لودي شمس الدين - رسالة(٣)

رسالة(٣)


أطلت البكاء كثيراً،إنها الساعة الثانية عشر ليلا،لا أعلم عما أتحدث لكني سأعتصر روحي على ورقة.
الغيم في غرفتي يبتلع صوتي والعتمة تكبر بين أصابعي.
العتمة صوت،الصوت غرفة،الغرفة صندوق،الصندوق ذاكرة،الذاكرة بحيرة، البحيرة دمعة،الدمعة ضحكة،الضحكة طير،الطير عين، العين كلمة والكلمة قلب.
ما الذي أعاني منه الآن؟لست أدري،بالكاد أحمل عيني،
وبالكاد أسحب الأحرف من أعصابي.
إني أتألم بلا كلَل كما لو أن الألم كالكتابة،سبيل للخلاص والنجاة من الحياة.
فعلى سبيل المثال العاطفة،الجمال،المآسي،الوعي واللاوعي،الحب والكره،الخوف والمرض جميعهم يحرضوا المرء على الكتابة.
وعدم الأمان يلِد في المرء عقداً نفسية لا تعالج سوى بالحب.
أما الان فأنا لا أستطيع الكتابة،وكأن العدم أبتلعني.
جسدي مُثقل بالدموع،ولا أشعر سوى بنشوة الحزن وسُكرَة الوجع.
لست في وعيي التام...
أنا بحالة شوق لرجل قلبي وسيد عمري،لأمي،لأبي وأخي.
أنا بحالة شوقٍ لِصراخات عتيقة عالقة بين رفوف المنزل ولضحكات عالية مُعتَّقة بالأمان.
إنها الساعة الثالثة صباحاً ولم أكتب شيئاً بعد،مستلقية أفكر بالأسباب التي جعلتني مضطربة جداً،قلِقة على الدوام،بارعة الاختفاء بين الحين والآخر،عدائية وحادة السلوك.
شربتني الريح ربما،نصفي ظلّ ونصفي الآخر هواء، تحولت عزلتي لِلغة.
أنتهت رسالتي...
صباح الإثنين،مازلت بانتظار رسالة منك،لم أنجُ من نفسي ليلة أمس،كنت في حالة اظطراب صحي ونفسي،ولم تأتِ بعد اختلاطِ دمعي بالدم،لم تأتِ لقلبي بعد أن ضَعفت أصابعي من حساسيتي المفرطة اتجاه أنفاسك البعيدة وقدميك المتعبة.
لم أنجُ من نفسي وأنا أحاول أن أُمسك عقلي من الزحفِ بين فراغات الهواجس والتخيلات الخالية من المنطق،
أو ربما هي منطقية نوعاً ما،لا أدري...
أحيانا يجب على المرء أن يستغرق وقتاً طويلا وجهداً كبيراً لأن يتعرف إلى نفسه الحقيقة.
لكن بأية حال مَنْ بعُد عن ربَّه أنساه الله نفسه.
أنا مشتته للغاية،أكتب بعشوائية مطلقة.
ساعدني أن أفهم ذاتي قليلاً،الصداع في فكري،إنني حاضرة دائماً بكامل صمتي في كل مكان.
فهل هذا الغموض العفوي المتعمد جميل لك؟
هل يبدو على ملامحي آثار الطعنات والشوق؟
هل تحب جنوني المبالغ فيه إلى حد ما؟إنني شرقية بامتياز.
أما أنت شرقي بشكل مبالغ فيه،لكن أحب هذا الرجل فيك.
تسعدني أصابعك عندما تتفحص بدقة تفاصيل ثيابي ونحن معاً،أُقبِّلها إلى أن تتحول لشجرٍ...
أرجو اليوم أن تقرأ رسالتي جيداً وحاول أن تحسها عمقاً،لأني لست في كامل حيويتي وتعبيري،أكتب هكذا لأتخلص من ورم المشاعر داخلي،وأعالج ذاكرتي من التصخم.
و أرجو كذلك، أن ترسل لي كلمة مرافقة لِصورة أسنانك الضاحكة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى