يعيش الكثير منا تلك الحالة من فوضى المشاعر في معظم علاقاته حيث لا قدرة لديه على التخلي والمضي قدماً ولا قدرة أيضًا على الإستمرار في دوامةٍ من التيه والغربة.. وحيث لا ملامح أو اسم لما نعيشه من ذبول سوى أننا عالقون في المنتصف بين شعورين لا يشبهان بعضهما وإن اعتقد البعض عكس ذلك وهما الشعور بالحب والشعور بالواجب..
فتبدل الأحوال في بلادنا على أكثر من صعيد ألقى بظلاله على مختلف العلاقات الإنسانية وأصاب الأحاسيس في مقتل، سواءاً كانت حباً أو صداقةً أو روابط أسرية أو علاقة ارتباطٍ بالأرض والأماكن وخلق حالةً من الأنانية والبرود واللامبالاة التي تحولت إلى نوعٍ من الجفاء في كثيرٍ من الأحيان حتى بين من يعيشون تحت سقفٍ واحد ودون أن يغير الفراق أو الموت فيها أو فيهم شيئًا، فلم تعد هناك رؤيةٌ جامعة أو فكرةٌ يمكنها أن تضم الجميع تحت مظلتها بما فيها الوطن، والذي تحول إلى مجرد صورةٍ شعرية يحلم بها الكثيرون وهم يعيشون على أرضه وبين ظهرانيه دون أن يربطهم به عاطفةٌ حقيقية، مع أن التباين في وجهات النظر حوله (أي الوطن) كان أحد أهم أسباب ذلك الإنفصال والإنقسام العنيف بين الناس على صعيد المشاعر فخسروا أحبتهم ووطنهم معاً..
كما أن العديد من الذين استمروا في علاقاتهم أو لم يلتحقوا بقطار الهجرة ظلوا بدافع وحيد هو الواجب.. بحكم التعود.. خوفاً من وحدةٍ يعيشونها بالفعل وإن انكروها، فقد اختنقت الكلمات وباتت دون معنى.. أصبحت الكثير من الإبتسامات باهتة.. القلوب لا تصغي لحديث أحد.. الوقت يضيق بالناس على اتساعه.. لقاء البعض مع أحبتهم لا يعني (تلاقيهم).. الذكريات لم تعد تجد صداها بين أصحابها.. لا حميمية في العناق.. لا لهفة.. لا شوق.. لاشيء كامل ولا شيء ناقص.. ما من فرحةٍ عارمة أو حزنٍ عميق.. لا شعور بالأمان بين الناس ولا جرأة على البوح بما يؤلمهم.. الإنسان مجرد (ديكور) وسط مجموعةٍ من الظلال الناطقة التي تقع في منطقةٍ رمادية بين الغياب والحضور المتشابه.. والذي لا يوجده سوى تأدية الواجب..
فالأمومة والأبوة والبنوة والأخوة باتت صورةً اجتماعية يطغى عليها الواجب.. والعلاقة بين الأزواج واجب.. الضحك على نكتةٍ بات واجباً.. الدموع في سرادق العزاء والثياب السوداء ضرورةٌ (مؤقتة) لإكمال الواجب.. اختزال الوطن في تفاصيل سطحية لا تظهر سوى في المناسبات واجب.. (شراء) النجاح واللحظات (السعيدة) جزءٌ من الواجب.. التضامن والتعاطف (المؤقت) مع أي حدث (للتأكيد) على (انسانيتنا) و(رهافة) حسّنا أمرٌ واجب.. وبين الحب وذلك الشعور المسمى (بالواجب) مئاتٌ من السنواتٌ الضوئية التي لا نبض فيها ولا روح..
والتي قد تعتقد شريحة من البشر أن الحل في تركه والتحرر منه والتمرد عليه لكنه على أرض الواقع لن يمنحنا سوى المزيد من العطش كمن يشرب من ماء البحر، ولعل الدليل على توغل هذه الحالة في أعماقنا هو ردة فعل الكثيرين تجاه الأوضاع المؤلمة في فلسطين أو السودان والتي حاول ولا زال البعض يحاول أن يثبت لنفسه قبل غيره أنه لم ينسى ما يحدث بمرور الوقت رغم تفاقم الأوضاع وتدهورها، لكن الحقيقة أن الأمر بالنسبة له هو واجب لا يريد أن يفشل فيه خوفاً من حكم الآخرين عليه وخوفاً من مرآةٍ ستنطق ذات يوم وتخبره بما لم ينجح في إخفاءه حتى عن نفسه..
#خالد_جهاد
فتبدل الأحوال في بلادنا على أكثر من صعيد ألقى بظلاله على مختلف العلاقات الإنسانية وأصاب الأحاسيس في مقتل، سواءاً كانت حباً أو صداقةً أو روابط أسرية أو علاقة ارتباطٍ بالأرض والأماكن وخلق حالةً من الأنانية والبرود واللامبالاة التي تحولت إلى نوعٍ من الجفاء في كثيرٍ من الأحيان حتى بين من يعيشون تحت سقفٍ واحد ودون أن يغير الفراق أو الموت فيها أو فيهم شيئًا، فلم تعد هناك رؤيةٌ جامعة أو فكرةٌ يمكنها أن تضم الجميع تحت مظلتها بما فيها الوطن، والذي تحول إلى مجرد صورةٍ شعرية يحلم بها الكثيرون وهم يعيشون على أرضه وبين ظهرانيه دون أن يربطهم به عاطفةٌ حقيقية، مع أن التباين في وجهات النظر حوله (أي الوطن) كان أحد أهم أسباب ذلك الإنفصال والإنقسام العنيف بين الناس على صعيد المشاعر فخسروا أحبتهم ووطنهم معاً..
كما أن العديد من الذين استمروا في علاقاتهم أو لم يلتحقوا بقطار الهجرة ظلوا بدافع وحيد هو الواجب.. بحكم التعود.. خوفاً من وحدةٍ يعيشونها بالفعل وإن انكروها، فقد اختنقت الكلمات وباتت دون معنى.. أصبحت الكثير من الإبتسامات باهتة.. القلوب لا تصغي لحديث أحد.. الوقت يضيق بالناس على اتساعه.. لقاء البعض مع أحبتهم لا يعني (تلاقيهم).. الذكريات لم تعد تجد صداها بين أصحابها.. لا حميمية في العناق.. لا لهفة.. لا شوق.. لاشيء كامل ولا شيء ناقص.. ما من فرحةٍ عارمة أو حزنٍ عميق.. لا شعور بالأمان بين الناس ولا جرأة على البوح بما يؤلمهم.. الإنسان مجرد (ديكور) وسط مجموعةٍ من الظلال الناطقة التي تقع في منطقةٍ رمادية بين الغياب والحضور المتشابه.. والذي لا يوجده سوى تأدية الواجب..
فالأمومة والأبوة والبنوة والأخوة باتت صورةً اجتماعية يطغى عليها الواجب.. والعلاقة بين الأزواج واجب.. الضحك على نكتةٍ بات واجباً.. الدموع في سرادق العزاء والثياب السوداء ضرورةٌ (مؤقتة) لإكمال الواجب.. اختزال الوطن في تفاصيل سطحية لا تظهر سوى في المناسبات واجب.. (شراء) النجاح واللحظات (السعيدة) جزءٌ من الواجب.. التضامن والتعاطف (المؤقت) مع أي حدث (للتأكيد) على (انسانيتنا) و(رهافة) حسّنا أمرٌ واجب.. وبين الحب وذلك الشعور المسمى (بالواجب) مئاتٌ من السنواتٌ الضوئية التي لا نبض فيها ولا روح..
والتي قد تعتقد شريحة من البشر أن الحل في تركه والتحرر منه والتمرد عليه لكنه على أرض الواقع لن يمنحنا سوى المزيد من العطش كمن يشرب من ماء البحر، ولعل الدليل على توغل هذه الحالة في أعماقنا هو ردة فعل الكثيرين تجاه الأوضاع المؤلمة في فلسطين أو السودان والتي حاول ولا زال البعض يحاول أن يثبت لنفسه قبل غيره أنه لم ينسى ما يحدث بمرور الوقت رغم تفاقم الأوضاع وتدهورها، لكن الحقيقة أن الأمر بالنسبة له هو واجب لا يريد أن يفشل فيه خوفاً من حكم الآخرين عليه وخوفاً من مرآةٍ ستنطق ذات يوم وتخبره بما لم ينجح في إخفاءه حتى عن نفسه..
#خالد_جهاد