مقتطف كاظم حسن سعيد - مقطع من رواية (حي سليطة)...

(الخطبة الاولى لحي سليطة

حذار :اصغوا اليّ جيدا انا حي سليطة الاقرب لمركز اللواء وانا المتارجح بين المدينة والريف والمحتفظ ببقايا الثورات والشاهد على خرائط التعذيب والامال الكاذبة وزرق ابر التخدير...طلابي في المتوسطة تتفوق علما على الشهادات الجامعية القادمة انا لا اصدق ان يسيل دم على ترابي لاجل هويات وطائفيات ونهب لا ينقطع ... ارجوكم لا تخربوا انهاري فضفادعي اعتادت التجانس باصواتها الجاذبة وقططي في ليالي البرد المجرح تستصرخ وتنهش الاظافر ببعضها .. ارجوكم لا تزيلوا شجرة الخرنوب جوار القنطرة الجذعية ولا تحرقوا سدرتي فهي المأوى الاشد امنا للطيور ومصدر الظل حيث الاسماك تعبث في نهير يحتضن عروقي . انا حي سليطة الشهم الطيب البسيط .. ادري ان مؤامرة تحاك بالغرف الكالحة لتقطيعي ثم ازالتي لكني لا امووت سابقى كاثار سومر مخلدا وان في ضمائر الاوفياء .. سمحت لهم بشرب الخمور على الارصفة ودكات الدكاكين وظلال الخصاص.. وتركت شعور الصبايا سارحة تراقص النسيم .. ورغم المنع المر كان ابنائي يشجون رؤوسهم بالقامات صباح يوم عاشوراء ..احتفظت رغم اختصار مساحتي بعدد من المصانع وحمل الحرس القومي بنادقهم على اضلعي وازقتي المتربة .. احفر جيدا سترى جذور النباتات والشعارات الواعدة ...احتفظت بطقوس الصابئة والارمن والمسيح ومختلف الطوائف ومر بي اليهود كنتم تصفونهم (اصحاب اليد المغلولة ).. اذا كل جيوشكم عجزت عن ايقاع الهزيمة بهم .. دحرتكم فقلتم (نكسة ) هههههههه ولا ادري ربما الاصح اصلا راء بدل النون .. ها انني ملئت بالتجسس والاشباح واصبحت حتى صرتي تحت المراقبة ...وكانت النسوة بلا حجاب لكن النقاء قائم والان الف حجاب وهن هن .... مع الاسف انهارت قيم رسخها اجدادي .. الجار... الصديق ... التسامح ...لم تكن المهاويل رائجة في زوايا بيوتي الطين والقصب والطابوق ...ولم تصدح الاهازيج الثأرية والفخرية وكانت العقل ثابتة على الرؤوس لا تحركها الرياح .
(( انا نسل عمار وياسر , انا مثلما قال الوصي لعمر عامر ... اذا قتلتني للجنان وانت للنيران صائر , واذا قتلتك مثل ذاك اجاب عمر وهو حائر .... اكلاهما لك يا علي هناك في دنيا البشائر ).. لم اعرف شاعرها فقلت انشد احدهم تلك كانت مناسبات دينية تجري بلا اهتزاز وحتى عندما استولى البعث وضجت الشوارع ب ( من قاسيون اطل يا وطني ).. تواصلت الاحتفالات الدينية ...عدد الاصابع الاغنياء عندي كل اولادي فقر وفاقة حتى اشتغلت المواني والسايلو فاصبح لبعضهم رواتب وامل .تحملت مدرعات الغزاة وصواريخ قاذفاتهم ... انا الجسد المثخن بالشعارات التي تنسف بعضها بعضها في بودقة التسفيه انا سيد الدليل حيث ما مال اميل .. اعني انكم لن تهتدوا لانفسكم بعد عواصف الخراب وتخزين الاسلحة والحقد ....ابنائي بارود احقاد وكره وعنف .. الموت سيماهي فهل تحولت مقبرة انا انا الحي الفستقي الوديع كطير مهاجر والمبرق لحظة الصحو انا الانهار النقية والصباحات الوديعة الانقى والعشق الاشد عمقا من محيط .. احتفظ احفادي بالقران في جيوبهم والقلوب ورددوا الادعية وهم يدمعون ويرتعدون (( اللهم انا ... نشكو اليك كثرة عدونا وقلة عددنا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا)).



1724056476136.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى