ويصبغ بزعفران كثير صبغا يرضى، ويجعل فيه محاح البيض صحاحا ويترك على الرضف حتى يعقد و يجف مرقه ويظهر دسمه. وهذا اللون يبقى أياما كثيرة لا يتغير ولا يفسد، يسمى في بلاد المغرب طعام العرس وهو واحد من السبعة ألوان - المستعملة - في قرطبة و إشبيلية)

بقلم الهواري الحسين
عن كتاب الطبيخ في العدوتين المغرب والأندلس عصر الموحدين لمؤلف مجهول، نسخة أندلسية مكتبة مدريد (الاغذية و الصيدلة)

تتمة: الشكشوكة في رسائل الملوك البورغوتيين، وعودة الإخوة شخشوخ، تاريخ الهريس والمدقوق منذ القرن 12 حين سأل بيبان لوبي ( ما لي أرى هؤلاء المورو sarrasins يخلطون البيض في كل اطعمتهم؟) وكان هذا زمان الحروب الفيوضالية carolingienne. أما وقد صدر الآن كتاب في بولندا يرجع هذا الطبق إلى الطبخ السلافي وقبله صدرت كتب تؤكد على أن أصول الشكشوكة (التكتوكة و الشخشوخة ) هي أطعمة يهودية حملها اليهود المهاجرون من بولونيا أثناء الحرب العالمية الأولى و نشروها في العالم بفضل الأخوين شخشوخ المعروفين . إن رسالة بيبان التي كتبت في القرن 12 اي قبل اكتشاف أمريكا و شيوع استعمال الطماطم و الفلفل تؤكد بلا شك أن استعمال خلطة البيض كوصفة كان تقليد في شمال افريقيا و لا سيما عند برغواطة و ما له علاقة بديانتها التي تمحورت حول المحرمات الغذائية و ان اندثرت ثقافتها فالاثر لم يتغير ....

موت الشاهد الوحيد الذي أحسن وصف الطبخ المغربي لوحة لمأدبة على سفوح الاطلس و قراءة جديدة لنص زردة هنتاتة في نفاضة الجراب للشاعر الوزير لسان الدين بن الخطيب و صديقه المؤرخ الكبير ابن خلدون من : تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» .
مقتطفات من كتاب نفاضة الجراب :
... ولحف الحرر ومساند الوشي، وانطاع مزعفر الجلد ما تضيق عنه القصور المحجَّبةِ والأبهاء المنضدة. ولم يكد يقر القرار، ولا تنزع الخِفاف، حتى غمر من الطعام البحر، وطما الموج، ووقع البَهْت، وأُمِّل الطَّحْو، ما بين قصاع الشيزي أفعمها الثُرُد، وهيل بها السمن، وتراكبت عليها لِسمَان الحُملان الأعجاز، وأخونة تنوء بالعصبة أولى القوة، غاصة من الآنية بالمُذْهَبِ والمُحْكَم، مُهْدِيةً كل مختلف الشكل، لذيذ الطعم، مُهانٍ فيه عزيز التابل، محترم عنده سيدة الأحامرة الثلاثة إلى السمك الرضراض والدجاج فاضل أصناف الطيَّار، ثم تتلوها صحون نحاسية تشتمل على طعام خاص من الطير والكُبَّاب واللقالق، يقع منها بعد الفراغ إلمام ذلك الرئيس في نفر من خاصته بما يدل على اختصاص ذلك بنفسه. ويتلو ذلك من أصناف الحلواء بين مُسْتَبْطَن للباب البُر، ومعالج بالقَلْو، وأطباق مُدَّخر الفاكهة وأوعية العود المحكم الخلَق، المشتملة على مُجاج الشهد. وقد قام السماط من خدام وأساودة أخذتهم الآداب وهذبتهم الدُّربة، فخفَّت منهم الحركة وسكنت الأصوات، وانشمرت الأذيال. وقد اعتمَّ من الآنية النحاسية للوضوء والوقود كل ثمين القيمة، فاضل أجناسه في الطيب والأحكام والفخامة.
ولم يكد يفرغ من الأكل إلا وقد جن الليل، وتلاحق من الطعام السيل، مربياً على ما تقدم بالروية وانفساح زمن الاحتفال، وتفنن أصناف الحلواء، وتعدَّى عسليّها إلى السكر، وكان السَّمر والمجالسة في كنف لألاء الشموع الضحاكة فوق المنصات النحاسية، والأتوار اللاطونية فاستعيد الكثير من تاريخ القطر وسيره، وخبر لجأ السلطان المقدس أمير المسلمين أبي الحسن... ( يقصد سلطان بني مرين )
يرى الأستاذ محمد عبد الله عنان، وهو أخبر من تكلم عن الأندلس وتاريخها، أن الوزير لسان الدين بن الخطيب كان "أعظم شخصية ظهرت في ميدان التفكير والأدب في هذا العصر، بل نستطيع أن نقول إنه أعظم شخصية ظهرت بالأندلس في القرن الثامن الهجري، سواء في ميدان التفكير أو السياسة أو الشعر أو الأدب، وإنه يمكن أن يُوضع في صف أعظم شخصيات التاريخ الأندلسي قاطبة

ولما كدنا أن نختم عدد نُوَب المجاز، ونأتي على عَنَتِه، تلقتنا الخيل راكضة أمام اليعسوب المتبوع عبد العزيز بن محمد الهنتاتي، صنوه وحافظ سيقته، وقسيمه في قعساء عزته، الحسن الوجه، الراجح الوقار، النبيه المركب، الملوكي البزة، الظاهر الحياء، المحكِّم الوَخْط إيثاراً للحشمة، واستكثاراً من مواد التجلة على الفَنَاء والجدَة. فرَّحب وأسْهَل، وارتاح واغتبط، وألطف وقدَّم. وصعدنا الجبل إلى حلة سكناه، المستندة إلى سفح الطَّوْد، وق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى