خاىد محمد مندور - فيض الخاطر... السحر والكتابة

هل الكتابة هي ضرب من السحر؟ بالقطع هي ضرب من السحر، فالسحر في عرف المعتقدات البشرية القديمة، بل والحديثة هو خلق الشيء من لا شيء ‘فهكذا يبدو الامر لمن لا يمارس السحر، اقصد الكتابة، لكنه سحر إخراج النفس البشرية مكتوبا للقارئ الذى كثيرا ما تصيبه المفاجأة، مفاجئة إدراك الغير مدرك والذى يبدو كما لو كان سحرا، ولكنه في حقيقته ليس سحرا بل هو تراكم الاحاسيس والمعارف والخيال الذى يعمل في النفس البشرية فيخلق هذا السحر الخلاب، الكتابة.

لذلك فالكتابة إذا كانت لا تعبر عن هذا الخليط الساحر لن تلفت انتباه القارئ ولن يعتبرها سحرا، فالسحر هو الصدق في التعبير عن مكنونات النفس البشرية، مكنونات يشكلها هذا السديم من الادب والفن والتاريخ والعلوم واساطير الأوليين، بل والسياسة، وهي تنصهر في هذا الاتون كي تخرج إلينا في هيئتها السحرية، في الكتابة.

لذلك فلقد أدرك أجدادنا القدماء هذه الحقائق، فرب الحكمة هو تحوت وهو أيضا رب الكتابة وهو رسول رع كبير الالهة، وهو لا يعمل وحيدا فمعه " ماعت " ربه العدل والصدق والحقيقة، وكلاهما يجلسان على مركبه رع وهي تعبر السماء ناثرة الخير والنماء على الوادي الخصيب، فيالة من خيال خلاب يجمع العدل والحكمة والكتابة كي يخلق لنا هذا السحر في الادب المصري القديم، في الكتابة على جدران المعابد.

فما أسهل السحر وما أصعبه!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى