أوغل الليل ، فتسلقت السور من جهة بيت دسوقي ، بعد أن تأكدت من عدم جلوسه بالشرفة كالعادة ، فمنذ أن أحيل الى المعاش وهو لا يبرح شرفته الا نادرا ، بل يقضي معظم وقته جالسا فيها ، يتصفح الجرائد ويتلصص على الجيران.
وبالطبع كان دسوقي يرصد كل ما يجري بيني وبين سوزان من اشارات نتواعد بها على اللقاء أو قبلات نتبادلها في الهواء ، ولكني رغم ذلك لم أكن اعبأ به كثيرا ، اذ كان أعظم ما يعكر صفوي هو محاسن ، شقيقة سوزان العانس ، التي كانت هي الاخرى تلاحقنا وتقف لنا بالمرصاد ، فلا تكاد تبزغ سوزان من الشرفة ، حتى تظهر محاسن فجأة من خلفها ، وتجرها من شعرها الى الداخل ، ثم تصك باب الشرفة في وجهي ، بعد أن ترميني بنظراتها النارية .
بعد أن اعتليت السور دارت عيناي في أرجاء الفناء ، وعندما لم أر ما يريب قفزت الى الجهة الأخرى ، دون أن يسبب لي الكلب مشكلة كبيرة ، إذ نبح مرة واحدة ، وهم بمهاجمتي ، فألقيت إليه بكيس العظام ، ثم سرت محاذرا أن اصطدم بأي من الكراكيب التي يعمر بها الفناء ، واتجهت من فوري الى حوش الدجاج ، وكان بابه مفتوحا حسب الاتفاق ، فدلفت ، ودفعت الباب خلفي في هدوء، ثم تطلعت الى الركن القصي ، فتبينت شبحا يقف بين حظيرة الدجاج والجدار ، ولكنه بدا لي اضخم بكثير من سوزان ، التي اعرف مقاییس جسدها جيدا ، فأيقنت انني قد وقعت في شرك محكم :
- مين ؟ .. محاسن ؟
- مفاجأة .. مش كده ؟
إصطكت ركبتاي ، والتصق لساني بسقف فمي ، وهممت بالفرار ، ولكني قدرت أن هروبي لن يكون سهلا ، إذ بمجرد ان أشرع في ذلك ستصرخ محاسن حتما ، وسيخرج كل من في البيت والبيوت المجاورة ، وسيكون الكلب الشرس قد فرغ من طعامه فينطلق لينهش مؤخرتي قبل أن أعتلي السور، وستكون تهمتي مجلبة للعار والسخرية معا .
- انت مش مكسوف من نفسك ؟
- ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
- ما ترد .. ردت الميه في زورك .
- طيب ممكن تهدي عشان نتفاهم ؟
- نتفاهم على ايه ؟ ماهي الحكاية باينة زي الشمس.
دنوت منها ، فتراجعت بعض الشيء، وأمكنني رغم الظلام أن أرى في يدها كشافا صغيرا ، وأخذ عقلي يفكر بسرعة الكمبيوتر في مخرج لي من هذه الورطة ، فمحاسن كانت على علم بعلاقتي بسوزان ، وكانت سوزان تحمل لي تهديدات وتحذيرات محاسن بأنها ستخبر عصاما بالأمر ، وعصام شقيقهما متهور ، يجيد التفاهم باللكمات أكثر من الكلمات ، وكان من الواضح أن سوزان قد رضخت أخيرا لتهدید محاسن فاعترفت لها بكل شيء ، بل وأخبرتها بتواعدنا على اللقاء تلك الليلة .
- مش عيب شحط زيك يعمل عقله بعقل بنت صغيرة ؟
لم تكن سوزان بنتا صغيرة كما تزعم محاسن ، فهي في الثامنة عشرة من العمر ، قليلة الجسم نوعا ما ، ولكنها جميلة ورقيقة ، وذات وجه مليح وتقاطيع متناسقة ، أما محاسن ، التي تعدت الثلاثين ، فهي أكثر امتلاء وأقل جمالا ، وأقبح مافيها أنفها الكبير ، الذي كان يبدو لي من بعيد وكأنه أنفان کبیران ملتصقان ، وهي أيضا عدوانية كشقيقها عصام ، لا تكف عن التحرش بالجيران بسبب وبدون سبب :
- أنا عاوز اقولك حاجة .......
- حتقول ايه ؟.. الكذب باين في عنيك .
- هو انتي شايفه عنيا في الضلمة ؟
- ما تحاولش تستظرف .. وابعد عن سوزان أحسن لك .
- هي سوزان إشتكت لك مني ؟.
- أنا جاية احذرك .. عصام لو عرف حيسيح دمك.
حتى هذه اللحظة لم أكن قد اهتديت بعد الى مهرب ، فعمدت الى تضييع الوقت بأي شكل ، ثم تنبهت الى أن مرور الوقت قد يضاعف من إحتمال أن يفاجئنا أحد من أهل البيت ، فعاودت التفكير ، وواصل عقلي الدوران بأسرع ما يستطيع :
- بصراحة انا مش بحب سوزان.
- مانا عارفة انك مش بتحبها .. انت غرضك تتسلی بس.
- أبدا .. أنا كنت عامل سوزان كوبري عشان أوصل لك.
- قديمة .. إلعب غيرها.
- صدقيني .. أنا عمري ما حبيت غيرك.
- حبك برص .. هو اللي زيك يعرف الحب ؟
أمسكت بيديها ، ولكنها جذبتهما مني في عنف ، ثم تراجعت حتى ارتطم رأسها بالجدار ، فتملكتي اليأس ، وعاودني التفكير في الهرب ، ثم تذكرت أنه لا سبيل إلى الفرار دون المرور بالكلب ، الذي كانت سوزان تتكفل بإلهائه في المرات السابقة :
- بالطريقة دي مش حنعرف نتفاهم..
- إبعد عني أحسن الم عليك الناس.
- وطي صوتك بس .. الدنيا ليل والجيران تسمعنا .
عاودت الإمساك بيديها فسحبت واحدة واستبقت الأخرى ، ثم رفعت رأسها قليلا وقالت : " إبعد عني أحسن لك".. ولأن تهدیدها هذا لم يكن حاسما كتهديدها الأول .. فقد دنوت منها أكثر حتی كدت ألتصق بها .. ومع ذلك لم تتراجع .. فقط .. تهدجت أنفاسها .. حتى لفحت وجهي بحرارتها ، ثم بادرتني قائلة :
- إبعد عني لو سمحت.
- أحلفلك بایه اني بحبك .. انتي فاكرة ان عيلة زي سوزان تملي عيني ؟
- أمال يعني كنت بتقف لها في البلكونة ليه ؟
- مانا قلت لك .. سوزان كانت كوبري عشان أوصل لغرضي .
- وغرضك ايه ان شاء الله ؟
- غرضی شریف وحياتك .. عاوز أتجوزك .
خفت صوتها .. وتحررت لهجتها من النبرة العدائية .. وشجعني ذلك على محاولة تقبيلها .. ولكنها انتزعت شفتيها ثم لكزتني براحتها ، وقالت بصوت مبحوح متقطع :
- انت كنت بتعمل كده مع سوزان ؟
- أنا عمري ما شفت سوزان الا في البلكونة .
- كداب .. انت مش كنت مواعدها الليلة هنا ؟
- أيوه .. كنت ناوي أعترف لها بالحقيقة .
- حقيقة ايه ؟
- الحقيقة اني بحبك يا محاسن .
وكأنما أرادت أن تسبر أغواري ، فسلطت كشافها الصغير في وجهي ، ثم أطفأته ، وتنهدت ملء صدرها ، وقالت بنبرة جاءت مفتعلة هذه المرة :
- شوف بقى .. من النهاردة مالكش دعوة بسوزان .
- وأنا موافق .
- وبصراحة كده هي مش عاوزة تشوفك .
- يبقى يا دار ما دخلك شر .
- أنا حشوف اخرتها معاك .. وما تنساش عصام أخویا موجود .
ورغم هذا التهديد السافر ، فإن المخاوف كانت قد تلاشت تماما من أعماقي ، خاصة بعد أن أوضحت لي محاسن بأن أباها وأمها في سابع نومة ، وأن عصاما خرج كعادته مع الأصدقاء ولن يعود الا متأخرا ، أما سوزان فقد أغلقت عليها غرفتها ، بعد أن اتفقت معها محاسن على أن تقابلني عوضا عنها لتطلب مني الإبتعاد عنها ، وبذلك كانت الفرصة مواتية تماما للهرب ، ولكني تقاعست عن ذلك بكامل رغبتي ، بعد أن استثارني هذا الوجه الجديد لمحاسن .
إذ بمجرد أن اعتادت عيناي الظلام ، كان بمقدوري أن أتمعن في ملامحها عن قرب ، وتبين لي أن أنفها لم يكن قبيحا كما كان يتراءى لي ، بل بدا منسجما مع وجهها المستدير وجبهتها العريضة ، ومتناسقا تماما مع شفتيها المكتنزتین ، کما بهرني أن أرى في محاسن أنثى كاملة ، رغم ما تتظاهر به من خشونة وما يصفها به الجيران من عدوانية ، ورأيت فيها أيضا أنثى مفعمة بالرغبة ، وتتفوق على باقي الإناث بتلك الحرارة التي تشع من جسدها كالصهد .
وبالطبع لم أصدق ما زعمته محاسن من أن سوزان لم تعد ترغب فى رؤيتي ، فأغلب الظن أن سوزان قالت ذلك مضطرة أمام محاسن حتى تكف الاخيرة عن ملاحقتها ، ورغم يقيني من ذلك فقد عزمت من جانبي على قطع علاقتي بسوزان ، بل وبيت النية على أن أحصل على بغيتي من محاسن نفسها ، بعد أن تراءى لي أن معاودة الاتصال بسوزان ستكون ضربا من الحماقة ، طالما بقيت محاسن على دأبها في الترصد لنا وإرهابنا بعصام .
کنا لا نزال واقفين في ذلك الفراغ المحصور بين حظيرة الدجاج والجدار ، و كانت محاسن مطرقة برأسها قليلا الى الأرض ، فرفعت رأسها برفق ، وهممت بتقبيلها ، ولكنها أشاحت بوجهها ، فعاودت الكرة ، ونجحت في اقتناص قبلة ، قبلة سريعة باردة ، مثل كرة صغيرة من الثلج ، سرعان ما ذابت بين شفتينا ، وذابت معها كل الموانع ، فتتابعت القبلات ، كل قبلة اشد حرارة من سابقتها ، وسرت الحرارة من شفتي لتلفح جسدي كله .
كانت محاسن غائبة تماما بين أحضاني.. وشرعت تدفعني بقوة إلى الخلف .. ثم أصمت أذني بصرخة مدوية .. تلتها صرخة مماثلة من خلفي أطلقتها سوزان .. وقبل أن أفيق من ذهولي .. إقتحم الكلب علينا حوش الدجاج .. وهو يشق سكون الليل بنباح مروع .
وبالطبع كان دسوقي يرصد كل ما يجري بيني وبين سوزان من اشارات نتواعد بها على اللقاء أو قبلات نتبادلها في الهواء ، ولكني رغم ذلك لم أكن اعبأ به كثيرا ، اذ كان أعظم ما يعكر صفوي هو محاسن ، شقيقة سوزان العانس ، التي كانت هي الاخرى تلاحقنا وتقف لنا بالمرصاد ، فلا تكاد تبزغ سوزان من الشرفة ، حتى تظهر محاسن فجأة من خلفها ، وتجرها من شعرها الى الداخل ، ثم تصك باب الشرفة في وجهي ، بعد أن ترميني بنظراتها النارية .
بعد أن اعتليت السور دارت عيناي في أرجاء الفناء ، وعندما لم أر ما يريب قفزت الى الجهة الأخرى ، دون أن يسبب لي الكلب مشكلة كبيرة ، إذ نبح مرة واحدة ، وهم بمهاجمتي ، فألقيت إليه بكيس العظام ، ثم سرت محاذرا أن اصطدم بأي من الكراكيب التي يعمر بها الفناء ، واتجهت من فوري الى حوش الدجاج ، وكان بابه مفتوحا حسب الاتفاق ، فدلفت ، ودفعت الباب خلفي في هدوء، ثم تطلعت الى الركن القصي ، فتبينت شبحا يقف بين حظيرة الدجاج والجدار ، ولكنه بدا لي اضخم بكثير من سوزان ، التي اعرف مقاییس جسدها جيدا ، فأيقنت انني قد وقعت في شرك محكم :
- مين ؟ .. محاسن ؟
- مفاجأة .. مش كده ؟
إصطكت ركبتاي ، والتصق لساني بسقف فمي ، وهممت بالفرار ، ولكني قدرت أن هروبي لن يكون سهلا ، إذ بمجرد ان أشرع في ذلك ستصرخ محاسن حتما ، وسيخرج كل من في البيت والبيوت المجاورة ، وسيكون الكلب الشرس قد فرغ من طعامه فينطلق لينهش مؤخرتي قبل أن أعتلي السور، وستكون تهمتي مجلبة للعار والسخرية معا .
- انت مش مكسوف من نفسك ؟
- ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
- ما ترد .. ردت الميه في زورك .
- طيب ممكن تهدي عشان نتفاهم ؟
- نتفاهم على ايه ؟ ماهي الحكاية باينة زي الشمس.
دنوت منها ، فتراجعت بعض الشيء، وأمكنني رغم الظلام أن أرى في يدها كشافا صغيرا ، وأخذ عقلي يفكر بسرعة الكمبيوتر في مخرج لي من هذه الورطة ، فمحاسن كانت على علم بعلاقتي بسوزان ، وكانت سوزان تحمل لي تهديدات وتحذيرات محاسن بأنها ستخبر عصاما بالأمر ، وعصام شقيقهما متهور ، يجيد التفاهم باللكمات أكثر من الكلمات ، وكان من الواضح أن سوزان قد رضخت أخيرا لتهدید محاسن فاعترفت لها بكل شيء ، بل وأخبرتها بتواعدنا على اللقاء تلك الليلة .
- مش عيب شحط زيك يعمل عقله بعقل بنت صغيرة ؟
لم تكن سوزان بنتا صغيرة كما تزعم محاسن ، فهي في الثامنة عشرة من العمر ، قليلة الجسم نوعا ما ، ولكنها جميلة ورقيقة ، وذات وجه مليح وتقاطيع متناسقة ، أما محاسن ، التي تعدت الثلاثين ، فهي أكثر امتلاء وأقل جمالا ، وأقبح مافيها أنفها الكبير ، الذي كان يبدو لي من بعيد وكأنه أنفان کبیران ملتصقان ، وهي أيضا عدوانية كشقيقها عصام ، لا تكف عن التحرش بالجيران بسبب وبدون سبب :
- أنا عاوز اقولك حاجة .......
- حتقول ايه ؟.. الكذب باين في عنيك .
- هو انتي شايفه عنيا في الضلمة ؟
- ما تحاولش تستظرف .. وابعد عن سوزان أحسن لك .
- هي سوزان إشتكت لك مني ؟.
- أنا جاية احذرك .. عصام لو عرف حيسيح دمك.
حتى هذه اللحظة لم أكن قد اهتديت بعد الى مهرب ، فعمدت الى تضييع الوقت بأي شكل ، ثم تنبهت الى أن مرور الوقت قد يضاعف من إحتمال أن يفاجئنا أحد من أهل البيت ، فعاودت التفكير ، وواصل عقلي الدوران بأسرع ما يستطيع :
- بصراحة انا مش بحب سوزان.
- مانا عارفة انك مش بتحبها .. انت غرضك تتسلی بس.
- أبدا .. أنا كنت عامل سوزان كوبري عشان أوصل لك.
- قديمة .. إلعب غيرها.
- صدقيني .. أنا عمري ما حبيت غيرك.
- حبك برص .. هو اللي زيك يعرف الحب ؟
أمسكت بيديها ، ولكنها جذبتهما مني في عنف ، ثم تراجعت حتى ارتطم رأسها بالجدار ، فتملكتي اليأس ، وعاودني التفكير في الهرب ، ثم تذكرت أنه لا سبيل إلى الفرار دون المرور بالكلب ، الذي كانت سوزان تتكفل بإلهائه في المرات السابقة :
- بالطريقة دي مش حنعرف نتفاهم..
- إبعد عني أحسن الم عليك الناس.
- وطي صوتك بس .. الدنيا ليل والجيران تسمعنا .
عاودت الإمساك بيديها فسحبت واحدة واستبقت الأخرى ، ثم رفعت رأسها قليلا وقالت : " إبعد عني أحسن لك".. ولأن تهدیدها هذا لم يكن حاسما كتهديدها الأول .. فقد دنوت منها أكثر حتی كدت ألتصق بها .. ومع ذلك لم تتراجع .. فقط .. تهدجت أنفاسها .. حتى لفحت وجهي بحرارتها ، ثم بادرتني قائلة :
- إبعد عني لو سمحت.
- أحلفلك بایه اني بحبك .. انتي فاكرة ان عيلة زي سوزان تملي عيني ؟
- أمال يعني كنت بتقف لها في البلكونة ليه ؟
- مانا قلت لك .. سوزان كانت كوبري عشان أوصل لغرضي .
- وغرضك ايه ان شاء الله ؟
- غرضی شریف وحياتك .. عاوز أتجوزك .
خفت صوتها .. وتحررت لهجتها من النبرة العدائية .. وشجعني ذلك على محاولة تقبيلها .. ولكنها انتزعت شفتيها ثم لكزتني براحتها ، وقالت بصوت مبحوح متقطع :
- انت كنت بتعمل كده مع سوزان ؟
- أنا عمري ما شفت سوزان الا في البلكونة .
- كداب .. انت مش كنت مواعدها الليلة هنا ؟
- أيوه .. كنت ناوي أعترف لها بالحقيقة .
- حقيقة ايه ؟
- الحقيقة اني بحبك يا محاسن .
وكأنما أرادت أن تسبر أغواري ، فسلطت كشافها الصغير في وجهي ، ثم أطفأته ، وتنهدت ملء صدرها ، وقالت بنبرة جاءت مفتعلة هذه المرة :
- شوف بقى .. من النهاردة مالكش دعوة بسوزان .
- وأنا موافق .
- وبصراحة كده هي مش عاوزة تشوفك .
- يبقى يا دار ما دخلك شر .
- أنا حشوف اخرتها معاك .. وما تنساش عصام أخویا موجود .
ورغم هذا التهديد السافر ، فإن المخاوف كانت قد تلاشت تماما من أعماقي ، خاصة بعد أن أوضحت لي محاسن بأن أباها وأمها في سابع نومة ، وأن عصاما خرج كعادته مع الأصدقاء ولن يعود الا متأخرا ، أما سوزان فقد أغلقت عليها غرفتها ، بعد أن اتفقت معها محاسن على أن تقابلني عوضا عنها لتطلب مني الإبتعاد عنها ، وبذلك كانت الفرصة مواتية تماما للهرب ، ولكني تقاعست عن ذلك بكامل رغبتي ، بعد أن استثارني هذا الوجه الجديد لمحاسن .
إذ بمجرد أن اعتادت عيناي الظلام ، كان بمقدوري أن أتمعن في ملامحها عن قرب ، وتبين لي أن أنفها لم يكن قبيحا كما كان يتراءى لي ، بل بدا منسجما مع وجهها المستدير وجبهتها العريضة ، ومتناسقا تماما مع شفتيها المكتنزتین ، کما بهرني أن أرى في محاسن أنثى كاملة ، رغم ما تتظاهر به من خشونة وما يصفها به الجيران من عدوانية ، ورأيت فيها أيضا أنثى مفعمة بالرغبة ، وتتفوق على باقي الإناث بتلك الحرارة التي تشع من جسدها كالصهد .
وبالطبع لم أصدق ما زعمته محاسن من أن سوزان لم تعد ترغب فى رؤيتي ، فأغلب الظن أن سوزان قالت ذلك مضطرة أمام محاسن حتى تكف الاخيرة عن ملاحقتها ، ورغم يقيني من ذلك فقد عزمت من جانبي على قطع علاقتي بسوزان ، بل وبيت النية على أن أحصل على بغيتي من محاسن نفسها ، بعد أن تراءى لي أن معاودة الاتصال بسوزان ستكون ضربا من الحماقة ، طالما بقيت محاسن على دأبها في الترصد لنا وإرهابنا بعصام .
کنا لا نزال واقفين في ذلك الفراغ المحصور بين حظيرة الدجاج والجدار ، و كانت محاسن مطرقة برأسها قليلا الى الأرض ، فرفعت رأسها برفق ، وهممت بتقبيلها ، ولكنها أشاحت بوجهها ، فعاودت الكرة ، ونجحت في اقتناص قبلة ، قبلة سريعة باردة ، مثل كرة صغيرة من الثلج ، سرعان ما ذابت بين شفتينا ، وذابت معها كل الموانع ، فتتابعت القبلات ، كل قبلة اشد حرارة من سابقتها ، وسرت الحرارة من شفتي لتلفح جسدي كله .
كانت محاسن غائبة تماما بين أحضاني.. وشرعت تدفعني بقوة إلى الخلف .. ثم أصمت أذني بصرخة مدوية .. تلتها صرخة مماثلة من خلفي أطلقتها سوزان .. وقبل أن أفيق من ذهولي .. إقتحم الكلب علينا حوش الدجاج .. وهو يشق سكون الليل بنباح مروع .