لودي شمس الدين - رسالة(٢)

رسالة(٢)

مساء السبت،في تمام الساعة السابعة أرقٍ ،جالسة وحدي فيك،مفكرة بأنه لم يمضِ يوماً إلا وأنا أحاول أن أوقِف هذا النزف في أصابعي،فنزف الأصابع نوعٌ من أنواع الألم الجميل.
ولم تمضِ ليلة إلا وأنا أحاول أن أُثبت لله بأني أحبك حتى العبادة.
نعم،أعبدك بعد الله...
تمرُّ الأيام دونك بأسى،بوجعٍ،بقسوة،بخوف وقُبحٍ .
فالحياة دونك وهم،فراغ يُحاكي فراغ وعدم يلِد عدم.
سامحني إن كانت كلماتي لك تعيسة بعض الشيء،لكنها صادقة جدا،صادقة بلا حدود.
ولكني منزعجة جدا اليوم،روحي متوترة وأعصابي تعِبة من عدم لمسِها لأعصاب جلدك الفضي.
ماذا أفعل؟أفضل أن أكون في حالة من المعاناة المتواصلة لأجلك،أفضل الموت عن بُعدك.
أعلم بأنه غياب قاهر بالنسبة لك ولكنه مميت،يرعبني،يقلقني،يرهقني،ويتركني بدون رحمة لتخيلات باطلة،مريضة أنا بك،مريضة...
أكتب الان وأصابعي متشنجة،أبكي وأدلكها كي أواصل
كتابتي،الكتابة هي وجه آخر للعذاب.
والمشاعر ليست كلمات.
المشاعر أطفال،جلادون،مجانين،مذنبون،مساكين وأعداء.
وأحيانا يكون عدوك أنت، وليس فقط العدو الذي تحاربه لأجل البلاد...
البلاد في حرب،وجدران الصوت لم تعد تشكل لنا أيّة رهبة وما يوجعنا الآن "الجنوب".
الجنوب المقدس والمضحي.
وما يوجعني إضافة عنهم،بأن البلاد تأخذك مني وتلبسك عني،فالفجر لنا والصبح للبلاد،الليل لنا والمساء للبلاد.
النصر حيث تكون أنت والمجد حيث تكون أنت.
صحيح،بأنه يجب على الإنسان أن يتكيف مع كل الظروف لكن إلا أن يكون بعيداً عن خلِّه.
بالمناسبة يا حبيبي،تذكرت أن أقول لك بأنك جميل جدا وأنت طفل،ذو بشرة ناعمة وبيضاء وشعر كثيف،وبطلٌ جدا وأنت في يدك البندقية وقلبي.
فما بين بندقيتك وقلبي مسافة يا حسن الملامح.
مسافة أنفاسك،دموعك،ضحكتك،صوتك،ماء عينيك،قُبَلك،وغيرة أصابعك.
دائماً أثناء كتابتي،أحاول أن لا أشكُ لك شيء عني ولكني على يقين بأنك تعرف كل شيء وتشعر بكل شيء وكأني إذا حكَّيت عيني آلمتك عينك.
العالم معقد جداً،وكل ما فيه يدعو للغموض والفلسفة.
العالم كافر جداً،وإليك أتوب بخشوع قلبي وضميري.
أما الان دعني أسألك عن صحتك،هل أنت بصحة جيدة؟والألم في رأس معدتك هل زال؟الحمام يبكي...
والتشنج في كتفيك هل زال؟الحمام يبكي...
كيف هي قدميك؟هل هي دافئة أم باردة؟الحمام نام...
من كفّك لكفي امتداد نهر ومن أخمصِ قدميك باتجاه خصري يعلو جبل ومن شفتيك لشفتي تمتد سماء.
هل فهمت ما أقصد؟هل عرفت كيف يتشكل الزمن؟
إن الانتصارات تؤرّخ،البطولات تؤرخ وعبادتي لك كإنسان عارٍ من كل شيء كما خلقك الله جلداً،لحماً،دماً،قلباً وعقلاً تؤرخ.
ختاماً يا رجلي الوحيد،سأقول" اشتقت لك"،اشتقت حدّ الكلَف،اشتقت حدّ الضنى ،فمن قال بأن اللغة وسيلة للتعبير؟
اللغة لا تساعد على فهم المعنى أو تفسير أو شرِح كل ما هو مبهم.
اللغة لا تساعد على الحياة اللغة تدفع نحو الموت.
وأنهي رسالتي الان بكلمة "أحبك".
أحبك وانتظرك يا صبابتي الحزينة والأبدية...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى