إدريس بلعطار، الشاعر الزجال الذي استوطنت "العيطة" قصيدته، هو مثال حي للشاعر الذي يجمع بين التجذر في بيئته المحلية والانفتاح على التجارب الشعرية العالمية. نشأ بلعطار في الشماعية، حيث امتص من تراب أرض أحمر وعبدة إيقاعات العيطة الحصباوية وكلماتها، ليتشبع بهذا الفن الشعبي الأصيل ويعيد تشكيله في قالب زجلي حداثي مميز.
منذ نعومة أظافره، كان إدريس مشدوداً إلى الإيقاعات الزجلية القديمة، تلك التي كانت تشعل قلوب الناس في الساحات والمواسم. كان حينها يعشق الجلوس بين الكبار ليستمع إلى ألحان العيطة وأسرارها التي كانت تهمس له بهدوء، وكأنه وُلد ليكون سفيراً لهذا التراث.
في السبعينيات، أسس بلعطار مجموعة غنائية في الشماعية، متأثراً بشكل مباشر بتجربة ناس الغيوان، تلك الفرقة التي قلبت موازين الفن المغربي وحملت مشعل الأغنية الملتزمة. وكما أن ناس الغيوان دمجوا بين الكلمة الملتزمة والإيقاع الشعبي، كان بلعطار يسير على نفس النهج، ملتزماً بتقديم فن يعبر عن هموم الشعب وأحلامه.
بلعطار ليس فقط شاعراً، بل هو فارس الكلمة التي يغزلها بعناية وإتقان، كما يغزل الحرف العربي مع العيطة. ديوانه "عيوط أم هاني" هو ثمرة هذا التأثر العميق بالعيطة، حيث جاءت قصائده كنبتة برية في حديقة الزجل المغربي، تجمع بين أصالة التراث وروح الابتكار. فنان متكامل يُزاوج بين الإنشاد الشعري والغناء، وأحياناً يعزف على البندير والهجهوج أثناء قراءته، مما يعزز الروح الاحتفالية والحوارية في أدائه.
في تجربته الابداعية هناك ديوانين آخرين :
"مقام العشق"، وهو رحلة شعرية عميقة في ثالوث العشق: عشق البلاد، عشق الناس، وعشق الحروف. حيث يستلهم بلعطار عناصر انشحانه العاطفي من المحيط الطبيعي، والقيم المجتمعية العريقة، والتراث الثقافي الغني الذي يحيط به.
و ديوان "مقام الما" وهو مثال رائعً للكتابة الزجلية التي تُعبر عن القيم الصوفية بطرق فنية عميقة. ، يعكس فيه بلعطار بوضوح مفاهيم التجلي والحب والخلود، ويقدم قراءة صوفية للوجود تتجاوز المعاني المادية وتصل إلى أعماق الروحانيات.
ورغم هذا الانغراس العميق في التربة المحلية، لم يتوقف إدريس عند حدود الزجل التقليدي. بل انفتح على آفاق الشعر العالمي، مستلهمًا تجربة الهايكو الياباني، ليقدم "فتقيات" شعرية تجمع بين الطرافة والعمق، مما يعكس رغبة مستمرة في التجديد والتجريب. بهذه الروح الحرة والمبدعة، يظل بلعطار أحد الأصوات البارزة في المشهد الزجلي المغربي، يجمع بين التقليد والحداثة في مزيج فني فريد.
تكريم إدريس بلعطار لم يكن في يوم من الأيام مجرد تكريم لشاعر زجال فقط، بل هو اعتراف بشخصية ملتزمة بقضيتها، وفية لتراثها، تسعى إلى نقل تلك الإيقاعات والهمسات من جيل إلى جيل. تكريماته في المدن المغربية وخارجها هي لحظات تقدير لأحد حراس الذاكرة الجماعية للمغاربة.
تعلق إدريس بالزجل لم يكن محصوراً في كلماته المطبوعة فقط، بل امتد إلى الجامعات المغربية، حيث أقام ورشات، ونقل لطلبة الماستر بفصاحة وبلاغة روح الزجل وإيقاعاته. أعماله لم تظل حبيسة الأوراق، بل تناولها الأساتذة والباحثون بالدراسة والتحليل، لما تحمل من عذوبة فنية وأصالة إبداعية.
وخلاصة القول فإدريس بلعطار، رجل الذي حمل عبء الحفاظ على هذا التراث، وهو في نهاية المطاف شاعر عاشق، يحمل قلب طفل وحكمة شيخ.
منذ نعومة أظافره، كان إدريس مشدوداً إلى الإيقاعات الزجلية القديمة، تلك التي كانت تشعل قلوب الناس في الساحات والمواسم. كان حينها يعشق الجلوس بين الكبار ليستمع إلى ألحان العيطة وأسرارها التي كانت تهمس له بهدوء، وكأنه وُلد ليكون سفيراً لهذا التراث.
في السبعينيات، أسس بلعطار مجموعة غنائية في الشماعية، متأثراً بشكل مباشر بتجربة ناس الغيوان، تلك الفرقة التي قلبت موازين الفن المغربي وحملت مشعل الأغنية الملتزمة. وكما أن ناس الغيوان دمجوا بين الكلمة الملتزمة والإيقاع الشعبي، كان بلعطار يسير على نفس النهج، ملتزماً بتقديم فن يعبر عن هموم الشعب وأحلامه.
بلعطار ليس فقط شاعراً، بل هو فارس الكلمة التي يغزلها بعناية وإتقان، كما يغزل الحرف العربي مع العيطة. ديوانه "عيوط أم هاني" هو ثمرة هذا التأثر العميق بالعيطة، حيث جاءت قصائده كنبتة برية في حديقة الزجل المغربي، تجمع بين أصالة التراث وروح الابتكار. فنان متكامل يُزاوج بين الإنشاد الشعري والغناء، وأحياناً يعزف على البندير والهجهوج أثناء قراءته، مما يعزز الروح الاحتفالية والحوارية في أدائه.
في تجربته الابداعية هناك ديوانين آخرين :
"مقام العشق"، وهو رحلة شعرية عميقة في ثالوث العشق: عشق البلاد، عشق الناس، وعشق الحروف. حيث يستلهم بلعطار عناصر انشحانه العاطفي من المحيط الطبيعي، والقيم المجتمعية العريقة، والتراث الثقافي الغني الذي يحيط به.
و ديوان "مقام الما" وهو مثال رائعً للكتابة الزجلية التي تُعبر عن القيم الصوفية بطرق فنية عميقة. ، يعكس فيه بلعطار بوضوح مفاهيم التجلي والحب والخلود، ويقدم قراءة صوفية للوجود تتجاوز المعاني المادية وتصل إلى أعماق الروحانيات.
ورغم هذا الانغراس العميق في التربة المحلية، لم يتوقف إدريس عند حدود الزجل التقليدي. بل انفتح على آفاق الشعر العالمي، مستلهمًا تجربة الهايكو الياباني، ليقدم "فتقيات" شعرية تجمع بين الطرافة والعمق، مما يعكس رغبة مستمرة في التجديد والتجريب. بهذه الروح الحرة والمبدعة، يظل بلعطار أحد الأصوات البارزة في المشهد الزجلي المغربي، يجمع بين التقليد والحداثة في مزيج فني فريد.
تكريم إدريس بلعطار لم يكن في يوم من الأيام مجرد تكريم لشاعر زجال فقط، بل هو اعتراف بشخصية ملتزمة بقضيتها، وفية لتراثها، تسعى إلى نقل تلك الإيقاعات والهمسات من جيل إلى جيل. تكريماته في المدن المغربية وخارجها هي لحظات تقدير لأحد حراس الذاكرة الجماعية للمغاربة.
تعلق إدريس بالزجل لم يكن محصوراً في كلماته المطبوعة فقط، بل امتد إلى الجامعات المغربية، حيث أقام ورشات، ونقل لطلبة الماستر بفصاحة وبلاغة روح الزجل وإيقاعاته. أعماله لم تظل حبيسة الأوراق، بل تناولها الأساتذة والباحثون بالدراسة والتحليل، لما تحمل من عذوبة فنية وأصالة إبداعية.
وخلاصة القول فإدريس بلعطار، رجل الذي حمل عبء الحفاظ على هذا التراث، وهو في نهاية المطاف شاعر عاشق، يحمل قلب طفل وحكمة شيخ.