بعد رحلة طويلة من التجارب الذاتية ومحاولات مضنية للتغلب على مشاعر الكره المتسللة إلى النفس في معترك الحياة، يطرح الإنسان على نفسه سؤالًا وجوديًا عميقًا: "أين أنا؟" هذا السؤال لا يتعلق بالمكان الجغرافي الذي يقف فيه الشخص، بل يمتد إلى مستوى أعمق من الإدراك والوعي، إلى موقع الإنسان في علاقته مع نفسه، مع الآخرين، ومع التجارب التي مر بها. إنه تساؤل حول موقعه في هذه الرحلة المعقدة التي لا تخلو من مشاعر متناقضة، من كره وحب، من سلام وصراع.
في الحياة، غالباً ما يجد الإنسان نفسه مضطراً للتعامل مع مشاعر سلبية، كالكره والغضب. هذه المشاعر تنساب إلى النفس بسهولة نتيجة التحديات والخبرات القاسية التي تواجهه. المحاولات الدائمة للتغلب على هذه المشاعر ليست سهلة، بل إنها تشبه معركة مستمرة بين الرغبة في السلام الداخلي وبين الكراهية التي قد تتسلل إلى النفس بفعل الخيبات المتكررة أو العلاقات المؤلمة. وعلى الرغم من أن العقل يميل إلى البحث عن حلول منطقية تفضي إلى السلام، إلا أن النفس أحيانًا تحتاج إلى مساحة للتعبير عن الكره. قد يكره الإنسان نفسه، وقد يكره من عاشوا بقربه لفترة من الزمن، وربما يكون هذا الكره مرحلة لا بد منها قبل أن يصل إلى مرحلة جديدة من النضج والحب.
الكره هنا ليس سوى تعبير عن الألم والإحباط، وهو جزء من التجربة الإنسانية. لا يمكن أن نطلب من النفس تجاوز هذه المشاعر بسرعة، فهي تحتاج إلى وقت لتختمر وتتحول. من هنا، يأتي الإدراك بأن الإنسان يحتاج في بعض الأحيان إلى أن يكره قبل أن يعود إلى حالة من الحب والقبول، سواء لنفسه أو للآخرين. الحب الذي نبحث عنه قد يأتي في النهاية، ولكن أحياناً، لا يصل إلا بعد مرورنا بمراحل من الكره والرفض.
في رحلتنا النفسية، يمكن أن نشبه أنفسنا بخزانات تخزين مليئة بالماء الذي يختلط فيه الزبد. هذا الزبد الطافح يمثل الفوضى والاضطراب الذي يعكر صفو الحياة الداخلية. هذه الفوضى هي نتيجة للتجارب المتراكمة، للإحباطات والخسارات التي يمر بها الإنسان. مثل هذا الزبد، الذي يطفو على سطح الماء ويبدو ظاهريًا أنه يعكر الصفو، إلا أنه ليس إلا طبقة سطحية يمكن أن تختفي مع الوقت إذا ما تم التعامل معها بحكمة ووعي.
يعيش الإنسان في صراع دائم بين العقل والنفس، بين المنطق والعاطفة. العقل يسعى دائماً إلى تحقيق التوازن والسلام، يحاول ترتيب الأمور وتحليلها بموضوعية، في حين أن النفس تعيش في بحر من المشاعر المتناقضة. هذا الصراع الداخلي لا يمكن حله بسهولة، لأنه جزء من طبيعة الإنسان المعقدة. بين هذين الطرفين المتناقضين، تكمن الحكمة التي لا يمكن أن تنمو إلا بمرور الزمن وتراكم التجارب.
الحكمة هنا ليست شيئًا يُكتسب بين ليلة وضحاها، بل هي نتيجة لعملية طويلة من التفكير والمواجهة. على الإنسان أن يتعلم كيف يوازن بين عقله ونفسه، وكيف يتعامل مع مشاعره بوعي وإدراك. أحيانًا، قد يكون حظ الإنسان جيدًا إذا قفزت الفكرة في وقتها المناسب، فتأتيه لحظة الإلهام أو التنوير. لكن أحيانًا أخرى، قد تتأخر هذه اللحظة، وقد يجد نفسه ضحية لصراعاته الداخلية التي تجرفه وتأخذ معه من لا ذنب لهم في هذه المعركة.
في خضم هذه الرحلة، قد يقع الإنسان في فخ الغرور. في لحظات معينة، قد يشعر الإنسان بأنه على حق، بأنه يفهم الأمور بشكل أفضل من الآخرين، وأنه يسير في الطريق الصحيح حتى وإن كان الطريق مملوءًا بالأخطاء. هذا الغرور هو نتيجة لتصورات داخلية قد لا تكون مبنية على أساس صحيح، ولكنه يظهر كوسيلة دفاعية يحاول بها الإنسان تبرير سلوكياته أو مشاعره.
مع مرور الوقت، يتضح للإنسان أن الغرور ليس إلا وهمًا يختبئ خلفه. مع تراكم الخبرات والنضج، يبدأ الإنسان في رؤية الحقيقة بوضوح أكبر. في هذه المرحلة، يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويبدأ الإنسان في التفريق بين الصواب والخطأ، بين الحب الحقيقي والكراهية المؤقتة، وبين السلام الداخلي والغرور الذي كان يخفي وراءه ضعفه.
الحب في نهاية المطاف هو ما نسعى إليه جميعًا. الحب هنا ليس مجرد شعور عاطفي، بل هو حالة من السلام الداخلي والقبول للذات وللآخرين. إنه مرحلة نصل إليها بعد أن نمر بمراحل متعددة من الألم والكراهية. هذا الحب لا يمكن أن ينمو إلا بعد أن نتعلم من تجاربنا، وبعد أن نتصالح مع ماضينا.
فؤاد الجشي
في الحياة، غالباً ما يجد الإنسان نفسه مضطراً للتعامل مع مشاعر سلبية، كالكره والغضب. هذه المشاعر تنساب إلى النفس بسهولة نتيجة التحديات والخبرات القاسية التي تواجهه. المحاولات الدائمة للتغلب على هذه المشاعر ليست سهلة، بل إنها تشبه معركة مستمرة بين الرغبة في السلام الداخلي وبين الكراهية التي قد تتسلل إلى النفس بفعل الخيبات المتكررة أو العلاقات المؤلمة. وعلى الرغم من أن العقل يميل إلى البحث عن حلول منطقية تفضي إلى السلام، إلا أن النفس أحيانًا تحتاج إلى مساحة للتعبير عن الكره. قد يكره الإنسان نفسه، وقد يكره من عاشوا بقربه لفترة من الزمن، وربما يكون هذا الكره مرحلة لا بد منها قبل أن يصل إلى مرحلة جديدة من النضج والحب.
الكره هنا ليس سوى تعبير عن الألم والإحباط، وهو جزء من التجربة الإنسانية. لا يمكن أن نطلب من النفس تجاوز هذه المشاعر بسرعة، فهي تحتاج إلى وقت لتختمر وتتحول. من هنا، يأتي الإدراك بأن الإنسان يحتاج في بعض الأحيان إلى أن يكره قبل أن يعود إلى حالة من الحب والقبول، سواء لنفسه أو للآخرين. الحب الذي نبحث عنه قد يأتي في النهاية، ولكن أحياناً، لا يصل إلا بعد مرورنا بمراحل من الكره والرفض.
في رحلتنا النفسية، يمكن أن نشبه أنفسنا بخزانات تخزين مليئة بالماء الذي يختلط فيه الزبد. هذا الزبد الطافح يمثل الفوضى والاضطراب الذي يعكر صفو الحياة الداخلية. هذه الفوضى هي نتيجة للتجارب المتراكمة، للإحباطات والخسارات التي يمر بها الإنسان. مثل هذا الزبد، الذي يطفو على سطح الماء ويبدو ظاهريًا أنه يعكر الصفو، إلا أنه ليس إلا طبقة سطحية يمكن أن تختفي مع الوقت إذا ما تم التعامل معها بحكمة ووعي.
يعيش الإنسان في صراع دائم بين العقل والنفس، بين المنطق والعاطفة. العقل يسعى دائماً إلى تحقيق التوازن والسلام، يحاول ترتيب الأمور وتحليلها بموضوعية، في حين أن النفس تعيش في بحر من المشاعر المتناقضة. هذا الصراع الداخلي لا يمكن حله بسهولة، لأنه جزء من طبيعة الإنسان المعقدة. بين هذين الطرفين المتناقضين، تكمن الحكمة التي لا يمكن أن تنمو إلا بمرور الزمن وتراكم التجارب.
الحكمة هنا ليست شيئًا يُكتسب بين ليلة وضحاها، بل هي نتيجة لعملية طويلة من التفكير والمواجهة. على الإنسان أن يتعلم كيف يوازن بين عقله ونفسه، وكيف يتعامل مع مشاعره بوعي وإدراك. أحيانًا، قد يكون حظ الإنسان جيدًا إذا قفزت الفكرة في وقتها المناسب، فتأتيه لحظة الإلهام أو التنوير. لكن أحيانًا أخرى، قد تتأخر هذه اللحظة، وقد يجد نفسه ضحية لصراعاته الداخلية التي تجرفه وتأخذ معه من لا ذنب لهم في هذه المعركة.
في خضم هذه الرحلة، قد يقع الإنسان في فخ الغرور. في لحظات معينة، قد يشعر الإنسان بأنه على حق، بأنه يفهم الأمور بشكل أفضل من الآخرين، وأنه يسير في الطريق الصحيح حتى وإن كان الطريق مملوءًا بالأخطاء. هذا الغرور هو نتيجة لتصورات داخلية قد لا تكون مبنية على أساس صحيح، ولكنه يظهر كوسيلة دفاعية يحاول بها الإنسان تبرير سلوكياته أو مشاعره.
مع مرور الوقت، يتضح للإنسان أن الغرور ليس إلا وهمًا يختبئ خلفه. مع تراكم الخبرات والنضج، يبدأ الإنسان في رؤية الحقيقة بوضوح أكبر. في هذه المرحلة، يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويبدأ الإنسان في التفريق بين الصواب والخطأ، بين الحب الحقيقي والكراهية المؤقتة، وبين السلام الداخلي والغرور الذي كان يخفي وراءه ضعفه.
الحب في نهاية المطاف هو ما نسعى إليه جميعًا. الحب هنا ليس مجرد شعور عاطفي، بل هو حالة من السلام الداخلي والقبول للذات وللآخرين. إنه مرحلة نصل إليها بعد أن نمر بمراحل متعددة من الألم والكراهية. هذا الحب لا يمكن أن ينمو إلا بعد أن نتعلم من تجاربنا، وبعد أن نتصالح مع ماضينا.
فؤاد الجشي