المحامي علي ابوحبله -“قانون غزو لاهاي”.. هل ينقذ نتنياهو من الجنائية الدولية

المحامي علي ابوحبله


مع صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق غالانت ، بتهمة ارتكابهم جرائم حرب في غزة، ووفق توضيحات الفريق القانوني أمام المحكمة الجنائية الدولية، أن أي تعامل مع مجرم حرب يعرّض من يقوم به للمساءلة القانونية، وهو ما ينطبق على الدول والشخصيات السياسية.

دول أوروبيه ذات وزن في الاتحاد الأوروبي وشخصيات ومنظمات حقوقيه أعلنت عن التزامها في القرار وتعقيبا على القرار أعلن ، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل: أن قرار محكمة الجنايات الدولية باعتقال نتنياهو وغالانت ليس سياسيا ويجب احترام قرار المحكمة وتنفيذه. وأكد أن قرار الجنائية الدولية ملزم ويجب أن يحترم وينفذ من قبل جميع الدول والشركاء في المحكمة.

القرار احدث زلزال في إسرائيل وصدرت تصريحات ضد القرار من قبل مسئولين إسرائيليين في الحكومة والمعارضة وكذلك تصريحات صدرت من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين لتهديد المحكمة الجنائية الدولية بمعاقبة أفرادها بعد إصدارها مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير الحرب المقال يوآف غالانت، والتهديدات الأمريكية للمحكمة الجنائية الدولية ليست مجرد تصريحات جوفاء، بل إنها تستند إلى قانون أمريكي بالفعل يسمى "قانون غزو لاهاي" يشرعن إمكانية تنفيذ عملية عسكرية ضد المحكمة الجنائية الدولية، ؟

والسؤال عن ماهية ومضمون ونص قانون" غزو لاهاي " وما هي الآثار المترتبة عليه ؟؟؟ صدر قانون تضمين قانون حماية أعضاء الخدمة الأمريكية (Aspa)، والذي يُطلق عليه بشكل غير رسمي قانون غزو لاهاي الذي لا يتذكره الكثيرون في عام 2002 بعد أن وقع عليه الرئيس الأمريكي جورج بوش ليصبح قانوناً، رداً على هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ومن الجدير ذكره أن الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما كان سيناتوراً كان من بين مجموعة من المشرعين من الحزبيْن الذين صوتوا لصالح القانون.

حصل القانون على اسمه من المادة 2008، من قانون حماية أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية، التي تسمح للرئيس الأمريكي باستخدام "جميع الوسائل الضرورية والمناسبة" لإطلاق سراح أفراد الجيش الأمريكي و"الأشخاص المتحالفين المشمولين" و"يعني مصطلح "الأشخاص المتحالفين المشمولين" الأفراد العسكريين والمسؤولين المنتخبين أو المعينين وغيرهم من الأشخاص العاملين أو العاملين بالنيابة عن حكومة دولة عضو في الناتو، أو حليف رئيسي من خارج الناتو كما جاء وورد في نص ومضمون القانون.

هذا التفويض الذي منحه القانون للرئيس الأمريكي أدى إلى تسمية القانون بـ"قانون غزو لاهاي"، لأنه يسمح للرئيس بإصدار أمر بعمل عسكري أمريكي، مثل غزو هولندا، حيث تقع لاهاي، لحماية المسئولين والعسكريين الأمريكيين من محاكمتهم أو إنقاذهم من الحجز.

تم تقديم مشروع القانون من قبل السيناتور الأمريكي جيسي هيلمز (جمهوري من ولاية كارولينا الشمالية) وعضو مجلس النواب الجمهوري توم ديلاي (من تكساس)، كتعديل لقانون المخصصات التكميلية لعام 2002 لمزيد من التعافي من الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة والرد عليها.

وعندما تم إقرار قانون غزو لاهاي، قالت هيومن رايتس ووتش إن لغة القانون تشير ضمناً إلى أن الرئيس الأمريكي يتمتع بسلطات واسعة لمحاربة المحكمة ، وقالت آنذاك إن "القانون الجديد يجيز استخدام القوة العسكرية لتحرير أي أمريكي أو مواطن من دولة حليفة للولايات المتحدة محتجز لدى المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي".

وامتنعت إدارة بايدن عن الاستشهاد بـ"قانون غزو لاهاي" بشكل مباشر في إدانتها لقرار مدعي عام المحكمة إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت ، وحينها قال بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض رداً على الدعوة لإصدار أوامر اعتقال: "سنقف دائماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات لأمنها" و استشهد مدافعون آخرون عن إسرائيل بالقانون في دعواتهم إلى رد أمريكي قوي على المدعي العام كريم خان، الذي يعتقدون أنه يستهدف أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

تناقضات أمريكا في تعاملها مع قرارات الجنائية الدولية يشكل علامة على ازدواجية خطابها. السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، هدد بفرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان ومسئولين آخرين في المحكمة بسبب اتهام إسرائيل، هو نفس المشرع الذي دعا العام الماضي إدارة بايدن إلى دعم قضيتها ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وسبق أن فرضت واشنطن في عهد ترامب في يونيو/حزيران 2020 عقوبات على المدعية العامة السابقة فاتو بنسودة وموظفين آخرين بالمحكمة، شملت تجميد أصولهم وحظر السفر عليهم، بسبب التحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات التحالف الغربي في أفغانستان وقوات الاحتلال الإسرائيلية في فلسطين ، وسبق لوزير الخارجية الامريكي السابق جورج بومبيو أن هدد بـ"عواقب وخيمة" إذا واصلت المحكمة الجنائية الدولية "مسارها الحالي"، أي إذا مضت المحكمة قدماً في التحقيق في القضية الفلسطينية، وذلك في 15 مايو/أيار 2020.

وفي ظل تحرك المدعي العام ضد جرائم الحرب مدفوعاً بضغوط المنظمات الدولية، ونتيجة لثبوت جرائم الحرب الإسرائيلية التي تعد الأكثر توثيقاً عبر التاريخ، فإنه يبدو أن الولايات المتحدة قد تنتقل من معاقبة المحكمة إلى ما هو أبعد من ذلك وفق قانون غزو لاهاي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى