د. محمد الشرقاوي - دولة الثورة الاجتماعية ليست مناورة أمام الكاميرات!

تنطوي عملية الهروب الجماعي لسكان مدينة الفنيدق شمالي المغرب إلى سبتة، الجيب أو المعقل الجنوبي لدولة تنتمي إلى أوروبا، على أكثر من مفارقة سياسية واجتماعية. وتمثل اختبارا واقعيا للحكومة الحالية التي يقودها عزيز أخنوش بالتضامن مع حزبي الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال في مدى تحقيق التنمية البشرية في الأعوام الثلاثة الأخيرة.
عندما يصل شباب هذه المدينة إلى أقصى درجات الإحباط وخيبة الآمال في تحقيق الحد الأدنى من الدخل الفردي ورعاية أسرهم، يتضح فشل الحكومة تلقائيا في سوء التعامل مع الحاجيات البشرية الأساسية على مستوى العمل والسكن والمعيشة اليومية والرعاية الصحية. هي حاجيات ضرورية في كل مجتمع وكل حين، ولا يمكن التستر عليها خلف أي خطاب سياسي، أو توشية أيديولوجية، أو وعود مطاطية تتقاذفها شعارات الأحزاب وتعثر الحكومات المتعاقبة جيلا بعد جيل.
ينبغي أن يتواضع السيد أخنوش بمقدار الفجوة التي تفصل بين الخطابية السياسية والواقعية المعيشية لفئات عريضة من المغاربة البسطاء. وقد حان الوقت له أن يعيد النظر في هلامية ما يفاخر به خصومه السياسيين عندما قال: "حققنا ثورة اجتماعية غير مسبوقة، وجعلنا المغرب أوّل دولة اجتماعية في القارة الأفريقية."
كلا، السيد أخنوش… في دولة الفلسفة الاجتماعية الحقيقية، لا تصل معنويات السكان حد #تفضيل ملاقاة مخاطر موج البحر على استمرار العوز وقلة الحيلة في ضمان القوت اليومي. ولا تغدو شواطئ أوروبا الملاذ المنشود لشباب ونساء وحتى مراهقين يعانون الضيمَ والفقرَ وانسدادَ الآفاق. ولا تعني عملية الاحتواء الأمني تذويب المشكلة أو ردع الشباب منكسر المعنويات، بل يظل الصراع المجتمعي حاضرا ما لم تتم الاستجابة للعوامل الجذرية خلف إرادة الهروب الجماعي.
وقد لا يفكر السيد أخنوش وغيره من أهل الحل والعقد أن مثل هذا الهروب الجماعي #مؤشر آخر لتآكل الرأسمال الاجتماعي بين الدولة والمجتمع. وتصبح المواطنة بذلك غير مرتبطة بالأرض والعلم والرموز السياسية الأخرى، بقدر ما تتحول إلى ذهنية ونفسية تحلم بالخلاص في الضفة الأخرى للبحر المتوسط.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى