حسين عبروس - قراءة سريعة في مدار الكلب ...

****
- مدار الكلب عنوان مجموعة قصصية للصديق القاص والروائي" اسماعيل يبرير" الصادرة عن دارالصفصافة للنشربالقاهرة،والتي تقع في حدود 112 صفحة وتشتمل على تسع قصص تدور في فلك الحيوانات والكائنات المتحركة منها:
- “الطاحونة”، “محفل الممكن”، “الفأر الذّهبي”، “رجل في الرّابعة مساء أو صباحا”، “قبّعة الغريب”، “إنقاذ الشجرة المخطوفة”، “عازف الورق”، “عائلة بيتشو الشريدة”، “التباس ألماني”،وغيرها يحاول الكاتب أن يدخل يسرجع التراث من خلال تجربة كليلة ودمنة ‏لعبد الله بن المقفع ولكن برؤية معاصرة تتدخل فيها تكنولوجيا العصرمن خلال الحيوانات الرّوبوتية ،ويحاول الكاتب استنطاقها ومحاورتها ،وطرح أسئلة صرورية في حياة الإنسان المعاصر..
- لقد لفت انتباهي ذلك العنوان الغريب "مدار الكلب" فأحالني على كلب الشاعرالبغدادي ط علي بن الجهم"(804 - 863 م) نشأ ببغداد، وهو يمدح الخليفة العباسي "قائلا:
-أنت كالكلب في حفاظك للود
و كالتيس في قراع الخطوبِ
أنت كالدلو، لا عدمناك دلوًا
من كبار الدلا، كبيرَ الذنوبِ
- وبذلك وجدت ذلك الخيط الرفيع الذي يربط جميع من تحدّثوا عن الكلب يكمن في الوفاء لصاحبه،ويحرص على ممتلكاته، والكاتب في هذه المجموعة يحاول محاورة المجتمع من خلال فئة الحيوان التي لا يلقي لها بالا في الواقع تلك الكائنات التي تلفت الإنتباه عندما تغدو أشياء متحركة في شكل روبوتات وأجهزة تفصح عن حقائق كثيرة،ولعلّ الكاتب استفاد من ذلك التوظيف الرمزي للكائنات ليواجه عالم البشر بحقائق ملموسة في الحياة،كما يحاول الكاتب لفت الإنتباه لقيمة الوقت الصائعة في حياتنا اليومية التي لا نقدرها،وذلك كما هو الحال في قصة" رجل في الرابعة مساءأو صباحا" ، وهي قصة بالغة الأهمية في المجموعة..وفي علاقة المجموعة بالكلب والقط، والفأر لها أبعادها الإنسانية المشتركة بين بني البشر.،كما يطرح تلك الفكرة الرمزية في تفاصيل الكائنات الأخرى مثل الأشجارالمتمثلة في قصة“إنقاذ الشجرة المخطوفة”وبرؤية غرائبية يقع البطل في حب تلك الشحرة حبا استثنائيا عن حب الفلاح لغرس الأشجار،أو حب الحطّاب لقطع أغضانها وتحويلها مادة للنار،أو قطعة أثاثية منزلية،وفي المجموعة يبرز الكلب كواجهة قوية في علاقة الإنسان بالحيوان ،لقد عرف الكاتب كيف يدخل تفاصيل السرد القصصي وهو يفتح مجالة مغلقة في حياة القارئ المعاصرأو بالأحرى الإنسان المعاصرالذي كاد يفقد قيمة الأشياء والكائنات التي تدور حوله في زمن الجفاء،والقحط الإنساني ، وفي المجموعة يتجلى لنا عالم الغرباء وذلك الصراع القائم بين المقيم والوافد الجديد أو العنصر الغريب الذي يحاول افساد متعة الحياة في كثير من الأحيان..
- لغة المجموعة القصصية بسيطة تتفاوت من لآخر في طريقة السرد،وغلب عليها ضمير المتكلم كما هو الحال في قصة "رجل في الرّابعة مساء أو صباحا!” يستخدم الأفعال الماضية - " دخلت- توقعت - نظرت - وجدت - ركبت -كنت - التقطت - تمدّدت - نمت - سمعت- قفزت - نزلت- رأيت - ترددت -خشيت -أغمضت...الخ ،وفي الغالب أن السرد الذي يتضمن ضمير المتكلم بصيغة الماضي يربك القارئ ويحيله على تفاصيل مملّة تحدّ من جذوة التنامي الدري للأحداث..وفي الختام نقول لصديقنا اسماعيل هنيئالك مدار الكلب ..مزيدا من مدارات الكتابة الجميلة..
Peut être un graphique de texte

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى