عبدالرحيم مركزو - توم بيريللو ودبلوماسية النفس الطويل هل تجلب سلاما في السودان..!!

يواصل المبعوث الامريكي الخاص للسودان توم بيريللو و في جولاته الدولية لمواصلة الجهود العاجلة الرامية إلى إنهاء الحرب في السودان، حيث ابتدر هذه المرة الجولة لتشمل دول مهمة في الإقليم و المنطقة و هي " السعودية و تركيا و مصر" ، حيث تتناول المباحثات الثنائية الأوضاع في السودان و بحث السبل الكفيلة لوقف الحرب و معالجة الأوضاع الإنسانية المزرية التي يعاني منها أكثر من "٢٥"مليون مواطن سوداني و نصف على خطر الجوع الحاد حسب تقارير وكالات الأمم المتحدة ذات الاختصاص... يبدو أن بيريللو في مساعيه الرامية لإنهاء الحرب بين أطراف الصراع في السودان انتهج دبلوماسية النفس الطويل لادراكه أن تعقيدات الحرب لها تدخلات و تأثيرات و أبعاد دولية و إقليمية و داخلية و محلية على حسب طبيعة خلفية الصراع... يعمل بيريللو على إخماد الحرب المستعرة و هو يعلم جيداً أن هنالك أطرافاً تعمل تحت الخفاء في تأجيجها و لكن يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في التخفيف من وطاة الحرب على الأقل في الوقت الراهن إذا ساهمت في جهود إنهاء القتال ... جولته هذه المرة هي البحث عن داعمين جدد و مساندين و مؤيدين، هي دول لها تأثيراتها بحكم وجود كيانات و أشخاص لهم تحكماتهم في مجري الحرب و المعارك التي تدور... تركيا بحكم تبينها مشروع الأخوان المسلمين في العالم لجأ إليها كبارات قادات نظام الأخوان المسلمين في السودان و اتخذوا منها مقراً لدعمهم للحرب و تأجيجها، فموقف الحكومة التركية و مساندتها لجهود وقف الحرب قد تثمر بالضغط على رموز نظام الجبهة الإسلامية بقبول مبدأ التفاوض لإنهاء الحرب... المملكة العربية السعودية رغم جهودها المضنية و خطواتها الجادة لوقف الحرب منذ بداية شرارتها إلا إنها لم تقم بما فيه الكفاية بإتخاذ خطوات حاسمة و جريئة للضغط على طرفي النزاع للإلتزام بتنفيذ ما أُتفق عليه من خطوات في منبر جدة. الحكومة السعودية لها تفاهمات قوية و مصالح مشتركة مع كل الأنظمة التي حكمت السودان قديماً أو حديثاً رغم ما يعتيرها من بعض الهنات و لكنها لم تصل إلى مرحلة القطيعة و الخصومات الفاجرة. القوات المسلحة السودانية تشاركت في عمليات عاصفة الحسم بقوات مشاة سودانية ما زالت ترابط حتى الآن فوق في التراب السعودي عطفاً على الجالية السودانية الكبيرة في المملكة و هي كورت ضغط يمكن أن تلوح بها على حكومة السودان لقبول التفاوض لإنهاء الحرب... مصر لديها إرتباطات أزلية و مصالح مشتركة ذات أهمية بالغة مع السودان شعباً أم حكومات و يلعب نهر النيل ذلك الدور المصيري بالنسبة لمصر، إضافة إلى وجود بعض رؤوس و رموز نظام الجبهة الإسلامية "الإنقاذ" و هم يلعبون دوراً أساسياً و فعّالاً و مؤثراً فيما يدور من معارك رغم وجود الجانب المصري في مسرح حرب السودان إلا أنها لها دور مؤثر يمكن أن تلجأ إليه للضغط على الحكومة بقبول مبدأ التفاوض لوقف الحرب. و مصر هي أكثر دول المنطقة تضرراً من استمرار الحرب في السودان حيث تدفقات موجات الفارين من جحيم الحرب، علاوة على مياه النيل التي تمثل شريان الحياة بالنسبة لمصر و ما طراء من مستجدات على كميات المياه و المخزون من جراء قيام سد النهضة العملاق على أهم رافد مياه يغذي الحياة في التراب المصري ... هنالك دول ذات أهمية قصوي يجب أن لا يغفل بيريللو دورها المهم و الفعّال و ما يجب أن تقوم به و تساهم فيه من دعم جهود وقف الحرب و منها دولة قطر في المحيط العربي لإشكلاتها مع دول الخليج العربي قذم من دورها المباشر و مساهماتها في حللة قضايا السودان منذ منبر الدوحة لحل قضايا دار فور إذ لعبت دوراً محورياً في تبنيه و تمويل التزاماته في مشروعات ضخمة في إقليم دار فور المنكوب. و حالياً تحتضن الدوحة نفر كريم من جماعة الإخوان المسلمين السودانيين و توفر لهم ملذات آمنة و هؤلاء لهم دورا واضحا في تأجيج الحرب.
تظل جهود بيريللو ناقصة و غير ذات جدوى إذا تغافل و تجاهل دور دول الجوار الإفريقي و هي إثيوبيا، إريتريا، جنوب السودان تشاد و أفريقيا الوسطى و ليبيا ، فضلاً عن دولتي يوغندا و كينيا. هي دول لها إمتدادات جغرافية واسعة و تداخلات قبلية و عرقية ضاربة في عمق التاريخ ، إذ تلعب الحمية القبيلة دوراً أساسياً في تأجيج الصراع و تزيد من إتساع دائرته بغض الطرف عن دوافع الدعم و المؤازرة و هي ثقافة ليست وليدة اللحظة و الفعل المضاد بل هي متجذرة و جزء من ثقافة المكون القبلي في دار فور و كردفان و هي مناطق و بؤر الصراع الحالي... فتوسيع دائرة المشاورات لتشمل مؤثرين أنه لعمل مهم و دبلوماسية راشدة إذا لم تنتقص أي دور يمكن أن تساهم به دول الجوار كافة... لعبت كينيا دوراً متعاظماً و لها اسهامات لا تغطيها غبش العين في إيجاد سبل حل قضايا السودان و لها قدم السبق في ذلك من خلال دورها في إتفاق أزمة جنوب السودان و إرثاء دعائمه في بروتوكولات نيفاشا للسلام إذ لعب الوسيط الجنرال سامبايو دوراً مهماً و أدى مهامه كما كان مطلوباً منه في ذلك الوقت ...إثيوبيا سارعت لحل الخلاف بين المكون العسكري و المدني و استطاعت من تقريب وجهات النظر بينهما و الذي توّج في الإتفاق الإطاري و من خلاله تم تكوين حكومة لإدارة الفترة الانتقالية بجهود قادها الدكتور أبي أحمد بنفسه...جنوب السودان ما فتئت من أن تتقدم الصفوف عبر واسطات قادها مستشار الرئيس سلفاكير دوت قواك توّجت بإتفاق سلام جوبا مع الحركات المسلحة إذ تخلف منها كل من الحلو و عبد الواحد... الرئيس يوري موسفيني لم ينقطع تواصله مع حكومات السودان محاولاً إيجاد سبل لدفع عملية السلام... و كذلك ليبيا و تشاد لهما تاثيراتهما القوية على مسرح الحرب الحالية، فإشراكهما في إيجاد سبل للدفع نحو إيقاف الحرب عاجلاً أم عاجلا ً من الضروري بمكان... و تراجعت في الآونة الأخيرة بصورة ملحوظة أدوار دول الجوار الأفريقي و قل حماسها نتيجة للإتهامات التي وجهتها قيادة الجيش بأساليب خرجت من العرف الدبلوماسي و اللباقة السياسية،يمكن أن يحثها المبعوث الامريكي بيريللو للعب دوراً حيوياً و أكثر فعّالية لإيجاد سبل كفيلة لأنهاء الحرب. و هي دول لا تقل أهمية و تأثير في إحداث احتراق في الملف السوداني بالغ التعقيد و شأنها كشأن دول تحالف متحدون، و هي دول لها خبرات سابقة و تراكمية في التدخل لأنهاء الحرب و تسوية الخلافات السودانية طويلة الأمد و البالغة التعقيد...
فتكم بخير..!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى