من تقاليد فلّاحي شمال افريقيا والمغرب إيذاناً بافتتاح «دار الحرث» أو إبّان الحرث أي مدّة الحرث التي تستمرّ من الخريف أي شهر أكتوبر حتى نهاية مارس حيث آمن المَغاربة بمبدأ « فينْ داز عليك مارس آحرّاث الضّيَا ؟ » لأن أمطار الرّبيع كانت غزيرة قد تتجاوز كمّيتها أمطار الشّتاء نفسها .في زمن الخُصوبة والرّخاء والصّبّ الوَفير ..
قبل جرّ أيّ خطّ ، وقبل الإعلان عن الشّروع في مُخاطبة ومناجاة ومداعبة البَعير تحت أنغام المحراث وهي تشقّ الأرض بحبّ وعطف وحنان: آتّا اخرُج علّم خطّك ! يكون الفلّاح قد أوصىٰ زوجته الماهرَة أو الحاذݣة الجَميلة بإعداد خُبزة المحراث المكوّنَة من كل المزروعات التي يجتهد في زراعتها أو ينوي ويخطّط لاقتنائها ورميها بباطن الأرض طيلة فترة دار الحرث : من قمح وشعير وذرة وعدس وحمّص وفول …فتكون الخُبزة العَجيبة السّاحرة وبمذاق أو طعم لا مثيل له في اللّذّة وإمتاع أطفال الدوّار الذين يتحلّقون حول المحراث بفضول وحماس ، وقد تلمّظت شفاههم لمنظرها المختلف عن الخبز العادي، واشتاقت حلوقهم لأكلها اللّذيذ السّاخن..
يضعها الفلّاح المتفائل بسنة حلوّة فوق تمّون المحرَاث أي قاعدته الأساسية ثم يقسّمها أشطاراً بظفره المتين الحادّ قائلاً : إيد الفلاّح نقية! يتناول الأطفال حصَصَهم متمنّين المزيد لكن لذّة الخبزة وسحرها، وبرودة طقس الشتاء تمنع من الطّمع بالمزيد.. يتفرّق الأطفال متقافزين صَارخين ملء حناجرهم مردّدين أنشودة الشّتاء صَادحين:
آلشّتا تَا تَا تَا !
آوْليدات الحرّاثة
آصُبّي صُبّي صُبّي !
را اولادك في قُبّي
را امّكْ تجْري وتطّيحْ !
را ابّاكْ ادّاهْ الرّيحْ!
بينما يتناول الحرّاث «الزّلّاط» مزهواً به مثل سيْف رشيق يتلاعب به في الهواء، ويهشّ به على الجّوج دون مسّها بسوء وهوَ يتمتم ويبسمل ويحوْقل:
آباسم اللّه
آتّاكلنا على اللّه
آلفلاّحة آلدّرَاوْش
آ اللّي كالشي في سبيل الّله…
تقاليد جَميلة في طريقها للزّوال !
عَاشق الطّبيعة ورائحَة الأرض ومنظر النّباتات وهي تخرج من الأرض وقد شقّت التّربة شقّاً ، وقطرات النّدى وقد علقت رؤوسَها بزهو وبريق ذهَبي لامع وسَاحر خلال صَباحات دُجنبر البَاردة والمجمّدة للأصابع ، تحت أشعة شمس تمنح الدّفء والحياة لكل المَخلوقات الجَميلة الخارجة توّاً من العدَم والوجود بالقوة إلى وجود واعد بالفعل وناشر للأمَل ..
حسَن الرّحيبي..
قبل جرّ أيّ خطّ ، وقبل الإعلان عن الشّروع في مُخاطبة ومناجاة ومداعبة البَعير تحت أنغام المحراث وهي تشقّ الأرض بحبّ وعطف وحنان: آتّا اخرُج علّم خطّك ! يكون الفلّاح قد أوصىٰ زوجته الماهرَة أو الحاذݣة الجَميلة بإعداد خُبزة المحراث المكوّنَة من كل المزروعات التي يجتهد في زراعتها أو ينوي ويخطّط لاقتنائها ورميها بباطن الأرض طيلة فترة دار الحرث : من قمح وشعير وذرة وعدس وحمّص وفول …فتكون الخُبزة العَجيبة السّاحرة وبمذاق أو طعم لا مثيل له في اللّذّة وإمتاع أطفال الدوّار الذين يتحلّقون حول المحراث بفضول وحماس ، وقد تلمّظت شفاههم لمنظرها المختلف عن الخبز العادي، واشتاقت حلوقهم لأكلها اللّذيذ السّاخن..
يضعها الفلّاح المتفائل بسنة حلوّة فوق تمّون المحرَاث أي قاعدته الأساسية ثم يقسّمها أشطاراً بظفره المتين الحادّ قائلاً : إيد الفلاّح نقية! يتناول الأطفال حصَصَهم متمنّين المزيد لكن لذّة الخبزة وسحرها، وبرودة طقس الشتاء تمنع من الطّمع بالمزيد.. يتفرّق الأطفال متقافزين صَارخين ملء حناجرهم مردّدين أنشودة الشّتاء صَادحين:
آلشّتا تَا تَا تَا !
آوْليدات الحرّاثة
آصُبّي صُبّي صُبّي !
را اولادك في قُبّي
را امّكْ تجْري وتطّيحْ !
را ابّاكْ ادّاهْ الرّيحْ!
بينما يتناول الحرّاث «الزّلّاط» مزهواً به مثل سيْف رشيق يتلاعب به في الهواء، ويهشّ به على الجّوج دون مسّها بسوء وهوَ يتمتم ويبسمل ويحوْقل:
آباسم اللّه
آتّاكلنا على اللّه
آلفلاّحة آلدّرَاوْش
آ اللّي كالشي في سبيل الّله…
تقاليد جَميلة في طريقها للزّوال !
عَاشق الطّبيعة ورائحَة الأرض ومنظر النّباتات وهي تخرج من الأرض وقد شقّت التّربة شقّاً ، وقطرات النّدى وقد علقت رؤوسَها بزهو وبريق ذهَبي لامع وسَاحر خلال صَباحات دُجنبر البَاردة والمجمّدة للأصابع ، تحت أشعة شمس تمنح الدّفء والحياة لكل المَخلوقات الجَميلة الخارجة توّاً من العدَم والوجود بالقوة إلى وجود واعد بالفعل وناشر للأمَل ..
حسَن الرّحيبي..