خيرة جليل - صن الكلمات...

كلماتي المحمومة لا تعني شيئا شخصيا احرفي
الضبابية الباردة تنزلق من بين اصابعي كحبات الرمل في مهب الريح .لا شيء كامل ولا شيء ناقص كل ما يمكن قوله هو الكلمات سيوف قاطعة وحبات رمان حمراء بلورية ونذفات ضباب ندية نجمية ...كلها رقة وقوة وغليان ...أكثر صلابة وهشاشة في نفس الوقت ... إنها شفافة واكثر عمق ..هي هكذا الكتابة؛ متناقضات يصعب التوليف بينها لكنها منصهرة مع بعضها رغما انفها ..الرصن الوحيد الذي تحمله لها لا يستطيع ايقاف جموحها....انها نزيف بطئ نعشقه حتى النخاع وعن طواعية...بعبوتي قرطاس انتشلته من براثين الملل حين فتحت بوابة الزمن وتوقف الوقت في لحظة سبات عميق لشياطين الارض والسموات السبع.... لا أحد قادر على وصف لحظة بعث الاموات من قبورهم لكن بالكتابة حضرت مشيهم على الصراط المستقيم اي قبل أن يصل يوم الحشر؛ لا شيء أكثر قسوة من ان ترى نفسك فوق هذا الصراط؛ انها لحظة الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن تكذيبها؛ تسري بجسدك رعشة غريبة وقوية وعنيفة ومخيفة ؛ إنك بزمن الحقيقة في لحظة اللاحقيقة لكل شيء. الصلاة كانت صلاة في اقامتها بالدنيا بالجامع والمساجد العريقة ولكن كم مصلي صلى فعلا صلاة ترضي الخالق؟ الزكاة كانت زكاة بجميع اصنافها وباوزانها ولكن هنا وجدناها شيئا اخر ؛ هكذا كان الصيام مجرد جوع وعطش واشياء أخرى .
هل كان لكل واحد منا إمكانية المرور لبرزخ. الارواح؟ هل استطاع احد أن يصف لك. لحظة خروج او دخول الروح للجسد؟ هل اخبرك رضيع عن عوالمه ببطن أمه؟ هل اخبرك. ميت عن لحظة وضع اللحد على قبره؟ هل فهمنا يوما لماذا يصرخ الطفل عند خروجه من بطن امه؟ هل دخول الهواء لرئة المولود مؤلم لهذه الدرجة؟ او خورجه منها عند الموت مؤلم كذلك؟ لا احد راهن على معرفة هذا من عامة الناس؟ وحدهم العلماء والفلسفة والكتاب من استطاع الوقوف عند هذه العتبات وكلما تمكن من خيوط هذه اللعبة واحكامها كان اكثر علمانية وكلما غابت عنه بعض خيوطها بردهات المجهول اصبح اكثر فلسفة وغموضا وترك الاسئلة مشرعة الى ما لا نهاية....هكذا هي الكتابة اذا وهكذا هي الحياة كذلك كلما كانت أكثر غموضا زاد الشغف بها وعشقت ردهاتها حتى النخاع
....هكذا هو شط الأرواح الممزقة من كثرة شد وجذب مرتزقة الإنسانية لرتق احلامهم الرثة لاعتلاء منصات التفاهة. ،
هكذا يكون حديث الموردين عن وردهم
لا زيوس عشق يوما ان يكون الها ؛ ولا سقراط احب ذات ظهيرة تحت ظل شجرة ان يكون فيلسوفا.....الكل انهمك في الكتابة وها قد عاد ابن بطوطة من سفره هو ولم يتعرف على جيناته التي كانت تلعب بالحارة أمام بيته؛ حمله شغفه بما سكن خوالجه الى ما لا يعرف العادي والبادي....البعض سيظنك مجنونا والبعض الآخر سيظنك مخمورا وانت بين هذا وذاك تعيش لذة شغفك المجنون السكران وتقهقه بالامبالاة. ؛ هكذا نمشي على اذيم اللغة بين قوافل الكلمات الشفيفة الملثمة بشراشيف اللهفة واللذة والمكروالحب كمومس زادت في الغواية لنمارس ابداعات بمدائن السرد اللانهائي بردهات الصمت الباردة والمثخنة بجراح السؤال المحموم لا للشهرة ولا للألقاب ولكن لانها ارهاصات حاضر انساني له ما له وعليه ما عليه ، في كثافته غابة كثيفة وادغال.موغلة في الظلمة وفي اختزاله قريض حر ينبض حبا ولوعة ولهفة...
حلمي الرميم كان خديج بلا اسم؛ لا سفور ولا عراء لهذه العذراء العفراء؛ لا حجاب ولا لثام لهذه الراهبة الرعناء؛ الكتابة حيوات لحياة واحدة وحياة واحدة لحيوات تناسخت ارواحها رغما منطقها الطبيعي والمتخيل الذهني اصبح عاجزا عن استيعاب كل رموزها لفك شفراتها لان البصر لم يكن يوما هو التبصر ومن عمت بصريته في لحظة ما لم تفقأ عينيه اصلا؛ ومن احتاج الماء لم يأكل الملح أصلا ؛
فالعطش هو عطش المعرفة والبحث والتأمل والتدبر والتعمق والجوع جوع العواطف والافكار والاخلاق....
لان حروب الماء كانت مشروعة بين قبائل المد والجزر.... لا. تكتب لأحد لتقنعه بافكارك؛ بل اكتب لتلاعبها بميدانك؛ وإن آمن بها مشى بركبك بلا كلل واسند ظهرك بلا ملل واهداك في لحظة شرودك القرطاس والقلم حتى تقبض على الضو يا ابن آدم ؛ ومن كره كتابتك اخذك بالحجاج في سفك الدم وبالعتاهية في التجهم و نسي عمق فكر الجابري وبعد نظر المهدي المنجرة وجمال شعر كريم العراقي وكلمات نزار في غناء كاظم.....خيرة جليل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى