علجية عيش - انقساميّة وسط التنظيمات الحكومية و تخوّف من الانتخابات الجزائرية القادمة

منظمات غير حكومية حديثة النشأة تواجه عقبات لاعتمادها رسميا

بعدما شهدت الساحة الوطنية في الجزائر ظهور مولود جديد يحمل اسم المنظمة الوطنية للأسرة الثورية وهو تنظيم مستقل عن منظمتي (أبناء الشهداء و أبناء المجاهدين)، التي يمثلها مسؤولين و مناضلين من مختلف التيارات السياسية ، إلا أن الأغلبية فيها محسوبة على حزبي جبهة التحرير الوطني و التجمع الوطني الديمقراطي، هذا الأخير ( الأرندي) الذي يقود منظمة أبناء المجاهدين بقيادة امبارك خلفة الذي لا يزال على رأس المنظمة منذ تأسيسها في 1996 إلى يومنا هذا و الذي ينتظر عقد مؤتمره قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 07 سبتمبر 2024 ، كما يقود منظمة اتحاد النساء الجزائريات، أما عن المنظمة الجديدة التي ظهرت مؤخرا وهو تنظيم موازٍ ، و هذا يدل على أن صراعات داخلية نتج عنها هذا الانقسام، مما دفعهم إلى إنشاء تشكيل جديد يجمع الأسرة الثورة تحت سقف واحد، الفكرة تم طرحها منذ سنوات بإيعاز من فئة من المجاهدين، بعد الصراعات الداخلية التي طالت هذه التنظيمات الحكومية و بروز حركة تقويمية / تصحيحية في كل منظمة، و مطالب إعادة تصحيح مسار الأسرة الثورية من خلال تجديد التركيبة البشرية لهذه المنظمات، أو جمعها تحت تنظيم واحد، نشير هنا أن مسؤولا من المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين على المستوى المركزي أكد لنا في مكالمة هاتفية أن المنظمة بقيادة امبارك خلفة لا علاقة لها بهذا التنظيم الجديد، و أن المنظمة لها برنامجها و هياكلها في كل ولايات الوطن، و أبناءها في مستوى كل التحديات .

فما يحدث داخل هذه التنظيمات اعتبره البعض "حالة صحية" تحدث في كل الأحزاب السياسية و الجمعيات و المنظمات و في الدول الأخرى و هذا من باب التعدد في الأفكار و ثرائها و الأطروحات لمواكبة التغيرات و تعزيز اللحمة الوطنية ، لكن هناك تساؤلات باتت تطرح في الساحة و تبحث لها عن إجابة، خاصة بعد إعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عن ترشحه للعهدة الثانية، استجابة لدعوات أحزاب السلطة و التنظيمات الحكومية التي ذكرناها آنفا، فيما تشير مصادر مطلعة أن عبد المجيد تبون كان يواجه ضغوطات من قبل هذه الأحزاب و التنظيمات من أجل الإعلان عن ترشحه لعهدة جديدة، طالما هناك مصالح تربط بين هذه الهيئات الحكومية، رغم أن الشارع الجزائري يرى أن ترشح الرئيس لعهدة ثانية يكرس السياسة القديمة ، و يفهم من هذا أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في بادئ الأمر لم تكن له رغبة في الترشح و لكنه استجاب للأمر الواقع، بحكم أنه لا يوجد البديل، و أن رئيس الجمهورية رجل الأزمات و المهمات ، و وحده القادر على جمع شمل الجزائريين،

و لعل إصرار أحزاب السلطة و المنظمات لوطنية الحكومية على تجديد العهدة في تبون من وجهة نظرهم سببه النجاحات التي حققتها الجزائر و النتائج الإيجابية على كل المستويات، و هذا يعكس أصوات البعض الذي نجده يتساءل هل الجزائر تفتقر إلى رجال؟ و في مؤسسات الدولة يوجد كوادر في مستوى المسؤولية، تؤهلهم لإدارة شؤون البلاد ، و بالعودة إلى انقسام هذه التنظيمات الحكومية يلاحظ أن طريقة جمع التوقيعات لصالح مرشح السلطة فيها ضبابية لأن هناك توقيعات مزدوجة أي قد يكون هناك توقيعين باسم شخص واحد و لا أحد ينتبه لذلك، أما بالنسبة للتنظيمات الغير حكومية (المستقلة) بعضها ينتظر الفرج لعل و عسى تحصل على الاعتماد الرسمي و منحها الضوء الأخضر لبداية نشاطها، و كعينة، ذكرت مصادر مطلعة أن إحدى هذه التنظيمات الحديثة النشأة و التي تم رفض ملفها على مستوى وزارة الداخلية و الجماعات المحلية سببها أن هناك خلفية وراء قرار الرفض، و هي مطالبة بإعادة مؤتمرها التأسيسي من جديد بحضور محضر قضائي بعد أن ترفع كل التحفظات و تقوم بتعديل البنود المخالفة لقانون الجمعيات ، و هناك حالات أخرى لجمعيات لا زالت تنتظر الضوء الأخضر لإعتمادها رغم أنها مستوفية كل الشروط القانونية و لم تخل بأيّ بُنْدٍ من بنوده، فمن خلال المسؤوليات التي تتحملها مصلحة الجمعيات بوزارة الداخلية و الجماعات المحلية هناك هيئات انتظرت سنوات إلى حين تحصلت على الإعتماد على غرار مؤسسة الشهيد عباس لغرور التي تمت مباركتها من طرف الوزارة الوصية، هي أمور يصفها أصحاب المشروع بالتعجيزية و يرون ذلك لا مبرر له.

ما يلاحظ في الساحة هو أنه لا يوجد تفاعل من قبل الشباب و الانتخابات عندهم لا حادث طالما النتيجة دوما تكون في صالح السلطة، لاسيما فئة البطالين منهم، و كان أحد المناضلين في حزب وطني موال للسلطة وهو يحاول جمع التوقيعات و أن هاجمه أحد البطالين ليختطف منه استمارة التوقيعات و قام بتمزيقها محاولا الاعتداء عليه و هو يردد: " أنا بلا خدمة و أنت جاي تحكيلي على الفوت؟"، لولا تدخل بعض المواطنين، أما بالنسبة لمكاتب الإنتخابات على مستوى البلديات، تقف على المعاناة بسبب انقطاع شبكة الإنترنت ( الريزو)، حيث خلقت أزمة كبيرة مما عطل بعض الأمور التنظيمية وتراكم الملفات ومعالجتها رقميا ، حدث هذا عشية الاحتفال بيوم عاشوراء، إذ تسمع أصواتا من هنا و هناك بأن العملية محسومة لصالح الرئيس فلماذا كل هذه السيناريوهات، بالنسبة للأحزاب التي في المعارضة و التي تقدمت لمنافسة مرشح السلطة ، بدا عنها نوع من التذبذب و الضعف، فيما تزال زبيدة عسول تقاوم، أعلنت زعيمة حزب العمال لويزة حنون انسحابها من المعركة، كونها أدركت أن السباق الرئاسي محسوم لصالح الرئيس و أن التغيير في الجزائر لن يتحقق، لأن الجيش هو السلطة و السلطة هي الجيش، و هذا الأخير ( أي الجيش) هو المتحكم في زمام الأمور و هو الذي يقرر و هو من يختار من يكون الرئيس، و هذا منذ عشية الاستقلال، و الذي يقرأ طبيعة النظام في الجزائر تحكمه قوى من وراء البحار و انتخاب رئيس من خارج النظام لا يخدم مصالح هذه القوى و على رأسها فرنسا التي لا تزال تحلم بتحقيق مشاريعها التي لم تحققها أيام الثورة.

قراءة للمشهد علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى