سعيد گنيش - عن أية أممية يدافع لحبيب التيتي ومع من؟؟... القسم الثاني

القسم الثاني

وفق بيان التضامن مع الحزب الشيوعي الفنزويلي في محنته، الموقع من طرف الأحزاب الشيوعية والعمالية (34 حزبا وفق العريضة)؛ يمكن تقسيمها بحسب بلد الانتماء الجغرافي، إلى أحزاب في المراكز الامبريالية الغربية وبلدان تنتمي لبلدان الجنوب أو المحيط. تشترك معظمها في كونها كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي، ولما انهار انهارت بدورها وتعمقت هامشيتها، ومنهم من غير حتى اسمه وهويته ( مثال حزب الشعب الفلسطيني الذي صار يتمسح بذيول سلطة عباس المطبعة فلسطينيا ).
وجد البعض من هذه الأحزاب الشيوعية ضالته في تبني التصور الليبرالي الذي يعتبر أن انهيار التجارب الاشتراكية المطبقة، يكمن في تغييب الديمقراطية بمفهومها البورجوازي وحقوق الانسان والحريات الفردية..الخ. وهو الطرح التصفوي الذي نهجته قيادة غورباتشوف وقاد إلى تخريب وخيانة شعوب الاتحاد السوفياتي وتفتيته وتقديمه بدون قتال إلى حلف الناتو الأمريكي.
( ملاحظة: تعرف روسيا حركة مهمة في إعادة كتابة تاريخ روسيا المعاصرة والاتحاد السوفياتي، بعد رفع السرية عن وثائق الدولة والحزب الشيوعي. في هذا الصدد أشير إلى كتاب صدر حديثا للمؤرخ الروسي الاكاديمي ألكسندر أوستروفسكي وترجم إلى الفرنسية وصدر عن دار النشر الفرنسية ديلغا Delga بعنوان خطأ أم خيانة Erreur ou trahison وهو مؤلف ضخم يضم المئات من الوثائق التي تدين بالخيانة غورباتشوف كشخص ونهج ).
لقد وجد البعض الآخر من بين هذه الأحزاب ضالته في الاستناد على "المركز التروتسكي" الذي ظل وفيا ومنسجما مع مزاعمه بأنه حارس وفي للماركسية في المركز الغربي و"جوهرها الحي" . وهي ماركسية معادية في جوهرها لأي نزعة تحرر وطني أو قومي كمرحلة تاريخية في عصر الهيمنة الامبريالية، وتتنكر لحق الشعوب في التحرر والسيادة والتنمية تحت غطاء أن التناقض هو بين الرأسمال والعمل. الأمر الذي قادها إلى الوقوف مثلا إلى جانب الكيان الصهيوني الغاصب والاعتراف به واعتبار أن "الصراع الطبقي" داخل الكيان المستجلب من أزيد من مائة قومية هو من يقود إلى التحرير وحتى الاشتراكية. لكم أن لا تندهشوا من وجود "حزب راكاح" الشيوعي الصهيوني ضمن اللائحة، وهو الحزب الذي ظل دوما محافظا على صهيونيته منذ توقيعه على وثيقة "استقلال الكيان" سنة 1948 الى جانب بن غوريون وموسى شاريت وحاييم وزمان..إلخ، زعماء الصهاينة المجرمين. لقد أصيبت هذه الأحزاب في معظمها بالتلويت التروتسكي.
يسجل المفكر الفلسطيني الماركسي الدكتور عادل سمارة عن حق: "إن الكيان الصهيوني الإشكنازي ككيان استعماري استيطاني واستثمار استراتيجي من قبل الإمبريالية ومن أجلها، هو الحالة الوحيدة في تاريخ العالم الحديث التي دعمتها بشكل مشترك: الإمبريالية، والكتلة الاشتراكية الديمقراطية الاجتماعية والأممية الشيوعية، وبطريقة خفية أنظمة العملاء العرب!".
وللتذكير فإن معظم هذه الأحزاب الشيوعية في الغرب سبق وأدانت مشتركة أو متفرقة عمل المقاومة يوم السابع من أوكتوبر التحريري واعتبرته إرهابا؛ والبعض الأخر اختار الصمت. أما موقفها من الصراع العربي الصهيو أمريكي وفي القلب منه قضية فلسطين العربية المحتلة فهو حل "الدولتين المزعوم"، الذي يعني الاعتراف بالكيان واحتلاله 82% من مساحة فلسطين التاريخية، والتسليم بالهيمنة الأمريكية على المنطقة. وللتذكير فإنه نفس الموقف البائس للاتحاد السوفياتي منذ 1948، الذي يتناقض مع مبادئ الأممية الحقة ، أممية لينين.
وهناك في هذه الاحزاب من يزاوج بين الضالتين كحالة النهج الديمقراطي العمالي المغربي، حيث أصيب بالتلويت التروتسكي وتبني المقاربة الليبرالية عند تقييمه أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي ( نظر كراس "دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية الليننية"، الذي يعد داخل النهج مرجعا في التكوين والتأطير لمناضليه ومناضلاته ). وقد تعمق هذا المسار مع ارتباط الحزب بالجمعية المغربية لحقوق الانسان دون تحديد المسافة الضرورية والنقدية بين الحزب الذي يدعي الماركسية، وبين إطار حقوقي مرجعيته هي المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي تجد أصولها في الفكر الليبرالي. لقد انعكس هذا التزاوج على هوية الحزب ومرجعيته الفكرية والسياسية. ويجب التأكيد على الدور المهم في النضال من أجل الحق في الحريات السياسية والنقابية والتنظيمية للطبقات الشعبية، وبشكل عام على الحقوق الأساسية للمواطنين والمساواة للنساء.
بالنسبة للحزب الشيوعي اليوناني وهو الحزب الذي أصبح يقود الحملة ضد روسيا بعد حربها الدفاعية ضد حلف الناتو الأمريكي ونظام النازية الجديدة في كييف. رغم تأكيد الأحداث والوقائع مشروعية الحرب الدفاعية التي تخوضها روسيا، فإن معظم هذه الأحزاب تصر وتعتبر روسيا امبريالية وحلف الناتو جمعية خيرية، ويدعمه حزب العمال الشيوعي الروسي. وهو نفس الموقف الذي عبر عنه النهج في بيان سابقا عند بداية الحرب.
هذه هي حقيقة التكثل الشيوعي الذي يفرك التيتي لحبيب يديه طربا بالانتماء إليه، فالاحزاب الشيوعية التي تنتمي إلى المركز الغربي ظلت تعيش في توافق مع سياسات حكومات بلدانها العدوانية اتجاه بلدان الجنوب في نهب الثروات وتكريس علاقات التبادل غير المتكافئ، وهو واقع ظل ينسجم مع أوضاع الطبقات الشعبية في المركز، لكونها تستفيد من الفتات الذي تقدمه حكومات بلدانها من اقتصاد الرفاهية المنهوب من شعوب الجنوب. لكن الموقف الذي يدعو للاستغراب هو موقف الأحزاب الشيوعية والعمالية في بلدان الجنوب المتنكر لمصالح شعوبها في التحرر وفك الارتباط بالتبعية والسيادة على ثرواتها، وهو الموقف الذي تجني منه الهباء والتهميش.
حقيقة فإن زمننا هو زمن يعم بالنذالة حين يتم وضع اليد في يد حزب عميل كالحزب الشيوعي العراقي وآخر صهيوني كحزب راكاح، يجمعهم سقف واحد يطلف عليه "تضامن أممي"، يجر لحبيب التيتي حزب النهج الديمقراطي العمالي إليه جرا. (انتهى)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى