حميد العنبر الخويلدي - الشاعر ،، تميّزٌ وصفات. ماذا نفعل؟ شعر : باقر صاحب

ماذا نفعل؟
شعر : باقر صاحب من العراق

1
صمتي
يقضمني وردةً وردةً
فأستحيل سبخةَ أخطاء

رسا ماءُ كلامي
أم لم يرسُ على يابسة قلقي
فلا شراعَ طمأنينة يلوح

أكفانُ أخدودٍ طويل
اختلستْ منا جباهَ الأشرعة
وطنٌ مسجّى
وأقدامُنا باردة

سماءٌ عليلةٌ
لا تقشطُ أوساخَ البرابرة
تلك مجازاتنا لا تسعفنا كثيراً
لا نحصدُ منها
سوى فتاتِ ما قد يقال

2
لا فعلَ
سوى سياطِ الكلماتِ تجلدُ استرخاءَنا المكتبي

لا تبريرَ
سوى أننا لا نجيدُ إلا منتجةَ خريطة الوطن بدبابيسِ الإلهام

تعالَ يا أرق
كي ننقضَّ على آلام المشردينَ بمياهِ الأملِ ومغذِّياتِ الصبر
ثم نخلدَ إلى النوم
وضمائرنا سعيدة.

لستُ سوى مصدٍّ ورقيِّ
باتَ الجميعُ يسخرُ من هشاشته..

.......................................




.
نص نقدي مقابل ..

★* الشاعرُ تَمَيّزٌ وصفات

تميّزٌ في الموضوع ، تميّزٌ في استدعاء الخامة التفصيلية ، في تصوير عناصر الخلق
توالداتها ، تراكباتها اللفظية والمعنى ، بين مختصراته واتساعات جهاته .
تميّزٌ في رصف المَعْمَرة البنيوية وكيفياتها ذي الطابقين ، نعم نعني به الترقيم الدّال على مستويين _ واحد واثنين _
من الوعي الباطني الذي يسوق البُنى وفلسفة
الفكرة التي يترمّز حالَها المبدعُ باجتهاداته ،
بين أن يكشف عن اوْجه غرضه وبين أن يُغلّفَ اشكالَ الصور ليُمَرِّرَ تفسيراته وتأويلاته
القاصد بها مشكلةَ وقضيةَ وطنٍ بات ضحيةَ وهنِ ساكنيه وبالواضح أهله وشعبه الذين ادمنوا رائحة آباط المحتلّين حدّ العادة والاسترخاء معهم .
المبدعُ يشير حدَّ صياحه
المبدع يصوّب حدَّ نياحه ، أو قد يفحط ويكلًفُ الريحَ يقول اصرخي لقد تهافت صوتي وماتت حنجرتي ، وما من سامع يسمع وما من باصر يبصر . ولم يسكت ،
حتى أنَّ مَن ذبحوا الوطن أمّنوا وأخذوا يشعرون أنهم رعاة هذا البلد اليتيم وحكّامه ،
اخذوا يطالبوننا به لضمّه وحذف واجهاته
والتماعاته ورسم وتشكيل مايحلو لهم ، دون ردّة فعل منّا ،
( صمتي يقضمني وردةً وردةً
فاستحيلُ سبخةَ أخطاء )

هنا في هذا الطابق المعماري الاول للبناء التّناصّي تحت رقم واحد . صيحة الذات
والشعور بالمحو، من أنّ الموجودَ الكوني قُضِمَ ،
ايُّ شعور هذا به الوحشة والحداد والموت ،
وانظر السبب إنه صمتي يتحوّل بي الى غولٍ مسنّنٍ كاسر .
والنتيجةُ صائرةٌ إلى سبخة قاتلةٍ للاجنّة ولو يأمل أحدُنا كسرةَ بقايا ساقطة من طبق الحياة قد تنمو مثلاً ، ياللشّحِّ في زمن نعيش به آنيّتِنا نحن المبدعون . فضلاً عن إشارة مبدعنا أنها سبخة أخطاء . إذ لا يمكن استصلاحها ومن ثمَّ استزراعها بالمُثل لو شاءت بنا المراحل .
وهذا التصويب التخطيئي مؤكّد مقصود به نحن ولا غيرَنا.
(اكفانُ اخدودٍ طويل
اختلستْ منا جباهَ الأشعة
وطنٌ مسجّى
واقدامنا باردة )
وبذات المبنى يتصاعد حزن الشاعر المحتج
فيرسم صورةً اقسى واشدَّ من الاولى في المطلع ، حيث يكثر من التظاهر عسى يفزّ الآخرون من غطّتهم في النوم والسّكر
نعم مخدّرون تحت هذي وتلك سرقوا عقولنا
واصبحنا _ اعجاز نخل خاوية _
ياللمرارة التي لا تنتهي وياللبؤس
اكفان أخدود... هذا وصف لموت جماعي ودفن للذاكرة حتى التاريخية المعتمدة عندنا
لو لم تُحرّض انت نعم يُحرّضك ماضيك تاريخُك لأهلك ميراثُهم لو كان حيّاً .
وطنٌ مسجّى ....!
هنا الخطورة هنا القتل أنه رسم وصورة
تشاؤميّة رهيبة افتعلها المبدع ليقول قولتَه
وليوجّه خطابَه .فالمبدع خطيب ثورته وزعيم دولته التي يرى ، المبدع كل شي في كونيّة النَّص في اللحظة ، نعم تسقط كل الاعتبارات وتغيب عنده إلا حضوره فهو القائد ونبي المعرفة ،
واقدامنا باردة ..ياترى مَن كان يمشي اكيد إنَّ اقدامَه ساخنةٌ يدور دمُها ونارُها مشتعلة بالانفعال والحركة.
إمّا من كان واقفاً كالتمثال طبعا كان ثلجاً وترك الفعل ،
هكذا يرسم ( باقر صاحب ) تصاويره واحداثياته
ليستخلص موضوعاته التي كاشفنا بها ،
باعتباره الرائي والعارف لوقته ، فمن ياترى غيره يصيح ومَن ياترى غيره يستهجن ولو على قدر التوثيق وهذا أضعف الإيمان ،الشعراء قبل السياسيين الثّوّار دائما
فهمُ الملهمون الذين يزخّون الفكرة والقَدْحَة في روح الجهاد والخلاص.
فلعلَّ النَّص يتحمل شروحاً اكثر انما نكتفي بهذا المثل النقدي منه .

حميد العنبر الخويلدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى