وطِبقا لعنوان هذه المقالة، اخترتُ آيتين كريمتين اللتان يُشير فيهما، سبحانه وتعالى، لأفعال الناس واللتان وردت فيهما عبارة "السماوات والأرض" :
1."يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء، 170).
في هذه الآية، كلام الله مُوجَّهٌ للناس الذين لم يُؤمنوا برسالة محمد (ص)، علما أن هذه الرسالة كلها حقٌّ ويقينٌ، أي هي في صالحِ هؤلاء الناس (فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ). وأفعال الناس، في نفس الآية، تتمثَّل في عدم إيمان الناس برسالة الإسلام. وإن لم يؤمنوا، فإن اللهَ، سبحانه وتعالى، غَنِيٌّ عنهم وعن إيمانهم. وعدم إيمانهم هذا لا يساوي شيئا أمامَ عظمته في خلقه ومُلكِه للسماوات والأرض. والسماوات والأرض هما الكون. والكون شاسع الأطراف. والسماوات مُكوَّنةٌ من المجرات galaxies، وكل مجرَّة تُعدُّ نجومُها وكواكبُها بالملايير. وعدد المجرات، حسب ما قدَّمه علمُ الفلك astronomie والفيزياء الفلكية astrophysique من ارقام، يُقدَّر ب2000 مليار مجرة.
2."لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة، 27).
ما قيل حول عظمة اللهِ، سبحانه وتعالى، في الخلق والمُلك، ينطبق، كذلك، على هذه الآية. لكن اللهَ، عزَّ وجلَّ، أعطى مثالاً آخر يتعلَّق بالناس الذين جعلوا من عيسى بن مريم إلاهاً غير الله. وكي يُبيِّنَ عظمتَه، قال، سبحانه وتعالى : "… إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا…". وهذا دليلٌ آخر على أن اللهَ، سبحانه وتعالى، غنيٌّ عن الناس الذين جعلوا من عيسى بن مريم إلاها، ما دام، جلَّت قدرتُه، هو مالِك الكون وما يوجد بين السموات والأرض، وما دام هو مُسيِّرُ لهذا الكون. ولهذا، أنهى اللهُ، سبحانه وتعالى هذه الآية ب"وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". ومن ضمن قدرتِه على كل شيء، قال : "...يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ…"
وهكذا فالآيتان أعلاه تُبيِّنان بوضوح أن الله، سبحانه وتعالى، غنيٌّ عن أفعال الناس ما دامت قدرتُه الواسعة تشمل خلقَ الكون بشساعته، وما دامت تشمل، كذلك، تسييرَ وتدبيرَ هذا الكون. وقد بيَّن، سبحانه وتعالى، استغناءَه عن الناس وعن أفعالهم في آياتٍ أخرى، أذكر من بينها :
1."إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (الزمر، 41).
في هذه الآية، كلام الله، سبحانه وتعالى، مُوجَّه للرسول (ص). والكِتاب هو القرآن الكريم، الذي أنزله على الرسول (ص) "بِالْحَقِّ"، أي لا يمكن أن يُشكِّكَ في مضمونه أحدٌ. وهذا القرآن يّبيِّن للناس ما لهم فيه خيرٌ (...فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ…) وما يتسبَّب لهم في المعاصي (...وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا…). ومرَّةً أخرى، ولو بطريقة غير مباشرة، يُبيِّن لنا، سبحانه وتعالى، بأنه غنيٌّ عن العباد وعن أفعالهم. لأن الهدايةَ هي تقرُّبٌ من الله والضلال هو ابتعادٌ من رحمة الله ورأفَته ومغفرته…
2."مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" (فصلت، 46).
في هذه الآية، كلام الله موجَّهٌ للناس، مُخبِرا إياهم أنه "مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ"، أي سيُحسب له ويُضاف لحسناته وسيجازى عليه بالخير. أما "وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا"، أي أن مَن ارتكب سيِّئةً، فستُحسَب عليه وتُضاف لسيِّئاته وسيُجازى عليهاش. و"وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ"، هو الجزء الذي يُخبرنا فيه، سبحانه وتعالى، بصفة غير مباشرة، بأنه غني عنا وعن أفعالِنا. إذا قمنا بعملٍ صالحٍ، يُحسب لنا، وإذا ارتكبنا معصيةً، فتُحسب علينا. وكلمة "بِظَلَّامٍ" تؤكِّد استغناءَ اللهِ، سبحانه وتعالى، عن الناس وعن أعمالهم، ما دام قد وضَّحَ لهؤلاء الناس، في القرآن الكريم، ما لهم فيه خيرٌ وما لهم فيه شر. والعقل البشري هو الذي يختار إما طريقَ الخير وإما طريق الشر.
إذن، ماهو الجواب على عنوان هذه المقالة الذي هو : "لماذا الله، سبحانه وتعالى، عندما يًشير في القرآن الكريم لأفعال الناس، الدنيوية، يذكر السماوات والأرض؟
الجواب بسيطٌ للغاية : ما يريد، سبحانه وتعالى، تبليغَه لنا هو أن قدرتَه على خلقِ الكون بشساعته واتساعه وتنوُّع مُكوِّناته، لا يُزاد فيها شيءٌ ولا يُنقَصُ منها شيءٌ حينما يقوم الناسُ بأعمالٍ صالحةٍ أو غير صالحة. فقدرتُه تبقى هي هي لأنه، سبحانه وتعالى، مُنزَّهٌ عن العباد سواءً كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ …" (الزمر، 7)، أو مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (العنكبوت، 6). والآيتان تُبيِّنان، بوضوحٍ، أن اللهَ، سبحانه وتعالى، غني عن الكافرين وعن المؤمنين. لكنه يجزي المؤمنين والكافرين، كلٌّ، حسب ما قاموا به من أعمال. إن كانت صالحة، فهي لهم. وإن كانت سيِّئةً، فهي عليهم.
1."يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء، 170).
في هذه الآية، كلام الله مُوجَّهٌ للناس الذين لم يُؤمنوا برسالة محمد (ص)، علما أن هذه الرسالة كلها حقٌّ ويقينٌ، أي هي في صالحِ هؤلاء الناس (فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ). وأفعال الناس، في نفس الآية، تتمثَّل في عدم إيمان الناس برسالة الإسلام. وإن لم يؤمنوا، فإن اللهَ، سبحانه وتعالى، غَنِيٌّ عنهم وعن إيمانهم. وعدم إيمانهم هذا لا يساوي شيئا أمامَ عظمته في خلقه ومُلكِه للسماوات والأرض. والسماوات والأرض هما الكون. والكون شاسع الأطراف. والسماوات مُكوَّنةٌ من المجرات galaxies، وكل مجرَّة تُعدُّ نجومُها وكواكبُها بالملايير. وعدد المجرات، حسب ما قدَّمه علمُ الفلك astronomie والفيزياء الفلكية astrophysique من ارقام، يُقدَّر ب2000 مليار مجرة.
2."لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة، 27).
ما قيل حول عظمة اللهِ، سبحانه وتعالى، في الخلق والمُلك، ينطبق، كذلك، على هذه الآية. لكن اللهَ، عزَّ وجلَّ، أعطى مثالاً آخر يتعلَّق بالناس الذين جعلوا من عيسى بن مريم إلاهاً غير الله. وكي يُبيِّنَ عظمتَه، قال، سبحانه وتعالى : "… إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا…". وهذا دليلٌ آخر على أن اللهَ، سبحانه وتعالى، غنيٌّ عن الناس الذين جعلوا من عيسى بن مريم إلاها، ما دام، جلَّت قدرتُه، هو مالِك الكون وما يوجد بين السموات والأرض، وما دام هو مُسيِّرُ لهذا الكون. ولهذا، أنهى اللهُ، سبحانه وتعالى هذه الآية ب"وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". ومن ضمن قدرتِه على كل شيء، قال : "...يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ…"
وهكذا فالآيتان أعلاه تُبيِّنان بوضوح أن الله، سبحانه وتعالى، غنيٌّ عن أفعال الناس ما دامت قدرتُه الواسعة تشمل خلقَ الكون بشساعته، وما دامت تشمل، كذلك، تسييرَ وتدبيرَ هذا الكون. وقد بيَّن، سبحانه وتعالى، استغناءَه عن الناس وعن أفعالهم في آياتٍ أخرى، أذكر من بينها :
1."إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (الزمر، 41).
في هذه الآية، كلام الله، سبحانه وتعالى، مُوجَّه للرسول (ص). والكِتاب هو القرآن الكريم، الذي أنزله على الرسول (ص) "بِالْحَقِّ"، أي لا يمكن أن يُشكِّكَ في مضمونه أحدٌ. وهذا القرآن يّبيِّن للناس ما لهم فيه خيرٌ (...فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ…) وما يتسبَّب لهم في المعاصي (...وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا…). ومرَّةً أخرى، ولو بطريقة غير مباشرة، يُبيِّن لنا، سبحانه وتعالى، بأنه غنيٌّ عن العباد وعن أفعالهم. لأن الهدايةَ هي تقرُّبٌ من الله والضلال هو ابتعادٌ من رحمة الله ورأفَته ومغفرته…
2."مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" (فصلت، 46).
في هذه الآية، كلام الله موجَّهٌ للناس، مُخبِرا إياهم أنه "مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ"، أي سيُحسب له ويُضاف لحسناته وسيجازى عليه بالخير. أما "وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا"، أي أن مَن ارتكب سيِّئةً، فستُحسَب عليه وتُضاف لسيِّئاته وسيُجازى عليهاش. و"وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ"، هو الجزء الذي يُخبرنا فيه، سبحانه وتعالى، بصفة غير مباشرة، بأنه غني عنا وعن أفعالِنا. إذا قمنا بعملٍ صالحٍ، يُحسب لنا، وإذا ارتكبنا معصيةً، فتُحسب علينا. وكلمة "بِظَلَّامٍ" تؤكِّد استغناءَ اللهِ، سبحانه وتعالى، عن الناس وعن أعمالهم، ما دام قد وضَّحَ لهؤلاء الناس، في القرآن الكريم، ما لهم فيه خيرٌ وما لهم فيه شر. والعقل البشري هو الذي يختار إما طريقَ الخير وإما طريق الشر.
إذن، ماهو الجواب على عنوان هذه المقالة الذي هو : "لماذا الله، سبحانه وتعالى، عندما يًشير في القرآن الكريم لأفعال الناس، الدنيوية، يذكر السماوات والأرض؟
الجواب بسيطٌ للغاية : ما يريد، سبحانه وتعالى، تبليغَه لنا هو أن قدرتَه على خلقِ الكون بشساعته واتساعه وتنوُّع مُكوِّناته، لا يُزاد فيها شيءٌ ولا يُنقَصُ منها شيءٌ حينما يقوم الناسُ بأعمالٍ صالحةٍ أو غير صالحة. فقدرتُه تبقى هي هي لأنه، سبحانه وتعالى، مُنزَّهٌ عن العباد سواءً كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ …" (الزمر، 7)، أو مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (العنكبوت، 6). والآيتان تُبيِّنان، بوضوحٍ، أن اللهَ، سبحانه وتعالى، غني عن الكافرين وعن المؤمنين. لكنه يجزي المؤمنين والكافرين، كلٌّ، حسب ما قاموا به من أعمال. إن كانت صالحة، فهي لهم. وإن كانت سيِّئةً، فهي عليهم.
